النورمان أو النورمانديون
النورمان أو النورمانديون 3-----29
النورمان أو النورمانديون – وتعني رجال الشمال- والمعروفون باسم الفايكنغ، ظهروا في القرن الثامن الميلادي والذين كانوا في الأصل قراصنة من الدنمارك والنرويج وأيسلندا، والذين بدأوا في شن غاراتٍ على المدن الساحلية الأوروبية، واستقر بعضهم في شمال فرنسا، وأسسوا دوقية نورماندي وأرسلوا حملاتٍ للغزو والاستعمار إلى جنوب إيطاليا وصقلية وإلى إنجلترا وويلز وأسكتلندا وأيرلندا، واصطدموا بدولة المسلمين في الأندلس، إلا أنهم لم يستطيعوا احتلالها.
كانت قبائل النورمان الفايكنج قد خرجوا من ديارهم في شمال أوروبا وعبروا خليج «بسكي»، ونزلوا على سواحل الأندلس الغربية عند مدينة «لشبونة» الاندلسية سنة239 هـ (844م) بأسطول كبير، واشتبكوا مع أهل المدينة ولكنهم لم يستطيعوا السيطرة على المدينة لبسالة أهلها في الدفاع عنها.
ثم أغاروا على مدينة «قادش»، وتوغلوا في الداخل حتى مدينة «شذونة»، وكانوا يستعينون بالنار لإرهاب السكان، فأطلق عليهم السكان اسم «المجوس» ظناً منهم أنهم يعبدون النار. تجمعت سفن الفايكنج عند مدخل نهر الوادي الكبير متوجهين نحو إشبيلية.
وصل الفايكنج في حوالي أربعة وخمسين مركباًً، معها أربعة وخمسون قارباً، تحمل آلاف المقاتلين، واستغلوا خلو مدينة إشبيلية من الأسوار والجند، ولم تفلح مقاومة أهل إشبيلية المدنيين لهم، فدخلوها وعاثوا فيها فساداً ثم عادوا إلى مراكبهم.
ومن عادة الفايكنج أنهم إذا نزلوا أي مكان فإن الملوك ترتعد فرائضها منهم، وتأتي لهم بصناديق الذهب والفضة حتى يرحلوا عن بلادهم، ولكن هذه المرة اختلفت القصة.
أخلى المسلمون المدينة لتنظيم أمورهم والإعداد للجهاد، منسحبين إلى قرمونة وجبال إشبيلية، فعاد الفايكنج فلم يجدوا أحداً إلا مجموعة من الشيوخ كبار السن في المسجد، فقاموا بذبحهم، ثم أحرقوا سقف المسجد.
قام أهل إشبيلية و قرمونة بعمل الكمائن للفايكنج، مما أدى بالفايكنج لترك سفنهم والتقدم براً لتحرير أسراهم، كان في هذا الوقت الأمير عبد الرحمن الثاني قد أرسل فرقة صغيرة من الفرسان بقيادة عيسى بن شهيد في اتجاههم لحين وصول الجيش الرئيسي.
وفوجئ الفايكنج بهذه الفرقة من الخيالة، وكانت هذه أول مرة تلتقي السيوف العربية مع فؤوس رجال الشمال (النورمان) الفايكنج. وسرعان ما أثبتت السيوف العربية تفوقها، فجرت بينهم معركة صغيرة قتل فيها سبعيناً من الفايكنج وفر الباقون.
أَرسل أمير الأندلس عبد الرحمن بن الحكم(الأوسط) محمداً بن سعيد بن رستم لصد عدوان الفايكينج. وكان الهجوم على الفايكنج صعباً لأنهم كانوا يعتمدون أسلوب الكر (الهجوم) ثم الفرار إلى سفنهم في البحر مرة أخرى، فقرر قادة الجيش الإسلامي عمل كمين لهم.
خرج جيش من الفايكنج يقدر عددهم بستة عشر ألف مقاتل، للإغارة على مدينة مورور، فنهض إليهم المسلمون، ودارت معركة خسر فيها الفايكنج المئات من مقاتليهم، والمئات من الجرحى ففروا هاربين نحو سفنهم.
أصر محمد بن رستم على مقاتلتهم، فتبعهم إلى هناك، ودارت معركة شديدة بين جيش المسلمين والفايكنج، تراجع المسلمون في بدايتها، لكن محمد بن رستم والقادة معه ترجلوا عن خيولهم ودخلوا المعركة، وأمر إحدى الفرق أن تحول بين الفايكنج وسفنهم.
فقام المسلمون بالإطباق عليهم من جانبين، وكبدوهم أكثر من خمسمئة مقاتل وآلاف الجرحى، واستطاع الفايكنج الفرار إلى سفنهم، وكانوا في طريق هروبهم وعودتهم إلى أراضيهم يغيرون على بعض المناطق الملاصقة للساحل، ويفرون هاربين خوفاً من جيش المسلمين.
وأرسل الأمير عبد الرحمن برأس أمير الفايكنج ومائتي رأس من مقاتليهم الأشداء إلى طنجة وما حولها، ليبشرهم بنصر الإسلام وأهله. وجعلت هذه الغارة أمير الأندلس عبد الرحمن الثاني يدرك مدى أهمية وجود أسطول بحري إسلامي، فأصدر أوامره بالشروع في بناء أسطول.
وأرسل بعدها ملك الفايكنج هوريك وفداً للأمير عبد الرحمن، طلباً للصلح بعد فشل غاراتهم على الأندلس، والذي أرسل بدوره وفداً بقيادة يحي بن حكم البكري المعروف بـ”الغزال”.
ويبدو أن ما توصل إليه هذا الوفد لم يكن إلا اتفاقاً مرحلياً، لأن النورمان عاودوا هجومهم على الأندلس في عهد الأمير محمد بن عبد الرحمن، وذلك في سنة 245 هـ/859 م وسنة 247 هـ/861 م
ولكن لم يستطع النورمان أن يحققوا في هذين الهجومين انتصاراً يذكر.
_تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس.


المصدر : مواقع ألكترونية