القرامطة و جرائمهم في جزيرة العرب و شمال افريقيا
من هم القرامطة
القرامطة حركة باطنية هدامة تنتسب إلى شخص اسمه حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه . وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية
عقائد القرامطة
أهمها :
ـ يعتقدون في أن العقل قد فاض وظهر عنه النفس الكلية وبواسطة العقل والنفس وحدث جميع المخلوقات فإله قد يطلق على العقل أو النفس ـ ينكرون وجود الأنبياء وهذا ثابت من كلامهم ورسائلهم .
ـ أنكروا الجنة والنار واعتقدوا في التناسخ وأنكروا يوم القيام.
ـ أسقطوا الشرائع كلها فلا صلاة ولا صيام ولا حج ولا يعتبرونه من شعائر الجاهلية .
ـ يعتقدون ألوهية أئمتهم وأن روح الله تعالى الله عما يقولون تحل في أجسادهم وتنتقل من جسد لآخر من أئمتهم .
ـ فرض حمدان قرمط على كل من الرجال والنساء درهمًا أسماه [الفطرة] ثم فرض [الهجرة] وهي دينار على كل شخص بالغ ثم فر عليهم [البلغة] وهي سبعة دنانير فكان كل من أدى سبعة دنانير أطعمه شيئًا حلوًا لذيذًا في قدر البندقة .
ـ يدين القرامطة بإباحة المحرمات خاصة الفروج فقد فرض عليهم [حمدان قرمط] أمرين في غاية الشناعة هما :
الأول : وهو [الألفة] وهو اجتماع النساء والرجال في ليلة معينة ويطفئ السراج ويأمرهم بالجماع فيقع الرجل على أي امرأة أمامه حتى ولو أمه أو أخته .
الثاني : وهو [التشريق] وهو أن المؤمن في عقيدتهم لا يكمل إيمانه إلا إذا رضي بالتشريق وهو أن يدخل الرجل إلى حليلة جاره فيطأها وزوجها حاضر ينظر إليه ثم يخرج فيبصق في وجهه ويصفح قفاه ويقول له [تصبر] فإذا صبر عُد كامل الإيمان وسمي من [الصابرة] وقد أباحوا اللواط أيضًا وأوجبوا قتل الغلام الذي يمتنع على من يريد الفجور به .
لقد أخذت القرامطة على عاتقها تنفيذ الأحلام التي كانت تحلم بها الإسماعيلية والباطنية والعبيدية وهي إيجاد مجتمع يعتبر الدين خرافة والثواب والعقاب والمعاد أمورًا لا تصدق ويرى في اللذة والإباحية والملجأ الوحيد له، ويرى القرامطة استباحة دماء وأموال كل المسلمين خاصة أهل السنة، ويرون حتمية إقامة دولة للباطنية عن طريق الكفاح المسلح لذلك نستطيع أن نقول أن القرامطة خاصة قرامطة البحرين يعتبرون الجناح العسكري للحركة الباطنية .
جيش القرامطة:
إتبعت قبائل الجزيرة العربية دعوة القرامطة، مثل بني هلال وبنو سليم وبنو معقل، وبنو كلب وفزارة وأشجع وغيرهم، وكانوا هم عماد جيش القرامطة الذي غزو به أنحاء الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر.
مذبحة الحرم وسرقة الحجر
مر بنا أثناء سرد عقائد القرامطة أنهم كانوا يجحدون شعائر الإسلام كلها خصوصًا شعائر الحج والتي قالوا عنه أنها شعائر جاهلية وثنية لذلك فلقد عملوا دائمًا على قطع طريق حجاج العراق، وفتكوا عدة مرات بركب الحجيج، وكانوا يخططون لهدف أعلى إلا وهو تحويل الناس من التوجه للكعبة بمكة إلى بيت بمدينة [هجر] بناه أبو سعيد الجنابي، ودعى الناس للحج إلهي بدلاً من الكعبة، ولما رأى أن الناس لا يستجيبون لكفره وضلاله احتار في أمره فجاءه إبليس لعنه الله وتمثل له في صورة ناصح أمين وقال له [إن الناس لن يأتوا إلى بيت هجر إلا إذا كان به [الحجر الأسود] الموجود بالكعبة، ولابد من سرقة هذا الهجر، فشرع أبو عبيد في خطت ولكنه اصطدم بقوة أوضاع الخليفة العباسي وقتها، وظل هكذا حتى مات وجاء من بعده ولده أبو طاهر، وكان صاحب شخصية شريرة حاقدة في قمة الشجاعة والجراءة .
