مات 'المغرب العربي'.. محللون: الاستبداد قتله
"شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت، في ظل غياب الإيمان بمصير مشترك"، بهذه العبارة أعلن ملك المغرب، محمد السادس، شهر يناير الماضي، نهاية "الحلم المغاربي".
واستطرد، أثناء تلاوته لخطاب بالقمة الـ28 للاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية "أديس أبابا"، بالقول: "إن الحلم الذي ناضل من أجله جيل الرواد في الخمسينات من القرن الماضي، يتعرض اليوم للخيانة".
فكيف هوى صرح آمال توحيد "المغرب الكبير"؟ ومن يتحمل مسؤولية "قتل" فكرة "اتحاد المغرب العربي"؟
"ولد ميتا"
كان عُمر الصورة قصيرا جدا وكأنها لم تُلتقط، وكأنها لم تكن، تلك الصورة المأخوذة من شرفة بلدية مراكش يوم 17 فبراير 1989، حين وقف قادة الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا وليبيا يرفعون أيديهم متشابكة في اتجاه الجماهير.
"اتحاد المغرب العربي" دخل، عمليا، مرحلة الموت السريري منذ العام 1995
حسن أوريد، مؤرخ المملكة المغربية السابق.
في ذلك اليوم، أعلنوا رسميا "ولادة" منظمة إقليمية تحمل اسم "اتحاد المغرب العربي"، إلا أن فرحة الولادة وحماسة قادة البلدان المغاربية، في شرفة مراكش، سرعان ما انقضت، فالاتحاد المغاربي "تحول إلى هيكل دون روح"، يقول مؤرخ المملكة المغربية السابق، حسن أوريد، قبل أن يضيف "الاتحاد ولد ميتا أو كما نقول في الدارج المغربي (من الخيمة خرج مائلا)".
يقول أوريد إن اتحاد المغرب العربي "دخل عمليا مرحلة الموت السريري منذ العام 1995"، أي "بعد نسف توصية لمجلس الأمن تهم قضية الصحراء في خريف 1995، ثم قرار المغرب فرض التأشيرة على المواطنين الجزائريين جراء عملية إرهابية ضربت فندق أسني بمراكش في أغسطس 1994" وتلى كل هذه الأزمات "ضرب حصار على ليبيا جراء قضية لوكيربي".
لكل هذه الأسباب، يشدد الباحث الموريتاني في التاريخ المعاصر، سيدي أحمد ولد شيخنا، على أن "الاتحاد يعيش موتا سريريا بسبب التنافس الإقليمي على زعامة المنطقة وتباين التحالفات الدولية وإرث النزاعات الحدودية التي سبق أن تسببت في حرب الرمال عام 1963".
الاستبداد القاتل
عار علينا.. عار علينا، حتى الاستعمار لم يغلق الحدود بين المغرب والجزائر
المؤرخ الجزائري، رزقي فرات.
"كان موت اتحاد المغرب العربي حتميا بسبب قضية الصحراء الغربية بين المغرب والجزائر"، وهو ما أجمع عليه خمسة مؤرخين مغاربيين في تصريحات خاصة بـ"أصوات مغاربية"، إلا أن المؤرخ الجزائري، رزقي فرات، اعتبر أيضا أن الأنظمة المغاربية "عجزت عن تحقيق وحدة المغرب الكبير، رغم التاريخ المشترك والمصير المشترك، لأنها أنظمة مستبدة".
وبكلمات فيها الكثير من الحسرة والحزن على واقع العلاقات المغربية الجزائرية علق فرات "عار علينا.. عار علينا، حتى الاستعمار لم يغلق الحدود بين المغرب والجزائر وأنظمتنا عملت على ذلك وجعلت منه أمرا واقعا!".
أما الأستاذ الجامعي والمؤرخ الليبي، الطيب البهلول فجزم بأنه "لا يمكن إعادة إحياء الاتحاد إلا إذا توفر استقرار سياسي بالبلدان المغاربية"، وأردف "لا بد من إيجاد حلول للصراعات الفردية أو الثنائية كالصراعات بين موريتانيا والجزائر والمغرب، وفي الأخير وضع حد لمشكلة الإرهاب".