وصف لجبال الأطلس
وصف لجبال الأطلس  1--1526
جبال الاطلس من خلال المصادر القديمة فإن أقدم إشارة وصلتنا حول جبال الأطلس وردت عند هيرودوت؛ الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد. وذلك في المختصر الذي خصصه لبلاد اللبيين في كتابه «التاريخ». إنها إشارة موجزة يصف فيها الأطلس على أنه جبل مدور من كل الجهات. قمته عالية جدا لا يمكن رؤيتهاء وهي مغطاة بالثلوج طوال السنة. ثم يخبرنا باعتقاد الأهالي أن هذا الجبل يعتبر عمودا للسماء. والجبل بالنسبة للكاتب يقع في المناطق الحارة من ليبيا. واسم ليبيا كان يطلقه الكتاب الإغريقيون على القارة الإفريقية.
بالنسبة للكتاب الرومان نقف عند بومبونيوس ميلا الذي أصدر كتابه الجغرافي حوالي سنة 40 للميلاد. فهو يصف جبل الأطلس بكونه شديد الارتفاع؛ مشيرا إلى أن الناس يظنون أن قمته تخترق السحاب وتلامس النجوم وتتصل بعنان السماء. وهو يجعل موقع الأطلس في المناطق الصحراوية الفاصلة بين موريطانيا وإثيوبيةالغربية. وإثيوبية الغربية عند القدماء تطابق في تسميتها ومعناها بلاد السودان في العصور اللاحقة.
مع بلينيوس الشيخ. المتوفى سنة 79 للميلاد. تتضح الصورة نسبيا عن الاطلس حيث يقدم الكاتب الوصف التالي للجبل: «ينتصب الجبل وسط الرمال؛ وهو شديد الارتفاع, مقفر وعار في الجهة المطلة على المحيط. الذي يسمى بالأطلسي نسبة إلى الجبل» لكن الغابات الكثيفة تكسوه في الواجهة المطلة على إفريقيا. تنبع منه العيون المتدفقة, وتكثر فيه الثمار من كل نوع» يضيف:«إن المسافة التى تفصلنا عن الأطلس غير معروفة».
أشار بلينيوس إلى أنه استقى هذه المعلومات من كتاب مشهورين لم يذكر أسماءهم. ثم تابع الحديث عن الجبل اعتمادا على المؤرخ بولبيوس الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد. أكد بلينيوس أن هذا المؤرخ قام برحلة حول إفريقيا بعد تحطيم قرطاجة سنة 146 ق. م.. ثم أورد ما يلي: «يحكي بولبيوس اعتمادا على معلومات مستمدة من الأهالي قائلا:
«بين مدينة سلا ونهر أسانا (أم الربيع) مسافة تقدر بحوالي 150 ميلا (220 كلم).
وبعد اسانا يوجد نهر يدعى فوت (تانسيفت). وعلى بعد 200 ميلا من هذا النهر يوجد جبل الأطلس الذي يدعوه الأهالي باسم أديريس .
ثم قدم الكاتب وصفا لجبل الأطلس اعتمادا على ما شاهده القائد الروماني سويتونيوس باولينيوس في الرحلة التى قام بها عبر الأطلس حوالي سنة 44 للميلاد. أكد الكاتب أن باولينيوس هو أول قائد روماني اخترق الأطلس خلال عشرة أيام من المشي, دون ذكر المكان الذي انطلق منه هذا القائد.
ويتضح من المعلومات الواردة في هذا الصدد أن القائد الروماني اخترق المناطق الشرقية من سلسلة الأطلس المغربية, حتى منبع نهر كير الذي ورد في النص بهذا الإسم.
أما الجغرافي بطليموس, الذي عاش في القرن الثاني الميلادي . فقد ذكر الأطلس مرتين على جبال شمال إفريقيا الصغير على خط الطول 6 درجة. وخط العرض 33.6. وفي أقصى الجنوب الغربي ذكر الأطلس الكبير على خط الطول 8 درجة وخط العرض 4(726.3).
وأخيرا نجد الكاتب بوسانياس في القرن الثاني الميلادي. يتحدث عن الأطلس.
على أنه جبل عال, تتصل قمته بالسماء تكثر فيه الغابات ومنابع الوديان وله واجهة جبلية متصلة بالمحيط.
