“المواكبة النقدية للدراما التلفزية الأمازيغية الرمضانية” محور ندوة وطنية بتافراوت
نُظمت صباح يومه السبت 08 يوليوز بمدرسة محمد الخامس بمدينة تافراوت، مائدة مستديرة تحت عنوان “المواكبة النقدية للدراما التلفزية الأمازيغية الرمضانية”، وذلك ضمن أشغال اليوم الرابع من مهرجان”تافسوت للسينما الأمازيغية المغاربية ” المنظم من طرف جمعية “أناروز للتنمية والتواصل الثقافي” خلال الفترة ما بين 05 و 09 من شهر يوليوز 2023، تحت شعارها الدائم “أدرار والسينما”.
وفي مداخلة له، تحت عنوان “نقد الدراما التلفزيونية.. في الماهية والمشروعية والحدود” أوضح الناقد السينمائي، محمد تسويكمين أن هناك “علاقة توثر بين النقد والابداع ينبغي تمتلها وتملكها في أفق تعقلها من قبل الفاعلين الرئيسيين في المعادلة الإبداعية: المبدع والناقد، علاقة تستحضر المسافة الفاصلة بين حرية الابداع من جهة، والضبط النقدي من جهة ثانية، وهي مسافة تتسع أو تضيق حسب الأجناس الفنية المختلفة من جهة، ووظيفتها الاجتماعية من جهة ثانية”.
وأضاف تسويكمين :”كلما كان الجنس الفني متعاليا وتجريديا ونخبويا، تقلصت وظيفته السوسيولوجية وتأثيره المباشر على الفعل والسلوك الاجتماعي العام، وبالتالي كلما اتسعت هوامش الحرية لديه، وهذا حال الفنون التشكيلية أو الشعر أو حتى السينما في شقها المستقل والبديل المتحرر من إكراهات الإنتاج العمومي”.
“ولكن كلما كان الجنس الفني جماهيريا”، يضيف المتحدث ” تقوت فيه الوظيفة الاجتماعية وتقلصت في المقابل مساحة الحرية الإبداعية، وهذا ما ينطبق على الدراما التلفزيونية بما هي فن جماهيري موسع”.
وزاد :”عندما نتحدث عن الدراما التلفزيونية فإننا بالضرورة نضع جانبا تلك الطروحات الحساسة جدا تجاه النقد واعتبار المنتوج ابداعا فنيا صرفا يتعالى على النقد ويسبح في عوالم الحرية”. “فالدراما التلفزيونية ليست فنا خالصا أو فنا من أجل الفن، بل وسيلة من سائل التنشئة الاجتماعية ينبغي اخضاعها بالضرورة للنقد الفني والضبط الاجتماعي، علاوة على الرقابة المالية والمحاسباتية بما هي مقاولات لتنفيذ مشاريع عمومية”.
ولفت الناقد السينمائي إلى أنه يجب أن “نضع جانبا تلك الطروحات التسلطية المصادرة لكل حرية إبداعية ومحاكمة لنوايا وأفكار وضمائر الفنانين وتحويل الفن لتصريف أيديولوجيا من نوع معين بأشكال فجة وبعيدة عن الابداع”.
وشدّد محمد تسويكْمين على أن “نقد الدراما التلفزيونية يقع تحديدا عند هذه النقطة فكيف يستطيع أن يوفي بأغراضه؟ دون مصادرة حرية الابداع من جهة ودون التفريط في الوظائف الاجتماعية للدراما التلفزيونية بما هي فن جماهيري من جهة ثانية؟ أو بعبارة أخرى ما هي مشروعية النقد التلفزيوني وما هي حدوده؟”.”
