الوعي الديني عند الأمازيغ قبل الإسلام
{…بالنسبة لنا إنه مصيرا مجهول!!!، فنحن لا نفهم لماذا تبيدون قطعان الجاموس؟ ، وتستعبدون الخيول البرية ، وتملؤون الأماكن المخفية في الغابات بروائح الرجال الثقيلة، و تسيجون المناظر الجميلة للتلال بسكك الحديد الصاخبة، أين هي الأدغال العميقة؟، اختفت، أين هو النسر، اختفى، إنها نهاية الحياة وبداية الاحتضار} بيان زعيم الهنود الحمر “سياتل” لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية 1894
إن لحظة لقاء ثقافتين في مجرى التاريخ لهو الحالة الأكثر شيوعا في مساره، لكن التاريخ كعلم لا يهتم إلا بتوثيق ما حدث، دون أن يمعن في الأبعاد الفكرية ونتائج مثل هذه اللقاءات، التي تتميز في اغلبها “بالصراع الثقافي” الممزوج بالتجاذب السياسي، فبعد أن تحط الحروب أوزارها ويظهر الغالب والمغلوب، فإن الاعتقاد بنهاية الحرب لهو الوهم الذي يعتقد به الكثيرون، والحقيقة أن معارك من نوع جديد تظهر معارك رمزية تتراوح بين انتصار رمز على رمز أو اندماجهما في تعايش جديد أو حتى تضاؤل رمز أمام آخر، فينتقل إلى الحياة الشعورية ليواصل “ديناميته” (نشاطه)، لمحاولة العودة إلى سطح الشعور، وحدث “التثاقف” السلمي بين الشعوب عبر التجارة لا يمكن أن يشابه حالة اللقاء الحضاري بين أمتين متقاتلتين، فاللقاء الأول مبني على الحوار والتبادل والثاني على الهيمنة والقهر.
شهد التاريخ حروب عديدة بين الأمم انتهت فيها بانتصار ثقافة امة على أخرى؛ اقصد الأمة المنتصرة في الغالب، ولم يكن هذا الحال مع كل الأمم، فيقدم لنا التاريخ وضعيات تنتصر فيها أمة عسكريا على أخرى لكن تهزم أمامها حضاريا؛ ولعل هذا ما حدث مع “المغول” و”المسلمين” فعاد الغازي ينشر الإسلام الذي أراد القضاء عليه، ولن اعدد هنا حالات الهزيمة والانتصار العسكري والإيديولوجي بين الحضارات ك: الإسكندر المقدوني واليونان، و العرب والأعاجم والبرابرة والرومان….لكن ما يهم هو لقاء المسلمين الفاتحين (ولو إن هناك من يعترض على مصطلح الفاتحين) و الأمازيغ في شمال إفريقيا، والانتصار الذي حققه الأول على الثاني يدفعنا إلى التساؤل عن المعركة الثانية؛ إلا وهي: “المعركة الفكرية” ولمعرفة نتائج اللقاء الفكري علينا كخطوة أولى تشريح الحياة الثقافية عامة والوعي الديني خاصة قبل قدوم المسلمين، فما هي معالم التفكير الديني عند الأمازيغ قبل الإسلام؟، ما هي المعتقدات والأفكار الدينية التي كانت سائدة في تلك الفترة، وما قيمة المجهود العقلاني لمفكريهم؟
يهدف بحثي إلى تسليط الضوء على معتقدات وأفكار الأمازيغ في الجزائر قبل مجيء الإسلام، وهي محاولة للحفر بعمق في المعتقدات القديمة للوعي الأمازيغي ثم الانتقال إلى المنتوج العقلي الذي أنتجه أبناء هذا الشعب فيما بعد، لتعبر عن مرحلة انتقال ولو جزئي إلى طرق أخرى للتفكير وتقديم تصورات جديدة عن: “العالم” و”الإنسان” و”الحياة”، دون إغفال حقيقة تأثر هذه الشعوب بالعوامل الخارجية، فهي في أخر المطاف كانت تحت تأثير أفكار، ومعتقدات المجتمعات المجاورة لها خاصة من الجهات الثلاث الأساسية:
01/ من المشرق (الفينيقية والمصرية).
02/ من الشمالية (أوربا والبحر الأبيض المتوسط).
03/ ومن الجنوب (المعتقدات الإفريقية)ـ. فلا يمكن فهم ظاهرة ما دون العودة إلى السياق الذي ظهرت فيه، ذلك أن الزمان والمكان كان لهما الأثر البارز في تشكل الوعي الأمازيغي عبر العصور حتى قدوم الإسلام الذي سبقته ديانات ومعتقدات كثيرة أهمها: اليهودية والمسيحية والمانوية[1]، وعندما نقول الإسلام فنحن نجعل منه نقطة وصول ونهاية لبحثنا فتتركز بذلك الفترة المدروسة من القرن الأول الميلادي إلى القرن الخامس م قبل دخول العرب المسلمين إلى شمال إفريقيا، ولتكون هذه الفترة محددنا الزماني والمغرب الأوسط محددنا المكاني (الجزائر).
إن الدراسة التي نقودها لا تهدف إلى أي نوع من التأريخ أو التحليل الانثروبولوجي بالمعنى الدقيق بقدر ما هي تهتم بالنظر الفلسفي لطبيعة وماهية الوعي السائد عند الأمازيغ قبل الإسلام، فهي رصد للأفكار المنتشرة[2] آنذاك دون الادعاء بجمعها كلها، وإنما رسم ملامح عامة لطبيعة المعقولية المهيمنة آنذاك، وبشكل أخر هو حفر أولي لطبقات فكرية قبل إسلامية، يتم اليوم تهميشها والتغاضي عنها لدعاوى إيديولوجية تمارس التهميش والإقصاء، لذلك نطلب إظهار هذا “المسكوت عنه” وإظهار المخبؤ كهدف وغاية في حد ذاتها أكثر منه تاريخ وبحث عن المعتقدات الأمازيغية* القديمة، فالمسعى الأول إذا هو تعرية خطاب أحادي يطمس هوية شمال أفريقيا ويخفي ويقصي أبعادا فكرية كانت وما زالت فاعلة في موروثنا الثقافي اليوم.
كبداية أولية نرصد فيها المعتقدات الدينية في شمال أفريقا لا بد من العودة إلى التصنيف المعروف للأديان لنشير إلى التركيبة السائدة في العالم القديم وارض الأمازيغ ونقسمه إلى ثلاثة أقسام:
01/ الوثنية: ونحن ندرج في مفهوم الوثنية كل المعتقدات ألا سماوية الثلاث (غير: الإسلام والمسيحية واليهودية) ولو أنه إجحاف وحشو للكثير من النِحَل المتباعدة والمتمايزة، إلا أننا نقبل بذلك لدواعي منهجية وليست دينية، ولعل أغلب الأمازيغ في الفترة الممتدة من قبل الميلاد إلى السادس الميلادي وصول الإسلام كانوا كذلك، مما جعل المسلمين يعتبرونهم في مرتبة أقل من الكتابيين (اليهود والمسيحيين)، وحتّم في نظرهم اللجوء إلى القوة لإدخالهم في الإسلام، وهذه الوثنية لها تمظهرات عديدة وتغيرات واضحة بسبب التأثيرات الخارجية الشرقية المصرية، ثم الفينيقية وصولا إلى الرومانية، وسنخوض فيما بعد بالتفصيل في ذلك.
02/ اليهودية: لقد كانت هجرات اليهود بعد خراب “اورشليم” معروفة في العالم القديم مما سمح للعديد من الطوائف اليهودية[3] بالاستقرار في شمال إفريقيا خاصة في وسط الجزائر، ولقد ألف القديس “اوغسطين” رسالة حول يهود قسنطينة ومنطقة “توات”، لكنها ستعرف تراجعا كبيرا بمجيء الإسلام، ثم ترتفع بسقوط الأندلس وتزداد أكثر باستعمار الجزائر[4] .
03/ المسيحية: من حيث الكم (عدد المعتنقين) تعتبر المسيحية أكثر الديانات انتشارا بين الأمازيغ بعد أن جلبها الرومان* المستعمرون، والرهبان المبشرون بداية من 256 م، وحتى قبل أن تصبح الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية القرن الرابع الميلادي، بل لقد قامت مملكة مسيحية في غرب الجزائر {بداية من القرن الخامس الميلادي بعد سقوط الوندال وقبل الغزو العربي، نرى على مسافة فرندة (تيارت)، قبور هؤلاء الأمراء الأمازيغ “المتَروِيمين”؛ (بمعنى التأثير الروماني عليهم). لقد كانت الأسرة الحاكمة الأمازيغية مسيحية كما تظهرها الرموز وآثار الرسوم التي أخذناها من القبور المعروفة باسم لجدار}[5]. وهذا ما يؤكد العلامة “ابن خلدون” كذلك بقوله:{ فكان البربر بافريقية والمغرب قبل الإسلام على دين النصرانية}[6] ..
ومع كل هذا التمايز بين الديانات الثلاثة* إلا أنها تشترك كلها في مركزية “كتاب مقدس” وتعاليم الرسول الذي جلب الرسالة وعاش بسلوك محدد وسط قومه، إضافة إلى تراكمات شروح التابعيين واللاهوت الذي نتج عن التفكير وتحليل النص المركزي مما جعلها تبني منظومة تيولوجية تحددها ثنائيات: الخير والشر، المقدس والمدنس المحرم والواجب….، مرورا بترسيم الطقوس والعبادات وصولا إلى تصوراتها الكبرى لمفهوم الألوهة: الإنسان الكون مصير الروح والعالم الأخر، فكل معتقد يشكل منظومة عقائدية مغلقة في الكثير من الأحيان تحدد وتجيب عن الأسئلة الإنسانية الكبرى حول خلق الإنسان وبداية الكون ثم نهايته، بل وتسيير هذه المعتقدات أبسط القضايا الإنسانية وأصغرها.
