ماذا تعرف عن شعب الطوارق..
هو شعب أمازيغي يسكن منطقة جنوب الصحراء الكبرى و الساحل الافريقي. شعب عريق له تاريخ عريق. فما هي حكايته؟ و لماذا لم ينصفه التاريخ؟
ما أصل تسميتهم؟
يسمون بالطوارق أو التوارق بحرف التاء (Touaregs)(ⵜⵡⴰⵔⴻⴳ) نسبة إلى تاركا وهي الساقية أو الواد باللغة الامازيغية وهو واد في منطقة فزان جنوب ليبيا، و قيل إنها منطقة بجنوب شرق المغرب أسمها تاركا. و يطلق عليهم أيضا إسم إيموهاق و إيموهاغ و إيماجيغن ومن تم اشتقت كلمة إيمازيغن والتي تعني الرجال الاحرار النبلاء.
موقعهم الجغرافي:
يعيش السكان الطوارق بين أربعة دول فهم يتواجدون في جنوب الجزائر في منطقة إسمها الهقار(آهقار) و في جنوب غرب ليبيا في منطقة فزان وفي شمال مالي في منطقة تسمى أزواد و آدغاغ وفي شمال النيجر في منطقة آيير. وهي منطقة صحراوية واسعة الاطراف يغلب عليها طابع التصحر والجفاف وندرة الماء مع وجود بعض الواحات من هنا وهناك.
وفي غياب الاحصاءات الرسمية فإن عددهم قد يصل إلى 3.5 مليون نسمة موزعين بين هذه الدول الاربع، &85 منهم يعيشون في مالي و النيجر بينما &15 الباقية بين الجزائر و ليبيا.
لغة الطوارق:
أما لسانهم فهو أمازيغي صرف فهم يشكلون امتدادا لسكان شمال افريقيا الامازيغية فهم لم يختلطوا بالعرب كما حدث لشعوب شمال افريقيا ولا بالزنوج بجنوب الصحراء، لهذا حافظوا على لغة صرفة خالية من الاقتباس وتسمى لغتهم تماشقت أو تماجقت أو اللغة التاركية نسبة ألى اسمهم التوارك وهي لهجة من اللهجات الامازيغية المنتشرة في شمال افريقبا. و تكتب بحرف تيفيناغ وهي حروف قديمة تمتد إلى عشرة آلاف سنة قبل الميلاد. وهي أقدم أبجدية في العالم إن لم نقل أولها، وهو نفس الحرف الذي تبنته شعوب شمال افريقيا كأبجدية رسمية للغتهم.
تاريخ الطوارق:
يعد الشعب التارقي من أقدم شعوب العالم، ففي عصور ما قبل التاريخ عرفوا بالجرمانتيين وفي أوائل العصر الاسلامي عرفوا بالملثمين( نسبة إلى اللثام الذي يضعونه على وجوههم بسبب قساوة المناخ) وفي العصر الحديث عرفوا بالطوارق أو الرجال الزرق كما ينعتهم الفرنسيون.
عصر ما قبل التاريخ:
ذكرت بعض المصادرالقليلة أن أجداد الطوارق كانوا يسمون بالجرمانتيين الذين سكنوا منطقة فزان جنوب ليبيا. وتشير هذه المصادرإلى وجود حضارة هناك يرجح أن تكون أول حضارة قبل التاريخ بحسب ما وجد من نقوش في تلك المنطقة خصوصا في جبال تاسيلي جنوب شرق الجزائر وفقا لتقديرات المسح الذي أجري إبان زيارة الرحالة هنري لوت للمنطقة عام 1956.
العصر الاسلامي:
وفي العصور الاسلامية وبالضبط في القرن الثالث الهجري اعتنق الطوارق الاسلام إبان وصول الفاتحين العرب إلى شمال افريقيا . وكانوا يتسمون آنذاك بالملثمين وهم الجيل الثاني من الطوارق. ويرجع أصلهم إلى قبيلة صنهاجة ( إزناكن). تمكن الطوارق في هذه الحقبة من جمع شمل القبائل ونشر الدين الاسلامي في عموم المنطقة، فأسسوا دولة قوية تسمى مملكة أودغست والتي تضم الحدود الجغرافية لنفوذهم إلى جنوب الصحراء الافريقية ما يعرف حاليا بمالي و النيجر وتشاد و بوركينا فاسو حتى دولة غانا، فاتخذوا مدينة أودغيست عاصمة لهم بزعامة القائد اللمتوني تيولوتان بن تيكلان الذي توفي عام 222 للهجرة.
بانتهاء مملكة أودغست قام جيل ثالث فأسسوا دولة المرابطين، فكانت أول دولة إسلامية تحكم المغرب الاسلامي وعموم شمال افريقيا بل و امتد نفوذها الى بلاد الاندلس بزعامة القائد اللمتوني يوسف بن تاشفين، استمرت دولتهم قرنا من الزمان تنشر الاسلام في ربوع افريقيا و المذهب السني المالكي إلى أن سقطت بيد الموحدين.
النفوذ الجغرافي لدولة المرابطين
العصر الحديث:
وفي العصر الحديث حكم الطوارق مجموعة من السلطنات والتي تشكلت من اتحاد مجموعة من القبائل يعين شيوخها سلطانا لهم إلى أن جاء الاستعمار الفرنسي الذي توغل في منطقة شمال افريقيا فأسس الحدود الوطنية لكل دولة فتقرق النفوذ الجغرافي للطوارق بين عدة دول فعان الطوارق من التهميش و الاقصاء بسبب سياسات هذه الدول مما اضطر الطوارق الدخول في نزاعات مسلحة مع هذه الدول خاصة مع مالي والنيجرمطالبين بالاستقلال أو على الاقل بحكم ذاتي، فبدأت الثورات على الجيش المالي والنيجري بدء بثورة كيدال عام 1962 ثم ثورة 1990 تلتها ثورات أخرى 1995 و 2004 و 2007 إلى ثورة 2012 التي كانت آخر ثورة تمكنت الحركة الوطنية لتحرير آزواد من تحرير إقليم آزواد وإعلان استقلاله والذي لم يحظ بالاعتراف الدولي.
الزعيم ابراهم بهنقا
من أهم قادة الطوارق التاريخيين ابراهيم أغ بهنقا وإياد أغ غالي ومانودياك..واشتهر من أعلامهم المعاصرين الكاتب والشاعرمحمد بن خواد والروائي الليبي ابراهيم الكوني الذي اختارته مجلة lire الفرنسية كأحد أبرزخمسين روائيا عالميا معاصرا والذي ترشح لنيل جائز نوبل عدة مرات.
هذا هو شعب الطوارق الذي لم تنصفه الاحداث التاريخية ولا زال لحد الآن يتأرجح بين حلم البقاء تارة وحلم الاستقلال تارة أخرى.
كان هذا نزريسير من تاريخ شعب عظيم لا زال يحمل في طياته الكثيروالثير من التاريخ والحضارة نتمنى أن تعطيه الدراسات والبجوث القادمة حقه منها.
الروائي ابراهيم الكوني
https://www.almghribia.com/2021/05/blog-post.html?spref=fb&fbclid=IwAR3KcZbOtKYKjhiieczekGBFcU3ol_9R54IcZaKpfd5bUXOTW8OEhvE9axo