ذكرى فتح موسكو
على يد توقتمش خان زعيم القبيلة الذهبية المغولية التابعة للخليفة العباسي من زمن بركة خانحيث في مثل هذا اليوم
كان فتح موسكو على يد توقتمش خان زعيم القبيلة الذهبية (دولة مغول القفجاق)
وذلك في 16 جمادى الثانية 784 هجري
الموافق في تاريخ 1382/08/27م
خلفية المعركة
كانت دولة مغول القفجاق المعروفة تاريخيا بإسم (القبيلة الذهبية) تسيطر على مساحات واسعة من ما هو معروف اليوم بروسيا وآسيا الوسطى وأوكرانيا، وقد ورثوا هذه الأراضي من الدولة العباسية، وزاد تجذر المغول فيها عندما إعتنق بركة خان الإسلام في عام 1252م واعترف بتبعيته للخليفة العباسي، ولكن مع مرور الزمن إنقسمت القبيلة الذهبية لعدة دول وأهمها القبيلة البيضاء والزرقاء.
واستغل أمير موسكو ديمتري دونسكوي إنقسام المغول، فقام بمهاجمة القبيلة الزرقاء المغولية عام 1380م وانتصر عليها في معركة كوليكوفو، وتراجع زعيم القبيلة الزرقاء ماماي خان، وهنا غضب زعيم القبيلة البيضاء توقتمش خان بسبب هزيمة ماماي خان فقام بمهاجمة القبيلة الزرقاء وقتل حاكمها ماماي خان عام 1380م وأعلن نفسه زعيما للقبيلة البيضاء والزرقاء، ثم وحد باقي القبائل المغولية فأصبح زعيم القبيلة الذهبية وحاكم دولة مغول القفجاق الأوحد.
السير نحو موسكو
بعد أن نجح توقتمش خان في توحيد القبيلة الذهبية تحت قيادته، ورتب أمور دولته، قرر في عام 1382م مهاجمة دوقية موسكو التي توسعت نتيجة صراع المغول، وكذلك ليرد هزيمة المغول في معركة كوليكوفو، وأول أمر قام بتنفيذه هو قتل التجار الروس ومصادرة بضائعهم بعد أن إتهمهم بأنهم جواسيس وقادمين لرصد تحركاته.
حصار موسكو
سيطر الذعر على سكان موسكو، وقام أمير موسكو ديمتري دونسكوي بجمع الجيش من كافة مناطق دولته، واتخذ أغنياء موسكو مبنى الكرملين الأبيض مستقرا لهم، واندلعت أعمال شغب في موسكو، بسبب صراع بين قسم من السكان حاولوا الهرب من المدينة وبين القسم الآخر الذي قرر الدفاع عنها، وهنا قرر أمير موسكو منع السكان من مغادرة المدينة باستثناء زوجته وأطفاله.
وبينما كان سكان موسكو يصلون في الكنائس، كان العسكر الروسي وطبقة نبلاء البويار يشربون الخمر، وواقفين على أسوار موسكو المنيعة ويسخرون من المغول ويخاطبونهم بكلمات مليئة بالعار والإهانة.
وفي ليلة 24 أغسطس إقترب توقتمش وجيشه من أسوار المدينة، فأطلق سكان موسكو سهماً عليهم، ورد المغول بوابل من السهام، وقتل العديد من المدافعين عن المدينة، ووضع المغول السلالم، وشنوا الهجوم، فسكب المدافعون عن المدينة الماء المغلي على المهاجمين، ورشقوهم بالحجارة، وكما استخدم سكان موسكو الأسلحة النارية المأخوذة من البلغار فتم صد الهجوم وإلحاق خسائر كبيرة بالمغول، وكرر المغول المحاولة في اليوم التالي ولكنهم فشلوا.
فتح موسكو
بعد فشل توقتمش خان في فتح المدينة بالقوة، قرر أن يستعمل الخديعة، فأرسل في 26 أغسطس وفدا للتفاوض وكان من ضمن وفده أمراء روس من أبناء أمير سوزدال، وقام هؤلاء الأمراء الروس بالإجتماع مع كبار قادة مدينة موسكو ونجحوا في إقناعهم بأن هدف توقتمش خان ليس أخذ مدينة موسكو، بل هدفه قتل أميرها ديمتري دونسكوي إنتقاما لقتله المغول في عام 1380م.
وإقتنع قادة موسكو بحديث أبناء أمير سوزدال، ودعوا السكان لفتح أبواب المدينة، وتم فتح أبواب المدينة، ودخل المغول إلى داخل مدينة موسكو، وغادر المدينة عدد من الأمراء ورجال الدين ونبلاء البويار وقسم من السكان بسلام، ولكن فجأة إنقلب الوضع حيث قام المغول بمهاجمة باقي السكان، وهنالك إختلاف حول سبب الهجوم ما بين من قال بأن المغول قاموا بالغدر وبين من تحدث عن حدوث إشتباك أدى للهجوم المغولي على سكان المدينة.
حيث قام المغول بمهاجمة البيوت والشوارع وقتل السكان، وقاموا بإشعال النيران في المدينة، ونجح قسم من السكان في الهرب نحو بحيرة پليشتشيڤو فكانت قواربها طوق النجاة لهم، وبلغ عدد القتلى الروس 24000 قتيل، وقام توقتمش خان بضم موسكو لدولته، وأرسل توقتمش خان وفدا إلى الخليفة العباسي في القاهرة محمد المتوكل على الله يبشره بنصر حملته على الروس.
وأما الغريب في هذا الحدث التاريخي فهو عفو توقتمش خان عن أمير موسكو ديمتري دونسكوي، وقيام توقتمش خان بتعيين أمير موسكو السابق كجابي للضرائب من الرعايا الروس.
***** المصادر:
1) غزو المغول لروسيا، أسامة حسيب
2) تاريخ روسيا من القبيلة إلى الأمة، ليف غوميليوف
3) تاريخ مغول القبيلة الذهبية والهند، محمد سهيل طقوش
4) تاريخ روسيا منذ العصور القديمة، إس إم سولوفيوف