مخاوف لدى العلماء بعد رصد حمض نووي بشري في عناصر من البيئة
مخاوف لدى العلماء بعد رصد حمض نووي بشري في عناصر من البيئة 1---266
أثبتت دراسة علمية نُشرت الإثنين، أنه قريبا سيصبح من الممكن تتبع الأشخاص من خلال تحليل البصمة الوراثية التي زرعوها في البيئة، أي أثناء المشي على الشاطئ على سبيل المثال، أو الاستحمام، أو نثر الرذاذ في الهواء... لكن يتخوف العلماء من إمكان استخدام هذا الاكتشاف بهدف التعدي على الخصوصية.
كشفت دراسة علمية نُشرت الإثنين، أن تتبع الأشخاص من خلال تحليل البصمة الوراثية التي زرعوها في البيئة سيصبح ممكنا يوما ما، بحسب علماء أعلنوا رصد حمض نووي بشري في الرمال والماء وحتى الهواء، لكنهم حذروا من إمكان استغلال هذا التطور لغايات خبيثة.
وقد يؤدي هذا الاكتشاف إلى تطبيقات في الطب أو البيئة أو علم الطب الشرعي. لكنه يطرح مشكلة أخلاقية، نظرا إلى السهولة التي جُمعت فيها آثار للحياة البشرية، وفق ما حذر معدو الدراسة التي نشرتها مجلة "نيتشر إيكولوجي أند إيفوليوشن"، والذين فوجئوا أنفسهم بنتائج عملهم، ودعوا إلى "ضمانات" تقي من إمكان استخدام هذا الاكتشاف بهدف التعدي على الخصوصية.
مخاوف لدى العلماء بعد رصد حمض نووي بشري في عناصر من البيئة 11944
باحث يقوم بدراسة عينة من حمض نووي بمختبر في جامعة بهولندا في 11 فبراير 2019. © أ ف ب
وقد طُورت تقنية الحمض النووي البيئي أخيرا لتتبع الأنواع البرية وفهم التنوع البيولوجي بشكل أفضل. وهي تقوم على أخذ عينات من البيئات الطبيعية للحيوانات التي تترك آثارا وراثية في محيطها عبر الخلايا (في الجلد، والشعر، والحراشف...) تفقدها بشكل دائم.
وليس البشر استثناء لهذه القاعدة، إذ ينشرون أينما ذهبوا الحمض النووي الناقل للمعلومات الوراثية الخاصة بكل فرد، سواء خلال المشي على الشاطئ، أو الاستحمام، أو السعال، أو نثر الرذاذ في الهواء، أو عند شطف المرحاض...
هذه الآثار تكون في العادة خفية، ولم يتوقع العلماء التقاطها على نطاق بهذا الاتساع، وفق الدراسة.
مخاوف لدى العلماء بعد رصد حمض نووي بشري في عناصر من البيئة 1-1324
وقد بدأت هذه المقاربة "غير المقصودة للمجين البشري" في مختبر ويتني للتنوع البيولوجي البحري في جامعة فلوريدا الأمريكية، باستخدام مسحات من الرمال لدراسة الحمض النووي البيئي للسلاحف البحرية.
وكان الباحثون يتوقعون بالفعل العثور على بعض الحمض النووي البشري في العينات، والتي غالبا ما تكون متأتية من أشخاص يتعاملون معها. لكنهم لم يتوقعوا أن تكون بهذه الكمية الكبيرة، وبالنوعية "شبه الموازية لتلك العائدة لعينة مسحوبة من شخص"، وفق الأخصائي في الأمراض الوراثية لدى الحيوانات البرية في جامعة فلوريدا ديفيد دافي الذي أشرف على الدراسة.
موجود في كل مكان
ميدانيا، وجد دافي وفريقه بصمات جينية بشرية في كل مكان تقريبا: في المحيطات والأنهر حول المختبر، وبالقرب من المراكز الحضرية وفي الأماكن الأقل كثافة سكانية، وعلى رمال الشواطئ المعزولة...
مخاوف لدى العلماء بعد رصد حمض نووي بشري في عناصر من البيئة 1-1325
واختبر البروفيسور دافي هذه التقنية في مناخ أكثر برودة في إيرلندا، موطنه الأصلي، وعثر على عينات من الحمض النووي البشري من خلال صعود مجرى النهر، باستثناء المنبع، البعيد عن أي حضارة.
وقالت جامعة فلوريدا في بيان إن جمع عينات من الهواء في مستشفى بيطري كشف عن وجود حمض نووي مطابق لأعضاء الطاقم ولفيروسات حيوانية.
وقال مارك ماكولي، أحد المعدين الرئيسيين للدراسة، إن تسلسلات الحمض النووي التي جُمعت كانت طويلة بما يكفي لتكون "قابلة للقراءة"، ما يجعل من الممكن تحديد الطفرات المرتبطة بالأمراض، مثل مرض السكري، وتحديد السلالة الجينية.
مخاوف لدى العلماء بعد رصد حمض نووي بشري في عناصر من البيئة 1--602
حتى أن الباحثين تمكنوا من ترتيب أجزاء من مجين المشاركين المتطوعين الذين وافقوا على أخذ عينات من الحمض النووي من آثار أقدامهم في الرمال.
وعلق مارك ماركولي خلال مؤتمر صحفي "لأسباب أخلاقية، لم نراجع التسلسلات التي في حوزتنا بطريقة تمكننا من تحديد أفراد معينين. ولكن من المؤكد أن هذه الخطوة ستحصل يوما ما. والسؤال الوحيد هو متى سيحصل ذلك".
في المستقبل، يمكن أن "يفيد جمع الحمض النووي البشري البيئي المجتمع"، على سبيل المثال من خلال المساعدة في الكشف عن الطفرات السرطانية في مياه الصرف الصحي، أو تحديد مشتبه به في جريمة لم يترك فيها أي أثر ملموس مثل اللعاب أو الدم، وفق هذا الباحث في مختبر ويتني.
مخاوف لدى العلماء بعد رصد حمض نووي بشري في عناصر من البيئة 1--603
لكن بقدر الآمال التي يبعثها، يثير هذا التطور "مخاوف قوية مرتبطة بحماية الخصوصية الجينية وبحدود عمل الشرطة"، وفق ناتالي رام، أستاذة القانون في جامعة ميريلاند، في تعليق مرفق بالدراسة أشارت فيه إلى خطر "المراقبة الجينية الدائمة".
وقد شاطرها معدو الدراسة هذه المخاوف، مبدين خشيتهم من إساءة استخدام التقنية على وجه الخصوص "لتتبّع الأفراد أو استهداف أقليات عرقية معينة". وثمة أيضا إشكالية مرتبطة بالموافقة على جمع البيانات التي "تطفو بحرية في الهواء"، حسب ما يؤكد مارك ماكولي.

ويشدد البروفيسور دافي على أن "هذا السبب في أننا ننبه العلماء والمجتمع الآن للنظر في نتائجنا وتطوير القواعد اللازمة للإشراف على البحث في الحمض النووي البشري".


المصدر:مواقع ألكترونية