مأساة الغزو العربى لمصر-1
الحديث في هذا البحث سوف ينصب على البند الأول فقط من جدول الأعراق و الأديان في مصر و هو الخاص بالقبائل البدوية المستوطنة في أرض مصر من بداية الغزو العربي على مصرنا الحبيبة كيمى أو ارض الكيمياء ، الأرض التى ورثناها عن الآباء و الأجداد العظام ، الأرض التي كانت تقدم الخير يوما إلى البشرية جمعاء حتى أتى هؤلاء الغزاة البدو العرب و دنسوها بأرجلهم و نجسوها بعقيدتهم و أصبحت مصر تقدم إلي العالم علوم فى الحقد و الكراهية و الإرهاب و الانحطاط و التخلف المعرفى من خلال الأزهر المراقب لاستمرارية الاحتلال العربى لمصر بديلا عن العلوم و المعارف الإنسانية من خلال التراكم الحضارى المتوارث و لا امل فى تحرر المصرين و تقدمهم دون التخلص من سيطرة المتواجدين فى البند الأول و الثانى من الجدول التالى الماسكين بزمام امور الدولة و مفاصلها منذ 1400 عام
1 ـ قبائل و عشائر عربية .. 3 % حوالى 3 مليون
2 ـ مصريون جذورهم راجعه إلى / المماليك / الشركس / الأتراك / قبائل شمال افريقيا / بلاد الشام / فارس / .. 3 % حوالى 3 مليون
3 ـ مصريون مجهولي الهوية و الجذور .. 22 % - 22 مليون
4 ـ مصريون أقباط مسلمين معروفي الجذور .. 44 % - 44 مليون
5 ـ المصريون النوبيين .. 6. % - 6 مليون
6 ـ المصريون الأقباط المسيحيين .. 22 % - 22 مليون
في القرن السابع الميلادي كان العالم متكون من ثلاث إمبراطوريات رئيسية .. فقد انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين و هما الإمبراطورية الغربية أو الإمبراطورية الرومانية وعاصمتها روما والإمبراطورية الشرقية أو البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية أما الإمبراطورية الثالثة فقد كانت الإمبراطورية الفارسية وما يهمنا فى الدراسة هو الإمبراطورية الشرقية ( البيزنطية ) الذى كان إمبراطورها هيراكليز (هرقل) Heraclius و الذى حَكم الإمبراطورية من 610-641 م و كانت مصر ولاية تابعة له و فى العام الخامس من حكمه زحف الفرس على الإمبراطورية واستولوا على أرمينيا ثم على دمشق و القدس وتمكنوا من إسقاط الإسكندرية عام 618 واحتل الفرس مصر لمدة عشر سنوات لكن الإمبراطورية استطاعت أعادت مصر إليها مرة ثانية بعد انتصار هرقل على الفرس في معركة نينوى فى عام 627 و توقيع معاهدة صلح معهم و بمقتضاها تم جلاء الفرس عن مصر .. امتدت الحرب بين بيزنطية و الفرس 47 عام و خرجا الاثنان بعدها منهكين و فقيرين ضعيفين في الموارد و العتاد و في تلك الأثناء ظهر لنا محمد و الإسلام
بعيد عن الدخول في التفاصيل الدينية الكثيرة فقد أقام الإمبراطور هرقل المقوقس ( عظيم القبط كما أطلق عليه العرب ) كحاكم (واليا) على مصر لكن الأقباط و الكنيسة رفضا أي سلطة دينية من قبل الوالى المقوقس عليهما فهو محتل يوناني و أسمه الحقيقى (جرجس بن ميناكوبوس) و أطلق علية المصريون كيروس