ورغم تباعد الديانات حتى الوثنية منها، إلا إننا نجد “عقلا ديني“[7] يقاربها ويرسم أحيانا تشابها في المعتقد أو الطقس كالتطهر بالماء (الإسلام والصابئة) مثلا، أو الاعتقاد بوجود الأرواح (الجن) في الدم المراق (الأمازيغ والمسلمين)، الختان (اليهود والمسلمين)، ولا يتسع عملنا لإظهار هذه التشابهات أو المقارنة بينها لكن نكتفي بالقول: إن الاعتقاد الديني عند الأمازيغ سيرتبط بهذه التجاذبات الدينية الوافدة عليه من الخارج، ولا ينتقل في كل مرحلة إلى اعتقاد جديد، إلا وأبقى على شيء مما قبله، ويمكن تقسيم هذه المراحل على النحو اللاتي:
01/ المرحلة الوثنية الإيحائية من بداية التاريخ إلى 356م هذه المرحلة الزمنية ترتبط جغرافيا بالتفكير البدائي والطبيعة المحلية أو ما يسميه الانثروبولوجي “فراس السواح”: “طفولة العقل البشري”[8] إضافة إلى ثقافات البحر الأبيض المتوسط وبدرجة ضئيلة بمعتقدات إفريقيا جنوب الصحراء، يقول ابن خلدون عن الأمازيغيين: «وكان دينهم دين المجوسية شأن الأعاجم كلهم بالمشرق و المغرب»[9].
لكن لافت للنظر هو التأثيرات الفرعونية على حياة الأمازيغ كما تثبته طرق الدفن والقبور : كقبور “الاجدار ” (بتيهرت غرب الجزائر) و”إيمدغاسن” (بلاد إيشاوين) ، وغيرها من المدافن إضافة إلى التشابه في الآلهة “كإيزيس” و”نو” و”آمون”…الخ، بل حتى التقوييم الامازيغي يبدأ من انتصار ملكهم “شيشناق” (ببني سنوس أقصى الغرب الجزائري) على الفراعنة. ولا يمكن القول فقط أن الأمازيغ تأثروا بمعتقدات الأمازيغ بل إن العكس كذلك صحيح، فعرف اليونان الإله “بوزيدون” (اله البحر بمذراته الشهيرة) عن طريق المصريين وبشهادة المؤرخ اليوناني : “هيرودوت”، كما اشترك الأمازيغ وجيرانهم المصريين في الإيمان بالبعث بعد الموت، وتحريم أكل الخنزير وغيرها من العقائد المتشابهة.
02/ المرحلة اليهودية: تعتبر اليهودية أقدم الديانات السماوية ولا يستغرب انتشارها في الكثير من أرجاء المعمورة ويقول عنها ابن خلدون: « و كذلك ربما كان بعض هؤلاء البربر دانوا بدين اليهودية»[10]…
03/ المرحلة المسيحية 256م: تجسد لنا حياة القديس “اوغسطين البوني” بصدق الانتشار الواسع للمسيحية رغم منافسة المانوية لها ومقاومة الوثنية الرومانية كذلك، إلا انه كان معتقدا ينتشر بسرعة ضمن الأوساط الفقيرة كالنار في الهشيم، وتنوعت طرق وصول المسحية إلى الأمازيغ بين التجارة والمبشرين.
04/ المرحلة الإسلامية 700 م: لم يكن انتشار الإسلام سهلا في شمال إفريقيا فلقد جوبه بمقاومة كبيرة كما تحكي النصوص التاريخية، لكن بساطته والسهولة النسبية للعيش به مقارنة بالديانات السماوية الأخرى، جعله أسهل انتشارا من نظرائه، ولخلوه في بداياته من التعقيدات “التيولوجية” ووحدة معتنقيه وكونه ملائم لروح الطبقات الفقيرة، إلا انه لم يمحو كليا بعض الاعتقادات السابقة.
الوعي الديني بين البدو والحضر:
ونلفت الانتباه إلى التمايز الواضح في المجتمعات القديمةـ بين سكان البادية والمدن، وينطبق هذا على الأمازيغ الأمر الذي شكل فارقا حاسما في هذه المجتمعات بين المدينة التي تقبلت بسرعة الوافد الخارجي لطبيعتها وانفتاحها على الخارج، الشيء الذي نلحظه في الفترة الرومانية بين أمازيغ المدن المترومين (Romanisé) وأمازيغ الجبال المحافظين على الكثير من هويتهم، المشككين في المعتقدات المسيحية المعقدة[11]. بل ولقد عارض الكثير من الأمازيغ دين محتليهم الرومان بسبب أنفتهم واعتزازهم بحريتهم، وقد قال ابن خلدون عن أهل منطقة “ئصانهاجن” ( صنهاجة): أنهم كانــوا قبل الإســلام « على دين المجوسـيـة و لم يدينــوا بالنصرانيــة»[12]. ويمكن أن نسرد مثالا بسيطا عن الصراع بين القديس “اوغسطين” و”الدوناتيين”* (donatisme نسبة إلى القديس “دونا”* 355م Donatus)، فرغم الديانة المسيحية للفريقين إلا أن “الدوناتيين” اتهموا “اوغسطين” بالعمالة للروم ، وهو وإن دل على شيء فإنما يدل على طابع التمرد عن المحتل حتى وان تشابهه ديانتهم معه.
لقد شكل الانتقال الأمازيغي إلى المدينة بداية للذوبان، وتغيير الكثير من عاداتهم ولغتهم ومعتقداتهم الأمر الذي نراه إلى يومنا هذا وأدى إلى الذوبان في الكتلة والانصهار فيها ثقافيا واجتماعيا، مقارنة طبعا مع أهل الريف وساكني الجبال.
تجارة الآلهة:
محاضرة تاريخية حول ديانة الامازيغ قبل الإسلام
من الصعب الفصل الكلي بين السياسة، والاقتصاد، والدين إن لها أوشاجا متينة، فالكثير من الديانات انتقلت من أمة إلى أخرى عبر التجارة، ومعروف في العالم القديم تصدير واستيراد الآلهة، أما المعتقدات المحلية فقد بدأت خصوصا من نمط المعيشة، فاختلفت بين مجتمعات زراعية وأخرى مقاتلة أو تجارية، ولقد بين الانثروبولوجيون قدم الديانات الإحيائية، وعبادة الطبيعة بالإيمان بوجود أرواح في الظواهر الطبيعية[13] وأن لها قوى مخيفة شريرة، أو خيرة يجب التقرب منها بالقرابين لإرضائها، أو استمالتها لتدرّ على المضحي بالخيرات، وتنوعت القرابين بين النباتية والحيوانية، وصولا إلى القرابين البشرية وهو ما ميز بصفة عامة سيكولوجية الشعوب البدائية[14].
إن نقوش الطاسيلي التي عثر عليها في جنوب الجزائر تشير إلى معتقدات بدائية كانت منتشرة بكثرة، وتم تخليدها بحفرها في الصخور بصفة رسومات لحيوانات مفترسة يراد من رسمها السيطرة عليها وأبعادها ورسوما لحيوانات أخرى يراد كذلك السيطرة عليها واصطيادها، وكلها تشير إلى فترة قبل زراعية.
والمميز عند الأمازيغ فيما يخص عبادة الظواهر الطبيعة (ينابيع الماء الباردة والساخنة) هو اعتقادهم بقداسة الجبال والمرتفعات وعلى أن أرواحا تسكن الجبال والمغارات (إفرن)* ويضاف إليه رهبة من الأرواح التي تسكن الصخور الكبيرة[15] أو الاعتقاد أنها بشر تم مسخهم على هذه الشاكلة مما جعلهم يقدمون لها الذبائح مثل “حجر يقع قرب غرتوفا Grtufa بين تيهرت وغيليزان معروفة بحجر غايد”[16]، ولو أن عبادة الجبال عادة عند الكثير من الشعوب التي تقدس الضخامة كالمصريين القدماء ومحاولتهم تقليدها بالأهرامات أو حتى عند اليونان القديمة التي أطلقوا اللفظ (أطلس) الذي هو جبل يدير ظهره للبر ويرقب المحيط الذي سيطلق عليه فيما بعد مسمى (المحيط الأطلسي) ……[17]
إضافة إلى عبادة الكهوف والجبال عبد الأمازيغ عيون الماء تحت مسمى “جيني” ولعله جاء تحت التأثير روماني، لكن الملاحظ أن الأهالي أطلقوا على المدن دائما اسما يتقدمه اللفظ جينيوس أو جيني بمعنى العين أو الوادي[18]، وهو اسم مازال يتقدم الكثير من المدن في شمال أفريقيا ولو باللفظ العربي “عين” وفي أماكن أخرى اختفت الكلمة (جيني) لصالح عبادة الأسلاف وهو ما يقابل إطلاق أسماء الأماكن على القديسين أو كلمة (سيدي…) أي أسماء الأولياء الصالحين.
وهناك عبادة وثنية أخرى كانت منتشرة في شمال إفريقيا هي عبادة الشمس والكواكب وهي ديانة منتشرة عند الكثير من الشعوب خاصة سكان البحر الأبيض المتوسط [19] ، أما الأمازيغ فيمنحون للشمس اسم “أمان” الذي يظهر أنه يعني السلطان في لغة طوارق “أووليميدن” ، و”أمني” لها دلالة الله”[20] واعتقد أمازيغ قبيلة “ليبيا” بألوهية الشمس وغروبها بين قرون خروف (حمون، أمن) وهو نفس الرسم الذي يقدمه المصريون.
