القطط في العصر القديم
الرأي الأكثر شيوعا أنه تم تدجين القطط لأول مرة في مصر قبل ٤٠٠٠ عام، لكن تاريخها بين البشر يرجع إلى أبعد من ذلك بكثير. بات معروفا الآن أن القطط البرية قد عاشت بين أهالي بلاد الرافدين لأكثر من ١٠٠٠٠٠ عام وأنه تم تدجينها هناك في نفس الوقت مع الكلاب والأغنام والماعز بحوالي ١٢٠٠٠ عام قبل الميلاد. قدمت الحفريات الأثرية في السنوات العشر الماضية دليلاً على أن القط البري في الشرق الأدنى هو أقرب صلة للقطط المحلية الحديثة وقد تم تربيته من قبل مزارعي بلاد الرافدين على الأرجح كوسيلة لمكافحة الآفات مثل الفئران التي غزت مخازن الحبوب.
ذكر الكاتب ديفيد ديربيشاير مشروع بحثي في القرن الواحد والعشرون ٢٠٠٧ حيث "استخدمت الدراسة عينات الحمض النووي من ٩٧٩ قططًا برية وأليفة لرسم شجرة عائلة القطط معًا. نقب الباحثون عن دلالات في الحمض النووي للحُبَيبَات الخَيطِيَّة: وهو نوع من المواد الجينية التي تتوارثها القطط الصغيرة من الأمهات والتي تمكن من اكتشاف أكثر صلة وثيقة بين سلالات القطط البرية والأليفة. قاد هذا المشروع الدكتور أندرو كيتشنر العالم الحيواني بالمتاحف الوطنية في اسكتلندا حيث كتب: "هذا يوضح أن منشأ القطط الأليفة لم يكن مصر القديمة؛ ولكن بلاد الرافدين وذلك أقدم بكثير مما كان يعتقد وهو الرأي الغالب. عاش آخر جد مشترك للقطط البرية والقطط الأليفة منذ أكثر من ١٠٠٠٠٠ عام” (ديربيشاير).
استندت نتائج الدكتور كيتشنر على أدلة تدجين القطط المقدمة من الاكتشاف الذي كان في القرن العشرون ١٩٨٣ حيث كان هذا الاكتشاف عبارة عن هيكل عظمي في مقبرة قط يعود تاريخه إلى ٩٥٠٠ عام قبل الميلاد في جزيرة قبرص. كان هذا الاكتشاف الذي أجراه عالم الآثار ألين لي برون مُهِمًّا لأن قبرص لم يكن يسكن بها قطط بلدية في ذلك الوقت ومن الاحتمالات البعيدة أن يكون المستوطنون قد جلبوا قطًا بريًا بالقارب إلى الجزيرة.
باستيستس و سخمت
القطط في مصر القديمة
بينما ارتبط القط مع مصر القديمة فيمكن فهم أن الثقافة المصرية كانت تشتهر بولائها للقطط. تم حظر تصدير القطط من مصر بشكل صارم لدرجة أنه تم تشكيل فرع للحكومة خصيصا للتعامل مع هذه القضية. حيث تم إرسال موظفين حكوميين إلى أراض أخرى للعثور على القطط التي تم تهريبها إلى الخارج وإعادتها. ومن المقرر بوضوح أنه بحلول العقد السادس من القرن الخامس قبل الميلاد ٤٥٠ كان الموت عقوبة من يقتل قط في مصر (على الرغم من أن هذا القانون قد تم الالتزام به قبل ذلك بكثير). كانت الإلهة باستيت: التي تُصَوَّر عادة على أنها قطة أو امرأة برأس قطة من بين الآلهة الأكثر شهرة في آلهة المعبودات المصرية. كانت حارسة الموقد والمنزل حامية أسرار المرأة حارسة ضد الأرواح الشريرة والمرض وإلهة القطط.
كان مركز طقوسها هو مدينة بوباستيت المعروفة الان باسم تل بسطه ("بيت باستيت") وفقًا لهيرودوت في المده الممتدة من العقد الثالث الى العقد التاسع خلال القرن الخامس قبل الميلاد ٤٢٥-٤٨٤، قد تم بناء مجمع معبد ضخم على شرفها في وسط المدينة. ربط هيرودوت أيضًا: إن المصريين اهتموا كثيرًا بقططهم لدرجة أنهم وضعوا سلامتهم فوق حياة الإنسان والممتلكات. عندما تشتعل النيران في المنزل كان المصريون يهتمون بإنقاذ القطط أكثر من أي شيء آخر وغالبًا ما يركضون عائدين إلى المبنى المحترق أو يشكلون محيطًا حول النيران لإبقاء القطط على مسافة آمنة.
