تكنولوجيا المناخ تواجه تحدّيات مالية.. هل تنهض مجدداً أم تتراجع؟ (تقرير)
في مشهد إستثماري صعب، أظهرت تقارير حديثة أن الإستثمارات في تكنولوجيا المناخ لم تعد تشكل نقطة مضيئة كما كانت في السابق. خاصة انها تراجعت بحوالي 40 بالمئة مؤخرًا.
ووفقًا لأحدث البيانات بلغ إجمالي الإستثمارات والمنح المالية للشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ على مستوى العالم 65 مليار دولار خلال الـ12 شهراً المنتهية في سبتمبر 2023. وهو رقم يمثل انخفاضاً بنسبة تزيد عن 40% مقارنة بالعام السابق.
وأعزى التقرير أسباب هذا التراجع إلى عوامل متعددة، منها الاضطرابات الجيوسياسية، والتضخم. وإرتفاع أسعار الفائدة، وتراجع تقييمات الاستثمارات. تلك التحديات التي أثرت بشكل كبير على مشهد الاستثمار في تكنولوجيا المناخ.
ومع ذلك، أصبحت مخاطر الاستثمار في هذا القطاع أكثر تعقيداً من أي وقت مضى. إذ شهد العالم خلال الفصل الماضي أعلى درجات حرارة على الإطلاق، في صيف لا مثيل له في التاريخ.
ويتطلب هذا التحول الصعب من القطاع البحث في سبل تعزيز المرونة وتبني استراتيجيات تكنولوجية مستدامة، بما يساهم في تجاوز التحديات الحالية وتحقيق التقدم نحو مستقبل يعتمد على تكنولوجيا المناخ كحلاً فعالاً لمشكلات التغير المناخي.
تحديات تكنولوجيا المناخ والحاجة للتركيز على الحلول الحقيقية
حسب التقرير الحديث، في ظل تراجع السوق للشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ، يتعين عليها التركيز بشكل أكبر على حل المشكلات العالمية الحقيقية وفهم احتياجات العملاء.
هذا ما أشار إليه أميت شاتورفيدي، الرئيس العالمي والشريك الإداري لشركة “إس إي فينتشرز”، التي تركز على مجالات الطاقة والاستدامة والأتمتة الصناعية.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال التمويل الموجه لصناعات تسبب أكبر نسب الانبعاثات، مثل صناعة الصلب والأسمنت. يمثل نسبة صغيرة من الاستثمارات في تكنولوجيا المناخ.
ورغم أن هذه الصناعات تساهم بشكل كبير في الانبعاثات، إلا أن الجهود لتطوير تكنولوجيا تقليل هذه الانبعاثات تبقى محدودة.
وأظهرت دراسة أجرتها شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” أنه خصصت نسبة 14% فقط من الاستثمارات الإجمالية في تكنولوجيا المناخ لصناعات تسبب انبعاثات كبيرة، والتي يصعب تقليلها بسهولة. في المقابل، حصلت شركات ناشئة في مجالات مثل التنقل والطاقة على غالبية التمويل هذا العام.
على الجانب الآخر، أثبتت تكنولوجيا احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) قدرتها على مواجهة التحديات في مجال تكنولوجيا المناخ. حيث استثمرت صناعة الوقود الأحفوري مبالغ كبيرة في هذه التكنولوجيا، والتي يمكن أن تلعب دوراً في تمديد استخدام النفط والغاز والفحم في المستقبل.
تكنولوجيا المناخ … تحديات وآفاق مشرقة
رغم التحديات التي تواجهها هذه المجالات، فإن هناك مستثمرين جدد يظهرون اهتماماً بالقطاع. حسب تقرير، فإن الاستثمار في تقنية احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه يظل محور اهتمام مع إرتفاع مستويات الطلب والدعم الحكومي لمثل هذه المشاريع.
وعلى الرغم من تراجع هذه الاستثمارات، إلا أن هناك بصيص أمل في تطور القطاع. وقد استحوذت على حصة أكبر من إجمالي سوق الاستثمار في الشركات الناشئة بنسبة تجاوزت 11%. ويعد تدفق المستثمرين لأول مرة في هذا القطاع إشارة إيجابية تجاه الاهتمام المتجدد به.
من ناحية أخرى، ظهرت مجموعة من الصناديق الاستثمارية الجديدة في الأشهر الأخيرة. مما يعزز دعم هذه الصناعة. ويوفر قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة دفعة قوية للقطاع، حيث يتضمن مجموعة من المنح والحوافز التي تدعم الصناعات النظيفة. مثل إنتاج الهيدروجين الأخضر وتوليد الكهرباء للمنازل.
بهذا السياق، تظهر التوقعات بأنها ستمتلك آفاقاً مشرقة رغم التحديات التي تواجهها. وأن هناك اهتماماً متزايداً بالقطاع يعكسه تدفق المستثمرين والمبادرات الحكومية المستدامة.
المصدر: مواقع ألكترونية