وبما أن الإنسان الأمازيغي رجل زراعة فقد سادت عنده معتقدات الخصب والنماء، فلا يوجد ما يقلق الفلاح أكثر من إمساك السماء وطول الجفاف، وكم كان يفرحه سقوط المطر أو ما سمي إلى اليوم ب “النو” (آلهة الغيث) وينشرح صدره برؤية آنزار “قوس قزح” (الفتاة التي تباعد بين ساقيها) الذي كان يعتبر “عروسة السماء” أو خطيبة المطر لتزامن ظهورهما معا[21]، ومازال إلى اليوم تنتشر في الغرب الجزائري احتفالية “بوغنجا” حيث يقوم بعض الصبية في زمن الجفاف بتلبيس ملعقة خشب كرضيع صغير والتجوال بها بين البيوت مرددين أغنية تطلب سقوط المطر والبلل يقولون فيها:
“بوغنجا” “بوغنجا” عطشانة وضرها رأسها يا ربي بللها من رجليها حتى أذنيها…..
مكون آخر في الثقافة الأمازيغية هو الأرواح الهائمة في الطبيعة وأبرزها “الغول” و “الستوته” كما يحض السحر والسحرة* بمكانة هامة، جدا والجدير بالذكر هنا العودة إلى رواية “الحمار الذهبي” “للوكيوس أبوليوس” لفهم مدى انتشار وبقوة لهذه الظاهرة في الثقافة الأمازيغية وهي تتنوع بين السحر الأبيض (التطبيب) والسحر الأسود[22] (التفريق بين الأزواج والأذية) كما أن شخصية الكاهنة كانت معروفة تاريخيا بتنبؤاتها الصادقة، ولعل الكثير من هذه الاعتقادات جاء من الفينيقيين الذين كان لهم حضارة في قرطاجة (تونس الحالية) وتجارة مزدهرة مع المدن الساحلية على طول الشمال الإفريقي، فانتشرت الإلهتين الأكثر شهرة في العالم القديم : إله “الشمس” تحت مسميات كثيرة أهمها “”تزيري“”و”بعل” و”تانيث” إلهة “القمر” أو الهلال التي كانت تتجلى في عبادة الإله “آمون” (عمون أو حمون) الممثل بقرني الكبش، والهة الخصب “عشتار” التي غير عند الأمازيغ اسمها إلى “”تانيث“” لكن حافظة على وظيفة الإخصاب ورمزها المتمثل في المثلث أو المثلثين المتقابلين كتعبير عن الخصوبة والعلاقة الجنسية بين السماء والأرض أو بين الذكر والأنثى كما يوضح الرسم التالي المنتشر في الزخرفة الامازيغية كالفخار والنسيج.
يشير اسم الأمازيغ الذي يعني الأحرار كثيرا إلى طبعهم العام الذي تسود فيه الحرية والمنعة وكراهية لكل أشكال السلطة مما قربهم للتمرد والخروج عن الدولة منه للانصياع والانقياد لها، هذا الطبع العام ينطبق على طريقتهم في التدين، فيمكن أن نلمس المقاومة الشديدة للامازيغ للمعتقدات والديانات الخارجية التي لا تنجح في الاستيطان إلا بعد مدة من المقاومة، والرفض وهذا يفسر صعوبة انتشار الإسلام في شمال إفريقيا وارتداد الأمازيغ اثنا عشرة مرة عن الإسلام كما ذكر المؤرخون العرب وحتى مع استتباب الدين الجديد، فإنه ستظهر طريقة جديدة لمقاومته ومقاومة السلطة المركزية في دمشق الأمويين وبغداد العباسيين تتمثل في الخروج عن مفهوم الإسلام السني إلى الإسلام الشيعي الذي كان يمثل في المخيال العام إسلام الضعفاء أو المظلومين، وما ظهور الإمارة الخارجية الإباضية في “تيهرت” (وسط الجزائر) إلا دليل على ذلك.
نستنتج من هذا التتبع الأولي لدين الأمازيغ قبل الإسلام أن الشخصية الأمازيغية شخصية متدينة بطبعها كانت دوما تميل إلى التدين كمقوم لها مهما كان نوع هذا الدين ولقد استثمر المسلمون كثيرا في هذا النزوع للتدين عندهم، بل وانه استثمر في أخلاقهم التي تتشابه مع تعليم الإسلام والتي لربما هي السبب في دوام وشمول الدخول في الإسلام مقارنة بالديانات التي كانت قبله.
التدين الأمازيغي:
يفرق عالم الاجتماع الألماني “ماكس فيبر” بين الدين والتدين وشدد في دراسته على التدين كمظهر من مظاهر الدين، وهو انعكاس قابل للدراسة والقياس مقارنة مع صعوبة رصد الدين وتحليله ما دام يرتبط بالميتافيزيقا، فالأول يعالج كظاهرة اجتماعية قابلة للمعاينة، وسنطبق هذا التمايز “الفيبيري” بخصوص الأمازيغ، وأوّل ما نلحظه تمييز المستشرقين بين أكبر مجموعتين من الأمازيغ وهي: “البرانيس” و”البتر” المجموعة الأولى انتشرت على السواحل والمدن الكبرى في حين انتشرت المجموعة الثانية في المدن الداخلية والجبال وأرياف المدن، وسنلحظ تباينا بين تدين المجموعتين ففي حين كانت التغيرات الدينية سريعة ومرنة بالنسبة للمجموعة الأولى، فإنها بطيئة ورتيبة بالنسبة للمجموعة الثانية.
وبما أن للاقتصاد تأثير على التدين حسب “فيبر” فالملاحظ أنه كلما انتقلنا من المناطق الساحلية أين تنتشر التجارة بقوة واتجهنا نحو الجنوب أين تتناقص وتترك مكانها للزراعة في المناطق الداخلية وصولا إلى البدو الرحل في الجنوب، فإن التدين يتغير بتغير طرق المعيشة، فغالب الشمال إفريقيين احترفوا التجارة والزراعة خاصة أن الأراضي كانت خصبة ومشهورة بمردودها من الحبوب والكروم وزيت الزيتون وغيرها من الأغلال وكان لنوع هذه الأعمال التأثير على تدين الناس.
ولم يكن الامازيغ مستورديين للالهة فلقد عرفت تجارة الاربا في العالم القدين تصديرهم للكثير من الالهة كالالهة:””{ انيث :تانيث: هي ربة الخصوبة وحامية مدينة قرطاج، وهي ربة أمازيغية الأصل عبدها البونيقيون كأعظم ربات قرطاج وجعلوها رفيقة لكبير آلهتهم بعل، كما عبدها المصريون القدماء كأحد أعظم رباتهم وقد عرفت عندهم باسم نيث، ويؤكد أصلها الأمازيغي (الليبي) ما أشار إليه الأستاذ مصطفى بازمة من أن معظم مؤرخي مصر الفرعونية أشاروا إلى أنها معبودة أمازيغية استقرت في غرب الدلتا. ثم عبدت من طرف الإغريق حيث عرفت بإسم آثينا، وأشار كل من هيرودوت وأفلاطون أنها نفسها نيث الليبية، وقد سميت أعظم مدينة إغريقية على اسم هذه الربة الأمازيغية أثينا. أما تأثير هذه الربة في بلاد الأمازيغ يتجلى فيما يعتقده البعض من أن تونس قد سميت نسبة إلى هذه الربة تانيث.}[23]
في الأخير نقول أن إشكالية الوعي الديني عند الأمازيغ قبل الإسلام مسألة تسيل الكثير من الحبر بين توجهين أولا: بين حاملي الإيديولوجية القومية العربية والاسلاميين من جهة ومن جهة أخرى مع الكتاب الأمازيغ المعاصرين فالقوميين العرب يقدمون صورة ما يسمونه المغرب العربي وهي تسمية يرفضها الأمازيغ و يقدمون منطقة شمال أفريقيا أنها كانت في وثنية بدائية وعبودية حتى جاء الفاتحين العرب و أنقذوا الأمازيغ وهَدوْهم إلى الإسلام والتحضر.
ثانيا: طرح المستشرقين الفرنسيين خاصة الذين حللوا شمال إفريقيا على أنها امتداد لأوربا من حيث العرق “الآري” للامازيغ ومن حيث سيادة المسيحية في شمال إفريقيا وهي صورة تطرب بعض الأمازيغ المتغربيين العلمانيين وتنعش حربهم ضد الإيديولوجيا العروبية والإسلاموية، أما التصور الثالث الذي نطرحه فإنه سيحاول تقديم شمال افريقيا على أنها مجتمعات حرة لها شخصية فريدة وأقلمت كل شيء حتى المسيحية التي لم يكن يعتنقها الأمازيغ بشكل “اورثوذكسي” فهم المتشتتين بين الديانات السماوية والايحائية الوثنية كان تدينهم الشعبي مزيج فريد من المعتقدات اليونانية المصرية والفينيقية وبعض المعتقدات المحلية.
وما يؤكد ما رددناه من الطابع الخصوصي لتدين الأمازيغ أنهم لم يكونوا متلقيين سلبيين بل أكثر من ذلك مصلحين ومجددين وموسعين في الديانات المستقبلة كما هو الحال مع إسهامات القديس اوغسطين البوني و”تارتولي أو ترتوليانوس Tertullianus”، والنِحلة “الايروسية”* (Arius) التي ينتمي صاحبها إلى شمال أفريقيا كانت تطالب بتوحيد خالص لا تشوبه شوائب المسيحية الكاثوليكية لكن هذه النحلة التي كانت تحمل الخصوصية والتميز البربري داخل المسيحية الرومانية لم يكتب لها النجاح واعتبرتها الكنيسة الرسمية هرطقة، وحتى بقدوم الإسلام كان لهم خصوصية كالإباضية في واد ميزاب بغرداية جنوب الجزائر.