عندما مات قط كتب هيرودوت "يحلق جميع سكان المنزل حواجبهم [كعلامة على الأسى الشديد]. يتم نقل القطط التي ماتت إلى تل بسطه حيث يتم تحنيطها ودفنها في أوعية مقدسة "(ناردو ١١٧). تنتهي فترة الحداد عندما ينمو حواجب سكان المنزل. تم العثور على القطط المحنطة في تل بسطه وأماكن أخرى في جميع أنحاء مصر مدفونة في بعض الأحيان مع أصحابها أو بالقرب منهم كما يتضح من تحديد الأختام على المومياوات.
ومع ذلك فإن أعظم مثال على الولاء المصري للقط يأتي من معركة الفرما (في العقد الثالث من القرن السادس ٥٢٥ قبل الميلاد) التي هزم فيها قمبيز الثاني من بلاد فارس قوات الفرعون المصري بسماتيك الثالث لاحتلال مصر. قام قمبيز بتجميع رجاله للحيوانات المختلفة ومن بينها القطط بشكل رئيسي ودفع الحيوانات نحو قوات الغزو باتجاه مدينة الفرما المحصنة على النيل حيث كان قمبيز آنذاك مدركا بحب المصري للقطط.
رسم الجنود الفارسيون صوراً للقطط على دروعهم وربما كانوا يمسكون بالقطط بين أذرعهم وهم يسيرون خلف جدار الحيوانات. تردد المصريون حينئذ في الدفاع عن أنفسهم خوفًا من إيذاء القطط (وربما يتعرضون لعقوبة الإعدام إذا قتلوا أحدهم) وحبطت معنوياتهم عند رؤية صورة باستيت على دروع العدو فاستسلموا للمدينة وتركوا مصر تسقط في أيدي الفرس. كتب المؤلف في التاريخ بوليانوس (القرن الثاني) أنه بعد الاستسلام سار قمبيز منتصرًا عبر المدينة ورمى بالقطط في وجوه المصريين المهزومين باحتقار.
مومياء قطط
المصريون مسؤولون أيضًا عن اسم "القط" ذاته من حيث إن الاسم مشتق من كلمة شمال إفريقيا للحيوان "قطة" وبما أن القطة كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمصر؛ فإن كل دولة أوروبية أخرى تقريبًا تستخدم اختلافات في هذا الأمر. كلمة القطة في اللغات: الفرنسية: شات دون نطق حرف ت، السويدية: كات، الألمانية: كاتسه, الإيطالية: جاتو, الإسبانية: جاتو, وما إلى ذلك (موريس، ١٧٥). ترتبط الكلمة العامية للقط "بَس" أو "هر" أيضًا بمصر من حيث إنها مشتقة من كلمة باسيت وهي اسم آخر لـ باستيت.
القطط في الهند
تم ذكر القطط في الملحمتين الأدبيتين العظيمتين في الهند القديمة: مهابهاراتا و رامايانا (القرن الرابع او الخامس قبل الميلاد). في مهابهاراتا مقطع مشهور يتعلق بالقط لوماسا والفأر باليتا اللذان يساعدان بعضهما البعض على الهروب من الموت ويناقشان بإسهاب طبيعة العلاقات لا سيما تلك التي يكون فيها أحد الطرفين قوي أو أكثر قوة من الآخر. في رامايانا يتنكر الإله إندرا في هيئة قطة بعد إغواء الخادمة الجميلة أهاليا كوسيلة للهروب من زوجها. كما كان الحال في كل مكان آخر تم العثور على القطط في الهند لتكون مفيدة بشكل خاص في السيطرة على تجمعات الكائنات غير المرغوب فيها مثل الفئران والجرذان والثعابين وهكذا تم احترامها في المنازل والمزارع والقصور في جميع أنحاء الأرض.
