خبث و فن تزوير التاريخ
هذا العنوان قد يُثير الدهشةَ والاستغراب؛ وذلك لأن التاريخ من المفترض أن يكون تاريخًا صحيحًا يكتبه مؤرخون ثقات، لا يعرفُ الزيغ أو الميل والهوى إلى أقلامهم سبيلًا، حيث من المفترض أن يبقى التاريخ هو الشاهد على حياة الأمم والشُّعوب وحضارتها.
ولكن اقتضى واقع الحالِ أن تكون الحياديَّة في كتابة التاريخ من نصيب فئة قليلة من الكُتَّاب والمؤرخين، ممَّن اتقوا الله في كتاباتهم وراعوا ضميرهم، وعلموا أن الله سيُحاسبُهم عمَّا كتبت أيديهم، فعملوا لذلك اليوم، فلم يظهرْ في كتبهم إلا الصدق والنقل الصحيح للأحداث، ولكن نرى في الوجه الآخر من الكتابات التاريخيَّة ما سَادَه التزويرُ وطمسُ الحقائقِ؛ بل تزويرها.
ونفس الفعل التي تمت ترجمة كتاب The story of moors in spain
لمؤلفه ستانلي لان بول إلى"قصة العرب في أسبانيا"فكلمة مور أصبحت بجرة قلم تعني العرق العربي؟فأية وقاحة ؟وأي ضميرمهني؟وأية أخلاق ؟كل شيئ غاب من أجل فرض العروبة بأية وسيلة أو طريقة باستعمال الأكاذيب والتزييف والخبث
ومن فنون التزييف تزوير الترجمة حيث تمت ترجمة كتاب"شمس الله تسطع على الغرب "بكل وقاحة إلى "شمس العرب تسطع على الغرب "كما نلاحظ الترجمة الفرنسية صحيحة .أما الترجمة العربية فللأسف الشديد فما دامت العروبة تسري في دماء العروبيين وخيالهم فلا يمكن أن تنتظر منهم الحقائق لكون عروبتهم عنصرية دينية بامتياز هدفها طمس جذور معالم الشعوب الأصلية والقضاء عليها
وعلى ذكر كلمة "مور" لوحة فنية اصلية موجودة في متاحف اسبانيا تعبر رحيل الموريسكيين بقرار ملكي سنة 1609م.. علما أن سقوط الأندلس تم سنة 1492م .وبعد 4 سنوات صدر منشور ملكي تجبرهم على التنصير أو الرحيل من أسبانيا..وبموجبها تم منعهم من التحدث بالعربية ..ورغم المراقبة الشديدة لمحاكم التفتيش إلا أن بعض المريسكيين استمروا في ممارسة الشعائر الإسلامية خفية .وفي 1609 م صدر أمر ملكي بترحيل كل الموريسكيين الذين لم يلتزموا بتطبيق القرار الملكي و هجرة الموريكسين أي سكان الأندلس بعد سقوط عرناطة أصبحوا يعرفون بهذا الإسم .الموريكسين نسبة إلى كلمة المور أي الأمازيغ أمور هو النصيب أو الحق بالامازيغية تمورث هي الوطن أو الأرض مراكش نسبة إلى المور موريتانيا نسبة إلى المور فكلمة الموريسكي هي تعني الأمازيغ ممن سكنوا بلاد الأندلس
هذه اللوحة الفنية تظهر خروج سكان الأندلس من بلادهم باتجاه شمال أفريقيا التي هاجروا منها الي اسبانيا
اللوحة تضهر نساء موريسكيات اندلسيات وهم يلبسن الفوطة الأمازيغية التي لحد الآن تلبسها نساء منطقة القبائل و نساء أمازيغ الأطلس
و يظهر كذلك الأطفال وهم يلبسون نفس لباس اطفال منطقة القبائل قديما وهو عبارة عن قميص ملون في وسطه حزام أحمر اللون و مزركش بنفس زركشة الفوطة القبائلية ..وهذا اللباس معروف في منطقة القبائل قديما
وفي النهاية نحتاج إلى أن نقول: "إن فنَّ تزوير التاريخ وصياغته وَفْقَ الأهواء جاء لعدة أسباب، منها ما سبق ذكره، ولكنَّ أخطرها يتمثَّل في استمرار آثار ذلك لفترات، وهو ما ترك أثره على الأحداث التاريخية حتى يومنا هذا، فالتاريخ في مختلف عصوره يحتاج إلى مراجعة وتدقيق باستمرار لاعتبارات عدة، منها: أن الكتابة التاريخية غالبًا ما تخضع لأهواء المؤرِّخ وانحيازه، واحتمال نقله عن مصادر غير دقيقة، أو عدم الدقة في نقل الأحداث إذا كان المؤرخ معاصرًا لما يؤرِّخ له، فعلى المؤرخ أن يكون ذا بصيرة ووعي في النقل عن المصادر ودراسة سير مؤلفيها للاطِّلاع عن كثب على آرائهم وأفكارهم وميولهم واتجاهاتهم
