رسم نادر من العصر العبيدي الفاطمي يظهر على اليمين جندياً من شمال إفريقيا وإلى جانبه جندي تركي الملامح يعود للقرن الحادي عشر من الميلاد .وقد عُثرعليه في مدينة الفسطاط المصريّة ،ويتواجد اليوم داخل متحف الفنّ الإسلامي بالقاهرة .


الأمازيغ في العصر العبيدي الفاطمي 1177


شخصياً ،أرجّح إلى أنّ الرّسم الذّي على اليمين يحتمل أن يكون رسماً تصويرياً لأحد الجنود البــــربــــر أو الأمازيغ وهذا راجع إلى كونهم كانوا أساس العساكر وأصل الجيش الفاطمي منذ تسلّم عبيد اللّه المهدي مقاليد حكم الدّولة الفاطميّة في شمال إفريقيا.
وقد كانت قبيلة ” كتــــامــــة “ البربرية على وجه الخصوص - التّي كان معقلها أرض الجزائر - حسبما ما ذكره ” المقريزي “ أصل الدّولة العبيديّة الفاطميّة طوال مدّة حكم عبيد الله المهدي ومدّة خلافة ابنه القائم بأمر الله و خلافة المنصور بنصر الله ومدّة خلافة المعزّ لدين الله بن المنصور ،وبهم أخذ هذا الأخير ديار مصر، لمّا سيّرهم إليها مع القائد ” جوهر الصّقلي “..فلّما كان في أيّام ولده العزيز بالله نزار اصطنع الدّيلم والأتراك، وجعلهم خاصّته .
وبخصوص هذا الموضوع ،ذكر القاضي النعمان التّميمي المغربي - أحد بناة المذهب الإسماعيلي الشّيعي -أنّ الجيش الفاطمي كان يتكوّن في ذلك الوقت من سبعين ألف رجل ومنهم خمسين ألف كتامي على سبيل التّقريب والبقيّة من الصّقالبة والزّويليّين والمجنّدين العرب .
ثمّ إنّ هناك شواهد أخرى دفعتني إلى ترجيح هذا الاحتمال ، ألخّصها لكم في الآتي :
يحمل الجندي المحسوب على محاربي شمال إفريقيا رمحاً فقط، ويعدّ هذا السّلاح التّقليدي منذ القدم من أنبل الأسلحة عند البربر كانوا بارعين في القتال به، وكان أيضا سلاح أجدادهم ” النّومـــيـــــديّيــــــــــن .
وقد ورث عنهم أفراد قبيلة ” كتــــامــــة “ صعبة المراس وجموع كتامة على العموم فنّ القتال بالرّماح والحراب وهــــــــا ذا شاعر منهم عُرف بـ مقداد بن الحسن الكتاميّ أكّد ذلك حينما أقرض شعراً مفاخراً بقومه من ” كتــــامــــة “ حينما غزوا مصر تحت إمرة القائد جوهر الصّقلي وفضلهم في تأسيس الدّولة العبيديّة الفاطميّة مترامية الأطراف
نهزّ الرماح السمر ما كان ذابلا طويلا، ومربوع الأنابيب جحدرا
إذا ما نزلنا منزلا ،حشد الدجى إلينا نجوم اللّيل فيه عسكرا
كتائب لاتألو النّبي حفيظة لها،وعليّا والمعزّ وجوهرا
ثمانون ألفا يلبسون إلى الوغى ملابس حزم خلعة