على الرغم من أن بعض الأهالي يعتبرون فكرة إنجاب أو وجود طفل مفضل في العائلة فكرة غير حقيقية وغير موجودة، ومعظم الآباء يرفضون علانية الاعتراف بكونهم يفضلون أحد أطفالهم على الآخرين، لكن الحقيقة هي أن العديد من الآباء لديهم طفل مفضل. وهذا ما أثبتته إحدى الدراسات التي فحصت 384 عائلة لديها أكثر من طفل واحد، ووجدت أن 74% من الأمهات و70% من الآباء أظهروا معاملة تفضيلية تجاه طفل واحد دون الآخر. ويقول هوكيمير ،وهو بروفيسور في العلاقات الأسرية والاجتماعية من جامعة كاليفورنيا: "من المنطقي من الناحية النفسية تطوير علاقة أقوى مع أحد أطفالك، لا سيما مع الشخص الذي يشبهك كثيرًا، لأنه ببساطة الوالدان بشر، ينجذبون لمن يؤيدهم ويشبههم". لكن، على الرغم من أن المحسوبية أو التفرقة بين الأطفال قد تسبب ضررًا دائمًا، إلا أنها لا تجعلك أبًا سيئًا، ولا تعني أنك تحب الطفل الآخر بدرجة أقل. لذا، لا تجلد نفسك إذا كان لديك طفل مفضل، لكن حافظ على تصرفاتك تحت السيطرة وتأكد من أن أطفالك يعرفون أن لديك حبًا ودعمًا لا حدود لهما لهم جميعًا. نصائح للتغلب على فكرة الطفل المفضل 1. اعترف بمشاعرك لنفسك قد يكون من غير المريح أن تعترف (حتى لنفسك) أنك تنجذب إلى طفل واحد أكثر من البقية. لكن التظاهر بعدم حدوث ذلك لن يغير الطريقة التي تشعر بها. وعندما تنكر ما تشعر به أو تتظاهر بأنه لا يحدث، فقد تُظهر المحاباة عن غير قصد. أما إذا اعترفت (لنفسك) بما تشعر به، فيمكنك اتخاذ خطوات للتأكد من أن جميع أطفالك يشعرون بالحب والقبول من دون تحديد أحدهم على أنه المفضل لديك. بالإضافة إلى ذلك، ليس هناك ما يدعو للخجل، لأن المحاباة أو ميل الوالدين لطفل دون الآخر هو أمر طبيعي تمامًا، عندما لا تؤثر هذه المحاباة على الأبوة والأمومة تجاه الاطفال الآخرين. لهذا، تخلص من الشعور بالذنب وذكر نفسك أنه من الطبيعي أن تميل أو تفضل طفلا على الآخرين، وابذل جهدا لتعزيز الروابط مع الأطفال الآخرين أيضًا. 2. اقضِ وقتًا مع كل طفل لأن طفلك المفضل قد يكون متشابها معك في الهوايات والكلام وطريقة التفكير، فقد يكون من الأسهل عليك أن تقضي وقتا معه في اللعب أو النقاش من دون الحاجة لتخطيط أو تفكير، لأن قضاء الوقت مع طفل تكون اهتماماته مختلفة عنك قد يتطلب وقتا ومجهودا، مثلا، ماذا لو كان طفلك يحب ممارسة رياضة لا تفهمها؟ أو أنه يحب مناقشة بعض القصص الخيالية أو التاريخية التي لا تفقه بها كثيرا أو لا تحبذ مناقشتها؟ في هذه الحالات، ستحتاج إلى الدخول إلى عالم طفلك وخلق فرص استباقية لمعرفة كيفية مجاراته ومناقشته ليستمتع بوقته. حتى لو كنت لا تحب الرياضة التي يفضلها طفلك أو اللعبة، عليك أن تجتهد وتخلق فرصا للتواصل معه وتظهر له أنك مهتم ومستعد لفعل الأشياء التي يحبها، وخطط لبعض الأفكار التي يمكنها أن تجعله سعيدا ويشعر بأهميته بالنسبة لك. واسمح له ببعض التحكم في النشاط الذي تقوم به. وحاول أيضًا قضاء بضع دقائق كل يوم مع كل طفل. أظهر اهتمامًا إيجابيًا واهتمامًا حقيقيًا بالوقت الذي تقضونه معًا لضمان شعور الجميع بالحب والتقدير. 