"جزائري في طوكيو".. عن قصة الحب التي حملت حبات الكُسكس الأمازيغي إلى اليابان
"أنا أقطن في اليابان منذ 16سنة، أملك مطعمين في مدينة طوكيو، زوجتي مهندسة معمارية يابانية، حين أقوم بطبخ الأكل الجزائري في المنزل فإنها غالبًا ما تنبهر بأطباقنا، لكن الطبق الذي يُعجبها بشكل خرافي هو الكسكسي".
الطاهي نبيل حوحو استطاع أن ينقل المطبخ الأمازيغي الجزائري التقليدي إلى الأرض التي تشرق منها الشمس
يقول نبيل حوحو، وهو طاهٍ جزائري بدأ رحلته من تيبازة، مرورًا بباريس وصول إلى الأرض التي تشرق منها الشمس، إنّه: "لا تستطيع زوجتي وصف ذلك المزيج الرائع من النكهات التي يحويها طبق جزائري واحد".
ذاكرة التوابل
مسار رئيس الطهاة الجزائري لم يكن مفروشًا بورود حمراء، بل كان دربًا متعرجًا خاض خلاله الكثير من المغامرات، نبيل كان في الأصل مهندسًا في الصناعات الغذائية، لكنه خالط مختصين في فن الطهي الفرنسي في باريس، وعمِل نادلًا في مطاعم عاصمة النور، قبل أن يظهر مرتديًا قبعة الطاهي الخاصة به مع نجوم الطبخ الساطعة في طوكيو، مشاركًا في أرقى مسابقات الطهي هناك، بطبق جزائري يحمل الدفء في أيام طوكيو الباردة، إنها "الدوبارة البسكرية".
بنبرة تحمل الكثير من العشق والشغف وكمًّا هائلًا من الحنين، يروي نبيل حوحو علاقته بطبخ الأكلات الجزائرية، قائلًا: "حين أبدأ في طبخ طبق جزائري أصيل، أغمض عيني، ويشتغل خيالي، أستحضر صور والدتي ووالدي في مطبخنا، وتأتي صور توابل رأس الحانوت والكمون، هكذا بدأت قصتي مع الطبخ".
يعتقد حوحو في حديث مع إحدى المنصات الإلكترونية أن "طوكيو تُشبه نيويورك، مدينة تستطيع فيها أحلامك أن تُصبح حقيقة"، وعن بدايته في نشر فيديوهاته على منصة "يوتيوب" قال حوحو إنه في فترة جائحة كورونا، سجّل فيديو وهو يطبخ الطبق الجزائري الشهير "لوبيا بالكرعين"، وأرسلها لأصدقائه، هنا، أخبره أحد أصدقائه أن طريقة كلامه أثناء الطبخ ستجعله ناجحًا في مواقع التواصل إن أراد اقتحامها، ومن هناك انطلقت تسمية "دزيري في طوكيو".
نحو اليابان
قدرُ نبيل حوحو (54سنة)، أخذه في المرّة الأولى إلى طوكيو بطلب من "الشيف" الفرنسي الشهير جويل روبيشون لكنه لم يستطع أن يجد نفسه وسط طريقة العيش اليابانية، فعاد أدراجه نحو باريس، لكن القدر -مرّة أخرى- حمله على بساط الريح نحو اليابان، عبر قصة حب جمعته بزوجته اليابانية، والتي ستمنحه أخيرًا طعم الذهاب إلى الشرق الأقصى لمعرفة أسرار مملكة السوشي، والساشيمي، والرامين والوسابي.
وصل نبيل إلى مدينة يسكنها أزيد من 40 مليون إنسان، هناك كانت عديد المطاعم الفرنسية، ما جعله يقتفي نكهات باريس في طوكيو ويفتح مطعمين "لو باريزيان" و"لوبوتي باريزيان" لكنه احتفظ بالمطعم الأول لاحقًا، مطعم فاخر في منطقة شينجوكو، القلب النابض لعاصمة أرض اليابان.
لم يَنْسَ نبيل مطبخ وطنه الذي قدم منه، حيث لم يستطع فتح مطعم جزائري خالص في طوكيو لأسباب تقنية، لكنه قطع وعدًا على نفسه أن المطبخ الثالث الذي سيفتحه في اليابان سيكون جزائريًا.
حين تُشاهد فيديوهات نبيل حوحو التي ينشرها على يوتيوب، ترى بوضوح تلك اللمسة الحديثة التي يريد في كل مرّة أن يمنحها للأطباق الأمازيغية الجزائرية، تُبصر أمامك شخصًا يطبخ بقلبه، نبيل الذي كانت والدته قد علّمته الأولى والغربة مدرسته الثانية، عصامي بات نجمًا في سماء الطبخ في اليابان، لكنه في كلّ حديث تباغته دموعه وهو يحكي على معشوقة قلبه مدينة تيبازة.
شكرا للاهتمام! اذا اعجبك هذا المقال احرص على تقييمه ومشاركته مع اصدقائك ولا تنسى التسجيل في المنتدى.