مدينة كوردية نودشير
مدينة كوردية نودشير 1---664
معروفة الآن باسم الموصل في جنوب كوردستان
1. هناك أدلة كثيرة على أن الأموريين هاجروا الى بلاد (سوبارتو) منذ حوالي سنة 2000 قبل الميلاد وعاشوا هناك في ظل الحكم السوباري، ثم تغلّبوا على السكان الأصليين، وسيطروا على حُكم مملكة آشور، فعُرفت تلك المنطقة بعدئذ بإسم (بلاد آشور)، حيث يقول الأستاذ (حازم هاجاني) بأن مملكة سوبارتو كانت محصورة بين جبال زاگرۆس من جهة الشرق ونهر الخابور من جهة الغرب ولذلك كانت سوبارتو تُطلق على المنطقة الآشورية وأن الأموريين إستقروا في هذه المنطقة في أوائل الألف الثاني قبل الميلاد عندما هاجرت قبائل أمّورية من الجنوب الغربي الى الشمال وتوغلت في منطقة ما بين النهرين وإستقرت هذه المجموعة في جنوب كوردستان، في البقعة الممتدة على طول ضفة نهر دجلة اليمنى بين الموصل وشرقاط وكانت هذه المنطقة تُعرف بإسم سوبارتو. هكذا فأن تأريخ أسلاف الكورد السوباريين يمتد إلى عصور سحيقة في القِدم.
2. كما أنّ الدكتور (محمد بيومي مهران)، يذكر أنّ الآشوريين لم يهاجروا الى أرض خالية، بل نزحوا الى بلادٍ كانت تسكنها أقوام أخرى، والمعروفة منها هم (السوباريون) الذين كانوا يعيشون في المنطقة الممتدة من نهر دجلة الى سلسلة جبال زاگرۆس.
3. يذكر الأستاذ (طه باقر) أيضاً بأنه فـي أواخـر الألـف الثالث قبل الميلاد، هاجـر قسم من الأقوام السامية من جنوب بلاد ما بين النهرَين الـى بلاد سوبارتو (جنوب كوردستان) وتأثروا بحضارة السوباريين من لغة ودين وعبادة الآلهة وإقتبسوا منهم الطقوس الدينية وأسماء بعض المواقع.
4. قام أسلاف الكورد السوباريون ببناء مدينة، سمّوها بإسم إلههم (آ- أُوسار) أو (آسور")، وإتخذوها عاصمةً لهم. يذكر السيد (عامر حنا فتوحي) بأن الحاكم السوباري (كيكيا Kikkia) قام ببناء سور هذه المدينة وجعلها مدينة محصَّنة. تغّيرَ إسم مدينة (آسور) الى (آشور) خلال الحُكم الآشوري، حيث أنه في الكتابات الأكادية تمّ تبديل حرف (س) في الإسم (آسور) الى حرف (ش)، وبذلك تمت كتابته بصيغة (آشور) بدلاً من (آسور) وتبنّى الآشوريون هذا الإسم ليكون إسماً لِإلههم وعاصمتهم ودولتهم. قام الملِك السوباري (أُوشپيا Ushpia)، ببناء معبدٍ للإله السوباري الأكبر (آ- أُوسار "آسور") على أساس معبدٍ سومري قديم، والذي كانت تتم فيه عبادة الإلهة (إنانا Innana) التي تُسمّى عند الأكديين ب(عشتار) وتمت تسمية هذا المعبد باللغة السوبارية (خورْزاك كورْكورا Ê- Xurzak- Kurkura).
