الانفجار العظيم.. نظريات تكشف أسرار الدقائق الأولى من عمر الكون
ها هو ذا آخر ما بقي من النجوم يلفظ أنفاسه الأخيرة الآن ليطلق آخر زفراته المتوهجة، ومعها ينبثق شعاع الضوء الأخير السابح في غياهب الكون، ومع زواله سيغوص الكون بعظمته في ظلمة حالكة فيطبق عليه صمت موحش، وبهذا نكون قد تطرقنا إلى أحد سيناريوهات نهاية الكون التي يفترضها فيزيائيو الفلك، وفق ما يتنبأ به القانون الثاني من الديناميكا الحرارية "الثيرموديناميكا"، وهو سيناريو الموت الحراري للكون.وكذا الكون، فعلى الرغم من اتساعه السحيق فإنه يبقى نظاما مغلقا تأخذ الحرارة فيه بالانتشار إلى أن يصل القصور الحراري فيه إلى أقصى مستوياته، فلا يحدث حينها أيّ عمليات للانتقال أو التبادل الحراري، وبهذا يدخل الكون في جمودٍ وموت بارد.
إنّ ذلك ليس إلا فرضية واحدة من عدة فرضيات طرحها عدد من الفيزيائيين من جملة بحوثهم في فهم طبيعة عمل الكون، ولأن الكون محكوم بعضه ببعض، ومحاولة رؤية المستقبل تشترط فهم الماضي والبحث عن خيوط تقودنا إلى نقطة البداية؛ تقدّم نظرية الانفجار العظيم تفاسير وافية عن ظواهر فيزيائية مرئية عدّة، استنادا على عدد من الأدلة الملموسة التي جاءت نتاج سنوات من العمل المشترك وغير المشترك من قبل علماء وباحثين حول العالم.
نظرية الانفجار العظيم.. لحظات حاسمة صنعت قوى الكون العظمى
على الرغم من وجود عدة نظريات تتناول نشأة الكون، تعد نظرية الانفجار العظيم أكثرها رسوخا وقبولا بين جمهور العلماء اليوم، ويعود الأمر إلى ثلاثة اكتشافات جوهرية مهّدت الطريق إلى تبني نموذجها، وهي: اكتشاف "إدوين هابل" لتوسع الكون في بداية القرن الماضي، ثمّ اكتشاف صورة الخلفية الميكروية للكون، ثم الاكتشاف الذي توصل إليه العالم البريطاني "فريد هويل" في آلية ظهور العناصر الثقيلة.
تعد نظرية الانفجار العظيم التي شرحت نشأة الكون وتوسعه أقوى نظرية حتى اليوم
في كتاب "الدقائق الثلاث الأولى" لعالم الفيزياء النظرية الأمريكي "ستيفن واينبرغ"، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء بالاشتراك مع العالمين "محمد عبد السلام" و"شيلدون غلاشو"، يقول الكاتب واصفا -وفق تقديراته- حادثة الانفجار العظيم إنّه في البداية كان ثمّة انفجار، ليس كأيّ انفجار نألفه على الأرض، وإنما كانت لحظة قد تفاعلت فيها المادة مع بعضها، واندفع كلّ جسيم هاربا من الآخر في حيّز ضيّق للغاية، ثمّ انطلق الكون بالتوسع من هذه البقعة في كلّ الاتجاهات. ونحن نقف هنا أمام احتمالين؛ إمّا أنّ الكون ليس متناهيا ويمتد إلى الأبد، أو أنّ الكون سينطوي على نفسه في لحظة ما، وكلا الاحتمالين لا يمكن البرهنة على أحدهما بسهولة.