لقد ارتبطت جبال الأطلس عند كتاب العهد الروماني خاصة, بفكرة مفادها أن المياه الغزيرة التي تتدفق من هذه الجبال, تختفي في الصحراء لتنتج منها منابع نهر النيل. نجد هذه الفكرة عند سترابون في قوله: «هناك من يعتقد أن النيل ينبع من أطراف موروسية). أما بلينيوس الشيخ. فأكد أن الملك الموري يوبا الثاني (حكم بين 25 ق. م. و 23 م) بحث كثيرا في هذا الموضوع. وتوصل إلى أن منابع النيل تنطلق من جبال الأطلس. لقد ظلت هذه الفكرة رائجة حتى أواخر العهد الروماني؛ حيث رددها ديون كاسيوس في القرن الميلادي الثالث وبول أوروسيوس في القرن الميلادي لخامس.
كشخصية _أسطورية:
نستمد معلوماتنا في هذا الصدد من الكتاب الذين اهتموا بالميثولوجيا القديمة, أهمهم ديودور الصقلي الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد. ففي كتابه الثالث أتى برواية شمولية في الموضوع. مؤكدا أنه استقاها من كهنة مصر خلال زيارته إليها.
نستفيد من الكاتب أن أطلس ابن للاله أورانوس, وأنه تولى الملك في مناطق ليبيا الغربية المتصلة بالمحيط. مؤكدا أن املك أطلق اسمه على رعاياه الذين عرفوا باسم الأطلسيين. كما أطلق اسمه على أعلى جبل في بلاده. أضاف الكاتب أن الملك أطلس كان خبيرا في علم النجوم . وهو أول من اكتشف فكرة الارض الكروية.
وحسب الكاتب إن هذه الفكرة أدت إلى الاعتقاد بأن أطلس يحمل الكون فوق أكتافه.
أشار الكاتب أيضا إلى أن واحدا من أبناء الأطلس المدعو هسبروس, كان ذات يوم فوق قمة جبل الأطلس, يلاحظ حركة النجوم. فعصفت به الرياح واختفى إلى الأبد. ثم تحدث عن بنات الملك أطلس السبعة. التي تلقب بالأطلنتيدات نسبة إلى والدهن. أو بالهسبريدات نسبة إلى والدتهن هسبريس . ولم يقم الكاتب بذكر الإسم الشخصي لكل واحدة من البنات السبعة, ثم أضاف قائلا:« بزواج الهسبريدات مع الآلهة والأبطال؛ تكون
الجنس البشري وتكاثر». ثم تحدث عن حدئق الهسبريدات, المنسوبة لبنات أطلس. وعن التفاح الذهبي الذي تزخر به هذه الحدائق.
وفي الكتاب الرابع الذي خصصه الكاتب لأعمال هرقل البطولية. أوضح أن العمل الثاني عشر والأخير. تكلف فيه هرقل بجلب التفاح الذهبي من هذه الحدائق.
وهنا اجتهد الكاتب في مناقشة مدلول هذه الثمار العجيبة؛ فأوضح أن البعض يعتقد
بوجود تفاح ذهبي فعلا في هذه الحدائق؛ التي كان يحرسها تنين والبعض الآخر يظن أن للهسبريدات قطعانا من الغنم تنعت بالتفاح الذهبي, لأن لونها شبيه بلون الذهب. ولعل الكاتب يميل إلى هذا الرأي الأخير بقوله إن كلمة ميلون تعني في الإغريقية التفاح والأغنام معا.
وفي مأمورية هرقل لجلب هذا التفاح, أخبرنا الكاتب أن البطل الإغريقي صادف قراصنة بعث بهم الملك المصري بوزريس , وقد اختطفوا بنات أطلس. فقضى عليهم هرقل: وأرجع البنات إلى والدهن, فأكرمه أطلس بمنحه ما يريد (أي التفاح الذهبى ) .
