في عصر الوجبات السريعة والألعاب وتزايد معدلات استخدام الميديا، بات كثير من الأطفال يعانون من مشكلة البدانة بسبب اتباعهم لنظام غذائي غير صحي وقلة ممارستهم الأنشطة البدنية.

ورغم صعوبة سيطرة الآباء على هذه العوامل في خضم الحياة المعاصرة فإنه يتعين عليهم بذل مجهودات جادة لمواجهة بدانة أطفالهم بوقت مبكر، وإلا فستترتب عليها عواقب وخيمة في الطفولة وفي الكبر, حسبما يحذر الأطباء والخبراء.

وفي هذا السياق, جاء تحذير خبيرة التغذية زيلكه ريستماير من الجمعية الألمانية للتغذية (DGE) بمدينة بون، من خطورة بدانة الأطفال بقولها "الطفل البدين يمكن أن يصبح شخصاً بدينا أيضا عندما يكبر".

ونظراً لأنه من الصعب على الآباء تحديد مدى توافق وزن طفلهم مع طوله وإذا ما كان معدل زيادة وزنه طبيعياً من خلال النظر إليه، فقد أوصت ريستماير الآباء بضرورة استشارة طبيب أطفال مختص, حيث يمكن للأطباء التحقق مما إذا كان وزن الطفل طبيعياً أم لا من خلال القيم المرجعية التي يستندون إليها.
كما يمكنهم أيضاً إخضاع الطفل للفحص الطبي من أجل التحقق مما إذا كان سبب بدانته يعزى إلى اضطراب في عملية التمثيل الغذائي مثلاً أو اضطراب في الهرمونات.

"
علماء النفس لا يرجعون سبب بدانة الأطفال إلى الأطعمة التي يتناولونها فحسب، بل إلى الوقت الذي يقضونه أمام الوسائل الإعلامية
"
وإذا تحقق الأطباء بالفعل من إصابة الطفل بمرض السمنة المفرطة، يُمكنهم حينئذٍ إجراء فحوصات طبية للكشف عمّا إذا كانت تتسبب هذه السمنة في إصابته ببعض الأمراض الخطيرة الناتجة عنها، كالسكري مثلاً أم لا.

كتلة الجسم
ولتقييم وزن الطفل بشكل صحيح ينصح راينهارد مان -رئيس قسم التغذية بالمركز الاتحادي للتوعية الصحية (BZgA) بمدينة كولونيا الألمانية- بقياس مؤشر كتلة الجسم (BMI) للطفل، وذلك من خلال قسمة وزن الطفل بالكيلوغرام على مربع طوله بالأمتار.

الالتفات إلى المرحلة العمرية للطفل وكذلك جنسه، عند حساب مؤشر كتلة الجسم لديه, لأنه لا يزال في طور النمو.

أما إذا تبين للآباء من خلال هذا القياس أن طفلهم يعاني من زيادة في الوزن بالنسبة لطوله ومرحلته العمرية, ينصحهم خبير التغذية الألماني حينئذ بالبدء في مراقبته للوصول إلى إجابات محددة للأسئلة التالية "ماذا يأكل طفلنا؟، كيف يتناول طعامه؟، هل يتناول وجبات موحدة في مواعيد منتظمة؟، وما معدل ممارسته للأنشطة البدنية؟". وأشار مان إلى أن اهتمام الآباء بطفلهم في هذا الوقت والبدء في القيام بأية أنشطة معه، يمكن أن يؤثر بالإيجاب على الطفل ويعمل على تحفيزه في تلبية رغباتهم.

وسائل الإعلام
وأشار الخبير الألماني إلى أن علماء النفس لا يرجعون سبب بدانة الأطفال إلى الأطعمة التي يتناولونها فحسب، بل إلى الوقت الذي يقضونه أمام الوسائل الإعلامية أيضا، موضحاً "على الرغم من أن الكثير من الناس يتوقعون أن زيادة وزن الأطفال ترتبط بالضرورة بما يتناولونه من طعام، إلا أن ارتباط الأطفال بوسائل الإعلام يمثل العامل الأهم في زيادة أوزانهم, حيث يوجد ارتباط وثيق بين الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الكمبيوتر أو كونسولات الألعاب أو التلفزيون وبين أوزانهم".