وعند نحو الجزء 100 من الثانية "السِنتي ثانية" من بعد لحظة الانفجار، وهي أقصى نقطة يمكننا الوقوف عليها والحديث بشيء من الثقة فيها، كانت درجة حرارة الكون تبلغ ما يقارب 100 ألف مليون درجة مئوية. وهي درجة حرارة أشد من حرارة أي نجم في الكون، كما أنها كفيلة بتفكيك روابط أيّ مادة أو جزيء أو ذرّة، وحتى أنوية الذرات، فإنها تفقد قدرتها على الاندماج. وبدلا من ذلك فإنّ المادة تتنافر من بعضها بأبسط صورها التي نعرفها، وهي الجسيمات الأولية مثل الإلكترونات والكواركات وغيرها.1
ثمّ ما لبثت أن بدأت درجة الحرارة بالانخفاض على نحو دراماتيكي لكي يتسنى للجسيمات دون الذرية أن تتشكّل مثل البروتون والنيترون خلال الدقائق الثلاث التالية، لتتكوّن أنوية الذرات نفسها لاحقا مثل ذرات الهيدروجين والهيلويم. وقد استغرق الأمر بعدها نحو 300 ألف سنة أخرى لكي ينضم الإلكترون ويدور حول هذه الأنوية. وبفضل الكم الهائل من هذه الذرات تكوّنت سحب كونية ضخمة اندمجت معا تحت تأثير قوّة الجاذبية، وبدأ منذ ذلك الحين عصر تشكّل النجوم والمجرات، وأصبح الكون شفافا لينطلق منه أول شعاع ضوئي.
وقبل تلك اللحظات الحاسمة في تشكّل الجسيمات دون الذرية، يبني العلماء توقعاتهم على سيناريو يستوفي ظهور 3 أحداث بارزة ساهمت في رسم الخط الزمني للكون: حقبة بلانك، وحقبة التوحد العظمى، وحقبة التضخم الكوني. وجميع تلك الأحداث جاءت على فترات متعاقبة تفصل بينها مدة زمنية أقل من فيمتوثانية (جزء من ألف تريليون جزء من الثانية).
حقبة التوحد.. وحدة القوى الطبيعية العظمى
بعد لحظة الانفجار العظيم بدأ الزمان والمكان عند الزمن صفر ومضت عجلة الوقت بالدوران حتى وصلت إلى الثانية ، وهو ما يُعرف بـ"زمن بلانك"، وفيها تخلخل ظهور الحقبة الأولى من الكون في هذه اللحظة الخاطفة، إذ كانت الحرارة والكثافة في أعلى مستوياتهما، وكانت جميع القوى الأربع المعروفة في إطار موحّد قبل أن تنفصل قوة الجاذبية عن الأخريات في نهاية الحقبة.
يتمدد الكون بفعل الطاقة المظلمة التي منحته الزخم الأولي للتمدد، وهناك مادة مظلمة مجهولة المصير حتى الآن
وبعد ذلك مباشرة دخل الكون في المرحلة التالية، حقبة التوحد العظمى، وقد استمرّت حتى الثانية ، وخلال هذه الحقبة كانت ثلاث قوى طبيعية من أصل أربع موحدة معا، وهي: الكهرومغناطيسية (الكهربائية والمغناطيسية)، والنووية الضعيفة، والنووية القوية، تحت مسمى القوة (الكهرونووية). ومجددا يحدث انفصال جديد في القوى الطبيعية لصالح القوى النووية القوية.2
ومن حسن الحظ، فإنّ عملا دؤوبا نتجت عنه معرفة حسابية دقيقة لكافة القوانين الرياضية التي تغطي هذه القوى، وآلية عملها وتفاعلها، وحتى تحديد أنماطها ومدى تأثيرها.
حقبة التضخم الكوني.. حيلة لتفادي الانكفاء والفناء
لقد لاحظ أحد المهتمين بدراسة التسلسل الزمني للكون، الفيزيائي الأمريكي "آلان جوث"، أنّ علم الفلك المبني على تأثيرات النظرية النسبية التي وضعها العالم "ألبرت أينشتاين" يشترط نموا أسيا ودراماتيكيا للكون في عمره الأوّل، وهذا الافتراض عالج عددا من الإشكاليات التي كانت تتعلق بحالة الكون كما هو اليوم.