خلاصة:
رغم ما يحمله اسم الأمازيغ من دلالات حب الحرية والتمرد على أي سلطة إلا أن هذا لم يمنع من خضوعهم للسلطة الدينية، وطابع شخصيتهم المتدينة مثل الكثير من الأمم، فالوعي الديني هو حجر الزاوية عند الأمازيغ لكنه دائما حمل خصوصيتهم الذاتية مهما كان هذا الدين كانعكاس لتجربتهم الخاصة فيه” ولقد مر الأمازيغ بمراحل تاريخية عديدة تلونت كل منها بصبغة دينية عامة من الوثنية إلى المسيحية ولا تعني هذه المراحل أن كل واحدة كانت تمحو ما قبلها أبدا إلا اللهم تناقص لدرجة الانعدام بالنسبة للوثنية بعد قدوم الإسلام.
أحمد عطار (جامعة تلمسان )
هوامش :
[1] Encyclopédie berbère, sous la direction de Salem Chaker, Éditions Peeters, 1984-2014, http://encyclopedieberbere.revues.org/2580, p. 335.
[2] * لوكيوس ابوليوس،المرافعة، أو دفاع صبراتة،ترجمة عمار الخلاصي،(يرصد في هذه الرواية صورة للتدين في عصره خاصة في عنوان: التشنيع للمستخفين بالالهة)، ص 70. *
استعملنا عبارة الأمازيغ (Imazighen) التي تعني الإنسان الحر، بدلا عن كلمة البربر التي أطلقها العرب والرومان قبلهم على سكان شمال إفريقيا والكلمة تنحدر من الأصل اليوناني (bárbaros) بمعنى الغير اليوناني الذي لا يحسن أو لا يتكلم اليونانية [3] ابن خلدون عبد الرحمان كتاب العبر ج 6 ص 107.
[4] Maurice Eisenbeth, (Grand rabbin d’Alger), les juifs de l’Afrique du nord démographie et onomastique. http://www.algerie-ancienne.com .imprimerie du lycee 01.rue Eugène robe. Alger .1936.p13.
* الرومان بمعنى البيزنطيين وذلك بعد التحول الرسمي للامبراطوية الرومانية للمسيحية في القرن الرابع بعد الميلاد.
[5] روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، ترجمة وتقديم حمو بوشخار، دفاتر وجهة نظر 23، المغرب، الرباط، 2004، ص 76.
[6] ( تاريخ ابن خلدون: ج 6 . ص 123)
* أمام تعدد الديانات في المجتمع الأمازيغي القديم يمكن أن نطرح سؤالا حول كيف كان يحدد هذا المجتمع تماسكه ويحقق التكامل الاجتماعي مقابل هذه التعدد الديني؟، وكيف حافظ على وحدته أو المرجعية التي تبقيه متماسكا أمام هذه التمايزات الدينية، ولعل الإجابة تكون بتخمين بسيط هو تعويلهم على فكرة “العرق” (العصبية القبلية)الذي يبقى المرجع الأول للجماعة، والشيء الذي يجعل من الدم رمزا في “المخيال الجماعي للاما زيغ” مقدسا ، ويسبق الاعتقاد بالتشارك في الأرض والمصلحة العامة وطول فترة العيش سويا أو ما يعبّر عنه في الرموز الشعبية: “بالملح”.
[7] نقصد بتوظيف هذا المفهوم “اعتبار الدين ظاهرة من الظواهر الاجتماعية يمكن دراستها وتحليلها مثل سائر الحالات الاجتماعية عبر تاريخ البشرية ” ينظر : محمد أركون: قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم؟، ترجمة هشام صالح، دار الطليعة بيروت، 1999.
[8] فراس السواح.، مغامرة العقل الأولى، دار علاء الدين للنشر، ص 25.
[9] ( تاريخ ابن خلدون، الجزء السادس، ص 139)
[10] تاريخ ابن خلدون: الجزء السادس، ص 140-141
[11] Monseigneur Freppel (Évêque d’Angers). SAINT CYPRIEN ET L’ÉGLISE D’AFRIQUE AU IIIe SIÈCLE. Deuxième Édition. http://www.algerie-ancienne.com. Paris Bray et Retaux, LIBRAIRES-ÉDITEURS 82, Rue Bonaparte, 82. P22.1873
* ينسب الدوناتيون للراهب المسيحي “دونا” (توفي حوالي 355م) الامازيغي من منطقة الاوراس شرق الجزائر، ولقد قاد حركة دينية منشقة عن الكنيسة الكاثيليكية تحولت فيما بعد إلى حركة سياسية مطالبة بالعدالة للاما زيغ عامة ولطبقة الفقراء خاصة، ولقد أعطى في عقيدته قيمة بالغة للشهادة والشهداء كأقصى تعبير عن الإيمان. للتوسع ينظر:
Encyclopédie Saint Augustin, art “Donat, donatisme” de R. Markus, Paris, Cerf, 2005, p. 481
يعتقد المؤرخ رابح لونسي (جامعة وهران) أن الدوناتية كانت أعتقاد نصراني بعيد عن المسيحية الرومانية التي اصبحت الدين الرسمي للرومان مما دفع بالامازيغ لاعتناق نحلة دونا الاقرب الى الايروسية (نسبة لاريوس وهو رجل دين امازيغي اتهم بالهرطقة لرفضه التثليث واقترابه من التوحيد) وهذا يؤيد فكرة خصوصية تدين الامازيغ وتشربهم للديانات دون التبعية للخارج وخاصة الاجندات السياسية التي يراد خلطها بالديني انظر
: https://www.inumiden.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A3%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%91%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A%D8%A9/.
[13] محمد عبد المعيد خان، الأساطير العربية قبل الإسلام، مطبعة لجنة التأليف، القاهرة،1937 ص107.
[14] سيجموند فرويد: الطوطم والمحرم، ترجمة جورج طربيشي، دار الطليعة، بيروت، ص 08 * انظر “افري (جمعها أفران) أو افريقيا وهي ربة في الميثولوجيا الامازيغية الربة التي توفر القوت للأمازيغ وهي حامية ديارهم، وإفري يعني الكهف وهذا يدل على المكانة المقدسة التي كان يتمتع بها الكهف في الثقافة الأمازيغية القديمة ولقد تحدث هيرودوت عن فن نحت الكهوف عند الأمازيغ القدامى” نقلا عن “ميثولوجيا أمازيغية “عن مكتبة وصال العرب الالكترونية/ www.arabslink.net
* انظر “افري (جمعها أفران) أو افريقيا وهي ربة في الميثولوجيا الامازيغية الربة التي توفر القوت للأمازيغ وهي حامية ديارهم، وإفري يعني الكهف وهذا يدل على المكانة المقدسة التي كان يتمتع بها الكهف في الثقافة الأمازيغية القديمة ولقد تحدث هيرودوت عن فن نحت الكهوف عند الأمازيغ القدامى” نقلا عن “ميثولوجيا أمازيغية “عن مكتبة وصال العرب الالكترونية/ www.arabslink.net
[15] René Basset, Recherche sur la religion berbère, Revue de l’histoire des religions, mm.rené Dussaud et Paul Alphandéry. Paris Ernest Leroux éditeur.1910. p p 04.05.
[16] روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، ترجمة وتقديم حمو بوشخار، دفاتر وجهة نظر 23، المغرب، الرباط، 2004، ص 33.
[17] René Basset, Recherche sur la religion berbère, Revue de l’histoire des religions, mm.rené Dussaud et Paul Alphandéry. Paris Ernest Leroux éditeur .1910.p 02.
[18] روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، مصدر سابق، ص 38.
[19] “وهي عبادة معروفة عند العرب واليونان أيضا ويسمى عندهم هليوس، وهو إله الشمس الذي انتشرت ….لكنه يرجع إلى عصور سابقة وعرف عند الرمان بسل” نقلا عن امام عبد الفتاح امام، معجم أساطير العالم ص 119.
[20] روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، مرجع سابق، ص ص 40 41.
[21] Encyclopédie berbère, Salem Chaker, Éditions Peeters, .org/2580.
* لوكيوس ابوليوس،المرافعة، أو دفاع صبراتة، ترجمة عمار الخلاصي، ص 38 وما بعدها. [22]
Edmond Doutté (Professeur à l’école supérieure des lettres D’Alger), La Société Musulmane du Maghrib Magie & Religion Dans L’Afrique du Nord, Typographie Adolphe Jourdan, http://www.algerie-ancienne.com Imprimeur-Libraire-Éditeur, 9, Place de la Régence, 9 Alger, 1909.p 59 [23] http://www.startimes.com/?t=25462122 *
يعتقد القس “ايروس” (ت: 336م) الامازيغي أن الرب واحد لا عائلة له، و”عيسى” ليس ابن الرب، بل هو نبي بشري، رافضا بذلك عقيدة التثليث ومعتقدا بالتوحيد والتنزيه ؛الأمر الذي كلف هذه الطائفة الاضطهاد من طرف الامبراطورية الرومانية المسيحية الكاثوليكية (الدين الرسمي للدولة).
