حكايات ريفية كانت ترويها الامهات لابنائهم قبل النوم… ”نونجا مذنيفاس” أو فتاة الرماد حسيمة سيتي12 سبتمبر 2019حكايات ريفية كانت ترويها الامهات لابنائهم قبل النوم… ”نونجا مذنيفاس” أو فتاة الرماد


حكايات ريفية كانت ترويها الامهات لابنائهم قبل النوم… ”نونجا مذنيفاس” أو فتاة الرماد Nunja


 (قصة نونجا تشبه قصة سندريلا وقد تكون سرقت وجميع أشباهها وجدت على حوض البحر الأبيض المتوسط منذ أزمنة غابرة ذكرها مؤرخون من قبل الميلاد منهم المؤرخ اليوناني سترابو).
يحكي في قديم الزمان، في إحدى قرى الريف النائية عن رجل توفيت زوجته مخلفة له بنتا وحيدة ، جميلة ، شاحبة ونحيلة ،يظهر من ثيابها مدى عوزها ويتمها والإهمال الذي تلاقيه طفولتها..يسميها الناس تندرا واحتقارا نونجا مذنيفسث ، أي نونجا الرماد لحبها الكثير للعب في مواقد النار واتساخ ثيابها الدائم بالرماد..
حاول أبوها رعايتها مرارا ، لكنه فشل أمام خيارات الحياة الصعبة، فكل يومه كان ينقضي في الحقول والسفر والأسواق ..فتزوج امرأة أخرى على أمل فاشل لرعاية الفتاة ، لكن سرعان ما ظهرت أنانية الزوجة الجديدة فلم يحن قلبها لرعايتها واحتضانها كما تفعل بأبناءها الطبيعيين ..فتفاقم اليتم مع العزلة والإحتقار حتى لم تعد نونجا كما كانت في صغرها مفعمة بالنشاط والمرح وحديث كل القرية عن جمالها الذي كان قبل سنوات قليلة مضرب الأمثال في القرية النائية كلها ..
وفي أحد الأيام حين هم الوالد العجوز للسفر البعيد،سأل بناته عن نوع الهدية التي يشتهين ،فطلبت الصغيرة ما طلبت بينما نونجا وسط انتظار الجميع طلبت”رمانة” أثارت تهكم أختها لتخمينها حجم الرمانة وغرابة أن تكون هدية وهي التي توجد بكثرة بين الحقول المجاورة ،فنالت ما نالت نونجا من سخرية بكونها لا ترى في الحياة غير الأكل والرماد بعيدة عن شؤون النساء والأبهة والجمال،غير أن والدها ربما فهم قصدها أو من تلقاء نفسه أتى لها برمانة في نوع آخر ، وهي عبارة عن حقيية كبيرة تحتوي على كل أنواع الملابس الجيدة والعطور ، أخفتها في مكان خاص بالبيت بعيدة عن أعين النساء الأخريات..
وكانت القرية في تلك الأيام تستعد لمساعدة الملك على جمع محصوله الفلاحي في “ثويزا” كبيرة يحشد لها كل أبناء القرية ذكورا ونساءا، والواقع يقول أن نونجا ستكون بالتأكيد لريادتها القديمة في العمل الفلاحي وجمع المحاصيل أول من يكون ضمن المشاركات ،لكن خدعة كالعادة من زوجة أبيها الغيورة أفشلت حق حضورها ، إذ أوكلت لها مهمة فصل أنواع من الحبوب عن بعضها البعض بعدما خلطت خلسة كل أنواع الحبوب لتشق عن نونجا مهمتها وتأخرها عن مشاركتها ضمن أبناء وبنات القرية في الكرنفال الكبير ..
فبقيت نونجا من بزوغ الفجر تسارع الوقت لإنهاء عملها دون جدوى ،ُتدمي يدها وتجهش بالبكاء أمام استحالة المهمة وحتمية انقضاء النهار دون أن تحضر الكرنفال ، إلى أن استرق غراب عابر صوت بكاءها من بعيد ،فحل إلى بين يديها يستفسرها عن سبب بكاءها وبقاءها وحيدة تعمل والناس تمرح في الكرنفال الكبير ،فباحت له بالسبب أمام إبداء الغراب رغبة جامحة في مساعدتها مقابل أن تعطي له بعض الثوب يحتاجه للتعشيش ،مزقته له من ثيابها ثم همَّا هي والغراب لإنهاء العملية المعقدة لفصل الحبوب ،تمكنا من انهاء الأمر في مدة قياسية خلال نفس اليوم ،لتستعد بعد ذلك نونجا للذهاب إلى الكرنفال ..