اقترح "جوث" بأنّ الكون بعد خلقه مباشرة لم يكن إلا فقاعة صغيرة عالية الكثافة، حدث لها تضخم هائل وصل إلى من ضعف حجمه الأوّلي على أقلّ تقدير، وذلك في غضون فترة زمنية قصيرة للغاية ابتداء عند الثانية . وقد أطلق على هذه الفترة الحرجة من عمر الكون اسم "التضخم الكوني" وذلك في عام 1979. 3
ويعزو العلماء عملية التضخم إلى تفادي الكون عدم الانكفاء على نفسه ثانية، فينتهي إلى الفناء بفعل قوة الجاذبية الناتجة من المادة عالية الكثافة المتمركزة في نطاق ضيّق حينئذ. ولم يمض كثير من الوقت حتى تباطأت عملية التضخم على نحو ملحوظ، مع استمرار الكون في التوسع وفق ما أشار إليه أعظم اكتشافات القرن الماضي، قانون "هابل" لتوسع الكون.
"إدوين هابل".. أعظم الاكتشافات العلمية على الإطلاق
من على قمّة جبل ماونت ويلسون في مدينة كاليفورنيا، كان الفلكي الأمريكي "إدوين هابل" منهمكا بتسجيل بعض الملاحظات الفكلية التي حصل عليها للتو بواسطة تلسكوبه ذي المئة بوصة، والتي قادته كذلك في نهاية المطاف إلى التتويج بأحد أعظم الاكتشافات العلمية على الإطلاق.
فما رآه "هابل" في مدوّنته بعد دراسة 24 مجرّة، هو أنّ التغيّر الحاصل في انزياح الطيف الأحمر لدى المجرّات يتناسب طرديا مع المسافة التي تفصلها مع الأرض، أي أنّ الأجرام السماوية الأبعد كانت تتحرّك بسرعات أعلى من تلك القريبة. وفكرة الانزياح الأحمر (Red Shift) أو الانزياح نحو الأحمر في علم الفلك ببساطة هي الزيادة في الطول الموجي الذي يطرأ على الموجة الكهرومغناطيسية إثر ابتعاد مصدر الأشعة عن المراقب، والعكس صحيح، وأما الانزياح نحو الأزرق فيحدث عندما يقترب مصدر الأشعة نحو جسم المراقب فيقصر طول موجتها.
المهندسان الأمريكيان اللذان اكتشفا الخلفية الكونية للإشعاع الميكروي
وعليه استنتج "هابل" في عام 1929 بأنه لطالما جميع المجرّات تبتعد بسرعات متفاوتة من كوكب الأرض، أو من مجرتنا بمعنى أدق، فإنّ ذلك يعني بأنّ الكون عبارة عن بالون في حالة انتفاخ وتوسّع مستمرة، وسواءً كنّا نتموقع في داخل البالون أو على سطحه، فإننا نشاهد كلّ ما حولنا يبتعد عنا.
ولطالما كان البالون في حالة انتفاخ، فإنّ ذلك لا يعني إلا أمرا واحدا، أننا لو أعدنا الخط الزمني للكون إلى الوراء، فإنّنا سنصل إلى نقطة تفرّد بدأ عندها توسّع الكون، وهو ما رمى إليه الكاهن البلجيكي "جورج لوميتر" بأنّ الكون نشأ من ذرّة أوّلية، أو بتسمية أخرى من انفجار عظيم. وقد منحت حسابات "هابل" الأولية عمرا تقديريا للكون يبلغ نحو 1.8 مليار سنة، وهو ما أربك العلماء لعقود طويلة لأنّ ذلك يُعد عمرا أقصر من عمر الأرض، وهذا غير ممكن.