[/size]
https://www.inumiden.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B9%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85/
{…بالنسبة لنا إنه مصيرا مجهول!!!، فنحن لا نفهم لماذا تبيدون قطعان الجاموس؟ ، وتستعبدون الخيول البرية ، وتملؤون الأماكن المخفية في الغابات بروائح الرجال الثقيلة، و تسيجون المناظر الجميلة للتلال بسكك الحديد الصاخبة، أين هي الأدغال العميقة؟، اختفت، أين هو النسر، اختفى، إنها نهاية الحياة وبداية الاحتضار} بيان زعيم الهنود الحمر “سياتل” لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية 1894
« Cette destinée est mystérieuse pour nous car nous ne comprenons pas pourquoi les bisons sont tous massacrés, les chevaux sauvages domestiqués, les lieux secrets de la forêt lourds de l’odeur de tant d’hommes, et la vue des belles collines souillée par des fils de fer qui parlent. Où sont les fourrés profonds ? Disparus. Où est l’aigle ? Disparu. C’est la fin de la vie et le commencement de la survivance. » Déclaration du chef indien Seattle au président des Etats-Unis (1894).
إن لحظة لقاء ثقافتين في مجرى التاريخ لهو الحالة الأكثر شيوعا في مساره، لكن التاريخ كعلم لا يهتم إلا بتوثيق ما حدث، دون أن يمعن في الأبعاد الفكرية ونتائج مثل هذه اللقاءات، التي تتميز في اغلبها “بالصراع الثقافي” الممزوج بالتجاذب السياسي، فبعد أن تحط الحروب أوزارها ويظهر الغالب والمغلوب، فإن الاعتقاد بنهاية الحرب لهو الوهم الذي يعتقد به الكثيرون، والحقيقة أن معارك من نوع جديد تظهر معارك رمزية تتراوح بين انتصار رمز على رمز أو اندماجهما في تعايش جديد أو حتى تضاؤل رمز أمام آخر، فينتقل إلى الحياة الشعورية ليواصل “ديناميته” (نشاطه)، لمحاولة العودة إلى سطح الشعور، وحدث “التثاقف” السلمي بين الشعوب عبر التجارة لا يمكن أن يشابه حالة اللقاء الحضاري بين أمتين متقاتلتين، فاللقاء الأول مبني على الحوار والتبادل والثاني على الهيمنة والقهر.
شهد التاريخ حروب عديدة بين الأمم انتهت فيها بانتصار ثقافة امة على أخرى؛ اقصد الأمة المنتصرة في الغالب، ولم يكن هذا الحال مع كل الأمم، فيقدم لنا التاريخ وضعيات تنتصر فيها أمة عسكريا على أخرى لكن تهزم أمامها حضاريا؛ ولعل هذا ما حدث مع “المغول” و”المسلمين” فعاد الغازي ينشر الإسلام الذي أراد القضاء عليه، ولن اعدد هنا حالات الهزيمة والانتصار العسكري والإيديولوجي بين الحضارات ك: الإسكندر المقدوني واليونان، و العرب والأعاجم والبرابرة والرومان….لكن ما يهم هو لقاء المسلمين الفاتحين (ولو إن هناك من يعترض على مصطلح الفاتحين) و الأمازيغ في شمال إفريقيا، والانتصار الذي حققه الأول على الثاني يدفعنا إلى التساؤل عن المعركة الثانية؛ إلا وهي: “المعركة الفكرية” ولمعرفة نتائج اللقاء الفكري علينا كخطوة أولى تشريح الحياة الثقافية عامة والوعي الديني خاصة قبل قدوم المسلمين، فما هي معالم التفكير الديني عند الأمازيغ قبل الإسلام؟، ما هي المعتقدات والأفكار الدينية التي كانت سائدة في تلك الفترة، وما قيمة المجهود العقلاني لمفكريهم؟
يهدف بحثي إلى تسليط الضوء على معتقدات وأفكار الأمازيغ في الجزائر قبل مجيء الإسلام، وهي محاولة للحفر بعمق في المعتقدات القديمة للوعي الأمازيغي ثم الانتقال إلى المنتوج العقلي الذي أنتجه أبناء هذا الشعب فيما بعد، لتعبر عن مرحلة انتقال ولو جزئي إلى طرق أخرى للتفكير وتقديم تصورات جديدة عن: “العالم” و”الإنسان” و”الحياة”، دون إغفال حقيقة تأثر هذه الشعوب بالعوامل الخارجية، فهي في أخر المطاف كانت تحت تأثير أفكار، ومعتقدات المجتمعات المجاورة لها خاصة من الجهات الثلاث الأساسية:
01/ من المشرق (الفينيقية والمصرية).
02/ من الشمالية (أوربا والبحر الأبيض المتوسط).
03/ ومن الجنوب (المعتقدات الإفريقية)ـ. فلا يمكن فهم ظاهرة ما دون العودة إلى السياق الذي ظهرت فيه، ذلك أن الزمان والمكان كان لهما الأثر البارز في تشكل الوعي الأمازيغي عبر العصور حتى قدوم الإسلام الذي سبقته ديانات ومعتقدات كثيرة أهمها: اليهودية والمسيحية والمانوية[1]، وعندما نقول الإسلام فنحن نجعل منه نقطة وصول ونهاية لبحثنا فتتركز بذلك الفترة المدروسة من القرن الأول الميلادي إلى القرن الخامس م قبل دخول العرب المسلمين إلى شمال إفريقيا، ولتكون هذه الفترة محددنا الزماني والمغرب الأوسط محددنا المكاني (الجزائر).
إن الدراسة التي نقودها لا تهدف إلى أي نوع من التأريخ أو التحليل الانثروبولوجي بالمعنى الدقيق بقدر ما هي تهتم بالنظر الفلسفي لطبيعة وماهية الوعي السائد عند الأمازيغ قبل الإسلام، فهي رصد للأفكار المنتشرة[2] آنذاك دون الادعاء بجمعها كلها، وإنما رسم ملامح عامة لطبيعة المعقولية المهيمنة آنذاك، وبشكل أخر هو حفر أولي لطبقات فكرية قبل إسلامية، يتم اليوم تهميشها والتغاضي عنها لدعاوى إيديولوجية تمارس التهميش والإقصاء، لذلك نطلب إظهار هذا “المسكوت عنه” وإظهار المخبؤ كهدف وغاية في حد ذاتها أكثر منه تاريخ وبحث عن المعتقدات الأمازيغية* القديمة، فالمسعى الأول إذا هو تعرية خطاب أحادي يطمس هوية شمال أفريقيا ويخفي ويقصي أبعادا فكرية كانت وما زالت فاعلة في موروثنا الثقافي اليوم.
كبداية أولية نرصد فيها المعتقدات الدينية في شمال أفريقا لا بد من العودة إلى التصنيف المعروف للأديان لنشير إلى التركيبة السائدة في العالم القديم وارض الأمازيغ ونقسمه إلى ثلاثة أقسام:
01/ الوثنية: ونحن ندرج في مفهوم الوثنية كل المعتقدات ألا سماوية الثلاث (غير: الإسلام والمسيحية واليهودية) ولو أنه إجحاف وحشو للكثير من النِحَل المتباعدة والمتمايزة، إلا أننا نقبل بذلك لدواعي منهجية وليست دينية، ولعل أغلب الأمازيغ في الفترة الممتدة من قبل الميلاد إلى السادس الميلادي وصول الإسلام كانوا كذلك، مما جعل المسلمين يعتبرونهم في مرتبة أقل من الكتابيين (اليهود والمسيحيين)، وحتّم في نظرهم اللجوء إلى القوة لإدخالهم في الإسلام، وهذه الوثنية لها تمظهرات عديدة وتغيرات واضحة بسبب التأثيرات الخارجية الشرقية المصرية، ثم الفينيقية وصولا إلى الرومانية، وسنخوض فيما بعد بالتفصيل في ذلك.
02/ اليهودية: لقد كانت هجرات اليهود بعد خراب “اورشليم” معروفة في العالم القديم مما سمح للعديد من الطوائف اليهودية[3] بالاستقرار في شمال إفريقيا خاصة في وسط الجزائر، ولقد ألف القديس “اوغسطين” رسالة حول يهود قسنطينة ومنطقة “توات”، لكنها ستعرف تراجعا كبيرا بمجيء الإسلام، ثم ترتفع بسقوط الأندلس وتزداد أكثر باستعمار الجزائر[4] .
03/ المسيحية: من حيث الكم (عدد المعتنقين) تعتبر المسيحية أكثر الديانات انتشارا بين الأمازيغ بعد أن جلبها الرومان* المستعمرون، والرهبان المبشرون بداية من 256 م، وحتى قبل أن تصبح الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية القرن الرابع الميلادي، بل لقد قامت مملكة مسيحية في غرب الجزائر {بداية من القرن الخامس الميلادي بعد سقوط الوندال وقبل الغزو العربي، نرى على مسافة فرندة (تيارت)، قبور هؤلاء الأمراء الأمازيغ “المتَروِيمين”؛ (بمعنى التأثير الروماني عليهم). لقد كانت الأسرة الحاكمة الأمازيغية مسيحية كما تظهرها الرموز وآثار الرسوم التي أخذناها من القبور المعروفة باسم لجدار}[5]. وهذا ما يؤكد العلامة “ابن خلدون” كذلك بقوله:{ فكان البربر بافريقية والمغرب قبل الإسلام على دين النصرانية}[6] ..