اعتبرت القطة أنها أكثر من مجرد وسيلة لمكافحة الآفات من خلال الاحترام الممنوح للقطط في أدبيات الهند. القصة الشهيرة قطط ترتدي أحذية (اشتهرت من خلال النسخة الفرنسية من تأليف شارل بيرو، من العقد الثالث من القرن السابع عشر الى العقد الرابع من القرن الثامن عشر ١٦٢٨-١٧٠٣) مأخوذة من حكاية فولكلورية هندية أقدم بكثير في الفصول الخمسة من القرن الخامس قبل الميلاد (على الرغم من أن شخصية سيد القط لها طابع شخصية مختلفة جدًا في الحكاية القديمة عن تلك الموجودة في قصة بيرو). يتجلى الاحترام الذي كانت تحظى به القطط أيضًا في إلهة القطط الهندية ساشت التي أدت دورًا مشابهًا تمامًا مثل باستيت وكان لها نفس القدر من التوقير.
القط الفارسي
تَزَعَّمُ حكايةٌ فارسية أن القط خُلق بطريقة سحرية. أنقذ البطل الفارسي العظيم رستم في إحدى الليالي ساحرًا من جَمَاعَة من اللصوص. قدم رستم للرجل العجوز كرم ضيافة في خيمته وبينما كانوا يجلسون في الخارج تحت النجوم مستمتعين بدفء النار سأل الساحر رستم عما يتمناه كهدية في السداد لإنقاذه حياته. أخبره رستم أنه لا يوجد شيء يرغب فيه لأن كل ما يريده كان أمامه بالفعل في راحة ودفء النار ورائحة الدخان وجمال النجوم في السماء. ثم قَبْض الساحر حفنة من الدخان وأضاف لهبًا وأَنْزَلَ اثنين من ألمع النجوم وعجنهما معًا في يديه ونفخ عليهما. عندما فتح يديه نحو رستم رأى المحارب قط صغير رمادي دخاني اللون بعينين وَضّاحتين كالنجوم ولسان صغير انطلق مثل سهم اللهب. بهذه الطريقة تم إنشاء أول قط فارسي الذي تم اعتباره كرمز امتنان لرستم.
كان النبي محمد ﷺ حنوناً جدًا بالقطط. وفقًا للأسطورة الغير مثبته تم وضع حرف M كما يكتب باللغة الإنجليزية على جبين القط العتابي عندما بارك النبي محمد ﷺ قطته المفضلة بوضع يده على رأسها. تظهر هذه القطة التي اسمها معزة أيضًا في قصة شهيرة أخرى غير مثبتة حين نادى النبي محمد ﷺ للصلاة وجد القطة نائمًة على ذراعه. وبدلاً من إزعاج القطة قطع النبي محمد ﷺ الكم من ردائه وترك معزة تنام. لذلك تم تعزيز مكانة القطة بشكل أكبر من خلال ارتباطها بشخصية عظيمة.
القط جاير أندرسون
القطط في الصين و اليابان
وهذا ينطبق أيضًا في الصين حيث تم تصوير الإلهة لي شو على هيئة قطة وقدم الالتجاء والتضحيات لها من أجل مكافحة الآفات والخصوبة. علاوة على ذلك كانت أيضًا إلهة مشهورة جدًا كان يُعتقد أنها تجسد من أهمية القطط في الأيام الأولى للخلق. تحكي أسطورة صينية قديمة أنه في بداية العالم عين الآلهة القطط للإشراف على إدارة خلقتهم الجديدة ولكي يكون التواصل واضحًا حظيت القطط بالقدرة على الكلام. لكن كانت القطط أكثر اهتمامًا بالنوم تحت أشجار الكرز واللعب مع الأزهار المتساقطة أكثر من اهتمامها بالمهمة الدنيوية المتمثلة في الاضطرار إلى الاهتمام بإدارة العالم.
جاء الآلهة ثلاث مرات ليتحقق من مدى أداء القطط لعملها وكانت جميع المرات الثلاث مخيبة للأمل عندما وجد القطط المراقبين نائمين أو يلعبون. في الزيارة الثالثة للإله عللت القطط أنها لا تهتم بإدارة العالم ورشحت البشر لهذا المنصب. انتزعت قوة الكلام من القطط وأعُطيت للبشر؛ ولكن نظرًا لأن البشر غير قادرين على فهم كلمات الآلهة ظلت القطط مُؤتمنة على المهمة الهامة المُتمثلة في الحفاظ على الوقت وبالتالي الحفاظ على الانضباط. كان يُعتقد أنه يمكن للمرء معرفة وقت اليوم من خلال النظر في عيني القط ولا يزال هذا الاعتقاد قائماً في الصين.
