هل الفينيقيون عرب؟
دعك الآن من كتب التاريخ، وانظر إلى هذا المبنى.. ما رأيك؟. هل اقتنعت نفسك بأنّ هذا الطراز يمكن أن يكون عربياً؟. أعتقد أنّ الانسان الذي يقرأ ويهتم بالتاريخ يتكوّن عنده نوع من الذوق يميّز به بين اللمسات الحضارية لمختلف الأمم، تماماً كما يكون الأديب قادرا على التمييز مثلا بين الشعر الجاهلي والاسلامي، وبين الأموي والعباسي الخ دون أن يرى أسماء المؤلفين، بينما يبقى الجاهل بالآداب محتاراً ومتسائلاً حول الأدلة النقلية دائماً. هذا ما أرى عليه الإنسان العربي الذي يعتقد بأنّ الفينيقيين عرب. ما لهؤلاء والعروبة؟. متى عُرف عن العرب هذه الرشاقة والفخامة في العمران؟. تا الله لو لم أقرأ شيئاً عن الفينيقيين لكان يكفيني أن أرى هذا المبنى لأجزم بأنّه لا علاقة لهم بالعروبة. المسألة يا عزيزي القارئ استعمارية محضة، فلكي يسيطر العرب على الشام كان يجب أن يقطعوا جذورالشاميين التاريخية بهذه الأكاذيب المضحكة لكي يعتقد اللبناني والسوري والفليستيني بأنهم عرب كما هو الشأن بالنسبة للامازيغ والأقباط وغيرهم. اما كتب التاريخ، فهي تقول بأنّ الفينيقيين كنعانيون، ولا نحتاج لكثير من التعمّق ليتبين لنا بأنّ الشعب الكنعاني هو أحد الشعوب السامية مثل العرب واليهود وغيرهم، وهو شعب قديم، لكن بأي حق نجعله عربياً؟. إن المنطق السخيف المعتمد في تعريب هذا الشعب الكنعاني يسمح لليهود أيضاً بتهويده. بل يسمح أيضاً بتهويد العرب أو تعريب اليهود. وهذا عبث مبين. أما رأيي الشخصي فأنا لا أشعر بأنّ الفينيقيين ساميين أصلاً!. ربما كتبوا بلغة سامية، لكنهم برأيي من أصول آرية أو من جزر آيجة وبقايا شعوب البحر مثل الفليستينيين، وإنني ألمح في لمساتهم الحضارية شيئاً من روح الإغريق، كما لمحت في أثار السومريين شيئاً من روح الهنود. أما الشيء الذي أنا واثق منه تمام الثقة، فهو أن الفينيقيين ليسوا عرباً. ربما يوجد من يقتنعون بأن هذا المبنى في الصورة يمكن أن يكون عربياً، ربما لا أستطيع أن أشرح له بالضبط لماذا لا يمكن أن يكون عربياً، لكن الحقيقة- وأقسم- أنّ عروبة الفينيقيين تضحكني.سعيد بودبوز
المصدر:مواقع ألكترونية