عظمة الحضارة المصرية في مقبرتي سيتي الأول ونفرتاري.. كنز بوادي الملوك
نقوش على جدران مقبرة نفرتاري
من بين 64 مقبرة بوادي الملوك والملكات بالأقصر، تتميز مقبرتا نفرتاري وسيتي الأول بجمال وروعة نادرًا ما يتكرران في مكان آخر، جدران مزخرفة بنقوش دقيقة وسقف بالكامل ملون بالأزرق ليمثل السماء، وتناسق شديد بين الألوان والنقوش على الرغم من اختلافهما من مكان للآخر، جمال يخطف الزائرين سواء كانوا مصريين أو أجانب.
يحكي الدكتور محمد إمام، الباحث الأثري، تفاصيل عن مقبرة نفرتاري من الداخل، إذ تضم جدرانها مناظر رائعة بشكل استثنائي، فالسقف بالكامل ملون بالأزرق ليمثل السماء، والنجوم باللون الأصفر، والأعمدة لها ثلاثة ألوان، الأسود في أسفلها ثم شريط أحمر بينما النقوش على خلفية بيضاء، وما يميز المقبرة تناسق الألوان الشديد وبهاء النقوش، واختلفت المناظر من منطقة إلى أخرى، فعلى اليسار يرى الزائر الملكة نفرتاري تلعب «السنت» وهي لعبة تشبه الشطرنج، واختلف العلماء في تفسير سبب تصوير المتوفي وهو يلعبها، خاصة أنه بلا خصم، فمنهم من قال إن لها تأثيرًا سحريا يمكنه من العبور بسلام في العالم الآخر، ومنهم من يرى أنها لتسلية المتوفي في رحلته الطويلة والشاقة.
عالم آثار إيطالي يكتشف المقبرة
ويضيف الباحث الأثري، أن المقبرة تتكون من سبع غرف مبينة على مستويين، ثلاثة في المستوى الأول، وعبر سلم قصير توجد غرفة الدفن وثلاث حجرات أخرى، كما يوجد غرفة ملحقة للقرابين، وعندما اكتشف عالم الآثار الإيطالي إرنستو اسكاباريلي المقبرة عام 1904، كانت متضررة بشكل كبير وجدران متصدعة، وعمل فريق كبير من العلماء على ترميم المقبرة، من عشرينيات القرن الماضي حتى أصبحت متاحة للجمهور اليوم.
ما الذى عُثر عليه في مقبرة نفرتاري؟
ويشير الباحث الأثري، إلى أن عالم الآثار اسكاباريلى عثر على العديد من الجعارين وقطع من غطاء التابوت الوردي والفخار، وقرابة 30 تمثالا من الشوابتي وهي التماثيل التي اعتقد المتوفي أنها ستقوم بالخدمة نيابة عنه في العالم الآخر، وعمود جد من الخشب، وهو يمثل الثبات، اشتملت على لوحة فضية كبيرة مُذهبة، وأخرى صغيرة من الذهب المنقوش، وقلادة من البرونز وأربعة تماثيل خدم.
مقبرة سيتى الأول
ويوضح «إمام»، أن المقبرة الثانية المميزة هي مقبرة سيتى الأول رقم 17 في وادى الملوك، اكتشفها الرحالة الإيطالي جيوفاني بيلزوني، وهي من أجمل وأكمل المقابر الملكية، يبلغ طولها نحو 137 مترا، وتضم نقوش المقبرة فصول من كتاب الموتى والإيمي دوات، كتاب البوابات، كتاب السماء، ومناظر طقسة فتح الفم، التعبد للمعبودات المختلفة.
وتابع: «تتكون المقبرة من 3 مستويات، عقب المدخل يوجد منحدر به نصوص دينية كثيرة مثل لتعبد سيتي الأول أمام رع حور أختي، ثم ابتهالات لرع، بينما السقف مزخرف بالرخمة أنثى النسر، وهي إحدى المعبودات الحامية في مصر القديمة، ثم صالة بها أربع أعمدة، بها مناظر من كتاب الموتى على الجدار الأيسر، وأسفله حملة القرابين، بينما على الأعمدة مناظر تعبدية، يحتضن فيه المعبودات إيزيس وأنوبيس وحتحور ونفتيس الملك سيتى الأول».
وبحسب الباحث الأثري، يوجد غرفة جانبية ملحقة بهذه الصالة بها عمودين، مصور على أحدهما المعبود أوزير بينما الآخر نقوشه مهشمة، وزخرفت الجدران بنقوش الساعات السادسة والسابعة والثامنة من كتاب (الإيمي دوات) الذي يعني اسمه ما هو موجود في العالم الآخر، وهو أحد الكتب الدينية التي حرص المصريون على تسجيل جانب من فصوله على جدران مقابرهم أو على برديات وتوضع معهم في المقبرة، ثم ألقاب الملك داخل الخراطيش الملكية يحميها المعبودتان الحاميتان نختبت وواجيت.
وفي آخر الغرفة يوجد ممر طويل يؤدي إلى غرفة الدفن، التي عثر بها "بلزوني" على تابوت الملك مصنوع من الألباستر ومحفوظ حاليا في متحف جون سوانس في لندن، ومنقوش عليه فصول من كتاب البوابات، فالمصريون القدماء اعتقدوا أن المتوفي يمر من خلال اثنتي عشرة بوابة في العالم الآخر، لابد أن يعرف أسماءها وأسماء حراسها حتى يستطيع العبور منها ويصل إلى حقول النعيم المسماه "سخت إيارو"، وفي باطن التابوت صورة المعبودة نوت ربة السماء، تفتح ذراعيها وكأنها تحتضن مومياء الملك المسجى في التابوت.
المصدر:مواقع ألكترونية