رجل واحد لا يكفي.. لماذا النساء لسن قوّامات على الرجال؟
سمعت صوت شخير حاد يكاد يشقّ سقف غرفتي. مددتُ يدي لأشعل المصباح بجواري، ثم فتحت عيني... يا لها من مفاجأة، وجدت بجواري رجب وشعبان ورمضان، أزواجي الثلاثة، نائمين، لكن عنتر، زوجي الرابع، ليس معهم رغم أن الليلة ليلته، فأين هو لا أدري؟ حاولت إيقاظ أحدهم كي يجيب عن استفساراتي.. لا أحد يرد، غارقون في النوم حد التعفّن، يحتاجون ضربة سوط واحدة على المؤخرة ليستيقظوا. وبينما وأنا أمد يدي لأضربهم سقطت من فوق السرير. لم يكن هناك غيري، لا رمضان ولا شوال ولا أحد، لكن لماذا لا أتزوج أربعة رجال في وقت واحد؟
إن استطعتن
امرأة مزهرة مثلي في ريعان شبابها، لديها جسد ممشوق وجمال عابر للحدود والقارات، لا ينقصها شيء لتجمع بين أربعة أزواج. أمتلك المال الوفير وبين يدي تدار شركات كبرى، أحلب الأموال كما تحلب الجواميس والأبقار، يمكنني أن أفتح أربعة بيوت في وقت واحد أو حتى أكثر، وألبي طلبات كل زوج، أجلب لهم السيجار من كوبا والعطور من باريس، وأحضر لهم الملابس الداخلية من القطن المصري، وأطبع لكل واحد منهم اسمه ويومه من الأسبوع على لباسه، فماذا ينقصني إذن؟
لن أسمح لأي زوج من أزواجي الأربعة بالعمل، ستكون مهمتهم فقط هي "تدليعي". سوف أغدق عليهم الحب والعزّ والبهجة والفرفشة، وباعتبار أنني أغار عليهم من الرجال الآخرين أن يحسدوهم على النعيم الذي يعيشون فيه داخل بيتي، أو أحد الحاقدين الذين يتشدّقون بكلمات الحقوق والمساواة يوقظ في نفس أحدهم صحوة الرجولة فيطلب الطلاق، أو تلك النسوة اللواتي يرغبن بامتلاك ما لدي... لذلك ربما سأحجبهم.
لن أسمح لأي من أزواجي الأربعة بالعمل، ستكون مهمتهم فقط هي "تدليعي". سوف أغدق عليهم الحب والعزّ والبهجة والفرفشة، وباعتبار أنني أغار عليهم من الرجال الآخرين أن يحسدوهم على النعيم الذي يعيشون فيه داخل بيتي
أريد أن أصبح كما هارون/ة الرشيد/ة، في عز مجده، أجلس على العرش فيأتي أحد أزواجي ليضع قدمي في حوض من المياه الدافئة قليلة الملوحة، وآخر يربط خصره ويرقص لي، والثالث يدلّك كتفي المتعب، أما الرابع فيتزيّن لأجلي، لأنها ستكون ليلته، وأنا أحب الرجل ذا الرائحة العطرة، وهذه أبسط حقوقي بعد يوم مليء بالعمل من أجل راحتهم وسعادتهم والحصول على الأموال، وتحسين مزاجي هي المهمة الأساسية أمامهم.
من استطاع فليتزوج
يحسب البعض أني أتزوج أربعة لأرضي غروري المصاب بالعجز الجنسي، لكنني قادرة من هذه الناحية على الزواج بالأربعة، ولن أقصر في الحقوق الشريعة لأي زوج. أجريت كل الفحوصات الطبية اللازمة والأطباء جميعهم أكدوا أنه لا مانع ولا مشكلة في الزواج من أربعة رجال مرة واحدة، كما أنني سوف أبذل كل جهدي كيلا يشعر أي زوج أنه أقل قيمة من الزوج الآخر، أو أقل حباً أو تقديراً. الجمع بين أربعة رجال يزيدني قرباً من الله، أعطيهم حقوقهم وأحسن معاملتهم وأعدل بينهم، امرأة مثلي لا يرضيها سوى العدل بين أزواجها.
لماذا النساء لسن قوّامات على الرجال؟
إن كوني زوجة أجمع بين أكثر من رجل في وقت واحد، لا يعني أن أبحث عن حجج لإقناع زوجي الآخر بالسماح لي بالزواج من رجل غيره. هذا ليس من شأنه، أنا امرأة البيت وسيّدته، أنفق عليهم من جيبي وعرقي، لذلك أطلق القرارات التي تحلو لي، وأي زوج منهم ليس له عندي سوى طعامه وشرابه وملبسه وتلبية احتياجاته، وإن لم يعجبه... ليرحل، أحضر غيره في طرفة عين.