توسع الكون.. قوة غامضة مظلمة بين المجرات
وفقا لمجلة الفيزياء الفلكية (The Astrophysical Journal)، فقد وجد الباحثون أنّ الكون يتمدد بمعدل سرعة 73 كيلومترا في الثانية لكل مليون فرسخ فلكي، وبمعنى آخر لو أنك كنت تراقب جسما على مسافة مليون فرسخ فلكي، فإنّه سيبعتد عنك بسرعة 73 كيلومتر كل ثانية. والفرسخ الفلكي هو وحدة قياس فلكية لقياس المسافات الكونية الشاسعة، وتُقدّر بـ3.26 سنة ضوئية.4
ويرى العلماء أنّ السبب وراء هذا التوسع المستمر للكون هو وجود قوّة غامضة ومظلمة تتخلل بين المجرات وتعمل على دفعها عن بعضها. وأفضل التفسيرات أو الافتراضات لهذه القوة هو ما يُعرف بالطاقة المظلمة (Dark Energy)، إضافة إلى المادة المظلمة (Dark Matter)، وتقديريا تشكّلان من الكون نسبة 95%، ويصعب التعامل معهما مخبريا أو الكشف عنهما لأنهما لا يتفاعلان مع القوة الكهرومغناطيسية، مما يعني أنهما لا يمتصان ولا يعكسان ولا ينبعث منهما أي ضوء. أمّا الـ5% الباقية من الكون فهي العالم المادي المحسوس الذي يمكننا رصده حتى الآن، وكان "أينشتاين" أوّل شخص يدرك عدم صحة وجود الفضاء الفارغ بمجمله.5
على الرغم من الصدى الذي حققه اكتشاف توسّع الكون، لم تكن الأوساط العلمية متفقة على نموذج واحد لطبيعة الكون بسبب شح التفسيرات الكافية للظواهر الفلكية، فكان قسمٌ يؤيد نظرية الانفجار العظيم، في حين كان قسم آخر يميل إلى نظرية الحالة المستقرة للكون (Steady-State Model) التي تنص على أنّ الكون كان وما زال وسيكون كما هو، أي أنه لم يبدأ من نقطة ما، ولن ينتهي عند أيّ نقطة. ولهذا السبب استوجب البحث عن سبب آخر يرجح كفّة الانفجار العظيم، وكان الاكتشاف العظيم التالي، صورة الكون الرضيع.
"جورج غامو".. مسرح لكشف خبايا كرة النيوترون الملتهبة
إذا كان البعض يرى أنّ الكون لم يكن أزليا، بل نشأ في نقطةٍ وفي لحظةٍ ما وأخذ بالتوسع في جميع الاتجاهات بسرعات تتجاوز سرعة الضوء نفسه، فإنّ محاولة رفع الغطاء عن صور الكون الأولية جديرة بالاهتمام، أو بمعنى آخر إيجاد صورة لبقايا المرحلة الأولى من عمر الكون. ففي أربعينيات القرن الماضي، صبّ عالم الفلك الروسي "جورج غامو" جلّ اهتمامه في محاولة إيجاد مستحثات كونية لإثبات حدوث الانفجار العظيم.
لكن الأمر كان محبطا للغاية لأنّ علم الفلك ليس علما تجريبيا مخبريا، وإنما هو علم مبني على المراقبة والرصد والتحليل، أشبه بالقصص البوليسية، إذ يحاول المحقق الكشف عن خبايا وخيوط الجريمة بواسطة دراسة الأدلّة المتوفرة، ومسرح الجريمة بالنسبة لعالم الفلك هو الكون بأكمله.
رسم يوضع التوزيع الكلي للمجرات في الكون المرئي بحسب الخلفية الكونية للإشعاع الميكروي
كانت نظرية "غامو" تشير إلى أنّه لو كان الانفجار العظيم ضخما للغاية، فربما يكون أثره حاضرا اليوم على هيئة بقايا حرارة ناتجة من الانفجار منتشرة في الكون بضباب منتظم من الإشعاع، وهو أقرب إلى أن يكون سجلا أحفوريا للانفجار العظيم نفسه.