حدث أن وقع انقلاب على الخليفة العباسي المقتدر بالله عن طريق قائد جيشه ووزيره وعزلوه من منصبه وعينوا أخاه القاهر مكانه وحدثت اضطرابات شديدة بالأمصار الإسلامية، واستغل أبو طاهر هذا الفساد الواقع بين المسلمين لتنفيذ خطته الشريرة في سرقة الحجر الأسود .
مذبحة ثم سرقة
خرج ركب الحجاج من كل مكان فوصلوا إلى مكة سالمين واجتمعوا كلهم في يوم التروية وهم لا يدرون بما هو مقدور لهم، حيث كان القرمطي الكافر و اتباعه من القبائل العربية القرمطية في انتظارهم فهجموا عليهم في يوم 8 ذي الحجة سنة 317 هـ فانتهبوا أموالهم واستباحوا دماءهم وقتلوا في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الحرم والكعبة أكثر من ثلاثين ألفًا من المسلمين والمجرم الكافر أبو طاهر جالس على باب الكعبة والرقاب تتطاير من حوله في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم من أشرف الأيام يوم التروية والكافر ينشد :
أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
والناس يفرون ويتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئًا بل يقتلون وهم كذلك.
فلم قضى الكافر المجرم فعلته الشنيعة بالحجاج أمر بأن تدفن القتلى في بئر زمزم ودفن كثيرًا منهم في أماكنهم في المسجد الحرام، ويا حبذا تلك القتلة، وذلك المدفن والقبر، وهدم قبة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها وشققها بين أصحابه، وأمر رجلاً أن يصعد على ميزاب الكعبة يقلعه فسقط على أم رأسه فمات في الحال، ثم أمر بعد ذلك بقلع الحجر الأسود فجاءه رجل فضربه بسلاحه، وهو يقول أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود، وأخذوه إلى بلادهم وخرجوا وهم يقولون :
فلو كان هذا البيت لله ربنا لصب علينا النار من فوقنا صبًا
لأنا حججنا حجة جاهلية محللة لم تبق شرقًا ولا غربًا
وإنا تركنا بين زمزم والصفا جنائز لا تبغي سوى ربها ربًا
حاول أمير مكة هو وأهل بيته وجنده أن يمنع القرامطة من أخذ الحجر الأسود وعرض عليه جميع ماله ليرد الحجر فأبى القرمطي اللعين فقاتله أمير مكة فقتله القرمطي وقتل أكثر أهل بيته، ولم يستطع أحد أن يمنع تلك المجزرة البشعة ولا السرقة الشنيعة .
ظل الحجر الأسود موجودًا عند القرامطة بمدينة [هجر] طيلة اثني وعشرين سنة بعدها امر الحاكم الفاطمي باعادته فاعادوه.
القرامطة في شمال افريقيا
استقرت القبائل القرمطية في مصر مثل بني هلال و بني سليم و المعقل و اشجع و فزارة و غيرها فعاثوا هناك فسادا .
وعندما تخلى المعز ابن باديس الصنهاجي عن المذهب الشيعي و امر باعتناق المذهب السني استنكر الفاطميون في مصر تصرفه و قرروا ارسال القبائل العربية القرمطية الى افريقية و المغرب لمعاقبة المعز و بذلك يكونون قد ارتاحوا من شرهم و في نفس الوقت قد عاقبوا دولة المعز بن باديس الصنهاجي فارسلوا قبيلة بني هلال القرمطية رفقة بعض الاحياء من القبائل الاخرى الى افريقية و عاثوا فيها فسادا و خربوا مدينة القيروان و نهبوها الى ان جاء ت دولة الموحدين التي قضت على هؤلاء القرامطة و جعلت بقاياهم تحت طاعتها .