أوهليل قورارة.. تراث شعبي جزائري يقاوم الاندثار بين "الليل" و"الهلال"
أوهليل قورارة.. تراث شعبي جزائري يقاوم الاندثار بين "الليل" و"الهلال" 11927
شكل اعتراف اليونسكو بفن أهليل قورارة الجزائري ضمن التراث العالمي غير المادي عام 2008، حدثا مفصليا في تاريخ هذا الفن العريق، المهدد بالاندثار.
وتقول المصادر التاريخية إن أمازيغ الجزائر عرفوا "أهليل" قبل دخول الإسلام إلى البلاد، وكانوا يسمونه "أزنون"، وتشير أيضا إلى أنه تميز خلال تلك الفترة بالجرأة في الغزل وفي تناول بعض المواضيع الاجتماعية، قبل أن يصير بعد دخول الإسلام فنا صوفيا يمدح الرسول وصحابته.
أوهليل قورارة.. تراث شعبي جزائري يقاوم الاندثار بين "الليل" و"الهلال" 1-312
وينتشر فن أهليل في منطقة قورارة الواقعة بولاية أدرار جنوب غرب الجزائر ، المنطقة التي استقرت بها العديد من القبائل الزناتية الأمازيغية وإليها يرجع الفضل في صيانة هذا الفن مع مرور العصور.
لماذا سمي بأهليل؟
"يرى البعض أن هذه التسمية مشتقة من +أهل الليل+ باعتبار أن هذا الغناء يؤدى في الليل، بينما ربطها البعض الآخر بالهلال، ويذهب آخرون إلى أن الكلمة جاءت من التهليل لله ومن عبارة لا إله إلا الله"، توضح الباحثة الجزائرية هاجر حمداوي، في مقال بعنوان "التنوع الثقافي التراثي في الجزائر تثبيت للهوية وحفظ للذاكرة من الضياع".
في تعريفه بقائمة اليونسكو للتراث العالمي غير المادي، يؤدى أهليل في الاحتفالات الدينية وأيضا في بعض المناسبات الاجتماعية كالأعراس، ويتضمن هذا الفن "الشعر والموسيقى والرقص"، ويشارك في الأداء نحو مائة شخص "يقفون كتفا بكتف في دائرة تحيط بالمغني ويتحركون ببطء حوله وهم يصفقون".
أوهليل قورارة.. تراث شعبي جزائري يقاوم الاندثار بين "الليل" و"الهلال" 1-1292
وعن تلك الأشعار، يشرح الأستاذ بجامعة الجزائر، نبيل الحويلي، في مقال بعنون "أهازيج القورارة جمالية البلاغة وسؤال الهوية"، خصائص فن أهليل، بالقول إنه "مثل مجموعة من الفنون المجتمعة، فهو أدب وموسيقى وحفل راقص واحتفال بهيج، (...) يرتدي المشاركون لباسا خاصا بالتظاهرة، فالرجال كانوا يرتدون لباسا يسمى +تشامير+ وهو عبارة عن بدلة طويلة، وحايك من الصوف يبلغ طوله 8 أمتار ومنديل بالأخضر والأحمر، بينما ترتدي النساء المشاركات حايك يدعى +تافيلاليث+ وقميصا طويلا يسمى +أغرمبوز+".
ويضيف الحويلي أنه غالبا ما يتم الاستغناء عن الأضواء والأنوار في المناسبات التي تعرف حضور النساء لكي لا تظهر وجوهن لجمهور أهليل، مفيدا بأن حفلات هذا الفن تنطلق في الحادية عشر ليلا بافتتاحية عبارة عن الصلاة على النبي محمد وبعدها تأتي أهازيج صوفية تستمر إلى غاية الفجر.
أوهليل قورارة.. تراث شعبي جزائري يقاوم الاندثار بين "الليل" و"الهلال" 1--575
ومن أشعار أهليل، ما أورده الكاتب والناشط الأمازيغي مولود معمري (1917-1989)، الذي اندلعت بسببه أحداث "الربيع الأمازيغي" بالجزائر عام 1980، في بحثه المرجعي حول أهليل بعنوان "أهليل قورارة"، وهي كالتالي:
الصلاة والسلام عليك يا سيدي
محمد نبينا
بسم الله أقولها مرات عدة
لا إله إلا الله ربي
سبحانه
إنه الحي الذي لا يموت
لم يخلق شيئا ليدوم
إلا هو المعز المحبوب
وقسّم معمري طقوس تأدية فن أهليل إلى ثلاث مراحل، تُسمى الأولى "المسرب"، وتنطلق مع غروب الشمس إلى منتصف اللّيل، وتتناول "المسرب" أشعارا تتغنى بالذات الإلهية وبالرسول محمد وصحابته، وتسمى الثانية بـ"أوقروت"، نسبة إلى الواحة قورارة، وتنطلق من منتصف الليل إلى الفجر، وتتغنى أشعارها بالبطولات والأمجاد، ثم مرحلة ثالثة تسمى "تيترا"، وتبدأ من الفجر إلى شروق الشمس ويغلب عليها التفاؤل والاستبشار، وفق مقال للإعلامي الجزائري عبد الرزاق بوكبة.

مهدد بالاندثار
رغم تصنيفه كتراث عالمي غير مادي عام 2008، حذرت اليونسكو من احتمال اندثار هذا الفن، ووضعته ضمن الفنون المهددة بسبب قلة المواسم والمناسبات التي يؤدى فيها وهجرة شباب واحات قوارة إلى المدن وتفضيل البعض الاستماع لتسجيلاته بدل المشاركة في عروض حية له.



المصدر:مواقع ألكترونية*