وفي عام 1946، شرع "غامو" بوضع بعض الأساسيات لفرضيته، كتشبيه الانفجار العظيم بكرة ملتهبة من النيوترونات، وبمجرّد حساب حرارة هذه الكرة، فإن من السهل الوصول إلى حرارة الكون اليوم وكمية وطبيعة الإشعاعات المنبعثة. وبعد عامين من العمل توصّل إلى مبتغاه، فكتب: بقراءة الأيام الأولى من الكون إلى الوقت الحاضر، وجدنا أنه خلال العصور التي مرّ بها، لا بد أن الكون قد برد إلى حوالي 5 درجات فوق الصفر المطلق.6
وهنا توقف كلّ شيء بالنسبة لـ"غامو" الذي كان يعمل بصحبة طالبيه "رالف ألفر" و"روبرت هيرمن"، فالتحقق من النتائج تجريبيا يُعد محالا في ذلك الحين، وكان لا بد من العمل على جهاز قادر على الكشف عن تلك الأشعة الخفيّة المتبقية من الانفجار العظيم.
صورة الكون الرضيع.. أبعاد زمانية بدقة متناهية لعمر الكون
في عام 1965 توصّل الفلكيان الأمريكيان "أرنو بيزياس" و"روبرت ويلسون" صدفةً إلى تأكيد التنبؤات السابقة، فعندما وجّها مقرابهما الراديوي (بوقي الشكل) لقياس الإشعاع الميكروي للسماء، استطاعا رؤية خلفية ميكروية للكون بوضوح، وهو ما خوّل لهما الحصول على جائزة نوبل في الفيزياء لاحقا. ومنذ ذلك الحين جرى العمل على عدة تجارب لرؤية الإشعاع الباقي من الانفجار العظيم.
قانون هابل لتوسع الكون يقضي بأن سرعة تباعد المجرة عنا يزداد كلما كانت أبعد فأبعد
وأشهرها الصورة التي التقطها مسبار "ويلكينسون لقياس التباين الميكروي" (Wilkinson Microwave Anisotropy Probe) في عام 2001، إذ منحنا خارطة للكون لم يسبق لها مثيل، صورة للسماء أظهرت تفاصيل مذهلة للإشعاع الميكروي وهو منتشر على نحو شبه منتظم، وقد علّق البعض بأنهّا صورة للكون الرضيع، ولو كان الكون عمره 80 عاما، فإنّ هذه الصورة تمثل الكون وهو طفل حديث الولادة عمره لم يتجاوز اليوم.
كما استطاع العلماء استخلاص عدّة نقاط مهمة من الصورة، أوّلها صحة حسابات "غامو" لحرارة الكون مع فارق بسيط للغاية، إذ تبلغ في الحقيقة 2.7 درجات فوق الصفر المطلق. كما منحتنا الصورة أبعادا زمانية لعمر الكون بدقة متناهية وافقت تقدير العلماء بـ13.7 مليار سنة.7
ولاحقا في عام 2013 أعلن مسبار "بلانك"، التابع للوكالة الأوروبية لأبحاث الفضاء، عن آخر تحديثٍ لصورة الكون لإشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وكانت أكثرها دقّة على الإطلاق.
أنماط الكون.. نظريات التسطيح والإغلاق والانفراج
تصف نظرية النسبية العامة الكون على أنّه نسيج قابل للتحدب تحت تأثير الكتل عليه، ويعود الفضل إلى الفيزيائي الروسي "ألكسندر فريدمان" في حلّ أغلب معادلات النظرية التي استعصت على "أينشتاين" نفسه. وقد توصل إلى أنّ الكون حسابيا يمكن أن يكون أحد الأنماط التالية: إما مسطحا، أو مغلقا، أو منفرجا (مفتوحا)، ويعتمد ذلك على كثافة الكون، أو بمعنى آخر كميّة المادة بالنسبة لحجم الكون.