ومع كل هذا التمايز بين الديانات الثلاثة* إلا أنها تشترك كلها في مركزية “كتاب مقدس” وتعاليم الرسول الذي جلب الرسالة وعاش بسلوك محدد وسط قومه، إضافة إلى تراكمات شروح التابعيين واللاهوت الذي نتج عن التفكير وتحليل النص المركزي مما جعلها تبني منظومة تيولوجية تحددها ثنائيات: الخير والشر، المقدس والمدنس المحرم والواجب….، مرورا بترسيم الطقوس والعبادات وصولا إلى تصوراتها الكبرى لمفهوم الألوهة: الإنسان الكون مصير الروح والعالم الأخر، فكل معتقد يشكل منظومة عقائدية مغلقة في الكثير من الأحيان تحدد وتجيب عن الأسئلة الإنسانية الكبرى حول خلق الإنسان وبداية الكون ثم نهايته، بل وتسيير هذه المعتقدات أبسط القضايا الإنسانية وأصغرها.
ورغم تباعد الديانات حتى الوثنية منها، إلا إننا نجد “عقلا ديني“[7] يقاربها ويرسم أحيانا تشابها في المعتقد أو الطقس كالتطهر بالماء (الإسلام والصابئة) مثلا، أو الاعتقاد بوجود الأرواح (الجن) في الدم المراق (الأمازيغ والمسلمين)، الختان (اليهود والمسلمين)، ولا يتسع عملنا لإظهار هذه التشابهات أو المقارنة بينها لكن نكتفي بالقول: إن الاعتقاد الديني عند الأمازيغ سيرتبط بهذه التجاذبات الدينية الوافدة عليه من الخارج، ولا ينتقل في كل مرحلة إلى اعتقاد جديد، إلا وأبقى على شيء مما قبله، ويمكن تقسيم هذه المراحل على النحو اللاتي:
01/ المرحلة الوثنية الإيحائية من بداية التاريخ إلى 356م هذه المرحلة الزمنية ترتبط جغرافيا بالتفكير البدائي والطبيعة المحلية أو ما يسميه الانثروبولوجي “فراس السواح”: “طفولة العقل البشري”[8] إضافة إلى ثقافات البحر الأبيض المتوسط وبدرجة ضئيلة بمعتقدات إفريقيا جنوب الصحراء، يقول ابن خلدون عن الأمازيغيين: «وكان دينهم دين المجوسية شأن الأعاجم كلهم بالمشرق و المغرب»[9].
لكن لافت للنظر هو التأثيرات الفرعونية على حياة الأمازيغ كما تثبته طرق الدفن والقبور : كقبور “الاجدار ” (بتيهرت غرب الجزائر) و”إيمدغاسن” (بلاد إيشاوين) ، وغيرها من المدافن إضافة إلى التشابه في الآلهة “كإيزيس” و”نو” و”آمون”…الخ، بل حتى التقوييم الامازيغي يبدأ من انتصار ملكهم “شيشناق” (ببني سنوس أقصى الغرب الجزائري) على الفراعنة. ولا يمكن القول فقط أن الأمازيغ تأثروا بمعتقدات الأمازيغ بل إن العكس كذلك صحيح، فعرف اليونان الإله “بوزيدون” (اله البحر بمذراته الشهيرة) عن طريق المصريين وبشهادة المؤرخ اليوناني : “هيرودوت”، كما اشترك الأمازيغ وجيرانهم المصريين في الإيمان بالبعث بعد الموت، وتحريم أكل الخنزير وغيرها من العقائد المتشابهة.
02/ المرحلة اليهودية: تعتبر اليهودية أقدم الديانات السماوية ولا يستغرب انتشارها في الكثير من أرجاء المعمورة ويقول عنها ابن خلدون: « و كذلك ربما كان بعض هؤلاء البربر دانوا بدين اليهودية»[10]…
03/ المرحلة المسيحية 256م: تجسد لنا حياة القديس “اوغسطين البوني” بصدق الانتشار الواسع للمسيحية رغم منافسة المانوية لها ومقاومة الوثنية الرومانية كذلك، إلا انه كان معتقدا ينتشر بسرعة ضمن الأوساط الفقيرة كالنار في الهشيم، وتنوعت طرق وصول المسحية إلى الأمازيغ بين التجارة والمبشرين.
04/ المرحلة الإسلامية 700 م: لم يكن انتشار الإسلام سهلا في شمال إفريقيا فلقد جوبه بمقاومة كبيرة كما تحكي النصوص التاريخية، لكن بساطته والسهولة النسبية للعيش به مقارنة بالديانات السماوية الأخرى، جعله أسهل انتشارا من نظرائه، ولخلوه في بداياته من التعقيدات “التيولوجية” ووحدة معتنقيه وكونه ملائم لروح الطبقات الفقيرة، إلا انه لم يمحو كليا بعض الاعتقادات السابقة.
الوعي الديني بين البدو والحضر:
ونلفت الانتباه إلى التمايز الواضح في المجتمعات القديمةـ بين سكان البادية والمدن، وينطبق هذا على الأمازيغ الأمر الذي شكل فارقا حاسما في هذه المجتمعات بين المدينة التي تقبلت بسرعة الوافد الخارجي لطبيعتها وانفتاحها على الخارج، الشيء الذي نلحظه في الفترة الرومانية بين أمازيغ المدن المترومين (Romanisé) وأمازيغ الجبال المحافظين على الكثير من هويتهم، المشككين في المعتقدات المسيحية المعقدة[11]. بل ولقد عارض الكثير من الأمازيغ دين محتليهم الرومان بسبب أنفتهم واعتزازهم بحريتهم، وقد قال ابن خلدون عن أهل منطقة “ئصانهاجن” ( صنهاجة): أنهم كانــوا قبل الإســلام « على دين المجوسـيـة و لم يدينــوا بالنصرانيــة»[12]. ويمكن أن نسرد مثالا بسيطا عن الصراع بين القديس “اوغسطين” و”الدوناتيين”* (donatisme نسبة إلى القديس “دونا”* 355م Donatus)، فرغم الديانة المسيحية للفريقين إلا أن “الدوناتيين” اتهموا “اوغسطين” بالعمالة للروم ، وهو وإن دل على شيء فإنما يدل على طابع التمرد عن المحتل حتى وان تشابهه ديانتهم معه.
لقد شكل الانتقال الأمازيغي إلى المدينة بداية للذوبان، وتغيير الكثير من عاداتهم ولغتهم ومعتقداتهم الأمر الذي نراه إلى يومنا هذا وأدى إلى الذوبان في الكتلة والانصهار فيها ثقافيا واجتماعيا، مقارنة طبعا مع أهل الريف وساكني الجبال.
تجارة الآلهة:
محاضرة تاريخية حول ديانة الامازيغ قبل الإسلام
من الصعب الفصل الكلي بين السياسة، والاقتصاد، والدين إن لها أوشاجا متينة، فالكثير من الديانات انتقلت من أمة إلى أخرى عبر التجارة، ومعروف في العالم القديم تصدير واستيراد الآلهة، أما المعتقدات المحلية فقد بدأت خصوصا من نمط المعيشة، فاختلفت بين مجتمعات زراعية وأخرى مقاتلة أو تجارية، ولقد بين الانثروبولوجيون قدم الديانات الإحيائية، وعبادة الطبيعة بالإيمان بوجود أرواح في الظواهر الطبيعية[13] وأن لها قوى مخيفة شريرة، أو خيرة يجب التقرب منها بالقرابين لإرضائها، أو استمالتها لتدرّ على المضحي بالخيرات، وتنوعت القرابين بين النباتية والحيوانية، وصولا إلى القرابين البشرية وهو ما ميز بصفة عامة سيكولوجية الشعوب البدائية[14].
إن نقوش الطاسيلي التي عثر عليها في جنوب الجزائر تشير إلى معتقدات بدائية كانت منتشرة بكثرة، وتم تخليدها بحفرها في الصخور بصفة رسومات لحيوانات مفترسة يراد من رسمها السيطرة عليها وأبعادها ورسوما لحيوانات أخرى يراد كذلك السيطرة عليها واصطيادها، وكلها تشير إلى فترة قبل زراعية.
والمميز عند الأمازيغ فيما يخص عبادة الظواهر الطبيعة (ينابيع الماء الباردة والساخنة) هو اعتقادهم بقداسة الجبال والمرتفعات وعلى أن أرواحا تسكن الجبال والمغارات (إفرن)* ويضاف إليه رهبة من الأرواح التي تسكن الصخور الكبيرة[15] أو الاعتقاد أنها بشر تم مسخهم على هذه الشاكلة مما جعلهم يقدمون لها الذبائح مثل “حجر يقع قرب غرتوفا Grtufa بين تيهرت وغيليزان معروفة بحجر غايد”[16]، ولو أن عبادة الجبال عادة عند الكثير من الشعوب التي تقدس الضخامة كالمصريين القدماء ومحاولتهم تقليدها بالأهرامات أو حتى عند اليونان القديمة التي أطلقوا اللفظ (أطلس) الذي هو جبل يدير ظهره للبر ويرقب المحيط الذي سيطلق عليه فيما بعد مسمى (المحيط الأطلسي) ……[17]
إضافة إلى عبادة الكهوف والجبال عبد الأمازيغ عيون الماء تحت مسمى “جيني” ولعله جاء تحت التأثير روماني، لكن الملاحظ أن الأهالي أطلقوا على المدن دائما اسما يتقدمه اللفظ جينيوس أو جيني بمعنى العين أو الوادي[18]، وهو اسم مازال يتقدم الكثير من المدن في شمال أفريقيا ولو باللفظ العربي “عين” وفي أماكن أخرى اختفت الكلمة (جيني) لصالح عبادة الأسلاف وهو ما يقابل إطلاق أسماء الأماكن على القديسين أو كلمة (سيدي…) أي أسماء الأولياء الصالحين.