في اليابان تمثل الصورة الشهيرة لـ "ايماءة قطة" (شخصيةمانيكي-نيكو للقطة مع يد واحدة مرفوعة) ترمز الى إلهة الرحمة. تقول الأسطورة أن قطة تجلس خارج معبد غوتوكو-جي، رفعت يدها إعترافًا بالإمبراطور الذي كان ماراً من هناك. إنجذب الإمبراطور بإيماءة القطة إلى المعبد وبعد لحظات ضرب البرق المكان الذي كان يقف فيه. من أجل ذلك أنقذت القطة حياته وحصلت على مرتبة الشرف العظيمة.
يُعتقد أن صورة ايماءة قطة تجلب الحظ السعيد عند تقديمها كهدية وظلت هدية شائعًة جدًا في اليابان. اعتبر القط باستمرار وصيًا على المنزل وكان يُعتقد أنه الحامي الخاص للكتب القيمة. كثيراً ما كانت القطط تسكن في المعابد الخاصة في اليابان وكانت تُعتبر ذات قيمة كبيرة وبحلول القرن العاشر؛ كانت طبقة النبلاء فقط من يستطيعون امتلاك قط واحد.
فسيفساء، بومبي
القطط في بلاد الإغريق و روما
رغم أن الناس في بلاد الإغريق وروما كانوا يحتفظون بالقطط إلا أن التقدير للحيوان كصياد لم يكن بارزاُ في تلك الثقافات بسبب الممارسة الإغريقية و الرومانية المتمثلة في الاحتفاظ باِبْنُ عِرْس المدجن لمكافحة الآفات. اخذ الرومان القط بعين الاعتبار كرمز لمخلوق مستقل وغير مفيد. فقد تم تربية القطط كحيوانات أليفة من قبل كل من الإغريق والرومان وكانت تحظى بتقدير شديد.
يُعد نقش من القرن الأول الميلادي لفتاة صغيرة تحمل قط من بين أقدم الأدلة على القطط في روما وفي اليونان. كرر الكاتب المسرحي أريستوفان (من العقد التاسع من القرن الرابع قبل الميلاد الى العقد الخامس من القرن الخامس ٤٤٦-٣٨٦) إبراز القطط في أعماله للطابع الهزلي (صاغ عبارة "القط فعل ذلك" في إلقاء اللوم). ومع ذلك من بين الحضارات القديمة ربما كان القط الأقل شعبية بين الإغريق بسبب ارتباطها في أساطير معينة بإلهة الموت والظلام والسحرة و هيكات الذي يرتبط بشكل أكثر شيوعًا بالكلب (كما هو الحال مع شريكته الإله الرومانية تريڤيا). يتضح تطور لاحق في التقدير الإغريقي للقط في الأسطورة القائلة بأن القط يحمي الطفل يسوع من القوارض والثعابين ومن ثم يمنح أفضل المواقع في منزل يوناني؛ ولكن في الأصل لا يبدو أنه يحظى بالتقدير.
يُعتقد أن القطط تم جلبها إلى أوروبا من قبل التجار الفينيقيين الذين قاموا بتهريبها من مصر. نظرًا للاعتراف بالفينيقيين بأنهم تاجروا على نطاق واسع مع كل حضارة معروفة في ذلك الوقت كان من الممكن أن تنتشر القطط في جميع أنحاء المنطقة بشكل منتظم إلى حد ما. من الموثق جيدًا أنه تم الاحتفاظ بالقطط على متن السفن للسيطرة على الحشرات الضارة خلال عصر الاكتشاف في القرن الخامس عشر وعلى الأرجح أنها خدمت نفس الغرض للفينيقيين. إذا أحضر الفينيقيون القط إلى أوروبا كما يبدو محتملًا جدًا فقد يكونون قد أدخلوا أيضًا الإرتباط الإغريقي للقط مع هيكات. كما هو مشار إليه أعلاه كان هيكات مرتبطًا بالكلاب بانتظام لكن قصة واحدة على وجه الخصوص والتي كانت شائعة جدًا تربط إلهه الظلام بالقط.
