نظرية التطور
لا الوم مجتمعنا على ردة فعله .. داروين نفسه قال “انا متاكد ان كل من يعارض النظرية فعل ذلك بحسن نية” وهذا من عظم اخلاق الرجل ، نحن نعيش وسط مجتمعات “جاهلة علميا” وادرك ان اقناع الجاهل يحتاج الي جهد جبار ، لكن القول الفصل ما قاله علماء الاحياء الطبيعية وعددهم حاليا حوالي 130 الف عالم حول العالم وفي استفتاء جرى عام 2015 ” اعرب 99,85% منهم عن ايمانهم العميق بظرية داروين في التطور لا بل واعتبروها حقيقة علمية لا مجرد نظرية .
ان نظرية التطور في العلم تعتبر حاليا هي اهم نظرية علمية عبر التاريج يتبعها مباشرة “النظرية النسبية” لاينشتاين ، لست عالم احياء ولا حتى افقه كثيرا بهذا الشأن لكن ارهاصات نظرية داروين على الارض تتحدث عن نفسها ، بدأ من تطور الطب الهائل الى صناعة الادوية الى التحسينات الجينية والورائية في الزراعة خصوصا الى ثورة الخلايا الجذعية واطفال الانابيب …. الخ .. انجازات علمية هائلة حدثت بفضل نظرية التطور لداروين ، كما ان الادلة العلمية على صحتها تتهاطل باستمرار وكلما تقدم الوقت وتطورت وسائل البحث زاد ايمان العلماء بها اكثر فاكثر .
ان موضوع التعارض بين النظرية والاديان هو شأن المتدينين لا شأن العلماء ، فهم لا يخوضون في هذا الجانب لا من قريب ولا من بعيد .
لقد قال عالم اللغويات الكبير “نعوم تشومسكي ” ان مقدار تطور الشعوب يقاس بمقدار فهمها لنظرية التطور .. لم يقل باقتناعها بل بفهمها .. لذلك نحن شعوب متخلفة علميا لاننا نفتي ونشتم ونلعن النظرية دون ان نعرف اي شئ عنها ، لمجرد نباح شيخ على منبر او كاهن على مذبح ، نعيد تغريد الاشياء بلا فهم ولا تفحص.
لقد قال احد العلماء ان “الانا” البشرية تلقت ضربتين قاصمتين اولاهما حينما اثبت كوبرنيكوس ان الارض ليست محور الكون كما افهمنا اصحاب “نظرية الخلق” وجعلو الانسان هو محور الدنيا ، لا بل اثبت كوبرنيكوس ان الانسان و”كرته الارضية” مجرد مخلوق تافه لا يعدو اكثر من حبة رمل في صحراء مترامية الاطراف ، والضربة الثانية كانت من داروين الذي اثبت ان اصل الانسان يعود ما قبل ملايين السنين الى مجرد خلية او حشرة عاشت على الكوكب قبل مثات ملايين السنين . ولذلك فقد البشر افضليتهم التي تشبع غرورهم بانهم الكائن الافضل محور هذا الكون . او هكذا تشبعو فكريا عبر الاف السنين .