الأمازيغ المعربين المستلبين اخطر من الإستعمار الخارجي
بات المعربون من دول شمال إفريقيا يعانون أكثر من أي وقت مضى، حتى يتباهون بنسبهم لجزيرة العرب، لكن ما أن يقدموا على تحاليل الجينات الوراثية حتى يصابوا بالصدمة.
منذ " الفتوحات الإسلامية " لشمال أفريقيا، قدم لبلاد تامزغا أناس لا يمتون بصلة بالامازيغ لا من حيث اللغة و لا من حيث الثقافة و لا حتى لون البشرة، بعيدون كل البعد عما كل ما هو أمازيغي، لكن لسذاجة و بلادة أجدادنا، تمكنوا العربان من بسط سيطرتهم على تامازغا من باب الدين الإسلامي، لتصبح بلاد تامازغا إسلامية اللهم بعض اليهود الذين يعيشون وسط أجدادنا،
كانت الأمور نسبيا على مايرام، حتى معظم القبائل متشبثة بلهجات اللغة الأمازيغية، فئة قليلة تتحدث العربية في بلاد تامزغا، حتى هؤلاء الغرباء انصهروا في ثقافتنا، باتوا هم كذلك يتواصلون بلهجات المنطقة.
خلال الإمبريالية الأوروبية على شمال أفريقيا لاشيء تغير، إلى أن دخلت فرنسا الاستعمارية بلاد تامزغا حتى بدأت تلك الحملة الممنهجة تعريب تامزغا لغير رجعة، و الدليل معظم عملاء الاستعمار يتحدثون الدارجة العربية، و هم ثلة من شيوخ زوايا، خطة خبيثة ربط اللغة العربية بالدين الإسلامي، لتظهر أفواج من شيوخ حفظة القرآن؛ تم بداية تعريب منطقة غمارة في بداية القرن التاسع عشر، ليتم نقل حفظة القرآن داخل عمق الريف، الريف الأوسط و الريف الشرقي، منهم انصهروا مع المجتمع الريفي ليصبحوا هم كذلك يتحدثون الريفية، لتقتصر الدراجة سوى على قوات تابعة لسلطان فاس.
مع حلول اربعينات القرن الماضي و تأسيس حزب الاستقبال من قبل العدو الأول للريف و الأمازيغ عامة علال الفاسي، حتى بدأت حملات التعريب في كل مفاصل الدولة الوليدة " المملكة المغربية " ، ما أن أخذت اموراكش اسقلالها الشكلي من " ماما فرنسا "، لتبدأ حملة تحسيسية أحيانا أدت لمجازر اقترفها الحسن الثاني عندما كان وليا للعهد عام 1958، هذه الحملة في الحقيقة لم تكن فقط من أجل وضع سلاح المقاومة تحت تصرف المخزن، بل كانت حملة تأديبية و فرض أمر واقع، العبودية و الخضوع التام لنظام الدولة العلوية و الانسلاخ بغير رجعة عن الثقافة الأمازيغية.
للمفارقة، القاسم المشترك بين أنظمة على شاكلة جمال عبد الناصر و الحسن الثاني هو التعريب و محاولة طمس الهوية الأمازيغية بشكل قطعي، نوعا ما نجح الحسن الثاني و " زعيم الأمة العربية جمال عبد الناصر " ترسيخ التعريب، لكن سكان تامزغا حتى و إن اطالهم التهميش، حرموا من التعليم و الوظيفة العمومية، لكن هناك فئة كبيرة من الريف، هاجرت للضفة الأخرى، نحو أوروبا لكسب لقمة العيش، بداية رب الأسرة يهاجر بمفرده و الزوجة تعيل أبنائها، لكن مع مطلع الثمانينات تغير الوضع، أصبح المهاجر يصطحب زوجته و أبناءه للفردوس الأوروبي، لكن ما لم يكن في الحسبان، أن معظم أبناء هذا الجيل يتحدثون الريفية بطلاقة إضافة إلى لغة بلد الإقامة، ما جعل المخزن يحس بالإحباط و خيبة الأمل.
مع وصول محمد السادس لسدة الحكم، بات المواطن الريفي مرغوب فيه في مفاصل الدولة و حتى في الرياضة، خصوصا لعبة كرة القدم، قلة قليلة من لاعبي منتخب نصف نهاية المونديال يتحدثون الدارجة العربية. سياسة التعريب في اموراكش نجحت في استقطاب بعض المغفلين على شاكلة " سلالة الرسول " و يساريون قومجيون، لتصبح اللغة العربية لغة الجنة و الفن و التواصل في أن واحد، لكن التقلبات التي عصفت بمنطقة تامزغا تلك الموجة التي شهدتها قبل عقد من الزمن " الربيع العربي "، أطاحت بنظام عروبي عتيد، نظام القذافي، بنعلي و بوتفليقة، ليصبح المخزن مجبرا على دسترة الأمازيغية، لحد كتابة هذه السطور لم يتم تفعيلها بعد في مفاصل الدولة، لكن هناك مكتسبات رغم أنف القومجين و " المؤمنين الصالحين " ،
مسألة الأمازيغية باتت ورقة رابحة بيد المخزن، و الدليل على ذلك العديد من العياشة يعلنون القطيعة مع كل ما هو آت من المشرق العربي، الكل يتحدث بكل اعتزاز عن الحضارات المتعاقبة على بلاد تامازغا، الخاسر الأكبر من الحملة " سلالة الرسول " و سلالة " عبد الناصر " ، لم يعد بإمكانهم التعبير عن تطرفهم البغيض كما كان من قبل، لكن قانون معاداة الأمازيغية مازال في الرفوف، لم يتم تفعيله بعد.
ما على السلفيين و القومجيين إلا و القبول بالأمر الواقع أن اموراكش أرض أمازيغية، ثقافتها إفريقية، لضعاف النفوس، الأختيار بين اموراكش الأمازيغي أو العودة لجزيرة العرب و العيش مع المشارقة و التحدث باللغة العربية منذ طلوع الشمس حتى غرويها، لا يمكن أن مغربيا أو دزايريا و انت عقلك الباطني في المشرق. شمال أفريقيا أرض الأمازيغ أحب من أحب و كره من كره
المصدر : مواقع ألكترونية