الكاتب » كتاب محمد رسول الإسلام إلى المقوقس عظيم مصر .. بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى (المقوقس) عظيم القبط ، فأني أدعوك بدعاية الإسلام اسلم تسلم يؤتك الله اجرك مرتين فان توليت فعليك إثم القبط سلام على من اتبع الهدى
رد عليه المقوقس على رسول الإسلام عمليا بأن بعث إليه بهدية عبارة عن جاريتين و هما مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين و اخذ محمد لنفسه ماريا و اعطى الأخرى إلى حسان بن ثابت و أرسل المقوقس معهما عسل و عدس وبقول و حمار لركوب و رجل مخصي
الكاتب » أرسل محمد إلى كسري الإمبراطور الفارسي و هرقل الإمبراطور الروماني و النجاشي ملك الحبشة يدعوهم إلي الإسلام و رفضوا الثلاث طلبه مع المرسل إليهم و لم يرسلوا إلى محمد اى من الجواري (نسوان) كما فعل المقوقس و لم يكن إهداء النساء وسيلة تعارف و تخاطب فى تلك الأوقات كما يدعى المسلمون اليوم لكنه المقوقس الذى قد وصلة أخبار غزوات محمد من اجل نهب الغنائم و سبى النساء فأعطاه ما يريد بسخاء (امرأتين و رجل مخصي لاستعمال)
مات محمد رسول الإسلام بالسم وتولى بعده أبى بكر الخلافة 632 م الذي مات بعده بسنتين و تذكر بعض المراجع عن موته مسموما أيضا وتولى عمر بن الخطاب الخلافة 634 م و مات بعد عشرة سنوات من ولايته بعد طعنه قتيلا في المسجد و في هذا الأثناء كان على رأس الكنيسة المصرية البابا بنيامين (البابا 38) الذى قام المقوقس بقتل أخيه مينا لذا اضطر لهرب منه و الاختفاء فى أحدى الأديرة بالبرارى
وافق الخليفة عمر بع تردد على سير عمرو بن العاص لمصر فى جيش من أربعة آلاف جندي ( يقال ايضا أربعين الف) أكثرهم من قبيلة عك و يقول الكندى أن ثلث الجيش كان من قبيلة غامق و يروى أبن دقماق ان جيش العرب كان يحوى ايضا جماعة أسلمت من الروم و من الفرس و سار بن العاص بجيشه إلى الحدود بين مصر وفلسطين حتى و صل منطقة رفح و العريش بأرض مصر .. هناك أتاه رسل تحمل رسالة من الخليفة الذى قد عاوده الشك في الأمر و خشي من الأقدام والمضى فيما عزم عليه ابن العاص الذى لم يستلم رسالة الخليفة لفتحها إلا بعد دخوله الأراض المصرية
الكاتب » كانت منطقة غزة و رفح أو بوابة مصر من الجهة الشرقية تفتح دائما لكل غازى على مصر فى جميع الحروب التى خاضتها مصر من تلك الجهة و لم يذكر التاريخ ابدا قيام سكان تلك المنطقة بمحاولة صد أي هجوم على مصر أو الإبلاغ عن أى الهجوم قادم إليها و على العكس فكان هناك الاستضافة و المساعدة فى عبور مجاهل طرق الصحراء و تسهيل الغزو و المباغته
المؤرخ عزت اندراوس » هجوم العرب على مصر لم يكن مجرد حكاية أو (بروباجاندا) إسلامية عن قصة تبين مغامرة عمرو بن العاص ولكن السبب الرئيسي يرجع إلى إخلال المقوقس بالتزامه بمعاهدة القبط آلتي أتفق فيها مع عمر بن الخطاب على أن يدفع مبلغ من المال بشرط إلا يهاجم مصر وهذه الأنواع من المعاهدات كان سائدة فى العصور القديمة .. أما عن إرسال عمرو بن العاص لمصر و شك عمر بن الخطاب فى ذلك فكان نتيجة لرأي عثمان بن عفان بألا يدفع بالقوات فى يد عمرو بن العاص