3. اجعل القواعد والنتائج عادلة طبق القواعد على كل طفل، وحاول الحذر من أن تقدم استثناءات لطفلك المفضل أو امتيازات إضافية من دون أن تدرك ذلك. على سبيل المثال، إذا نسي طفلك المفضل القيام بعمل روتيني، فقد تقول له "الجميع ينسى القيام بالأشياء في بعض الأحيان". ولكن عندما يغفل أحد الأطفال الآخرين عن عمله الروتيني، فقد تقول "عليك أن تكون أكثر مسؤولية، لا أستطيع أن أذكرك بفعل الأمور الواجبة عليك دائما"، أنت هنا لست متقصدا أو أنك تحب طفلك المفضل أكثر من الآخر، لكنك قد لا تدرك ما فعلته. لهذا، انتبه دائما وتذكر أن تكون القواعد متساوية على الجميع مع مراعاة عمر الطفل، فأنت لا تطبق نفس القواعد على طفل الأربع سنوات وطفل العشر سنوات. وبالمثل، يجب أن تكون العواقب أيضًا مناسبة للعمر، مثلا طفل الأربع سنوات قد يُوضع في غرفته لأربع دقائق، بينما لا تكون العقوبة ذاتها والوقت ذاته لطفل العشر سنوات. وتأكد من وجود أسباب منطقية وراء القواعد والعواقب التي تحددها. 4. امدح الجميع على حسن السلوك قد تجد نفسك تمدح طفلك المفضل في أغلب الأحيان. لكن من المهم الإشادة بالسلوك الجيد من جميع أطفالك. على سبيل المثال، قل: "أقدر أنك بدأت واجبك المنزلي قبل أن أضطر إلى إخبارك بذلك"، أو "شكرًا لك على الانتظار بصبر حتى أنهي مكالمتي الهاتفية"، قم بمدحه على السلوك المحدد الذي تريد تعزيزه، بمعنى بدلاً من قول "عمل جيد" أو "أنت طفل جيد" قل: "لقد كنت لطيفًا حقًا مع ذلك الطفل في الحديقة اليوم عندما سقط، وكنت سعيدًا لرؤيتك تحاول مساعدته". وإذا كان لديك طفل يتصرف بلطف وحكمة أكثر من الآخرين، فحاول أن تجد سلوكًا جيدًا للطفل الآخر يمكنك مدحه عليه، فهذا سيشعره بالرضا ويجعله يعمل أعمالا جيدة، وسيعرف أنك تقدر سلوكه ومنتبه لأفعاله، وسيقلل من خوفه من فكرة تفضيلك أخاً آخر. 5. تجنب مقارنة أطفالك الآخرين بطفلك المفضل في حين أنه من المفيد الثناء على سلوكيات معينة لطفلك المفضل، لكن، احذر من جعله أيقونة للمقارنات، مثلا، قول أشياء مثل "إذا تصرفتم بنفس طريقة أخيكم، فسأمنحكم بعض الحلوى" أو كونوا مثل أخيكم الفلاني واستيقظوا مبكرا.. أخوكم الفلاني جيد في الرياضيات كونوا مثله. المقارنة بين أطفالك تجعلهم في مواجهة بعضهم بعضاً، وتخلق ديناميكية غير صحية حيث ستُتهَم باختيار الأفضل. 6. معالجة المخاوف وجهاً لوجه قد يواجهك أحد أطفالك بقوله: أنت تحب فلانا أكثر مني أو تفضله علي، لا ترد عليه وتنفي هذا الشيء وتقول إنه ليس صحيحا، لأن هذا الرد غير فعال، بل يمكنك مناقشة الأمر معه لمعرفة سبب شعوره بدلا من تجاهل تلك المخاوف والاكتفاء بنفيها. اشرح له أنك تكنّ لجميعهم نفس القدر من الحب ولا تفرق بينهم، في النهاية كلهم أبناؤك ونجاحهم وسعادتهم من نجاحك وسعادتك. وبين الحقائق له، مثلا، عندما يقول لك أنك تمنح أخيه هاتفا وهو ليس لديه واحد، يمكنك أن تقول له "أعلم أنك تعتقد أنه ليس من العدل أن يحصل أخيك على هاتف وأنت لا، لكنه أكبر سناً، وقد أظهر لي أنه يستطيع تحمل المسؤولية الكافية للتعامل مع الهاتف". أو قد تقول، "أعلم أنك غاضب لأن أختك تحصل على مزيد من الوقت لممارسة الألعاب كل ليلة، ذلك لأنها تؤدي واجباتها المدرسية مباشرة بعد المدرسة، وبهذا فهي تكسب المزيد من وقت الفراغ ليلا". 7. كن صادقًا يمكنك ببساطة التفكير في ما يراه الأطفال بالفعل، مثلا، "أعلم أنك تعتقد أنني أحب أخيك أكثر لأننا نقضي الكثير من الوقت معًا، لكن كلينا يحب العمل على السيارات، لذلك نقضي الوقت معًا في المرآب، وإذا كنت ترغب في الانضمام إلينا، يمكنك ذلك في أي وقت وسنكون سعداء جدا بانضمامك، ويمكننا مساعدتك وتعليمك بعض الأمور عن السيارات". أو اطلب منه أن يقترح عليك بعض الأنشطة التي يحبها هو للقيام بها معا. 8. اشرح لماذا تنجذب إلى طفلك المفضل إذا كنت تنجذب حقًا إلى أحد الأطفال ولاحظ الأطفال الآخرون ذلك، فاعترف بذلك، وبين لهم حقيقة الأمر، مثلا "أنا وأختكم لدينا شخصيتين متشابهتين، لكن هذا لا يعني أنني أحبها أكثر أو أنني لا أحب شخصياتكم، هذا يعني فقط أن لدينا الكثير من الأشياء المشتركة التي يمكننا فهمها والمشاركة بها". 