الشمبانزي قادر على تعلم لهجات محلية مختلفة
تغيرت الإشارة الصوتية للقردة، لكن حبها للتفاح لم يتغير
قالت دراسة أجراها باحثون في أدنبره على مجموعتين من قردة الشمبانزي إن أفراد تلك الفصيلة يمكنهم التواصل بشكل أفضل بالقادمين الجدد إلى مجموعتهم.
كانت الدراسة قد بدأت في 2010 عندما استقدمت 9 من قردة الشمبانزي من متنزه هولندي للسفاري لتقيم في نفس المكان مع مجموعة من القردة نشأت في أدنبره.
وكانت المجموعة التي استقدمت من المتنزه الهولندي تستخدم إشارات صوتية مرتفعة تدل على الاهتمام عند المطالبة بالتفاح في حين استخدمت المجموعة المحلية نبرة صوت منخفضة تنطوي على اهتمام أقل بالطعام من نفس النوع.
وبحلول 2013، تغيرت الإشارات الصوتية التي كانت تستخدمها القدرة القادمة من هولندا ليستخدم أفراد المجموعة إشارات صوتية أهدأ رغم ولعها بثمرة التفاح الذي لم يتراجع على مدار تلك السنوات.
وترجح نتائج الدراسة، المنشورة في مجلة جورنال كارانت بيولوجي، أن الإشارات الصوتية التي يستخدمها الشمبانزي في الإشارة إلى الأشياء يمكنها القيام بنفس الدور الذي تلعبه الكلمات التي ينطق بها البشر أثناء التواصل بدلا من الاقتصار على كونها وسيلة لتعبير هذا الحيوان عما يشعر به.
ويبدو أن قدرتنا على تعلم الكلمات من المحيطين بنا ترجع إلى طريقة استخدمتها قردة الشمبانزي في تعلم الإشارات الصوتية منذ ستة ملايين سنة.
تقول كاتي سلوكومب، كبيرة الباحثين المعدين لورقة العمل المثيرة عن أصوات الشمبانزي وأستاذة علم الفسيولوجي في جامعة يورك، إن "هناك طريقة فعالة لمحاولة فهم كيفية تطور اللغة تتمثل في البحث في نظم التواصل لدى الحيوانات الأقرب للإنسان".
وأضافت أنه لابد من البحث عن إجابة لمجموعة من الأسئلة من بينها "ما هي المهارات الأساسية للتواصل التي اشترك فيها الإنسان مع أسلافه من الكائنات؟ وما هي المهارات التي يتفرد بها الإنسان دون غيره والتي تطورت منذ بدء الخليقة ؟".
أفضل ولا أفضل
وأثناء العمل على الدراسة، اكتشف الفريق البحثي أن إشارات صوتية عديدة تصدرها تلك الفصيلة من القردة قد تشير إلى أنواع معينة من الطعام مثل التفاح والخبز.
وقد تستجيب بعض القردة بالنظر إلى أنواع مشابهة من الطعام عند سماع تلك النداءات أو الإشارات الصوتية.
لكن الكثير من الدراسات اعتبرت تلك الإشارات الصوتية مجرد "نداءات دلالية" تعبر عن القيمة الانفعالية لأنواع الطعام لدى القردة.
جاء التغير في الإشارات الصوتية بعدسنوات من التفاعل الاجتماعي
لذلك لجأت الدراسة الحالية إلى استقدام عدد من القردة من نفس الفصيلة من حديقة حيوان بيكس برجن سفاري بهولندا إلى أدنبره لإثبات نظريتها.
وكشف العمل البحثي عن أن "الكلمة"، التي تشير هنا إلى الإشارة الصوتية التي تستخدمها القردة، في الإشارة إلى التفاح لدى مجموعة القردة في أدنبره تصدر بصوت هاديء وتعكس رغبة عادية في تناول التفاح مثل الرغبة في تناول أي طعام آخر.
في المقابل، كانت المجموعة الوافدة من القردة تستخدم إشارات صوتية مرتفعة تعكس اهتمام شديد ورغبة متقدة في الحصول على التفاح.
وحتى عام 2011، لم يحرز الباحثون قدرا كبيرا من التقدم نحو نتائج تؤيد إمكانية تعلم حيوانات الشمبانزي الوافدة من هولندا الإشارات الصوتية الخاصة بأقرانهم في أدنبره.
وكانت كل مجموعة من القردة تستخدم النداءات القديمة التي اعتادت استخدامها عند طلب أنواع معينة من الطعام.
لكن بالنظر إلى التغير في السلوك الاجتماعي للمجموعة الوافدة، ثبت أنها لا تحرز تقدما ملحوظا.
ثبات القيمة الانفعالية
قالت كاتي سلوكومب إن "كلتا المجموعتين من القردة لم تكن تقضي الكثير من الوقت معا، ولم تنشأ صداقات كثيرة فيما بينها".
وأضافت أنه "كان من الواضح أن القردة الوافدة لم يكن لديها أي دافع لتغيير النداءات الخاصة بها".
ولكن بحلول 2013، بدأت القردة من المجموعتين في تكوين صداقات لتظهر مجموعة واحدة أكبر من القردة تحتوي على 18 قرد ما بين أسكتلندي وهولندي.
بالتزامن مع هذا الارتباط الاجتماعي الذي حدث بين المجموعتين، ظهر قدر كبير من التغيير في جانب واحد فقط من أوجه التواصل بين أعضاء المجموعة.
وتقول كاتي إن "القردة القادمة من هولندا بدأت تستخدم نفس نداءات الطعام الخاصة بالقردة من أسكتلندا عند الرغبة في تناول التفاح".
ومع ذلك، لم يتراجع مستوى حب التفاح عند أي من أفراد المجموعتين، فالأسكتلنديون لا زالو يظهرون رغبة عادية أو محايدة في تناول التفاح، بينما ازداد ولع الهولنديين بالتفاح.
ووفقا لمعدي الدراسة، يعتبر ذلك هو الدليل الأول على أنه من الممكن أن يكون التواصل بالألفاظ والأصوات قد استخدم بين مخلوقات أخرى بخلاف الإنسان منذ ملايين السنوات.
المصدر:مواقع ألكترونية