لكونه مغامر متهور و كما أن تأخير عمرو بن العاص فى فتح الخطاب المرسل لعلمه المسبق بما كان يحويه بطريقة أو بأخرى و أجل فتحه لحين دخوله مصر .. قرأ على الناس كتاب الخليفة و قال إذاً نسير فى سبيلنا كما يأمرنا أمير المؤمنين .. كان الخليفة يأمره بالرجوع إذا كان بعد فى أرض فلسطين و اما إذا كان قد دخل أرض مصر فليسر على بركة الله و و وعده أن يدعوا الله له بالنصر وأن يرسل له الإمداد ( فتح مصر ص 228 – 230 )
يناير 640 م - الاستيلاء على بلوز ( الفرما)
وصل العرب إلى مدينة بلوز وأسمها بالقبطية (برمون) وأطلق عليها العرب أسم الفرما وذلك فى نهاية سنة 639 م وكانت المدينة قوية و بها حصن و كثير من الآثار والكنائس والأديرة , وكان لها مرفأ متصلاً بالمدينة متصل بخليج يجرى من البحر و متصلاً بفرع من النيل أسمه الفرع البلوزى و كان لها شأن كبير إذ كانت مفتاح التجارة بين مصر و الشرق
استمرت الحرب متقطعة بين العرب الغزاة و بين حامية المدينة لمدة شهر إلى شهرين و استولى عليها العرب بعد قتال عنيف .. فهدموا الحصون وأحرقوا السفن وخربوا الكنائس الباقية بها ( كتاب فتح مصر لـ الفريد بتلر ص ص 234 و أيضا - كامل صالح نخلة ص 65 )
الكاتب » تقع الفرما على بعد 35 كم من جهة الشرق لمدينة القنطرة وكان في الفرما أسقفية ذات شهرة و من أشهر أساقفتها - الأنبا يوساب اسقف الفرما الذى حضر مجمع أفسس سنة 431م - وعاش فى أديرتها مئات الرهبان ويقال أن القديس ساويرس الأنطاكى عاش فيها لعدة سنوات
المؤرخ عزت اندراوس » كانت مدنية الفرما مفتاح مصر إلى الشرق و كانت الإسكندرية مفتاح مصر للتجارة مع الشمال والغرب و كانت مدة مقاومة حامية مدينة الفرما الصغيرة بالمقارنة بأربعة آلاف عربي يؤكد تماماً أنه كان يمكن دحر الغزاة العرب لولا خيانة المقوقس الوالى
مؤرخون مسلمون » أقبل عمرو حتى إذا كان بالعريش فكان أول موضع قاتل فيه هو الفرما و قاتلته الروم قتالًا شديدًا نحوًا من الشهر ثم فتح الله على يديه و كان عبد الله بن سعد على ميمنة عمرو منذ خروجه من قيسارية إلى أن فرغ من حربه ثم تقدم عمرو أيضا لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس فقاتل نحوًا من الشهر حتى فتح الله عليه (كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي )
المقريزى » حتى أتى بلبيس فقاتلوه بها نحوًا من الشهر حتى فتح الله عليه ثم مضى لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى (أم دنين) فقاتلوه قتالًا شديدًا وأبطأ عليه الفتح فكتب إلى عمر (الخليفة) يستمده فأمده بأربعة آلاف تمام ثمانية آلاف وقيل بل أمده باثني عشر ألفًا فوصلوا إليه فكان فيهم أربعة آلاف عليهم أربعة .. الزبير بن العوام و المقداد بن الأسود و عبادة بن الصامت و مسلمة بن مخلد ( المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار فى الجزء الثاني ( 58 من 167 )
ارمانوسه ابنة المقوقس و عمرو بن العاص
