في رواية " ذكريات من منزل الأموات"
يحدثنا دوستويفسكي عن حالة نفسية غريبة لاحظها لدى السجناء أثناء مكوثه معهم فترة سجنه .
و هي حالة يبدوا أن دوستويفسكي اقتنع تمام الاقتناع أنها في السجناء و في غيرهم ، نظرا لاعترافه أن من هم خارج أسوار السجن ليس شرطا أن يكونوا أفضل ممن هم بداخله.
و هذه الحالة هي :
ملاحظته أن بعض السجناء قد يفتعلون الشجار عمدا ، ليس لعدائية فيهم ، و لا لأن الموقف يستحق الشجار أساساً
و لكنهم يتشاجرون لما ينتج بعد الشجار : قيام كثير من الأشخاص بمحاولة تهدئتهم و الحدیث معهم و ملاطفتهم و لو بكلمة لينهوا المشاجرة .
في تلك اللحظات يجد هؤلاء الأشخاص قيمة لذواتهم ، و كلمة ترفع من قدرهم فيكون لذلك بالغ الأثر في نفوسهم,
هم ليسوا أشرارا كما بتصورهم الكثير من الناس ، هم عطشی اهتمام بهم ، و متلهفون لأي كلمة ترفع من قدرهم ، و يموتون شوقا لفرصة تجعل الناس يخاطبونهم بشيء من الإحترام !
و هنا ، يستنتج دوستويفسكي أن أسوأ المجرمين يمكن أن يعود ليصبح إنسانا سوياً إذا ما وجد من يستوعبه ، ، من يقدره ، و يحترمه كإنسان !
الجميل في الرواية أن دوستويفسكي كتبها عن فترة سجنه ، و بدلا من أن تكون مذكرات شخصية له ، فقد تحولت لما يشبه بالتحليل النفسي لكل من صادفهم.
المصدر : مواقع إلكترونية