وأشار إلى أن المواكبة النقدية التي ينبغي ترسيخها، وبالتالي التي ينبغي الانصات إليها من طرف مبدعي الدراما التلفزيونية هي تلك “الصادرة من النقاد المتخصصين لأنها الضامنة لجودة الأعمال الفنية مستقبلا، والضامنة لاستقلاليتها وابداعيتها وحريتها، مع التفهم الكامل لردود الأفعال الانطباعية من الجهات الأخرى، وفهم خلفياتها دون الدخول معها في تجاذبات قد يؤدي إلى الاضرار بالأعمال الفنية وهويتها الإبداعية القائمة على الخيال أي بما دراما أو تمثيل قائم على محاكاة الواقع وليس الواقع نفسه، فلا يمكن إرضاء أهواء الجمهور الذي لا يتعامل مع المنتوج التلفزي بهذه الصفة/ كدراما بل كحقائق ، والحقائق بالنسبة للجمهور تتعدد حسب الأهواء وليست حقائق علمية”.
من جهته، أكد المخرج السينمائي، حميد زيّان على أن ” الانتقادات والملاحظات الموجهة للدراما التلفزية الأمازيغية وللأعمال الأمازيغية بصفة عامة، مُهمة وتحمس الممثلين والمُخرجين على الإبداع”.
وأشار إلى أن أغلب “الانتقادات تأتي من مواقع التواصل الاجتماعي وليس من أصحاب التخصص”، مُضيفا :”لا يُوجد نقاد متخصصين في الدراما الأمازيغية التي تتطورت كثيراً على المستوى الفني والتشخص والديكور…”، وهنا “يجب التفكير في تأسيس جمعية خاصة بالنُّقاد للدراما الأمازيغية”.
وقال زيّان “غياب متخصصون ومتابعون للدراما الأمازيغية مؤثر، ومعه يشعر المُخرجون بالاحباط وعدد من الممثلين بالتقصير في حقهم وعدم متابعة أعمالهم”. لأن “متابعة هؤلاء الفنانون يشكل لهم دعما معنويا وحافزا وشٌحنة للإبداع”.
وانتقد المخرج حميد زيّان من يقول ” هذا غير عمل أمازيغي”، مشيرا إلى أن “لجنة انتقاء النصوص لا تفرق بين الدراما الناطقة بالأمازيغية والناطقة بالدارجة”.
من جهته، قال الممثل والإعلامي نورالدين نجمي، إن “الحصيلة المتعلقة بالدراما الأمازيغية منذ انطلاق القناة الأمازيغية سنة 2010 لا تشرف”. مشيرا في مداخلته إلى أن “الحَصيلة الانتاجية بالأرقام تتحدث عن 160 فيلما مقسما على الروافد الثلاثة للأمازيغية و25 مسلسل”. وقال إن “هذه الحصيلة لا تشجع على تأسيس حركة نقدية”.
وتساءل نجمي “لماذا لا توجد الإنتاجات الأمازيغية على طول السنة؟” لماذا لم تتحول بعد القناة الأمازيغية إلى البث المستمر حتى تكون للحصيلة الانتاجية أكثر وأقوى”.
وسلط نجمي الدور على معاناة الممثل الأمازيغي، وقال :”يُنظر للممثل الأمازيغي من زاوية احتقارية وبنظرة دونية، وليست هناك ظروف ومجال اشتغال متكافئ بين الفنّانين العاملين في الدراما الأمازيغية وزملائهم في الدراما الناطقة بالدارجة المغربية”. مضيفا “الممثل الأمازيغي أقل أجرًا ولا تتوفر له الظروف للإنتاج والإبداع”
ووصف المتحدث جمهور الدراما التلفزية الأمازيغية “بالجمهور الاستثنائي والمُتعطش للسينما الأمازيغية”. وقال من جهة أخرى “المغربي له قابلية لمشاهدة كل أفلام العالم إلا مشاهدة ومتابعة الأفلام الأمازيغية التي تعتبر الهوية الأصلية للمغرب”.
وانتقد نورالدين نجمي بشدة غياب “الدعاية للإنتاجات الأمازيغية” وقال “الدراما الأمازيغية لا تحظى بالدعاية نهائيا، عكس الانتاجات الناطقة بالدارجة التي نتابعها بشكل مستفر في لوحات إشهارية من طنجة إلى الكْويرة”، كما انتقد غياب “الدعاية للدرامة الأمازيغية في القنوات العمومية التي لم تحترم دفتر التحملات”.
تافروات/ منتصر إثري
المصدر:مواقع ألكترونية