وكان للمقوقس ابنه اسمها أرمانوسه و قد جهزها بالذهب والمجوهرات والأمتعة فى قافلة فى حراسه كتيبه من الجنود لتتزوج من قسطنطين ابن هرقل مقايضا بذلك ابنته بالأموال التي سرقها من مصر فلما اقتربت القافلة من الحدود وشاهدت أرمانوسه ما أحدثه العرب من دمار رجعت الى بلبيس .. أرسلت أرمانوسه باقى الجنود الذين كانوا فى حراستها الى موضع متقدم يقال له الآن الاسماعليه و بعثت إلى أباها لتخبره بالهجوم العربى ، و مكثت فى بلبيس تشجع الأهالي وتحثهم على القتال وعندما تقدم جيش عمرو وحاصر بلبيس لبست ارمانوسه ملابس القتال وقادت الحاميه الرومانيه والأهالي و كان قتالا ضاريا و أستمر القتال كما هو عليه شهرا و عندما يئس عمرو من تأخر سقوط بلبيس نظرا لشجاعة ارمانوسه و الأهالي و جند الروم فدفع بكل قواته مرة واحدة و تم له النصر ، و وقعت ارمانوسه أسيره فى يد عمرو إلا انه أرسلها فيما بعد الى أبيها الذى أغتاظ من ابنته لكونها تسببت في أن خسارة العرب عدد كبير من جنودهم إلا إن خسارته كانت اكثر فقد قتل العرب كل من فى المدينة من الأهالي ودمروا الكنائس وحرقوا الأديرة
مايو 640 م - غارة عمرو الأولى على الفيوم
كانت ثغور الفيوم ومداخلها قد حرست حراسة حسنة و أقام الروم ربيئة لهم فى حجر اللاهون و أجتاز العرب الصحراء وجعلوا يشتاقون ما لاقوا من النعم فأخذوا منها عدداً عظيماً.وما زالوا كذلك حتى بلغوا مدينة أسمها البهنسا ففتحوها عنوة وقتلوا من وجدوا بها من رجال ونسوة وأطفال .. أما مدينة الفيوم فلم يستطيعوا فتحها و عادوا إلى أدراجهم منحدرين مع النهر ( فتح مصر ص 254 - 255)
المؤرخ عزت اندراوس » هاجم العرب مصر و اجتازوا الصحراء و وجدوا أنفسهم في الفيوم مع أن آي جيش غزا مصر منذ نشأتها كان من أربعة جهات 1 - عن طريق الطرق البرية الفرما قم الوجه البحري من الشرق 2 - الإسكندرية عن طريق البحر 3 - الغرب من طريق القبائل الصحراوية من ليبيا 4 - من الجنوب حيث قام السودان بالإغارة على مصر
ويرجع هجوم العرب الغزاة عن طريق الفيوم هو عدم معرفة عمرو بن العاص بطرق مصر وهذا ينفى تماماً زيارته لها السابقة كما أن المرشد للجيش العربي كان يهودي فيعتقد أنه كان يريد أن يهلكهم فى الصحراء لولا أنه ظهر أمامهم راعياً يرعى قطيع من الأغنام والمواشي فقتلوه استولوا على كل قطيعة ثم هاجموا الفيوم والبهنسا
6 يونيو 640 م وصول الإمداد للعرب
وصل الإمداد بقيادة الزبير بن العوام أبن عم النبي و صاحبة وأحد رجال الشورى وأحد رجال السواري الستة و كان معه أربعة آلاف رجل ثم جاء في عقبة كتيبتان كل منهما أربعة آلاف رجل فكان جميع ما جاء من الإمداد أثنى عشر ألفاً ( كتاب فتح مصر لـ ألفريد بتلر ص 156 )
منتصف يوليو 640 م - عين شمس وموقعة أم دينين
تجمعت جيوش العرب عند هليوبوليس و كانوا يسمونها عين شمس وأسمها بالقبطية أون وكانت معروفة بعظمة آثارها و مركزها العلمي و مما يذكر أن أفلاطون كان يتلقى فيها العلم (فتح مصر ص 258)