تحدث الكاتب أيضا عن الأطلسيين رعايا الملك أطلس على أنهم أكثر الناس حضارة في ليبياء كانوا يستوطنون بلدا مزدهراء لهم مدن كثيرة من بينها مدينة تدعى
كيرني ثم أشار إلى أن الأسطورة الليبية تجعل الآلهة قد ولدت في بلاد الأطلسيين. وفي رأيه إن ذلك يطابق ما هو مشهور في الأساطير الإغريقية منذ الشاعر فوميرونين وهناك إشارات لمعظم القضايا التي وردت في رواية ديودور الصقلي عن الملك أطلس. عند كتاب آخرين من الذين سبقوه أو عاشوا بعده. بالنسبة للأطلسيين. فقد ذكرهم هيرودوت بمناسبة حديثه عن جبل الأطلس. على أن إسمهم مستمد من هذا الجبل. وبارتباط مع رواية هيرودوت. فأن لبوسانياس رأي خاص في هذه المسألة, فبالنسبة إليه. إن الأطلسيين هم الذين سماهم هيرودوت بالناسامونيين لاكنه مخطا لان هيرودوت ذكرهم كقومين مختلفين ومنفصلين وبعيدين جغرافيا . موضحا أن آخرين سموهم باللكسيين, الذين يستوطنون المناطق المجاورة لجبل أطلس. أما املك أطلس فأول من تحدث عنه الفيلسوف الإغريقي أفلاطون في القرن الرابع قبل الميلاد,
في روايته عن الأطلنطيد , الواقعة على المحيط الأطلسي. يؤكد الكاتب أن معلوماته مستمدة من المشرع الآثيني صولون (القرن 7 ق. م)» الذي نقلها عن كهنة مصر وأوضح أفلاطون أن ملوكها أقاموا إمبراطورية بسطت نفوذها على ليبيا كلها وعلى خارج وداخل اعمدت هرقل حتى بلاد ترهينيا(ايطاليا حاليا) .
يهمنا من رواية أفلاطون عن اطلانطس ذكره لأطلس على أنه الإبن الأكبر لبوسيدون. الذي كان من نصيبه السيادة على الأطلنتيد, عند اقتسام الآلهة لأرجاء المعمور. وقد أفادنا أفلاطون في هذا السياق أن الملك أطلس تولى السيادة على كل الأمراء . وأن إسمه أطلق على الجزيرة وجبالها والمحيط. وأضاف أن أطلس خلف قوما كثيرون وسن نظاما في الحكم يكون فيه منصب الملك للأكبر سنا.
وبعد أفلاطون نقف عند إشارات لثلاثة من أهم الشعراء الرومان؛ أولهم الشاعرفرجيليوس, الذي عاش بين 70 و 19 ق. الميلاد. وقد أشار إلى أن أطلس كان عالما في النجوم. وفي رواية الشاعر أوفيديوس الذي عاش بين 43 ق.م. و 17 م ففي حديثه عن جولة البطل الإغريقي بيرسي في ليبيا أوضح أنه وصل إلى مملكة أطلس عند الغروب. يعرف الشاعر أطلس على أنه يفوق الآدميين في قامته الخارقة: وأن سيادته شملت كل المناطق الغربية من المعمور. وكذا البحر المحيط بهاء وأنه يمتلك آلافا من قطعان الأغنام والأبقار. وله حدائق تزخر أشجارها بثمار ذهبية . تحيط بها أسوار شامخة يحرسها تنين ضخم. يخبرنا الشاعر أن بيرسي طلب الضيافة من أطلس. فلما امتنع؛ سلط عليه البطل سخطه. مما جعل أطلس يمسخ ويتحول إلى جبل.
( التفاح الذهبي من المحتمل المقصود به ثمار شجر اركان Argan ذات اللون الاصفر الذهبي.)
اما الشاعر سليوس إيطاليكوس. الذي عاش بين 25 و 101م: فقد رسم لأطلس في ملحمته صورة مجسمة في هيئة آدمي قائلا: «هذا الأطلس الشامخ, لو زحزح أكتافه لهوت السماء. رأسه المتوج بالسحاب يحمل الكواكب؛ عنقه العالي يحمل دوما قبةالسماء. لحيته مجملة بالبرد القارس. جبينه خيمت عليه ضلال غابات الصنوبر. بطنه تعريه الرياحي وتحفره, فمه تتدفق منه الوديان الجارفة؛ وجنباته تضربها الأمواج المتلاطمة»


المراجع
*أطلس"الأساطير اليونانية"، موسوعة بريتانيكا (باللغة الإنجليزية)
* www.greekmythology.com (باللغة الإنجليزية)Atlas.
*مكتبة أبولودورس لأبولودوروس الكتاب الأول الباب الثاني الفقرة 06.
*أفلاطون، كريتياس 113c–114c.