5. كما يذكر العلّامة محمد امين زكي أنّ بلاد آشور كانت حتى حوالي سنة 1100 قبل الميلاد، مؤلفة من عدة دويلات ضعيفة يتحكم بها أسلاف الكورد الزاگروسيين، حيث حكم السوباريون بلاد آشور لفترة طويلة من الزمن. هذا يعني أن الأمّوريين حكموا بلاد آشور لِحوالي (488) سنة فقط، بينما عاشت آشور لِحوالي (1388) سنة (سنة 2000 – 612 ق.م)، وهذا يعني أنّ أسلاف الكورد السوباريين أسسوا مملكة آشور وحكموها لمدة (900) سنة قبل إستيلاء الأمّوريين على الحُكم في آشور. من هنا نرى أنّ مملكة آشور هي مملكة سوبارية كوردية وأن الغالبية العظمى من الآشوريين هم سوباريون. قام أسلاف الكورد السوباريون بتأسيس مملكة آشور على أرض كوردستان وفي ذلك الوقت لم يكن هناك أي وجود للأموريين في كوردستان وأن الأموريين هاجروا الى جنوب كوردستان من الصحراء السورية الحالية فيما بعد وجاؤوا الى جنوب كوردستان كمهاجرين، إستوطنوا في كوردستان وذابوا في الشعب الكوردي بعد إنهيار الإمبراطورية الآشورية في سنة 612 قبل الميلاد.
6. إتخذت مدينة الموصل إسم الإله الخۆري (نینەوا Nînewa) الذي كان إله هذه المدينة
7. بعد اسقاط الإمبراطورية الآشورية من قِبل الميديين والبابليين، أعاد الميديون تعمير (الحصن العبوري) أي (قلعة الموصل) وأسكنوا فيه جنودهم وشيّدوا حولها القرى والدور التي سكنها فلّاحوهم وصنّاعوهم من الكورد والفُرس واللورّ وبعض النصارى. لم تظهر الديانة المسيحية خلال فترة الإمبراطورية الميدية، حيث أنّ المسيحية ظهرت (550) سنة بعد سقوط الإمبراطورية الميدية ولذلك لم يكن وجود للنصارى في ذلك الوقت، لإسكانهم في الموصل. أسس الميدي (نودشيروان) قلعة الموصل ولذلك أصبح إسم الموصل في أيام الإمبراطورية الميدية (نودشير)، نسبة الى إسم مؤسسها وأنّ أول من أطلق اسم الموصل على هذه المدينة هو (راوند بيوراسف).
8. القائد اليوناني (كزينفون Xenophon‏) (430 – 354 قبل الميلاد)، في كتابه (أناباس) (رحلة العشرة آلاف مقاتل)، كان قد مرّ بمدينة الموصل أثناء رجوعه من (بابل) إلى (اليونان)، ذكر إسم (الموصل) "موسيلا" و ذكر وجود الكورد (كردوخ) في منطقة الموصل، و صعوبة اجتيازه لِبلدهم، بسبب محاربتهم له، و تكبيد جيشه العديد من القتلى والجرحى، ولم يذكر (كزينفون) في كتابه، أيّ وجودٍ للعرب والآشوريين وغيرهم، بإستثناء الكورد في منطقة الموصل و في العراق، وذكر أن جيشاً يونانياً أتى من جهة بغداد وعبر الزاب الأكبر عن بُعد بضع كيلومترات من ملتقى الزاب بِنهر دجلة ثم توجّه الى شواطئ دجلة، حيث وجد مدينة عظيمة تُدعى (لاريسا) وقريباً منها هرم جسيم .... ثم مشى اليونانيون من (لاريسا) مسافة ستة فراسخ (30 كيلومتر تقريباً) في يوم واحد، فبلغوا قلعة جسيمة متهدمة قريبة من مدينة تُسمى (موسيلا) (مدينة الموصل الحالية)، كان الميديون يسكنونها.
9. كان الرحّالة الإيطالي (ماركو پولو Marco Polo) من بين أوائل وأشهر الرحّالة الأوروپيين الذين تجوّلوا في آسيا خلال العصور الوسطى، ودامت جولاته لمدة (24) سنة على طريق الحرير، فوصل إلى الصين ثم منغوليا، حيث أصبح من المُقرّبين للزعيم المنغولي (كوبلاي خان Kublai Khan). تم سرد قصة رحلة پولو في كتاب المليون (Il Milione)، الذي يُطلَق عليه عادةً إسم “رحلات ماركو پولو”. يذكر الرحالة الإيطالي (ماركو پولو) في كتابه المذكور والذي كان قد مرّ بمدينة الموصل في سنة (1280) ميلادية ما يلي: (إذا خرج المرء خارج أسوار الموصل، لَوجد قبائل قوية المراس تعيش في حالة البداوة وعلى السلب والرعي تُسمى الكورد).
مهدي كاكائي


المصدر: مواقع ألكترونية