لذا أكد مان على ضرورة ألا تزداد المدة، التي يقضيها الأطفال الأقل من عمر التعليم المدرسي، أمام وسائل الميديا هذه عن نصف ساعة يومياً، بينما يجب ألا تزيد المدة التي يقضيها الآخرون في مرحلة التعليم الأساسي عن ساعة يومياً.

وتشير هنا الطبيبة الألمانية أندريا بيلشتاين, من المركز الاستشاري لأمراض السمنة التابع لمستشفى الأطفال الكاثوليكي "فيلهلمشتفت" بمدينة هامبورغ الألمانية، إلى أن بعض الأسباب الأخرى لإصابة الأطفال بالبدانة، أن الكثير من الآباء لا يعرفون ما هو حجم الوجبة التي تتناسب مع طفلهم.

حجم الوجبة
وأكدت بيلشتاين على ذلك بقولها "تتشابه وجبات الأطفال في وقتنا الحالي مع وجبات البالغين, فالكثير منهم يحصل على نفس الكمية التي يحصل عليها آباؤهم من الطعام". ولا يعني ذلك أن يتجه الآباء لحل مشكلة البدانة التي يواجهها طفلهم عن طريق إخضاعه لحمية غذائية قاسية يحرمون فيها من أطعمة أساسية مهمة لنموهم الجسدي.

لمواجهة بدانة الأطفال ينصح الخبراء الألمان بإتباع برامج علاجية متكاملة تتألف من العلاج الغذائي والعلاج الحركي والعلاج السلوكي، مع الإشارة إلى أن اتباع أي إجراء منهم على حدة لن يؤتي ثماره على الإطلاق
"
ويؤكد خبير التغذية الألماني راينهارد مان على ذلك، بقوله "إذا أصيب الطفل بنقص غذائي خلال مرحلة نموه، سيأكل بعد ذلك أي شيء يُمكنه الحصول عليه، ولن يُمكنه التحكم في نفسه عند تناول الطعام بعد ذلك على الإطلاق".

أما خبيرة التغذية ريستماير فتؤكد على ذلك، بقولها "بالطبع يحتاج الطفل، الذي يعاني من البدانة، إلى كل ما يحتاجه الأطفال الآخرون في نفس مرحلته العمرية، حيث يحتاج إلى كمية محددة من المواد الغذائية والطاقة اللازمين لنموه على نحو جيد".

لكنها أشارت أيضاً إلى أنه يمكن للآباء التحكم في النظام الغذائي للطفل، دون الإضرار به أو التقليل من المواد الأساسية التي يحتاجها، وذلك من خلال تناول الحليب قليل الدسم مثلاً بدلا من الحليب كامل الدسم, واستبدال اللحم الغني بالدهون.

برامج متكاملة
ولمواجهة بدانة الأطفال ينصح الخبراء الألمان بإتباع برامج علاجية متكاملة تتألف من العلاج الغذائي والعلاج الحركي والعلاج السلوكي، مع الإشارة إلى أن اتباع أي إجراء منهم على حدة لن يؤتي ثماره على الإطلاق.

وأكد خبير التغذية الألماني مان على أهمية الناحية التربوية في علاج بدانة الأطفال، قائلاً إن اتباع الآباء لسلوك فظ مع أطفالهم من خلال زيادة الموانع وإلزام الطفل بإتباع نظام غذائي مقيد وإمطارهم دائماً بعبارات من قبيل (أنت بدين للغاية)، غالباً ما يؤدي إلى نتائج عكسية".

وعن كيفية تعامل الآباء بشكل سليم مع أطفالهم البدن، يقول مان "ينبغي أن يشمل الآباء أطفالهم بالعطف والرعاية وتشجيعهم على تعلم كيفية التحكم في أنفسهم عند تناول الطعام، كما أنهم بحاجة إلى أن يُمثل والداهم قدوة لهم في هذا الشأن".

المصدر : الألمانية

نصائح للآباء لمواجهة بدانة الأطفال Aocao210