تحريم كل شيئ جديد
فى عام 1436 تم إختراع المطبعة على يد العالم الألمانى يوهان غوتنبرج ، وكان هذا ثورة كبرى فى مسيرة البشرية ، فلأول مرة فى التاريخ أصبح الكتاب متاحا للجميع ، وبدأ عصر جديد من العلم وإنتشار المعرفة ، وخرجت أوروبا من الظلمات إلى النور .. فماذا كان موقف الأزهر من هذا كله؟ .. من المؤسف أن الأزهر قد وقف ضد المطبعة ، وقاومها بشراسة وكأنها رجس من عمل الشيطان !!، وأصدر مشايخ الأزهر فتوى عام 1515 بتحريم الطباعة جاء فيها:-- "رسالة تحذير من الكتب المطبوعة وبيان أنها تسبب تقليل الهمم وهدم حفظ العلم ونسيانه"!! ..
وقد تسبب هذا الموقف فى تأخر دخول المطبعة العالم الإسلامى قرنين ونصف من الزمان !! كانت أوروبا خلالها قد تقدمت كثيراً وخرجت من الظلمات إلى النور ، بينما استمر العالم الإسلامى سابحا فى بحار الجهل والخرافات ، واتسعت الهوة بين الشعوب الاسلامية والغرب أكثر فأكثر !!
والغريب أن أول نسخة مطبوعة من القرآن فى العالم ظهرت أوروبا وتحديدا فى مدينة البندقية بإيطاليا عام 1538 .. وفى عام 1694 ظهرت الطبعة الثانية من القرآن فى أوروبا أيضاً فى مدينة هامبورج بألمانيا .. والأعجب من هذا كله أن هذه الطبعات لم تصل للمسلمين بسبب أن شيوخ الأزهر حرموا دخولها للبلاد الإسلامية !!
وعندما تولى محمد على الحكم حاول طباعة القرآن ، ولكن شيوخ الأزهر تصدوا له وأصدروا فتوى عام 1819 قالوا فيها:-- "أن مواد الطباعة نجسة ، وحرام أن يتم ضغط آيات الله بالآلات الحديدية ، وأن طباعة المصحف حرام ، ومن يطبعه كافر وعقوبته القتل"!! .. ولكن محمد علي كان حازماً صارما فخاف الشيوخ وتراجعوا مرغمين ، وفى عام 1832 صدر بالفعل أول مصحف مصرى مطبوع فى مطبعة بولاق ممهورا بخاتم مفتى الديار المصرية الشيخ التميمى..
ولكن بعد وفاة محمد على إنتهز مشايخ الأزهر الفرصة ، واستطاعوا إقناع الخديو عباس حلمى الأول بمصادرة المصاحف التي صدرت في عهد محمد علي.. وبالفعل أصدر الخديو عام 1853 منشورا بجمع كل المصاحف المطبوعة وإعدامها !! وأيضا تحريم طبع وتداول أى مصاحف جديدة ومعاقبة من يخالف ذلك !!
وبعد 124 عاما جاءت مواجهة أخرى بين مشايخ الأزهر والوصى على عرش مصر "البرنس محمد علي" بعد وفاة عمة الملك فؤاد .. فقد إستمع الوصى على العرش للشيخ محمد رفعت يتلو آيات من القرآن فأعجب بصوته وأطلق عليه إسم "قيثارة السماء" ، وقرر أن تبدأ الإذاعة المصرية بثها بآيات من كتاب الله بصوت محمد رفعت ، وأن يكون هذا تقليداً ثابتاً فى الإذاعة.. ولكن مشايخ الأزهر إعترضوا وأفتوا بأن :-- " هذا حرام وأن كلام الله وقار نزل من السماء ولايليق بمقامه أن يذاع إلى جانب الأغاني الخليعة ، ولايجوز أن يتلى كلام الله فى المقاهى والحانات وصالات القمار"!!.. ونجح المشايخ في فرض رأيهم ، وتم بالفعل منع إذاعة القرآن في الإذاعة.. وظل المنع ساريا حتى عام 1943 !!
وختاماً أهدى هذا البوست لهؤلاء الذين إندهشوا من فتوى لجنة الفتوى بالأزهر بشأن كلية الخنزير ، وأقول لهم لاتندهشوا ، فتاريخ الأزهر مليئ بمئات من فتاوى شاذة ماأنزل الله بها من سلطان ، وتندرج تحت باب العجائب و الغرائب والطرائف !!