أعد العرب كمينين لجيش الروم و أمروهما عمرو أن يهبطا على جانب جيش الروم ومؤخرته إذا ما منحت لهما الفرصة و حدثت المعركة فى الموضع الذي يسمى اليوم (العباسية ) و استولى العرب بعد انتصارهم هذا على حصن أم دينين ( بين عابدين والأزبكية ألان) وهرب كل من كان فيه من الروم إلى حصن بابليون أو إلى حصن نقيوس (فتح مصر ص 263)
أواخر يوليو 640 م - الاستيلاء على الفيوم
لما بلغت أنباء نصر العرب إلى الفيوم غادرها كل من بها و خرج (دومنتيانوس) من المدينة فى الليل و سار إلى (أبويط) ثم هرب إلى نقيوس و لما بلغ نبأ هروبه إلى عمرو بن العاص ، بعث بكتيبة من جنده عبروا النهر و فتحوا مدينتي الفيوم وأبويط وأحدثوا فى أهلها مقتلة عظيمة (فتح مصر ص 264 )
أوائل سبتمبر 640 م - بدء حصار بابليون
استمر الحصار مدة كانت 7 أشهر حول بابليون و كان حصنا عظيماً و أسواره كانت بارتفاع نحو 60 قدماً وسمكها 18 قدماً وبه أربعة أبراج بارزة بينها مسافات غير متساوية و كان ماء النيل يجرى تحت أسواره والسفن ترسوا تحتها وكان به صرحان عظيمان و كل صرح من هذين الصرحين دائرياً يبلغ قطره نحو مائة قدم و كان الصاعد لأعلى الصروح يشرف على منظر عظيم يبلغ مداه المقطم من الشرق و إلى الجيزة و الأهرام و صحراء لوبيا من الغرب وإلى قطع كبيرة من نهر النيل من الشمال والجنوب و كان الناظر من هناك لا يقف شئ دون بصرة حتى يبلغ مدينة عين شمس (فتح مصر ص 270 )
كانت جزيرة الروضة ذات حصون مانعة فى ذلك الوقت و كانت تزيد من قوة حصن بابليون وخطره الحربى لأنها فى وسط النهر تملك زمامه و يظهر من قول بن دقماق: أن العرب غزوا تلك الجزيرة فى أثناء حصارهم لحصن بابليون فلما خرج الروم من هناك هدم عمروا بعض أسوارها وحصونها ( فتح مصر ص 272 ) و (المقريزى - تاريخ حصن بابليون)
أكتوبر 640 م - معاهدة بابليون الأولى لتسليم حصن بابليون
خرج المقوقس سراً من حصن بابليون وذهب إلى جزيرة الروضة لمفاوضة العرب و أرسل من هناك رسلاً إلى عمرو بن العاص و رد عمرو على المقوقس بقوله: ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال:
1 - إما دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا
2 – و إن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون
3 – و إما إن جاهدنا كم بالصبر و القتال حتى يحكم الله بيننا و هو أحكم الحاكمين
الكاتب » قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة َعَن ْيَد ٍوَهُمْ صَاغِرُون (التوبة 29)
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُم (محمد 4) .. وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (الأحزاب 26 , 27) .. وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الأنفال 39)
كرر عبادة بن الصامت المتكلم باسم العرب هذه الشروط للمقوقس عدة مرات وانتهت هذه المقابلة باختلاف الآراء وعاد العرب إلى الحرب و لكن الدائرة كانت على الروم فجعلتهم يفكرون فى العودة للمفاوضة .. عادت المفاوضات مرة أخرى و كانت الخصلة التى أختارها الروم هي الجزية والإذعان .. فعقد الصلح على أن يبعث به إلى الإمبراطور .. فإذا أقر نفذ و عندما و صلت أخبار هذه المعاهدة إلى هرقل أرسل إلى المقوقس يأمره أن يأتى إليه على عجل (فتح مصر ص 284 )