الأسطورة الإغريقية التي تشير إلى هذا الترابط هي القصة المعروفة لهِرَقل (الروماني هِرَقل) وتتعلق غالانثيس: وهي خادمة لوالدة هِرَقل الأميرة ألكمين. أغوى الإله زيوس ألكمين وحملت من هِرَقل. تم إحباط زوجة زيوس هيرا في محاولتها لقتل ألكمين وهِرَقل من خلال ذكاء غالانثيس. بسخط حولت هيرا غالانثيس إلى قطة وأرسلتها إلى العالم السفلي لتخدم هيكات. روجت هذه القصة من قبل الكاتب اللاتيني أنطونينوس ليبراليس (القرن الثاني) هذه القصة في كتابه التحول وهو اعادة سرد الحكايات القديمة والتي كانت شائعًة بما يكفي ليتم نسخها وتوزيعها خلال القرن التاسع وللاستمتاع بجمهور واسع من القراء على الأقل القرن السادس عشر. قم ان هذه الأسطورة ربطت القطط بالظلام والتحول والعالم السفلي والسحر وفي الوقت المناسب ستثبت هذه الارتباطات أنها مؤسفة للغاية تجاه اللقط.
القطط كشخصيات شيطانية
على الرغم مما يبدو ان القطط استمتعت بمكانتها القديمة في البلدان الأوروبية في البداية (في الأساطير الإسكندنافية على سبيل المثال تم رسم الإلهة العظيمة فريا في عربة تجرها القطط وفي كل من أيرلندا واسكتلندا تم تصوير القطط على أنها سحرية بمعنى إيجابي.) اعتمدت الكنيسة المسيحية باتباع مسارها المعتاد في شيطنة الرموز الوثنية المهمة بين الربط الموجود مسبقًا بين القط والسحر لربط القطط بالشر كما يتجسد في الشيطان. كاتب القرون الوسطى والتر ماب (من العقد الخامس في القرن الثاني عشر الى العقد الثاني من القرن الثالث عشر١١٤٠-١٢١٠) ربط القط بالقوى الشيطانية في عمله (على الرغم من أنه من الممكن أن يكون تحديد المعالم تهكمياُ) الا ان هناك سجلات لقطط تُقتل بطريقة طقسية في كامبريدج إنجلترا في أوائل القرن الثالث عشر.
أخذت سمعة القط منحى هبوطي أكثر خطورة وذلك بعد أن أصدر البابا غريغوري التاسع (من العقد الثالث الى العقد الخامس في القرن الثالث عشر١٢٢٧-١٢٤١) ثوره البابوي المعروف باسم Vox in Rama في العقد الرابع من القرن الثالث عشر١٢٣٣، يستنكر القطط باعتبارها شريرة وتتحد مع الشيطان القطط وخاصةً القطط السوداء تم تشويه سمعتهم لدرجة أنهم قتلوا بانتظام في جميع أنحاء أوروبا. لا ينبغي الافتراض أن عامة الناس قد قرأوا Vox in Rama واستجابوا لها ولا حتى أن الهراء كان واسع الانتشار (تم إصداره فقط لهنري الثالث كونت ساين في ألمانيا) ولكن رأي الكنيسة تجاه القطط بالتأكيد قد تسربت من أعلى المناصب إلى عامة الناس في الطوائف.
لطالما تم الجدال على ان موت العديد من القطط سمح للفئران وتعداد الجرذان بالنمو وأن البراغيث التي تحملها هذه الحشرات تسببت في الطاعون الدبلي في العقد الخامس من القرن الرابع عشر١٣٤٨. في حين أن هذا الرأي كان موضع نزاع يبدو انه ليس هناك شك في أن الانخفاض في عدد القطط سوف ينتج إلى زيادة في عدد الفئران والجرذان وثبت أن هناك مثل هذا الانخفاض في عدد القطط قبل العقد الخامس من القرن الرابع عشر١٣٤٨. على الرغم من أن الدراسات الحديثة قد خلصت إلى أن الطاعون قد انتشر من خلال التفاعل البشري (وليس من خلال التفاعل مع القوارض) إلا أن طفيليات الجرذان والفئران لا تزال هي التي تحمل الطاعون. ولكن لم يكن لدى الناس في ذلك الوقت أي فكرة عن مصدر الطاعون (لم يتم عزل بكتيريا اليرسينيا الطاعونية التي تسبب الطاعون حتى العقد العاشر من القرن التاسع عشر١٨٩٤) ولم يروا أي ترابط بين عدد القوارض والقطط والمرض؛ لذلك بقيت القطط موضعاً مشبوهاً في كل من سلوكيات سوء النية والسمات الخطيرة.