9. دعهم يعرفون أنك تحبهم جميعًا طمأن الجميع بأنك تحبهم وأن الارتباط الوثيق مع أحد الأشقاء لا يقلل من حبك للآخرين. ووضح أنه لمجرد أنك تتعايش مع طفل بشكل أفضل لا يعني أحيانًا أنك تحب ذلك الطفل أكثر. أكد لجميع أطفالك أنك تحبهم كثيرًا وأنك لا تحب أيًا منهم أكثر من البقية. وتحقق من صحة مشاعره وبين له أنه من الصعب الشعور بهذه الطريقة وأنك تفهم جيدا ما يشعر به، وأنك حزين أيضا لمعرفتك بأنه يظن أو يشعر بهذه الطريقة وأنك ستعمل معه على تصحيح بعض الأمور. 10. أشر للآخرين الذين يفضلون طفلا على الآخر قد تكون هناك أوقات يعامل بها أعمام اأو أجداد االأطفال طفلا واحدا بطريقة مميزة عن الآخرين، هنا أشر إليهم بلطف ووضح لهم أن ما يفعلونه قد يضر بمشاعر الطفل الآخر. لكن، لا تقاوم الرغبة في التعويض بإظهار المزيد من الاهتمام والمودة للأطفال الآخرين، لأن تصرفك هذا قد يجعل الأمور أسوأ وستعزز شعور التفرقة لدى الطفل الآخر. بدلاً من ذلك، تحدث إلى الكبار عندما لا يكون الأطفال موجودين، واشرح ما تراه وسبب قلقك. وإذا كان أحد الوالدين هو الذي يقوم بذلك، فقد تحتاج إلى اقتراح أنشطة يمكنه القيام بها مع الأطفال الآخرين. أو قدم استراتيجيات لإظهار الاهتمام لكل طفل. وإذا كان أحد الأجداد، فقد تحتاج إلى وضع حدود إذا كان لا يستمع إليك. وقد يعني هذا القول أن طفلهم المفضل لا يمكنه الذهاب معهم دائما في نزهات خاصة دوناً عن إخوته الباقين، ويجب أن يحصل كل طفل على نزهة خاصة. أو قد يعني تشجيع الأجداد على حضور جميع أنشطة الأطفال، لا الانشطة أو الفعاليات الخاصة بالطفل المفضل. 11. احصل على مساعدة احترافية يمكن أن يكون إظهار المحسوبية تجاه طفل واحد ضارًا للغاية. قد لا يؤثر فقط على الأطفال الذين يشعرون بأنهم أقل حظًا ، ولكنه قد يؤثر أيضًا على الطفل المفضل . وتظهر الأبحاث أن آثاره قد تستمر حتى مرحلة البلوغ. وجدت إحدى الدراسات أن الأشقاء الذين قالوا إن والدتهم فضلت طفلًا على آخر، أو رفضته، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر. ويمكن أن يؤثر إظهار المحسوبية أيضًا في علاقات أطفالك بعضهم ببعض. قد لا يؤسسون أبدًا روابط أخوية صحية، وهو نقص قد يستمر حتى مرحلة البلوغ. وإذا كنت تكافح من أجل تجنب إظهار المحسوبية، أو كنت متهمًا بذلك ولا تعرف كيفية الرد بطريقة صحية، فاطلب المساعدة المهنية. قد تحصل أيضًا على المساعدة إذا أظهر شريكك محاباة لطفل واحد ولا يريد فعل أي شيء حيال ذلك. يمكن أن يساعدك المعالج في ضمان إنشاء ديناميكيات عائلية صحية. الخلاصة: بينما قد تشعر بعدم الارتياح، فإن وجود طفل مفضل لديك ليس خيانة لأطفالك الآخرين وليس شيئًا يجب أن تخجل منه. ومع ذلك، من المهم خلق بيئة محبة يشعر فيها جميع الأطفال بالرعاية والدعم والتقدير. لذا، بدلاً من تجاهل مشاعرك، تقبل أنك تنجذب إلى طفل واحد أكثر من البقية. بعد ذلك، استخدم هذه الحقيقة لتصحيح بعض الأمور مع أطفالك الآخرين. ومع ذلك، إذا كنت تواجه صعوبة في إدارة مشاعرك ومساعدة الجميع على الشعور بالحب على حد سواء ، فاطلب المساعدة المهنية.