لكنه أعلن أنه لن يرحل، المجتمع لن يرحمه بعد الطلاق، لأن الجميع سوف يظنون به كل الظنون السيئة، ويعتبرونه شخصاً عديم الأخلاق، إذ لو أنه خلوق لما تمرّد على قرار زوجته التي تطعمه أفضل الطعام وتجلب له أزهى الثياب، ويجد نفسه فريسة للنساء الطامعات في أجساد الرجال المطلقين.
امرأة مثلي تخاف من الفتنة والخطيئة وغضب الإله، تريد الحلال وترفض الحرام، وقد خلقت أحب الرجال... هذه فطرتي، يا إلهي ماذا أفعل؟! لو يفتشون في عروقي سيجدون رجالاً مختبئين في الداخل، لا أعرف من هم ولا كيف دخلوا! لكنهم ينبتون في أعماقي كما ينبت الصبّار في الصحاري، وفي تعدّد الأزواج أحمي نفسي من فتنة الرجال الشداد، العراض، الطوال، أصحاب العضلات المفتولة، أحب جميع الألوان... أحب الأسود ويسحرني الأبيض ويجذبني القمحي ويخطفني الأشقر، ورجل واحد في هذا الزمن لا يكفي، وفي التعدّد حماية النفس من الدناءة والبذاءة والشقاوة أيضاً، طالما يمكنني العدل بين جميعهم فلما لا؟
سوف أبذل كل جهدي كيلا يشعر أي زوج أنه أقل قيمة من الزوج الآخر، أو أقل حباً أو تقديراً. الجمع بين أربعة رجال يزيدني قرباً من الله، أعطيهم حقوقهم وأحسن معاملتهم
وأعدل بينهم، امرأة مثلي لا يرضيها سوى العدل بين أزواجها
تعجبني أمي، عندما تحدثت إليها عن رغبتي بالجمع بين أربعة أزواج، شجّعتني حتى لا أظل وحيدة في هذه الدنيا، ويصبح لي عائلة كبيرة وأولاد لا حصر لهم حينما تتركني وترحل إلى العالم الآخر، لكنني بالأساس لا أريد الإنجاب. أمي نسيت أن الحمل والولادة مسؤوليتي أنا، وأنا أريد التخلي عن هذه المسؤولية... آه لو تصبح مهمة الرجل، لكنت تزوجت بدلاً من الأربعة أربعين، وأنجبت بدلاً من الطفل مائة وخمسين، بينما أبي رجل لا يفضل تعدّد الأزواج. أبي يتعاطف مع أبناء جنسه، ويرى في ذلك تحقيراً لقيمة الرجل إذا جمعت المرأة بين أربعة منهم، ولا أعرف ما نوع التحقير الذي يراه في ذلك طالما كل رجل منهم يأخذ حقوقه الشرعية والمادية والنفسية والاجتماعية، وله يوم في الأسبوع وحده؟ يا لهم من طمّاعين ونكديين.
في يوم الإجازة الأسبوعية، أحب أن أراقب أزواجي الأربعة وهم يهيئون أنفسهم لي هذا اليوم، أشاهد تشاحنهم أمام المرآة من أجل الزينة، وتنافسهم في المطبخ على تجهيز الغداء، وذلك الزوج الذي يتهرّب من المسؤوليات ليضع العطر الذي أحبه، ويلبس القميص المفتوح ليثيرني، وأنا أعلم لكنني أتجاهل حتى أشعله أكثر، فلماذا أضيع هذه الدراما المثيرة من حياتي؟
تعدّد الأزواج هو الحل أمام النساء للتخلص من النكد الذي يحدثه الزوج الواحد، فإذا أصبح له منافس أو أكثر في المنزل، سوف يتغيّر، ويصبح كل همّه البحث عما يسعدني وليس ما يعكّر صفوي، غير أن حقوق النساء الشرعية لا يكفي لها رجل واحد، الزوج الثاني يلبي رغبات الزوجة عندما يعجز الزوج الأول عن تلبيتها، والزوج الثالث والرابع يعطيانها حقوقها كاملة، خاصة وأن أول زوج ينشغل بمهام المنزل والمسؤوليات غير الهامة، ويقصّر في حقوقها، غير أن تعدّد الأزواج يحمي المرأة من الفتنة، فماذا تفعل إذا أعجبها رجل آخر به مميزات ساحرة ليست متواجدة في زوجها؟
الحل هنا هو الزواج منه وعدم خيانة الزوج، فالمرأة لديها مشاعر ولا تستطيع السيطرة عليها... هذه هي طبيعتها، أليست مخلوقة من لحم ودم تحس وتشعر تثار وتستثار؟
أحب جميع الألوان... أحب الأسود ويسحرني الأبيض ويجذبني القمحي ويخطفني الأشقر، ورجل واحد في هذا الزمن لا يكفي، وفي التعدّد حماية النفس من الدناءة والبذاءة والشقاوة أيضاً، طالما يمكنني العدل بين جميعهم فلما لا؟
توزيع العبء
لو أن كل امرأة من نساء الأرض قرّرت أن تطبق التعدّد سوف نزيح الفتنة عن الرجال المطلقين، ونحمي الرجل الأرمل من الوقوع في الخطيئة، وهنا نتمكن، نحن النساء، من إعالة الكثير من الرجال الذين يحتاجون إلينا، المهم أن نعدل بين جميع أزواجنا ونعطيهم حقوقهم ونلبي طلباتهم، وعن نفسي، إذا مرض أحد أزواجي الأربعة، لن أتركه بل سوف يبقى تحت مظلتي أنفق عليه وأراعي احتياجاته المرضية، لكن من حقي أن أتزوج، فمن غير المعقول أن أفني شبابي وأنا في انتظار علاجه.
