الرايس الموري الميزابي الكبير (من رياس القرن السابع عشر).
تمنحنا الكتابات الأوروبية خاصة شهادات رجال الدين المسيحيين تسمية رايس جزائري عرف عندهم بالموري الكبير Grand Maure ، أو المغاربي الكبير.
سنتحدث عنه:
نشأته:
نشأ الرايس المغاربي الكبير في أفقر الأوساط الشعبية بالجزائر، حيث تعود أصوله لبني ميزاب وصل في حداثة سنه لمدينة الجزائر واشتغل في تجارة اللحوم، ثم قرر أن يلتحق بالبحرية الجزائرية وعمل كبحار مبتدئ في طاقم أحد الرياس.
وبعد فترة أثبت جدارته وشجاعته في البحر ليصبح من أفضل البحارة في الجزائر، وهذا ما لفت انتباه الرياس الذين منحوه قيادة سفينة صغيرة ثم صار رايس لسفينة تحمل ثلاثين مدفعا
ليرقى بعدها لقيادة سفينة من نوع قادس مما جعله من أكبر رياس الجزائر وأشهر قادة أسطولها خلال النصف الأول من القرن السابع عشر.
بعض أعماله العسكرية:
عرف الرايس المغاربي الكبير بالجرأة ، والذكاء والإقدام مما أثار الرعب في وسط البحارة الأوروبيين، حيث جاء في أحد أعداد جريدة لا غازات الفرنسية la Gazette الصادرة سنة 1635، أن هذا المغاربي الكبير قد اقتحم بجنوده سفينة كبيرة من نوع غليون تابعا لجمهورية نابولي
مجهزة بستة وسبعين مدفعا واستولى عليها، فأسر حوالي مائة وثلاثون بحارا، وغنم حوالي عشرة آلاف زوج من الجوارب، وكمية كبيرة من القمح ، وحوالي عشرين صندوق من خيوط الذهب، وعشرة آلاف قذيفة مدفع.
يُعتبر كل من دارندا D'Aranda و الأب ديغريفيل le Pére D'Egreville ، والأب هيرو le Pére Hérault من المصادر القليلة التي أشارت لهذا المغاربي الكبير، حيث خصص له دارندا فقرة في كتابه ننقلها كالأتي:
حيث خصص له دارندا فقرة في كتابه ننقلها كالأتي: "إن هذا المورو الكبير -كان يثير الرعب لدى كل السفن المسيحية التي تتردد على البحر المتوسط، وكان مقدسا عند الأتراك- يقصد بهم المسلمون لأن الإسبان كانوا يطلقون كلمة تركي على كل مسلم-
وأعتقد أن السلطان العثماني لو عينه كقائد عام للأسطول كما فعل السلطان سليمان بتعيينه القرصان الكبير بربروسا في القرن الماضي، لتجاوزت انتصارات هذا المورو كل الجنرالات العثمانيين، إنه أسد في المعارك وخروف بعد الانتصارات يعامل أعداءه المهزومين بكثير من اللطف واللين" انتهى كلامه.
و يشير الأب ديغريفيل لأهمية هذا الرايس في مسألة افتداء الأسرى النصارى في الجزائر ودوره الفعال فيها، فيذكر أن كل المبعوثين الأوروبيين كانوا يلجؤون إليه لما له من نفوذ وكلمة مسموعة عند كامل الفئات السكانية بالجزائر، ولما له من قوة معنوية عند السلطات العليا في الإيالة،
ويضيف الأب ديغريفيل أن ثقل شخصية هذا المورو الكبير كانت تضاهي الباشا الحاكم، وقائد الأسطول ، والآغا فيقول :"كان هذا الأهلي الكبير الذي يذكرونه هكذا دون ذكر اسمه له امتياز الحصول على سعر خاص بالعبيد على منوال الباشا، وبعض كبار المسؤولين في الجزائر" انتهى كلامه.
بينما ذكر الأب هيرو أنه استنجد بـ "سيدي المورو الكبير" في مفاوضاته بالجزائر والذي وعده بالمساعدة في قضية الأسرى، وذكر بأن المورو الكبير قد شكره على تحرير الرايس محمد نغريلو الذي كان أسيرا في فرنسا.
المصادر:
1. المنور مروش - دراسات عن الجزائر في العهد العثماني، القرصنة والأساطير ج 1 - ص 290 ، 292
2. Emanuel D'Aranda - les captifs d'Alger. P. 137