“مرض” التأجيل والتسويف عند الأهل .. ماذا يفعل بأطفالهم؟
التأجيل:
سامر، عندما يتسنّى لك الوقت، هل تستطيع فكّ سرير الصغيرة ووضعه في العليّة لكي أتمكّن من ترتيب غرفتها الجديدة؟
طبعاً، هل لديك مانع إذا فعلت ذلك خلال النهار؟
لا بأس، الأمر ليس طارئاً!
بعد يومين تقول له زوجته قلقة:
هل تنوي فك سرير الصغيرة؟
أعذريني، لقد نسيت كليّاً! سأفعل ذلك فوراً.
بعد ذلك بثلاثة أيام، سأل سامر زوجته مندهشاً:
ماذا تفعلين؟
كما ترى، أفكّ السرير!
ولكن قلت لك إنني سأقوم بذلك!
هذا صحيح، ولكنني طلبت مساعدتك منذ أسبوع ولم يتم ذلك بعد! لن أنتظر حتى تصبح الفتاة في سن لن تعود معها الغرفة مناسبة لها!
تأجيل فتأجيل!
تُعتبر صيغة «قلت لك إنني سأقوم بذلك» من الأعراض الأساسية لمرض التأجيل الدائم وهذا ما سندرسه الآن عن كثب.
فتذكروا أن «سوف» هي الكلمة المفضّلة لدى الأشخاص الذين يتمتعون بأفضل النوايا، لكنّهم لا يتعدّونها إلى حدّ الفعل. وفعل «القول» هو حجر العثرة الذي يعرقل الانتقال إلى هذا الفعل. فكيف إذا كان هذا الفعل مستخدماً في صيغة الماضي؟ يحق لشريككم أن يشكّ في حسن نواياكم فهو يعلم، مثلكم تماماً، أن ما يُقال لا يتمّ بالضرورة؛ في حين أن ما يتم لا يحتاج بالضرورة إلى أن يُقال. من الصعب جداً بذل الجهد بشكل فعّال في اتجاهين معاً. فالطاقة التي تصرفونها في الكلام عمّا سوف تفعلونه، لا يمكنكم استخدامها في تنفيذ ما تتكلّمون عنه.
كلّما زاد الكلام قلّ الفعل. «قلت لك إنني سأفعل ذلك» هي عنوان لعدم الفعالية. فإذا كنتم ممن يردّدون هذه العبارة، اعلموا أنها تحكم عليكم بالعيش في أحلام لن تطأ أبداً أرض الواقع، ناهيك عن أننا لم نتكلم عن المثال السيّئ الذي تقدّمونه لتلك الفتاة الصغيرة التي لا تخدعها «همّتكم» لترتيب غرفتها الجديدة.
اختيار الكلمات
صحّحوا كلامكم فوراً وبصوت عال! «أفعل ذلك غداً، أو بعد غد، أو في العيد»، ولكن لا تقولوا أبداً: «سوف أقوم بذلك». قد تبدو لكم هذه نصيحة بسيطة ولكنكم تحتاجون إلى الكثير من الطاقة الذهنية لتنتبهوا إلى عاداتكم الكلامية السيئة وتتوصّلوا إلى التخلّص منها.
إن الإكثار من استخدام «سوف» للتعبير عن عمل تنوون القيام به في المستقبل قد يتحوّل إلى جرثومة تلوّث صورتكم في أعين أولادكم. ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، فالتأجيل تصرّف نموذجي يقود إلى الفشل ويعود تأصّله في أذهاننا إلى الطفولة (بين 3 و6 سنوات). وهو النتيجة المباشرة لتربية متساهلة إذ نجده عادةً لدى الابن الوحيد أو لدى الأولاد الذين تربّوا على هذا الأساس. فمستوى ما يفرضه الوالدان على ابنهما (أو ابنتهما) الوحيد هو أدنى بكثير ممّا يُفرض على أولاد أسرة كبيرة، إذ إن الفوضى تكون دائماً أقل إزعاجاً إذا كان لدينا طفل وحيد نربيه. تطلب والدة طوم من ابنها قائلة: «أريدك أن ترتّب غرفتك». فيجيب الولد: «سأفعل ذلك لاحقاً، ماما!»
أوّل مرة يجيبكم فيها ابنكم أو ابنتكم بـ«سأفعل ذلك لاحقاً»، يجب أن تنطلق في رأسكم صفّارة الإنذار. فالإرجائية تبدأ في سن الثالثة. ولا تتظاهروا بتجاهلها، فذلك لا يصبّ في مصلحة ولدكم.
https://tarbiazakia.com/133677/2022/02/%d9%85%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d8%ac%d9%8a%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b3%d9%88%d9%8a%d9%81-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%87%d9%84-%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%8a/?fbclid=IwAR1WGorwST7q-kQefeMYMqm0K9SBq5VB6gMif-n86k9cmSEy04J6hv_-1MI