"رجل واحد لا يمكن أن يلبي طلبات المرأة" هذه حقيقة واقعية يريد الرجال هدمها حتى لا يكون هناك سبب يجعلهم يقبلون التعدّد، رغم أن تعدّد الأزواج لمصلحة الرجل أولاً، لأن الزوجة سوف توزع شحنات ضغط العمل عليها بين أربعة رجال، فلا يضطر الزوج لأن يتحمل الزوجة وحده، بل هناك شركاء يقاسمونه كل المتاعب، كما أن التعدّد يحفظ حقوق الرجل، لأن الزوجة في هذه الحالة لن تلجأ إلى الخيانة من أجل إشباع رغباتها، بل هناك عدة أزواج لديها تختار من بينهم ما يحلو لها، ويمكنها أيضاً أن تطلق واحداً أو اثنين، وتتزوج برجال آخرين بدلاً منهما، وبهذه الطريقة نحقق العدالة.
أي زوج منهم ليس له عندي سوى طعامه وشرابه وملبسه وتلبية احتياجاته، وإن لم يعجبه... ليرحل، أحضر غيره في طرفة عين
ليس بالضرورة أن يكون الزوج الأول به عيب أو نقص حتى تقنع المرأة زوجها بضرورة الموافقة على الزواج من رجل آخر، ربما هدفها العفة أو صنع حالة من التنوع وكسر ملل الحياة مع زوج واحد، وربما يكون الزوج طبعه سيئاً وشديد العصبية وبه عيوب صعب على المرأة المطحونة في عملها تحملها، كأن يكون مثلاً عنيداً، سليط اللسان، يزهد العلاقة الجنسية أو لا يهتم بنظافته الشخصية ولا يغسل أسنانه، لذلك لا يوجد سبب معين لفكرة تعدّد الأزواج، كما أنه لا يوجد وقت محدّد حتى تلجأ النساء إلى تعدد الأزواج، ربما بعد عام أو بعد سنوات طويلة بسبب عيوب أزواجهن التي سئمن من إصلاحها، ولأن الطبع غلاب فلا فرصة من إصلاح الزوج، فلا أدب ولا أديب يفيد، على رأي المثل "يموت المعلم ولا يتعلم".
ما أقصده أن النساء مجبرات على تعدّد الأزواج بسبب صعوبة الاكتفاء بزوج واحد، خاصة عندما يكون متعباً وصفاته سيئة، لكن على الزوجة ألا تلجأ إلى تطليق زوجها حتى لا تظلمه، بل تتزوج عليه وتعطيه حقه الشرعي وتتكفل بكل طلباته، لكن من حقها أن تتزوج من رجل واثنين وثلاثة، كي تعوض نفسها عن الأيام الصعبة وتعود إلى صباها وجمالها وحسنها بعد الخراب النفسي الذي أحدثه فيها زوجها الأول.
نحن الآن نعيش في زمن مليء بالفتنة، إذ إن المرأة أصبحت ترى أشكالاً وألواناً من الرجال، الأبيض والأسود، النحيف والسمين، في محل عملها وفي الشارع عند عودتها إلى البيت أو أثناء جلوسها على المقهى، لذلك ومنعاً لخراب "قيم الأسرة المصرية" أدعو لتعدد الأزواج.
من المؤكد أن شتائم كثيرة سترمى بحقي لكتابة هذا المقال، وكثير ممن يشعرون بـ"الإخصاء"، سيسمحون لأنفسهم بتوجيه إهانات من خلف أسماء حقيقية أو وهمية، والبعض سيقول إن ذلك مخالف للفطرة الإنسانية، لكن أيها السادة، قرون من تعدّد الزوجات وملك اليمين والتنعّم بالجواري واعتبار النساء "متاع" لكم، تحمّلتها النساء بصمت وحزن، بينما بالكاد ألف كلمة، أضع نفسي فيها مكانكم وأمارس ماتمارسونه من قرون، تجعلكم تشتاطون غيظاً وتتذكرون الفطرة الإنسانية التي تتغيّر عندما يتعلق الأمر بتعدد الزوجات، فكيف يجب علينا، نحن النساء، أن نتحمّل هذه الإهانات منكم وأنتم لا تستطيعون تحمّل استبدالاً خيالياً للمواقع؟
* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي المنتدى
المصدر:مواقع ألكترونية