فلو كانت كثافة الكون عالية بما يكفي لكي تسمح لقوة الجاذبية بالتغلب على قوة التمدد، فإن الكون سيتخذ شكلا كرويا وهو النموذج المغلق. ومن خصائصها المحيرة أنّ هذا الكون نهائي ولكن ليس له حدود، أيّ أنّ الرحالة العربي ابن بطوطة لو ركب مركبته الفضائية وجال في أصقاع الكون إلى الأبد، فإنّه لن يصل إلى حدٍ له.
وضع العلماء ثلاثة نماذج لنهاية الكون المحتملة، المرصود منها اليوم هو الكون المفتوح
وأما إذا كانت كثافة الكون منخفضة وغير قادرة على إيقاف عملية التوسع الكوني، فإنّ الفضاء سوف يلتوي في الاتجاه المعاكس مشكّلا كونا مفتوحا يشبه سرج الخيل.
وآخر النماذج وأكثرها اعتدالا وقبولا لدى جمهور العلماء، هو أن تكون الكثافة مثالية لكي تبقي الكون مسطحا، بنسبة 6 بروتونات لكل 27 قدم مكعب.8
وإذا ما تطرقنا إلى الحديث عن الحجم، فالكون ينقسم إلى جزئين: الكون المرئي، وهو ما يمكن أن نراه ونراقبه بعدساتنا، والكون بأسره وهو أوسع وأبعد من أن يصلنا منه أي شعاع أو حتى معلومة، لأنّه ما من شيء في الكون يسير بسرعة أعلى من سرعة الضوء، وهو الحد الأقصى للكون. ويقدّر العلماء قطر الكون المرئي بحوالي 93 مليار سنة ضوئية، اعتمادا على أبعد نجم جرت مراقبته وعلى عمر الكون.9
المصادر:
[1] واينبرغ، ستيفن (1993). الدقائق الثلاث الأول. باسيك بوكس، نيويورك. ص14
[2] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). حقبة التوحد العظمى. تم الاسترداد من: http://ffden-2.phys.uaf.edu/webproj/211_fall_2016/Trevor_Jepsen/trevor_jepsen/Grand_unification.html
[3] سوتر، باول (2018). كيف حدث التضخم الكوني؟ ولماذا يعنينا؟. تم الاسترداد من: https://www.space.com/42261-how-did-inflation-happen-anyway.html
[4] د. كارينتيني، ألفيريد (2022). ما مدى سرعة توسع الكون؟ تلسكوب هابل يكشف عن القياس الأكثر دقة حتى الآن. تم الاسترداد من: https://www.iflscience.com/how-fast-is-the-universe-expanding-hubble-reveals-most-precise-measurement-yet-63764#:~:text=As%20reported%20in%20The%20Astrophysical,megaparsec%20plus%20or%20minus%201.
[5] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). المادة المظلمة، والطاقة المظلمة. تم الاسترداد من: https://science.nasa.gov/astrophysics/focus-areas/what-is-dark-energy#:~:text=Universe%20Dark%20Energy%2D1%20Expanding%20Universe&text=Astronomers%20theorize%20that%20the%20faster,that%20is%20pulling%20galaxies%20apart.&text=One%20explanation%20for%20dark%20energy,empty%20space%20is%20not%20nothing.
[6] كاكو، ميتشو (2006). العوالم الموازية. أنكور، نيويورك. ص57
[7] نفس المصدر. ص8
[8] كوتير، كودي (2021). ما هو شكل الكون؟. تم الاسترداد من: https://astronomy.com/news/2021/02/what-shape-is-the-universe
[9] تيلمان، نولا (2022). ما هو حجم الكون؟. تم الاسترداد من: https://www.space.com/24073-how-big-is-the-universe.html
https://doc.aljazeera.net/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF/?fbclid=IwAR3wqyWWksDGSN6EbYuoEM0vfZYOat3ggGeix_TR6r-MXjs3MBnJ6IBiYDA