يكتب ديزموند موريس: "نظرًا لأن القط كان يعتبر شريراً فقد نُسب إليه جميع أنواع القوى المخيفة من قبل كتّاب ذلك اليوم حيث قيل إن أسنانه سامة ولحمه سام وشعره مميت (يسبب الاختناق إذا ابتلع القليل منها عن طريق الخطأ) وأنفاسه معدية وتدمر رئتي الإنسان وتسبب في استهلاكها " ويذكر كذلك: " في أواخر العقد السادس من القرن السابع عشر إدوارد توبسل في عمله الجدي في التاريخ الطبيعي، [كتب] `` عادةً ما يظهر أفراد السحرة في شكل قطط وهي حجة مفادها أن هذا الوحش يشكل خطرًا على الروح والجسد "(١٥٨). سكان الدول الأوروبية الذين يعتقدون أن القط شرير لم يتجنبوا الحيوان فحسب، بل أي شخص بدا مغرمًا بالقط. كانت النساء المسنات اللائي يعتنين بالقطط عرضة بشكل خاص للعقاب على السحر لمجرد أنهن متهمات بذلك.
العصر الفيكتوري وتبرئة القط
نجت القطط من هذه الخرافات المسعورة بشكل أفضل من العديد من رفاقها من البشر وخلال عصر حركة التنوير الفلسفية في القرن الثامن عشر ارتقت إلى مرتبة الحيوانات الأليفة المدللة. كان هذا بفضل روح النضج والنموذج الجديد للعقل السائد على الخرافات. تم كسر قوة الكنيسة في فرض الرأي العام بسبب الإصلاح البروتستانتي (بين العقدين الثاني والخامس من القرن السابع عشر١٥١٧-١٦٤٨) وفي عصر حركة التنوير الفلسفية يمكن للناس أن يختاروا تصديق ما يريدون فيما يتعلق بالقطط أو أي موضوع آخر.
خلال العصر الفيكتوري (من العقد الرابع في القرن التاسع عشر الى العقد الأول من القرن عشرون ١٨٣٧-١٩٠١) تم رفع القطط مرة أخرى إلى المكانة العالية السابقة التي كانت تتمتع بها في مصر القديمة. أصبحت الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى التي كانت دائمًا ترعى الكلاب كحيوانات أليفة مهتمة بالقطط من خلال القصص العديدة للاكتشافات الأثرية في مصر والتي تُنشر بانتظام في إنجلترا. اشتملت العديد من هذه القصص وصفًا للاحترام المصري تجاه القطط وصورًا لتماثيل باستيت وارتباط القطط بالآلهة والملكية. أسفر اهتمام الملكة بالقط إلى تبني اثنين من القط الفارسي الأزرق الذين تعاملت معهم كأعضاء في قصرها. تم نشر هذه القصة في الصحف في ذلك الوقت وبما أن الملكة فيكتوريا كانت ملكةً مشهوراً جدًا أصبح المزيد والمزيد من الناس مهتمين بامتلاك قطط خاصة بهم.
انتشر هذا الاتجاه إلى الولايات المتحدة وشجعته المجلة الأكثر شهرة في أمريكا في ذلك الوقت كتاب السيدة غودي. نشرها لويس أيه. غودي من فيلادلفيا من العقد الرابع الى العقد الثامن للقرن التاسع عشر ١٨٣٠-١٨٧٨ هذه المجلة الشهرية المميزة من القصص والمقالات والقصائد والنقوش وربما تشتهر بالمساعدة في إضفاء الطابع المؤسسي على ممارسة شجرة عيد الميلاد العائلية في أمريكا (على الرغم من أنها دعت أيضًا للنساء الحقوق والتعليم والاحتفال بـ عيد الشكر وكان من بين أوائل من نشر عمل الناقد الأدبي إدغار آلان بو).
في العقد الرابع من القرن التاسع عشر انضمت المحرر والكاتبة المتألقة سارة جوزيفا هيل إلى غودي وعززت سمعتها وانتشارها بشكل كبير. في مقال العقد السابع من القرن الثامن عشر ١٧٤٩ كتبت هيل أن القطط ليست فقط للنساء الأكبر سنًا أو الملوك وأن أي شخص يجب أن يشعر بالراحة في اعتناق " الحب والفضيلة" للقط. ازدادت شعبية القط في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ بعد مقالة غودي. أتت القطط لأول مرة إلى أمريكا الشمالية ويُعتقد انها أتت من إنجلترا في العقد الخامس من القرن الثامن عشر للمساعدة في السيطرة على الفئران والجرذان، ولكن يبدو أنها كانت تعتبر إلى حد كبير هادفة للمنفعة حتى العصر الفيكتوري عندما أصبحت حيوانات أليفة عزيزة وفي الولايات المتحدة كان هذا إلى حد كبير بسبب تأثير كتاب السيدة غودي ومساهمات سارة هيل فيه.
