كيف تتعاملين مع الغيرة بين الأبناء؟


كيف تتعاملين مع الغيرة بين الأبناء؟ Body_3545937_0


في معظم البيوت يشكو الأهل من عنف وسوء تصرف أحد الأطفال مع أخيه الأصغر أو العكس، ويرجعون ذلك في أغلب الأحوال إلى الغيرة بين الإخوان حتى يبدو للكثيرين منا أن اختفاء الغيرة وما يترتب عليها بين الإخوة أمر مستحيل مهما حاولنا ومهما فعلنا.
خبراء الطب النفسي للأطفال يؤكدون أن الغيرة بين الإخوة شعور شائع، ولكن للأسف أغلب الأسر تتعامل معه بالتجاهل بدلاً من معالجته رغم تأثيره السام في الحياة الأسرية إذا ما تم تجاهله أو التعامل معه بشكل خطأ، لنجد أنفسنا لم نخرج من هذه الحياة بأسرة وأبناء بل تحولوا بمرور الوقت إلى «الإخوة الأعداء». وأحياناً يلعب الآباء دوراً كبيراً في تأجيج الغيرة بين أولادهم وبناتهم دون أن يشعروا فيفسدون حياتهم.
طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول مشكلة الغيرة بين الإخوة وسألت خبراء الطب النفسي عن أسباب مشاعر الغيرة بين الأبناء وكيفية التخلص منها وكيف نحول الغيرة بين الإخوة لوسيلة بناءة:
كل طفل يحب أن يسمع عن مواطن القوة لديه فإذا كان طفلك ضعيفاً و قدراته الأكاديمية أقل من أخيه فاكتشفوا له مهارة أخرى يكتشف نفسه فيها



كيف تقلل من آثار الغيرة بين الاخوة بمرحلة الطفولة؟

في البداية يؤكد الدكتور جمال شفيق، أستاذ علم النفس الإكلينيكي ورئيس قسم الدراسات النفسية للأطفال بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس بالقاهرة، أن حب الإخوة لبعضهم البعض فطرة ولكن يمكن بسهولة أن تتعرض للتشويه بسبب بعض الأخطاء التربوية مثل التفرقة بين الإخوة وتفضيل أحدهم على الآخر، الولد على البنت أو العكس، الصغير على الكبير أو العكس، سواء بالمعاملة أو بمنح امتيازات إضافية أو باهتمام وحب واضح أكثر والقسوة والتسلط في المعاملة.
ويقول «دائماً ما أحذر الآباء والأمهات من خلق بيئة تنافسية بين الأبناء بدلاً من خلق جو تعاوني بينهم، مع عدم مراعاة الفروق الفردية بينهم، وهذا الأمر يزيد من روح الحسد والمشاعر السلبية بينهم. كما أن الكثير من الآباء والأمهات يزيد من شعور الطفل الإحساس بالدونية وعدم الثقة بالنفس وأنه مختلف بسبب شكله أو جسمه أو مستواه الدراسي أو نمط شخصيته، وكل ذلك يخلق في الطفل عداء تجاه إخوته والمحيطين به من الأقارب والأصدقاء، ويشعر بالعجز أن يكون مثلهم».
ويطالب الدكتور جمال شفيق الأبوين بأن يقوموا بقراءة نفسية الأبناء كمحاولة لفهم دواخلهم ومعرفة احتياجاتهم وردود أفعالهم، ويبين أن هذا الأمر يتطلب جهداً ودراية خاصة لترجمة المحبة والشعور الداخلي إلى سلوكيات وتصرفات، وفي حالة عدم القدرة على ذلك فلا بأس أن يتصنعا ذلك لإبداء المحبة لجميع الأبناء، ومن المؤكد أن يرتاح الأبناء لهذه البادرة لتطفو على السطح إيجابياتها ولو كانت بسيطة.
ويحذر الدكتور شفيق الأبوين من المقارنات بين الأخوة، سواء في حضور الطفل أو غيابه، فهذا الأمر يثبط همة الأبناء ويربي العداوة والبغضاء في قلوبهم وعدم الثقة في النفس، ويوضح «يجب تعليم الطفل المشاركة مع من حوله وتبادل المشاعر معهم، فهذا يساعده على إزالة أي نوع من انعدام الأمان عاجلاً أم آجلاً، كما أن كل طفل يحب أن يسمع عن مواطن القوة لديه فإذا كان طفلك ضعيفاً و قدراته الأكاديمية أقل من أخيه فاكتشفوا له مهارة أخرى يكتشف نفسه فيها كالرياضة أو هواية كرسم وموسيقى، ولا تعاقبوا أحداً منهم بسبب الآخر فهذا يزيد العنف والغضب منه تجاه أخيه».
ويلفت أستاذ نفسية الأطفال إلى أنه يجب على الأبوين أن يراعوا عدم معاقبة طفلهما على سلوك خطأ ويتجاهلون نفس السلوك من أخيه، فأول مشاعر تنتاب الطفل وقتها «لماذا ضربوني أو عاقبوني وهو لا» وسيخلق هذا الأمر ضغينة في نفسيته تجاه أخيه.
الأسر التي فيها تمييز هي الأكثر عرضة للانحراف والإجرام وكافة السلوكيات غير السوية



