لماذا تصاب الإناث بالاكتئاب أكثر من الذكور؟
يرتفع معدل التعاسة عند الفتيات بعد قضاء أكثر من 30 دقيقة على السوشيال ميديا
ليس من باب المبالغة القول بأن الاكتئاب أزمة العصر الحديث، وكابوس الإنسان المعاصر، في ظل ازدياد معدلات الإصابة به بشكل مهول، خاصة بين المراهقين، الذين هم أكثر الفئات عرضة للإصابة به وبمشاكل الصحة النفسية والعقلية عمومًا.
ومنذ عام 2010، شهد العالم ارتفاعًا كبيرًا في معدلات الاكتئاب، والاكتئاب الشديد لدرجة إيذاء النفس والانتحار أحيانًا. وظهر ارتفاع المعدلات بين المراهقات الإناث أكثر من المراهقين الذكور، إذ قفزت نسبة الإصابة بالاكتئاب بين المراهقات في الولايات المتحدة الأمريكية من 12% إلى 20% خلال الفترة ما بين عامي 2011 و2017.
وفي عام 2015 تضاعفت نسبة الفتيات، في الفترة العمرية ما بين 10 و14 سنة، اللواتي نُقلن إلى الطوارئ بسبب إقدامهن على إيذاء أنفسهن، بمعدل ثلاث مرات مقارنة بالنسبة المسجلة في 2010. كما تضاعفت نسبة الانتحار بين الفتيات في سن البلوغ منذ عام 2007.
سوشيال ميديا واكتئاب أكثر
وبالتدقيق في هذه الإحصائيات، يُلاحظ أن ارتفاع معدلات الإصابة بالاكتئاب والانتحار، ترافقت مع زيادة انتشار استخدام الإنترنت مواقع التواصل الاجتماعي، ما قد يكون مؤشرًا على احتمالية لعب السوشيال ميديا، دورًا في تراجع الصحة النفسية، خصوصًا بين المراهقين
ثمة ارتباط مباشر بين الاستخدام المكثف للسوشيال ميديا وبين الاكتئاب
ويعد مواليد منتصف التسعينات، هم الجيل الذي ترافقت فترة بلوغه مع هيمنة الوسائط الرقمية، وهم أيضًا الجيل الذي أصبح الإنترنت جزء لا يتجزأ من حياته، وهم كذلك الجيل الذي يعرف معدلات متفاقمة من الإصابة بالاكتئاب.
لكن، بما أن استخدام الإنترنت ليس حكرًا على الإناث فقط، فالذكور أيضًا، ومن نفس الفئة العمرية، يشاركونهن استخدامه؛ فلماذا ترتفع معدلات الإصابة بالاكتئاب بين المراهقات الإناث بشكل ملحوظ؟
الضحايا من الفتيات أكثر من الأولاد
وجد الباحثون أن السبب يرجع إلى اختلاف طريقة تمضية الوقت في استخدام الوسائط الرقمية، فالذكور مثلًا يستخدمون هواتفهم الذكيّة والإنترنت، في أغلب الأحيان، بغرض ممارسة الألعاب الإلكترونية، بينما تمضي الفتيات أغلب أوقاتهنّ في تصفح مواقع التواصل الاجتماعيّ وتبادل الرسائل النصيّة.
وغالبًا ما يتضمن اللعب تواصلًا بشريًا، إما عن طريق التحدّث صوتًا أو حتى التواصل المباشر في حال التواجد في نفس الحيز المكاني. في المقابل، غالبًا ما تفتقر وسائل التواصل الاجتماعيّ إلى هذه الميزة، حيث يتم التواصل فيها عبر الرسائل النصيّة والصور.
سببٌ آخر بسيط جدًا قد يكون خلف تزايد معدّلات اكتئاب الفتيات المرتبط بوسائل التواصل الاجتماعيّ، وهو انتظار الردود على الرسائل النصيّة، إذ يعتقد الباحثون أنَّ الفترة التي تعقب إرسال الرسالة، قد تحفّز مشاعر القلق لدى المُرسل.
ومن الأسباب المحوريّة الأُخرى التي تؤدي إلى هذا الأمر، هو التسلسل الهرمي الاجتماعي الذي يُبنى على أُسس تفاعل الجماهير مع منشورات الشخص، فالمكانة الاجتماعيّة الإلكترونيّة أصبحت تُبنى على حجم التفاعل مع ما ينشره الشخص، ما خلق هاجسًا إضافيًا للقلق حياله. وبالطبع هناك تلك المقارنات التي يقوم بها الشخص بين حياته الواقعيّة وبين ما ينشره الآخرون عن حياتهم.
وبعد الرجوع إلى إحدى الإحصائيات، تبيّن أنَّ معدل عدم السعادة وعدم الرضا يرتفع عند الفتيات بعد قضاء وقت يزيد عن 30 دقيقة في تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي، بنسبةٍ تفوق تلك الموجودة عند الأولاد، ما هو السبب في ذلك؟
يترفع معدل التعاسة وعدم الرضا عند الفتيات بعد قضاء 30 دقيقة أو أكثر على السوشيال ميديا
يُرجع الباحثون هذا الأمر إلى المعايير الاجتماعيّة المتعلقة بالجنس، فالإناث عامةً يواجهن ضغوطات مجتمعيّة أكبر حول مظهرهن، من تلك التي يواجهها الذكور. ولهذا السبب تزداد نسبة تعاسة الفتيات بعد تصفّح هذه المواقع بسبب معايير الجمال التي تفرضها النماذج الرائجة هناك، ما يؤدي إلى تراجع الثقة بالنفس، وبالتالي ظهور مشاكل عدم الرضا والتعاسة.
وبالطبع هناك العوامل البيولوجيّة التي تجعل الإناث أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب بمعدل أعلى بمرتين من الذكور، خاصةً في فترة المراهقة التي تعرف تغيّرات هرمونية كثيرة خلالها.
لا سوشيال ميديا قبل الـ13
يُمكن تجنّب تفاقم المشاكل النفسيّة التي يختبرها الأشخاص في مرحلة المراهقة، وذلك من خلال التدخل الإيجابي للآباء، ومحاولتهم تقليل الأسباب التي قد تلعب دورًا في تراجع الحالة النفسيّة، مثل الأثر السلبيّ لمواقع التواصل الاجتماعيّ.
وفي هذا الصدد ينصح الباحثون، الآباءَ، بإلزام أبنائهم بعدم امتلاك حسابات على السوشيال ميديا قبل بلوغهم عامهم الـ13، بالإضافة لتشجيعهم على اكتشاف المواهب وممارسة الهوايات التي من شأنها إشغال وقتهم، ما سيقلل من الوقت الذي يمضونه أمام شاشات هواتفهم.
https://www.ultrasawt.com/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%A7%D8%AB-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%A6%D8%A7%D8%A8-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D9%88%D8%B1%D8%9F/%D8%B3%D9%87%D9%89-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%B2%D9%86%D9%8A%D9%85%D8%A9/%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D8%B9%D8%B4%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A7%D8%AA