وصلت إلى المهرجان ،بعدما لبست لأول مرّة في حياتها ثيابا جديدة من حقيبتها “الرمانة ” اللغز، ولم يكن أحدا في الهرجان توقع لحظة أن يرى نونجا المتسخة بالرماد في مثل حلتها في هذا اليوم الكبير، لذلك لم يتعرف عليها أحد ،سوى أختها راودها بعض الشك أقنعتها على الفور والدتها باستحالة أن تنهي نونجا مهمتها وحتى إن أنهتها فلا ملابس لها لمثل هذه المناسبات الكبيرة..
وكانت نونجا طيلة فعاليات المهرجان مثار أنظار واعجاب الحاضرين ،ومنهم ولي العهد ابن الملك الذي أثارت إعجابه كثيرا، إذ كان له من وراء حضور المهرجان غاية البحث عن أجمل فتاة في القرية ، وهي نونجا بلا منازع، ولكن ابن الملك لم يكن بمقدوره لتقاليد القرية الصارمة مصارحة نونجا بالإعجاب أو حتى يسألها عن عنوانها وأسرتها ،فابتكر وضع سرير صابون أمام فناء القصر الكبير فالتصقت به فردة حذاء نونجا ،ثم طاف بها على بيوت القرية واحدة تلو الأخرى بحثا عن صاحبة الحذاء ،حتى بلغ بيتها ليجد في استقباله زوجة أبيها وبنتها وقد فشلت رغم الجهد الجهيد في لبس الحذاء ..
وحين سألهن عن نونجا التي كانت تبدوا غير بعيدة في لباس خادمة في صخب عملها اليومي أجبناه وسط قهقهات بأن الفتاة ليست سوى خادمة للأسرة لا تغادر البيت ولم تكن قد حضرت الكرنفال ، لكن ابن الملك لا تزال في ذهنه ملامح مشوشة لفتاته القريبة من جمال نونجا ، فطلب منهن إحضارها وتجربة الحذاء على قدمها وقد جاء طبق القياس في رجلها ، أثار ذلك ذهول الجميع ووقد نار الغيرة في قلب المرأة وبنتها حتى حاولت الأم بمنجل قطع أطراف من قدم بنتها لتتوافق مع الحذاء..لكن دون جدوى ..
خطبت نونجا من والدها وحدد موعد الزفاف ، وهيئت القرية للحفلة الكبيرة ومعها أسرة نونجا ، لكن لزوجة أبيها استعداد آخر إذ جابت المرأة الأنحاء بحثا عن أمهر ساحر يستطيع إفشال هذا الزواج ، وفعلا وجدت الساحر الذي أعطاها دبوس غرزته في رأس نونجا فتحولت في يوم زفافها إلى عصفور فتجهزت أختها بدل منها للزفاف..وطارت العصفورة هائمة في الأدخال والمروج حتى استقرت على بستان الملك حيث كانت تنشد وتنوح أمام انتباه جميع الكائنات بما فيها خيول الملك التي ضمرت ونقص وزنها لانتباهها الدائم إلى سجو العصفورة المبحوح ..
ولأجل إنقاذ خيوله وماشيته من الهزال تدخل الملك لازاحة مصدر النواح،فأمر كتيبة من الخدم بقطع كل القصب والبستان حتى وصلوا لأخر قصب خيزروان وكان هو الملجأ الأخير للعصفورة التي طارت وحطت في حضن خطيبها القديم ،فهرش على رأسها يكتشف تقاسيم العصفور الجميل..وفجأة اكتشف رأس الدبوس كيف تختفي اللغات؟ في رأسها وأزاله ومعه تحولت العصفورة إلى إنسان..فانتقدم الملك من كل من آذاها ،فأصبحت كما كانت في صغرها، في حياة أمها، أميرة بجلال هيبتها وجمالها.




https://www.hoceimacity.com/2019/09/12/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B1%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%8A%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A7%D8%A8%D9%86/