هل كان الملك الماسيلي ماسينيسا أسود البشرة !؟
الجواب هو أنه لا يوجد أي نص تاريخي يقول بهذا الكلام، أما عن مصدره فهو من منشورات بعض إخوتنا البربر المستعربة على الفايس بوك، و دليلهم الوحيد الذي قدموه هو صورة مقتبسة من لوحة فنية تعود الى سنة 1929 للرسام paolo giudici الذي اعطى اللون الاسمر لشخصية ماسينيسا في لوحته وليس الأسود كما أراد بعض الغوغائيين رؤيته والذين لا يفرقون بين مورفولوجية الانسان الزنجي بأنفه الغليض والجمجمة المستديرة في اغلب الاحيان وبين مورفولوجية إنسان ذو البشرة البيضاء .
ولأن دليلهم الوحيد في خزعبلتهم الجديدة هذه هي صورة تخيلية لفنان في القرن الواحد والعشرين فندعوكم الى تصفح الصور المرفقة بهذا المنشور والتي رسمها فنانون ايطاليون وغيرهم عن الملك ماسينيسا كلها تظهره بالبشرة البيضاء او السمراء في بعض الصور .
أما ما هو معلوم تاريخيا فهو أن النوميد والأمازيغ بصفة عامة لهم ثلاثة أنواع من الأجناس : أصحاب البشرة البيضاء ، والبشرة السمراء و أصحاب اللون الاشقر والعيون الزرقاء، أما الزنوج فقد تحدثت عنهم المصادر التاريخية بإسم الأثيوبيون ووضعت الفرق بينهم وبين الليبيين (سكان شمال افريقيا) .
يقول المؤرخ الاغريقي هيردوت ، في كتابه الرابع عن اللبيين الفقرة 197 و الذي زار برقة في القرن الخامس ق.م : " ... وأني لأضيف إلى ما ذكرته عن هذه البلاد (يقصد شمال افريقيا ) أنه بقدر ما تسعفنا معلوماتنا تعيش هناك أربع أمم لا أكثر، اثنتان منهما أصليتان واثنتان غير أصليتين، فالليبيون في الشمال والأثيوبيون في جنوب ليبيا أصليون ، أما الفينيقيون والإغريق فأنهم استقروا فيها فيما بعد"
فالأثيوبيون الأصلاء هنا هم الأفارقة الزنوج، لإن اسم افريقيا والافارقة سيظهر لاحقا بعد سقوط قرطاج وافريقيا تحوير روماني لاتيتي لكلمة "آفر" الأمازيغية، التي هي منطقة صغيرة شمال تونس عمم الرومان الاسم لاحقا على "افركا نوفا" بعد انهزام يوبا الاول، ثم على كل شمال افريقيا ليعوض اسم ليبيا ثم على كل القارة حديثا .
و يقول المؤرخ إستفيان غزال بهذا الخصوص : " للبربر على العموم وجوه مستقيمة، وأعين أفقية غير بارزة وأنوف طويلة إلى حد ما ... وتكون بشرتهم بيضاء عند الولادة ، ولكن سرعان ما تصيرها الشمس سمراء . فيجب دون شك أن لا نبحث عن سبب آخر للون الأسمر الذي أسبغته عدة من النصوص القديمة على أهالي الشمال الإفريقي... " ( استفيان قزال، تاريخ شمال افريقيا القديم، ترجمة محمد التازي سعود، ص 237)
وبخصوص الأغليد أقرضال ماسينيسا فأفضل نص يمكن الرجوع اليه في وصف صورته وخصاله مع غياب اي اشارة الى خصوصية لون بشرته، هو نص المؤرخ اليوناني بوليبيوس (Polybe) وهذا لكون هذا الاخير لم يكن من الرومان الذين كانت نصوصهم دائما تصب في خانة تصغير وتحقير غير الرومان ووصفهم بالهمج والبربر ، وكذلك لكون المؤرخ بوليبيوس قد التقي بالملك ماسينيسا في مملكته وكانت هناك صداقة قوية بين شعوب اليونان ونوميديا ترجمتها النصبيين التذكاريين لماسينيسا في احدى جزر اليونان لشكر الملك ماسينيسا على تبرعه لهم بالقمح النوميدي وأنقذهم من المجاعة.
يقول المؤرخ الاغريقي بوليبيوس عن ماسينيسا مع قليل من المبالغة المعروفة عن النصوص الاغريقية : " كان شديد البأس قوي الإرادة ذا عزيمة لا تثنيها المحن والعوائق والأخطار ، وكان طويل القامة قوى البنية محتفظا بحيويته ونشاطه ولم تنل الشيخوخة من صحته ولا أثرت عليه السنون والأهوال ، حيث كان قادرا على قيادة جيشه وهو في سن الثمانين ويبقي يومه متأهبا على صهوة جواده دون أن تظهر عليه علامات التعب او الانهاك ، و كان لا يأبه بتقلبات الطقس فيستقبل المطر والبرد مكشوف الرأس وهو في سن متقدمة دون أن يناله الضرر وليس معنى هذا أن الخشونة كانت شرعيته في الحياة بل ذلك يكمن في في قدرته على التكيف مع الظروف وحمل نفسه على تقبل مقتضياتها ، أما عندما يكون الظرف غير الظرف ويستقر في قصره بعاصمة ملكه فأنه يحيط نفسه بهالة من سعة العيش والترف لا تقل عما عليه أنداده من ملوك العصر ، فيتناول طعامه وشرابه في أواني من الفضة والذهب ، وتقام له حفلات الموسيقى اليونانية الراقية في جو تملؤه مظاهر أبهة الملك والسلطان ”
المرجع : المؤرخ الجزائري محمد البشير شنيتي . أضواء على تاريخ الجزائر القديم . دار الحكمة .ص 38
أما عن سبب تهجم التيار التعريبي المستمر على هذا الملك وسعيهم الحثيث على تقزيمه وتشويه صورته والبحث عن اصل صومالي وهندي له ... هو لكونه أحد الرموز الكبيرة للهوية الأمازيغية والتي يستمد منها شعبنا اعتزازه بتاريخهم القديم، فعقدتهم من كل ما هو أمازيغي ورغبتهم في طمس والقضاء على اي شيئ يذكرهم بالهوية الأصلية لهذه البلاد هي ما تدفعهم في كل مرة على اختلاق الأكاذيب التافهة للدفاع عن ما يعتقدون أنها هويتهم (العروبة) .
مصطفى صامت
ملاحظة :
١- حول إنجازات الملك ماسينيسا التي جعلته من أعظم ملوك الأمازيغ راجع مقالنا هذا : https://cutt.us/Il3Ed
٢- رد على اسباب ودوافع اتهام بعض الفرنسيين و القوميين العرب للملك ماسينيسا بالخيانة راجع مقالنا هذا : https://cutt.us/lIwWH
0- حول سيادة واستقلالية الملك ماسينيسا بملكه راجع مقال البرفسور حارش : https://cutt.us/luNms




الملك ماسينيسا






ماسينيسا ملك نوميديا Massinissa Roi de Numidie




ضاريح الملك الامازيغي ماسينيسا : في الخروب (الجزائر) Mausolée El Khroub Massinissa






هل كان الملك الماسيلي ماسينيسا أسود البشرة !؟  Massin10