وهناك عبادة وثنية أخرى كانت منتشرة في شمال إفريقيا هي عبادة الشمس والكواكب وهي ديانة منتشرة عند الكثير من الشعوب خاصة سكان البحر الأبيض المتوسط [19] ، أما الأمازيغ فيمنحون للشمس اسم “أمان” الذي يظهر أنه يعني السلطان في لغة طوارق “أووليميدن” ، و”أمني” لها دلالة الله”[20] واعتقد أمازيغ قبيلة “ليبيا” بألوهية الشمس وغروبها بين قرون خروف (حمون، أمن) وهو نفس الرسم الذي يقدمه المصريون.
وبما أن الإنسان الأمازيغي رجل زراعة فقد سادت عنده معتقدات الخصب والنماء، فلا يوجد ما يقلق الفلاح أكثر من إمساك السماء وطول الجفاف، وكم كان يفرحه سقوط المطر أو ما سمي إلى اليوم ب “النو” (آلهة الغيث) وينشرح صدره برؤية آنزار “قوس قزح” (الفتاة التي تباعد بين ساقيها) الذي كان يعتبر “عروسة السماء” أو خطيبة المطر لتزامن ظهورهما معا[21]، ومازال إلى اليوم تنتشر في الغرب الجزائري احتفالية “بوغنجا” حيث يقوم بعض الصبية في زمن الجفاف بتلبيس ملعقة خشب كرضيع صغير والتجوال بها بين البيوت مرددين أغنية تطلب سقوط المطر والبلل يقولون فيها:
“بوغنجا” “بوغنجا” عطشانة وضرها رأسها يا ربي بللها من رجليها حتى أذنيها…..
مكون آخر في الثقافة الأمازيغية هو الأرواح الهائمة في الطبيعة وأبرزها “الغول” و “الستوته” كما يحض السحر والسحرة* بمكانة هامة، جدا والجدير بالذكر هنا العودة إلى رواية “الحمار الذهبي” “للوكيوس أبوليوس” لفهم مدى انتشار وبقوة لهذه الظاهرة في الثقافة الأمازيغية وهي تتنوع بين السحر الأبيض (التطبيب) والسحر الأسود[22] (التفريق بين الأزواج والأذية) كما أن شخصية الكاهنة كانت معروفة تاريخيا بتنبؤاتها الصادقة، ولعل الكثير من هذه الاعتقادات جاء من الفينيقيين الذين كان لهم حضارة في قرطاجة (تونس الحالية) وتجارة مزدهرة مع المدن الساحلية على طول الشمال الإفريقي، فانتشرت الإلهتين الأكثر شهرة في العالم القديم : إله “الشمس” تحت مسميات كثيرة أهمها “”تزيري“”و”بعل” و”تانيث” إلهة “القمر” أو الهلال التي كانت تتجلى في عبادة الإله “آمون” (عمون أو حمون) الممثل بقرني الكبش، والهة الخصب “عشتار” التي غير عند الأمازيغ اسمها إلى “”تانيث“” لكن حافظة على وظيفة الإخصاب ورمزها المتمثل في المثلث أو المثلثين المتقابلين كتعبير عن الخصوبة والعلاقة الجنسية بين السماء والأرض أو بين الذكر والأنثى كما يوضح الرسم التالي المنتشر في الزخرفة الامازيغية كالفخار والنسيج.
يشير اسم الأمازيغ الذي يعني الأحرار كثيرا إلى طبعهم العام الذي تسود فيه الحرية والمنعة وكراهية لكل أشكال السلطة مما قربهم للتمرد والخروج عن الدولة منه للانصياع والانقياد لها، هذا الطبع العام ينطبق على طريقتهم في التدين، فيمكن أن نلمس المقاومة الشديدة للامازيغ للمعتقدات والديانات الخارجية التي لا تنجح في الاستيطان إلا بعد مدة من المقاومة، والرفض وهذا يفسر صعوبة انتشار الإسلام في شمال إفريقيا وارتداد الأمازيغ اثنا عشرة مرة عن الإسلام كما ذكر المؤرخون العرب وحتى مع استتباب الدين الجديد، فإنه ستظهر طريقة جديدة لمقاومته ومقاومة السلطة المركزية في دمشق الأمويين وبغداد العباسيين تتمثل في الخروج عن مفهوم الإسلام السني إلى الإسلام الشيعي الذي كان يمثل في المخيال العام إسلام الضعفاء أو المظلومين، وما ظهور الإمارة الخارجية الإباضية في “تيهرت” (وسط الجزائر) إلا دليل على ذلك.
نستنتج من هذا التتبع الأولي لدين الأمازيغ قبل الإسلام أن الشخصية الأمازيغية شخصية متدينة بطبعها كانت دوما تميل إلى التدين كمقوم لها مهما كان نوع هذا الدين ولقد استثمر المسلمون كثيرا في هذا النزوع للتدين عندهم، بل وانه استثمر في أخلاقهم التي تتشابه مع تعليم الإسلام والتي لربما هي السبب في دوام وشمول الدخول في الإسلام مقارنة بالديانات التي كانت قبله.
التدين الأمازيغي:
يفرق عالم الاجتماع الألماني “ماكس فيبر” بين الدين والتدين وشدد في دراسته على التدين كمظهر من مظاهر الدين، وهو انعكاس قابل للدراسة والقياس مقارنة مع صعوبة رصد الدين وتحليله ما دام يرتبط بالميتافيزيقا، فالأول يعالج كظاهرة اجتماعية قابلة للمعاينة، وسنطبق هذا التمايز “الفيبيري” بخصوص الأمازيغ، وأوّل ما نلحظه تمييز المستشرقين بين أكبر مجموعتين من الأمازيغ وهي: “البرانيس” و”البتر” المجموعة الأولى انتشرت على السواحل والمدن الكبرى في حين انتشرت المجموعة الثانية في المدن الداخلية والجبال وأرياف المدن، وسنلحظ تباينا بين تدين المجموعتين ففي حين كانت التغيرات الدينية سريعة ومرنة بالنسبة للمجموعة الأولى، فإنها بطيئة ورتيبة بالنسبة للمجموعة الثانية.
وبما أن للاقتصاد تأثير على التدين حسب “فيبر” فالملاحظ أنه كلما انتقلنا من المناطق الساحلية أين تنتشر التجارة بقوة واتجهنا نحو الجنوب أين تتناقص وتترك مكانها للزراعة في المناطق الداخلية وصولا إلى البدو الرحل في الجنوب، فإن التدين يتغير بتغير طرق المعيشة، فغالب الشمال إفريقيين احترفوا التجارة والزراعة خاصة أن الأراضي كانت خصبة ومشهورة بمردودها من الحبوب والكروم وزيت الزيتون وغيرها من الأغلال وكان لنوع هذه الأعمال التأثير على تدين الناس.
ولم يكن الامازيغ مستورديين للالهة فلقد عرفت تجارة الاربا في العالم القدين تصديرهم للكثير من الالهة كالالهة:””{ انيث :تانيث: هي ربة الخصوبة وحامية مدينة قرطاج، وهي ربة أمازيغية الأصل عبدها البونيقيون كأعظم ربات قرطاج وجعلوها رفيقة لكبير آلهتهم بعل، كما عبدها المصريون القدماء كأحد أعظم رباتهم وقد عرفت عندهم باسم نيث، ويؤكد أصلها الأمازيغي (الليبي) ما أشار إليه الأستاذ مصطفى بازمة من أن معظم مؤرخي مصر الفرعونية أشاروا إلى أنها معبودة أمازيغية استقرت في غرب الدلتا. ثم عبدت من طرف الإغريق حيث عرفت بإسم آثينا، وأشار كل من هيرودوت وأفلاطون أنها نفسها نيث الليبية، وقد سميت أعظم مدينة إغريقية على اسم هذه الربة الأمازيغية أثينا. أما تأثير هذه الربة في بلاد الأمازيغ يتجلى فيما يعتقده البعض من أن تونس قد سميت نسبة إلى هذه الربة تانيث.}[23]
في الأخير نقول أن إشكالية الوعي الديني عند الأمازيغ قبل الإسلام مسألة تسيل الكثير من الحبر بين توجهين أولا: بين حاملي الإيديولوجية القومية العربية والاسلاميين من جهة ومن جهة أخرى مع الكتاب الأمازيغ المعاصرين فالقوميين العرب يقدمون صورة ما يسمونه المغرب العربي وهي تسمية يرفضها الأمازيغ و يقدمون منطقة شمال أفريقيا أنها كانت في وثنية بدائية وعبودية حتى جاء الفاتحين العرب و أنقذوا الأمازيغ وهَدوْهم إلى الإسلام والتحضر.
ثانيا: طرح المستشرقين الفرنسيين خاصة الذين حللوا شمال إفريقيا على أنها امتداد لأوربا من حيث العرق “الآري” للامازيغ ومن حيث سيادة المسيحية في شمال إفريقيا وهي صورة تطرب بعض الأمازيغ المتغربيين العلمانيين وتنعش حربهم ضد الإيديولوجيا العروبية والإسلاموية، أما التصور الثالث الذي نطرحه فإنه سيحاول تقديم شمال افريقيا على أنها مجتمعات حرة لها شخصية فريدة وأقلمت كل شيء حتى المسيحية التي لم يكن يعتنقها الأمازيغ بشكل “اورثوذكسي” فهم المتشتتين بين الديانات السماوية والايحائية الوثنية كان تدينهم الشعبي مزيج فريد من المعتقدات اليونانية المصرية والفينيقية وبعض المعتقدات المحلية.
