الصغير محمد الغربي

توصل باحث من جامعة جونز هوبكنز الأميركية إلى أن المادة المظلمة في الكون قد تكون نشأت قبل الانفجار الكبير الذي أدى إلى نشأة الكون بحسب أكثر النظريات قبولا، مستخدما إطارا رياضيا جديدا تم تطويره لهذا الغرض.
فبحسب نظرية "بيغ بانغ" أو الانفجار الكبير -أكثر النظريات قبولا في الوسط العلمي حول نشأة الكون- فإن الكون نشأ قبل 13.78 مليار عام، إثر انفجار عظيم تبعه تضخم كوني هائل في وقت وجيز.

وقد نشأت من هذا الانفجار جميع أشكال المادة والطاقة كالمادة المعروفة المكونة من الذرات والمادة السوداء (أو المظلمة).

المادة الشبح
ورغم أن المادة المظلمة تشكل أحد أكبر الألغاز في الكون اليوم ولا يمكن ملاحظتها مباشرة، فإن العلماء يدركون أنها موجودة بسبب تأثيرها على المادة المرئية.

وهم يعتقدون أنها تشكل حوالي 80% من كتلة الكون، وتلعب دورا مهما في تكوين المجرات والمجموعات العنقودية، لكن مصدرها وكيفية نشأتها ما زالا غامضين.

وقد فشلت جميع محاولات العلماء في رصد هذه المادة مباشرة، وهو ما يثير شكوكا كبيرة حول النظرية القائلة بكونها مادة متبقية من الانفجار.

فلو كانت كذلك، لنجح الباحثون في رصدها مباشرة خلال تجارب فيزياء الجسيمات المختلفة كما يقول معارضو هذه الفكرة.

ووفقا للورقة العلمية الجديدة التي نشرها عالم الفلك والفيزيائي تومي تينكانين من جامعة جونز هوبكنز في دورية "فيزيكل رفيو لترز" في السابع من آب/أغسطس الحالي، مستخدما فيها إطارا رياضيا جديدا، فإن أصول المادة المظلمة قد تكون أكثر غرابة مما نعرف، فقد تكون نشأت قبل الانفجار الكبير.

الانفجار الكبير نهاية التضخم وليس بدايته!
يعتقد الباحث أن الأحداث التي وقعت في اللحظات الأولى من عمر الكون قد تكون بحاجة إلى إعادة ترتيب، ففترة التضخم الكوني قد تكون وقعت قبل الانفجار العظيم وليس بعده.

وفي هذه الحالة يكون الانفجار العظيم هو الاسم الذي يجب أن يطلق على الظروف التي كانت تهيمن على الكون في نهاية التضخم.

وإذا كان التضخم الكوني قد حدث قبل الانفجار الكبير، فإن المادة المظلمة تكون قد وجدت قبل بقية الأشياء في حساء الكون البدائي، بحسب النمذجة الرياضية التي وضعها الباحثون.

ووفق الباحث، فإن هذا السيناريو الجديد لنشأة المادة المظلمة في الكون يمكن التأكد منه تجريبيا عكس السيناريو الحالي الذي يبدو مرنا غير قابل للإثبات.

ويشرح تينكانين ذلك بقوله "إذا كانت المادة المظلمة تتكون من جزيئات جديدة ولدت قبل الانفجار الكبير، فإنها تؤثر على الطريقة التي يتم بها توزيع المجرات في السماء بطريقة فريدة من نوعها".

وبالتالي "يمكن استخدام هذا التأثير للكشف عن ماهية هذه المادة وتقديم استنتاجات حول الفترة التي سبقت الانفجار الكبير أيضا".

هذا يعني أن الجسيمات التي تم إنتاجها بكثرة خلال الزمن الوجيز من التضخم الكوني يمكن أن تقودنا إلى المادة المظلمة. إلا أنه -وإلى الآن- لم يتم اكتشاف سوى جسيم واحد من هذه الجسيمات، هو بوزون هيغز، وهو لا يكفي لإعطاء فكرة واضحة عن المادة المظلمة.

لكن تينكانين يقول "رغم أن هذا النوع من المادة المظلمة بعيد المنال لدرجة يصعب العثور عليها في تجارب الجسيمات، فإنه يمكن الكشف عن وجودها من خلال الرصد الفلكي".

ويتوقع العلماء أن يساهم القمر الصناعي "أوكليد" -الذي ستطلقه وكالة الفضاء الأوروبية خلال عام 2022 لدراسة فترة التضخم الكوني- في توضيح الكثير من الغموض حول طبيعة المادة المظلمة وكيفية نشأتها.

المصدر : الجزيرة




هل سبقت المادة المظلمة الانفجار الكبير؟ Aaaa13