تحالف “داعش” الجزائرية يرفض ترسيم اللغة الآمازيغية!
. 1 سياسة الكلّ يعرف من هو عزّت الدّوري، وما هو حزب البعث (في العراق على وجه التّحديد) وما هي إديولوجيّته. هذا الحزب العروبي الاشتراكي الذي يؤمن بالوحدة اللغوية (الشوفينية) وبانصهار الثقافات والحضارات “الأخرى” في بوتقة العروبة، عن رضا أو عنوة، ويكفر بكلّ قيم التعددية الثقافية أو حتّى الفكرية، وهو نفس الحزب الّذي أنتج صدّام حسين وحكمه، وأنتج بشّار الأسد وحكمه، وسليل نفس منظومة الأفكار التي أنتشت : جمال عبد النّاصر، وهواري بومدين، ومعمر القذافي. يقول الشّاعر البعثي : “آمنت بالبعث ربّا لا شريك له .. وبالعروبة دينا ما له ثانٍ” ؛ هذه هي القومية العربية التي يعلم القاصي والدّاني ماهي وما موقفها من اختلاف الثقافات والحضارات، وما أهدافها. على الضّفة الأخرى، فالكلّ يعلمُ ما هي “داعش” (كفكرة على الأقل، حتّى لا ندخل في جدال عقيم) وما هي الدعوة السلفية الوهابية، ربيبة فكر ابن تيمية، ونتاج الظلامية الدينية، التي تتعارض مفصليّا وجوهريّا مع الفكر القوميّ العربي، وتعتبره “دعوى جاهلية” ومؤامرة، كما تتعارض مع كلّ فكر قوميّ آخر، وتكفّر الوطنية، وترفض الانتساب إلى الأوطان، بل لا تقرّ إلّا الدّين (على المذهب السلفي الوهّابي) مرجعيّة سياسية وفكرية للأفراد. في جويلية 2014، بعد قرابة الشهر من سقوط الموصل في يد تنظيم “الدّولة الإسلامية في العراق والشام” أطلق “عزّت الدّوي” أشهر قيادات حزب البعث، وزعيم حركة جيش رجال الطريقة النقشبندية وأبرز القيادات السنية البعثية، في العراق تسجيلا صوتيا أشاد فيه بـ كلّ من التنظيمين الإرهابيين القاعدة وداعش قائلا: “إن أبطال وفرسان القاعدة والدولة الإسلامية لهم مني تحية خاصة ملؤها الاعتزاز والتقدير”. وأيّا كان سبب هذه المحبّة أو لنسمّها بتسميتها “التحالف الاستراتيجي” بين فصيل اشتراكي علماني قومي عروبي، وفصيل ديني متشدّد، هذان الفصيلان النّقيضان، الخطّان المتوازيان الّذان لا يلتقيّان؛ اجتمعا أخيرا على مصلحة مشتركة، والكلّ يعلم علاقة وفضل أفراد جيش نظام صدّام ورجالات حزب البعث على جيش الدّولة الإسلامية هيكلة وتدريبا وتمويلا؛ كما نعلم جميعا ما خرج إلى العلن من دور “حجّي بكر”، ضابط المخابرات السابق في نظام صدّام حسين، في تّخطيط وتنفيذ استراتيجية إنشاء وانتشار “داعش” وسيطرتها على الشّمال السّوري. قد يتعجّب الكثيرون من هذه المقدّمة الطويلة حول العراق، في مقال معنوَنِ باللغة الآمازيغية في دزاير؟ .. لنعد إلى دزاير… مع دخول السّنة الجديدة، قامت الحكومة الدزيرية بتمرير مناورة ساسية، تقتضي إثارة بروباغاندا مدروسة حول ترسيم اللغة الآمازيغية؛ الأمر الّذي أثار ردود أفعال طبيعية، كلّ من معين إيديولوجية أصحابها، وهذا شيء أكثر من طبيعي، فاعتراض القومي العربي (كعثمان سعدي وأحمد بن نعمان) على ترسيم اللغة الآمازيغية ينبع من إيمانه بتبعيّته للمشرق ووجوب ضرب جذور هذا الشّعب واقتلاعه منها، واعتراض الإسلاموي الظلامي (كجاب الله وشوشان) على ترسيمها ينبع من إيمانه بتبعيته لدولة الخلافة التي لا يحكمها إلّا قرشيّ، ولا لغة فيها إلّا العربية لغة أهل الجنّة … وكردّ فعل على ما قامت به الحكومة الدزيرية، أثار هذا الحلف، عبر مختلف منابره الخاصّة والمشتركة، الدّنبا ولم يقعدها على “ترسيم اللغة الآمازيغية” متبنّيا خطابا “واحدا” هو “ترسيم الآمازيغية (اللغة التي لا يزال يتحدّثها الملايين من الدزيريين) سيؤدّي إلى الحرب الأهلية (يقصدون حربا كتلك التّي أثارها الفصيل الإسلامي وبقايا حزب البعث في الحكم خلال العشرية السّوداء) وإن كان هذا الخطاب الخشبي الّذي أكل عليه الدّهر وشرب، ولا زال هؤلاء يجترّونه في محاولات أخيرة للتّخبط، قبل مرحلة فنائهم ومواجهته مع الشّعب مرّة أخيرة، مقبولا وطبيعيا من هؤلاء، فإن من غير الطّبيعي، والمثير للشكوك والحيرة؛ تحالف هذين الفصيلين “النقيضين الخطّين المتوازيين الّذين لا يلتقيّان” بشكل أكثر من غريب، وخروجهما بوليد مسخ سميّاه “الجبهة الشعبية لإنهاء الوصاية الفرنسية” يتلخّص مشروعه في حملة ترشيح البعثي “أحمد بن نعمان” لرئاسة دزاير (كخطوة تحضيرية لمرحلة ما بعد بوتفليقة) يترأسها الإسلامويّ “شوشان” المعروف للعام والخاص. وبقطع النّظر عن ظروف تحالف هذين التيّارين الاستلابيين الذين لا يؤمنان بوجود دولة مدنية، وإن تبجّح البعثيّون بها، كما أثبت حزب البعث في جميع الدول ” المستعربة”؛ فإن الغريب والجدير بالملاحظة هنا هو وجه الشّبه بين التحالف البعثي التكفيري في العراق، والّذي أنتج “داعش” والتّحالف البعثي التكفيري الإخواني في دزاير، الذي سينتجُ بالضّرورة .. داعش. فما المصلحة المشتركة التي جمعت أرضيّة “داعش” هذه في دزاير؟!…
ڨاسمي فؤاد