شعبية القطط
امتلك العديد من كُتاب العصر القطط واحترموها. كان تشارلز ديكنز مخلصًا جدًا لقططه لدرجة أنه سمح لهم بدخول مكتبه وسمح بانتظام لقطه المفضل (المعروف باسم السيد قط) بإطفاء الشمعة التي على طاولة كتابة ديكنز حتى عندما كان المؤلف في مهمته. من البين أن القط سئم من توجيه انتباه ديكنز نحو الصفحة بدلاً من رفقة القطط والملاطفة (موريس، ١٦٧). كان كل من مارك توين وويليام وردزورث وجون كيتس وتوماس هاردي من أشد المعجبين بالقطط حيث أنشأ لويس كارول بالطبع واحدة من أكثر الصور الأبدية للقطط من خلال قط الشيشاير في مغامرات أليس في بلاد العجائب.
انعقد العرض الرئيسي الأول للقطط في مبنى كريستال بالاس في لندن في العقد الثامن من القرن التاسع عشر ١٨٧١ حيث ارتفع تقدير القطط لأول مره إلى مستوى تم إعطاء القطط "معايير وأصناف محددة" لا تزال تستخدم الى اليوم لتصنيف القطط (موريس، ١٤٨). أصبحت عروض القطط شائعة بشكل متزايد بعد هذا الحدث والاهتمام بتربية وعرض القطط المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية. أُقيم أول عرض للقطط في أمريكا (في العقد العاشر من القرن التاسع عشر١٨٩٥) كان شائعًا جدًا لدرجة أن مكان الدعوى انعقد في ماديسون سكوير جاردن في مانهاتن. من مخلوقات لمكافحة الآفات إلى المخلوقات الاهية أو شبه الاهيه ثم إلى تجسيد الشر وأخيراً إلى حيوانات منزلية اليفه حيث كانت القطط شريكًا مقربا للبشر لعدة قرون. استمروا بكونهم رفقاء قيمين للبشر لليوم في جميع أنحاء العالم، وبهذه يستمر هؤلاء الأفراد في إرث القدماء في إخلاصهم وتقديرهم للقط.
قائمة المصادر والمراجع
Buck, W. Mahabharata. Motilal Banarsidass,, 2000.
Buck, W. Ramayana. University of California Press, 2000.
Durant, W. Caesar and Christ. Simon & Schuster, 1954.
Durant, W. Our Oriental Heritage. Simon & Schuster, 1954.
Durant, W. The Life of Greece. Simon & Schuster, 1954.
Feline Forever: Mythology - cats in ancient GreeceAccessed 1 Dec 2016.
Fu, S. Treasury of Chinese Folk Tales. Tuttle Publishing, 2008.
Humphries, R. Ovid's Metamorphosis. Indiana Univ. Press, 2012.
Morris, D. Catlore. Crown, 1987.
Nardo, D. Exploring Cultural History - Living in Ancient Egypt. Thomson, 2012.
Nardo, D. Living in Ancient Greece. Thomson House Publications, 2008.
Rabii, A. Folk Tales From Persia. BookSurge Publishing, 2009.
Sharma, P.V. Panchatantra. Rupa & Co., 1991.
Yasuda, Y. A Treasury of Japanese Folk Tales. Tuttle Publishing, 2010.
نبذة عن المترجم
Norah Suhluli
“My best friend is a person who will give me a book I have not read” Abraham Lincoln. I am volunteering here to give Arab readers a translated article which they have not read.
نبذة عن الكاتب
Joshua J. Mark
كاتب مستقل وأستاذ سابق بدوام جزئي في الفلسفة في كلية ماريست، نيويورك، عاش جوشوا ج. مارك في اليونان وألمانيا وسافر عبر مصر. قام بتدريس التاريخ والكتابة والأدب والفلسفة على المستوى الجامعي
https://www.worldhistory.org/trans/ar/2-466/