كيفية التعامل مع الطفل الغيور؟

ومن جانبها ترى الدكتورة ياسمين محمد المهدي، استشاري التربية الإيجابية وتعديل السلوك بالقاهرة، أنه الأفضل للأبوين ألا يسلطا الضوء على مشكلة الغيرة بين الإخوة والأخوات ويتحدثان عنها بشكل معلن ومستمر مع الأبناء، وتقول «من الأفضل للأبوين استثمار هذه الغيرة في توليد المنافسة الإيجابية للوصول إلى الأفضل، على ألا تصل المنافسة لمستوى الصراع وبدون مقارنة الإخوة ببعضهم البعض واحترام قدراتهم جميعاً».
وتشير الدكتورة ياسمين المهدي أنه في بعض الأحيان قد يوجه الآباء المزيد من الاهتمام للطفل على أساس ترتيب الميلاد فيتملك الأخ أو الأخت الكبرى مشاعر الغيرة من المولود الجديد خاصة عندما يرون الأبوين يفرطون في الحب والرعاية للمولود الجديد، وهنا يتحول سلوك الطفل في كثير من الأحوال إلى غيور وحقود من أعماقه وهذا يدل على أن هناك مشاعر معينة أو قلقاً وراء مثل هذا السلوك فيجب أن نستمع جيداً إلى الطفل ومعرفة أسباب قلقه ومحاولة احتوائه والتأكيد أن الحب واحد وأنهم جميعاً أفراد في أسرة واحدة يجمعهم الحب.
كما تلفت الدكتورة ياسمين المهدي إلى أن كل الأطفال معرضون للمعاناة من مشاعر مختلطة تجاه إخوانهم، فهم يشعرون بغضب منهم وبغيرة وحزن أحياناً لأنهم فقدوا حبك واهتمامك وفي ذات الوقت يحبونهم لأنهم ما زالوا إخواناً، لكن ما يهم في الأمر هو أن تعرف أن طفلك عبر عن كلامه بحرية عن هذه المشاعر فهو لن يحتاج لأن يعبر عنها بتصرفات سيئة ومزعجة.
والعكس صحيح أيضاً، فكلما حاول أن يخفي مشاعره ولم يتلق مساعدة للتعبير عنها سنجدها تظهر على شكل عدوانية وعناد ومقاومة وكثرة بكاء وتعلق شديد، لذلك يجب عدم تجاهل مشاعر الطفل التي نراها ولا نتعامل معها على أنها ستزول وحدها، والمهم أيضاً ألا نقاوم أو نرفض شعوره بل نتناقش معه ونحتويه ونحاول دائماً التقريب بينهم.














https://www.kulalusra.ae/better-life/family/2021/07/03/3545937?fbclid=IwAR2bPowG_EVAYigCWuSALK-ltQjNJxH641J6zvbNasScOukMO1oxMUOcsss