وما يؤكد ما رددناه من الطابع الخصوصي لتدين الأمازيغ أنهم لم يكونوا متلقيين سلبيين بل أكثر من ذلك مصلحين ومجددين وموسعين في الديانات المستقبلة كما هو الحال مع إسهامات القديس اوغسطين البوني و”تارتولي أو ترتوليانوس Tertullianus”، والنِحلة “الايروسية”* (Arius) التي ينتمي صاحبها إلى شمال أفريقيا كانت تطالب بتوحيد خالص لا تشوبه شوائب المسيحية الكاثوليكية لكن هذه النحلة التي كانت تحمل الخصوصية والتميز البربري داخل المسيحية الرومانية لم يكتب لها النجاح واعتبرتها الكنيسة الرسمية هرطقة، وحتى بقدوم الإسلام كان لهم خصوصية كالإباضية في واد ميزاب بغرداية جنوب الجزائر.
خلاصة:
رغم ما يحمله اسم الأمازيغ من دلالات حب الحرية والتمرد على أي سلطة إلا أن هذا لم يمنع من خضوعهم للسلطة الدينية، وطابع شخصيتهم المتدينة مثل الكثير من الأمم، فالوعي الديني هو حجر الزاوية عند الأمازيغ لكنه دائما حمل خصوصيتهم الذاتية مهما كان هذا الدين كانعكاس لتجربتهم الخاصة فيه” ولقد مر الأمازيغ بمراحل تاريخية عديدة تلونت كل منها بصبغة دينية عامة من الوثنية إلى المسيحية ولا تعني هذه المراحل أن كل واحدة كانت تمحو ما قبلها أبدا إلا اللهم تناقص لدرجة الانعدام بالنسبة للوثنية بعد قدوم الإسلام.
أحمد عطار (جامعة تلمسان )
هوامش :
[1] Encyclopédie berbère, sous la direction de Salem Chaker, Éditions Peeters, 1984-2014, http://encyclopedieberbere.revues.org/2580, p. 335.
[2] * لوكيوس ابوليوس،المرافعة، أو دفاع صبراتة،ترجمة عمار الخلاصي،(يرصد في هذه الرواية صورة للتدين في عصره خاصة في عنوان: التشنيع للمستخفين بالالهة)، ص 70. *
استعملنا عبارة الأمازيغ (Imazighen) التي تعني الإنسان الحر، بدلا عن كلمة البربر التي أطلقها العرب والرومان قبلهم على سكان شمال إفريقيا والكلمة تنحدر من الأصل اليوناني (bárbaros) بمعنى الغير اليوناني الذي لا يحسن أو لا يتكلم اليونانية [3] ابن خلدون عبد الرحمان كتاب العبر ج 6 ص 107.
[4] Maurice Eisenbeth, (Grand rabbin d’Alger), les juifs de l’Afrique du nord démographie et onomastique. http://www.algerie-ancienne.com .imprimerie du lycee 01.rue Eugène robe. Alger .1936.p13.
* الرومان بمعنى البيزنطيين وذلك بعد التحول الرسمي للامبراطوية الرومانية للمسيحية في القرن الرابع بعد الميلاد.
[5] روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، ترجمة وتقديم حمو بوشخار، دفاتر وجهة نظر 23، المغرب، الرباط، 2004، ص 76.
[6] ( تاريخ ابن خلدون: ج 6 . ص 123)
* أمام تعدد الديانات في المجتمع الأمازيغي القديم يمكن أن نطرح سؤالا حول كيف كان يحدد هذا المجتمع تماسكه ويحقق التكامل الاجتماعي مقابل هذه التعدد الديني؟، وكيف حافظ على وحدته أو المرجعية التي تبقيه متماسكا أمام هذه التمايزات الدينية، ولعل الإجابة تكون بتخمين بسيط هو تعويلهم على فكرة “العرق” (العصبية القبلية)الذي يبقى المرجع الأول للجماعة، والشيء الذي يجعل من الدم رمزا في “المخيال الجماعي للاما زيغ” مقدسا ، ويسبق الاعتقاد بالتشارك في الأرض والمصلحة العامة وطول فترة العيش سويا أو ما يعبّر عنه في الرموز الشعبية: “بالملح”.
[7] نقصد بتوظيف هذا المفهوم “اعتبار الدين ظاهرة من الظواهر الاجتماعية يمكن دراستها وتحليلها مثل سائر الحالات الاجتماعية عبر تاريخ البشرية ” ينظر : محمد أركون: قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم؟، ترجمة هشام صالح، دار الطليعة بيروت، 1999.
[8] فراس السواح.، مغامرة العقل الأولى، دار علاء الدين للنشر، ص 25.
[9] ( تاريخ ابن خلدون، الجزء السادس، ص 139)
[10] تاريخ ابن خلدون: الجزء السادس، ص 140-141
[11] Monseigneur Freppel (Évêque d’Angers). SAINT CYPRIEN ET L’ÉGLISE D’AFRIQUE AU IIIe SIÈCLE. Deuxième Édition. http://www.algerie-ancienne.com. Paris Bray et Retaux, LIBRAIRES-ÉDITEURS 82, Rue Bonaparte, 82. P22.1873
* ينسب الدوناتيون للراهب المسيحي “دونا” (توفي حوالي 355م) الامازيغي من منطقة الاوراس شرق الجزائر، ولقد قاد حركة دينية منشقة عن الكنيسة الكاثيليكية تحولت فيما بعد إلى حركة سياسية مطالبة بالعدالة للاما زيغ عامة ولطبقة الفقراء خاصة، ولقد أعطى في عقيدته قيمة بالغة للشهادة والشهداء كأقصى تعبير عن الإيمان. للتوسع ينظر:
Encyclopédie Saint Augustin, art “Donat, donatisme” de R. Markus, Paris, Cerf, 2005, p. 481
يعتقد المؤرخ رابح لونسي (جامعة وهران) أن الدوناتية كانت أعتقاد نصراني بعيد عن المسيحية الرومانية التي اصبحت الدين الرسمي للرومان مما دفع بالامازيغ لاعتناق نحلة دونا الاقرب الى الايروسية (نسبة لاريوس وهو رجل دين امازيغي اتهم بالهرطقة لرفضه التثليث واقترابه من التوحيد) وهذا يؤيد فكرة خصوصية تدين الامازيغ وتشربهم للديانات دون التبعية للخارج وخاصة الاجندات السياسية التي يراد خلطها بالديني انظر
: https://www.inumiden.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A3%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%91%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A%D8%A9/.
[13] محمد عبد المعيد خان، الأساطير العربية قبل الإسلام، مطبعة لجنة التأليف، القاهرة،1937 ص107.
[14] سيجموند فرويد: الطوطم والمحرم، ترجمة جورج طربيشي، دار الطليعة، بيروت، ص 08 * انظر “افري (جمعها أفران) أو افريقيا وهي ربة في الميثولوجيا الامازيغية الربة التي توفر القوت للأمازيغ وهي حامية ديارهم، وإفري يعني الكهف وهذا يدل على المكانة المقدسة التي كان يتمتع بها الكهف في الثقافة الأمازيغية القديمة ولقد تحدث هيرودوت عن فن نحت الكهوف عند الأمازيغ القدامى” نقلا عن “ميثولوجيا أمازيغية “عن مكتبة وصال العرب الالكترونية/ www.arabslink.net
* انظر “افري (جمعها أفران) أو افريقيا وهي ربة في الميثولوجيا الامازيغية الربة التي توفر القوت للأمازيغ وهي حامية ديارهم، وإفري يعني الكهف وهذا يدل على المكانة المقدسة التي كان يتمتع بها الكهف في الثقافة الأمازيغية القديمة ولقد تحدث هيرودوت عن فن نحت الكهوف عند الأمازيغ القدامى” نقلا عن “ميثولوجيا أمازيغية “عن مكتبة وصال العرب الالكترونية/ www.arabslink.net
[15] René Basset, Recherche sur la religion berbère, Revue de l’histoire des religions, mm.rené Dussaud et Paul Alphandéry. Paris Ernest Leroux éditeur.1910. p p 04.05.
[16] روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، ترجمة وتقديم حمو بوشخار، دفاتر وجهة نظر 23، المغرب، الرباط، 2004، ص 33.
[17] René Basset, Recherche sur la religion berbère, Revue de l’histoire des religions, mm.rené Dussaud et Paul Alphandéry. Paris Ernest Leroux éditeur .1910.p 02.
[18] روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، مصدر سابق، ص 38.
[19] “وهي عبادة معروفة عند العرب واليونان أيضا ويسمى عندهم هليوس، وهو إله الشمس الذي انتشرت ….لكنه يرجع إلى عصور سابقة وعرف عند الرمان بسل” نقلا عن امام عبد الفتاح امام، معجم أساطير العالم ص 119.
[20] روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، مرجع سابق، ص ص 40 41.
[21] Encyclopédie berbère, Salem Chaker, Éditions Peeters, .org/2580.
* لوكيوس ابوليوس،المرافعة، أو دفاع صبراتة، ترجمة عمار الخلاصي، ص 38 وما بعدها. [22]
Edmond Doutté (Professeur à l’école supérieure des lettres D’Alger), La Société Musulmane du Maghrib Magie & Religion Dans L’Afrique du Nord, Typographie Adolphe Jourdan, http://www.algerie-ancienne.com Imprimeur-Libraire-Éditeur, 9, Place de la Régence, 9 Alger, 1909.p 59 [23] http://www.startimes.com/?t=25462122 *
يعتقد القس “ايروس” (ت: 336م) الامازيغي أن الرب واحد لا عائلة له، و”عيسى” ليس ابن الرب، بل هو نبي بشري، رافضا بذلك عقيدة التثليث ومعتقدا بالتوحيد والتنزيه ؛الأمر الذي كلف هذه الطائفة الاضطهاد من طرف الامبراطورية الرومانية المسيحية الكاثوليكية (الدين الرسمي للدولة).
[/size]
https://www.inumiden.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B9%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85/