المؤرخ عزت اندراوس » كانت معاهدة الصلح آلتي قرر فيها صفرونيس تسليم أورشليم أكثر كرامة من تسليم مصر كلها للعرب المسلمين وذلك لوجود خائن داهية الذي كان المقوقس فقد أشترط صفرونيوس حضور عمر بن الخطاب إلى أورشليم لتوقيع المعاهدة و كان عمر بن الخطاب هو أول خليفة يخرج من العربية لهذا الأمر خصيصا
منتصف نوفمبر 640 م - هرقل يستدعى المقوقس إلى القسطنطينية
وصل المقوقس إلى القسطنطينية بعد استدعاء الإمبراطور هرقل و حاول أن يدافع عن نفسه أمام الإمبراطور بكلام لم يقتنع به هرقل و غضب عليه وأتهمه بأنه خان الدولة وتخلى عنها للعرب و نعته بالجبن والكفر وأسلمه إلى حاكم المدينة فشهر به و أوقع به المهانة ثم نفاه من بلاده طريداً و كان المقوقس يرى أن العرب هم قوم الموت و أن الله أخرجهم لخراب الأرض ( فتح مصر ص 286 )
قرب نهاية عام 640 م عودة القتال بين العرب والروم على أرض مصر
بعد رفض هرقل لمعاهدة المقوقس عاد القتال بين العرب والروم حول حصن بابليون إلى أن وصلت ألأخبار بموت هرقل
11 فبراير 641 م
صراع على العرش البيزنطي أضاع الإمبراطورية البيزنطية بعد وفاة هرقل بعدما حكم إحدى وثلاثين سنة و بلوغه من العمر 66 عاماً و كانت وفاته قبل فتح حصن بابليون بشهرين تقريباً و بعد وفاته تولى الأمر بعده بعهد منه ولده قسطنطين أبن زوجته الشرعية أدوقية و لكن كان له أبن غير شرعى من زوجة أخرى أسمها مرتينة (أبنه أخته) سَمت الإمبراطور قسطنطين أبن هرقل الشرعي بمؤامرة مع الجيش ونصبت هرقلوناس أبنها الغير شرعي مما أضعف روح القتال فى الجيش البيزنطي
إبريل 641 م - تسليم حصن بابليون للعرب
كان لموت هرقل أثراً سيئاً على جنود حصن بابليون أدى إلى تثبيط همة وشجاعة جنود الروم فعرض قائدة (جورج) أن يسلم الحصن للعرب على أن يأمن كل من كان هناك من الجنود على أنفسهم , فقبل عمرو الصلح و كتب عهد الصلح (بين جورج وعمرو) على أن يخرج جند الروم من الحصن فى ثلاثة أيام فينزلوا بالنهر ويحملوا ما يلزم لهم من القوت لبضعة أيام و أما الحصن و ما فيه من ذخائر وآلات حرب فيأخذها العرب و يدفع أهل المدينة للمسلمين الجزية و كانت مدة الحصار سبعة أشهر ( فتح مصر ص 299 )
يوم 9 إبريل سنة 641 م
انتهى الحصار الذى تم ضربه على ( حصن بابليون ) لمدة سبعة أشهر وبعدها ركب عمرو بخيلة عبر الصحراء يريد الإسكندرية فالتحم مع الروم فى ترنوط التى تسمى الان ( الطرانة ) إحدى قرى مركز حوش عيسى حاليا فانتصر عليهم وكان بها حصن منيع أقام عمرو بن العاص بها بضعة ايام حتى تشتت شمل السفن الرومانية وتقهقر القائد الروماني ( تيودور ) الى الإسكندرية فبعث اليه القائد عمرو
يوحنا النقيوسى - المؤرخ الذى عاصر الغزو
قال النقيوسى ان عمرو بن العاص قد عمد الى الخديعة ، فأوهم الحامية الرومانية بالحصن انه تتقهقر كما يتقهقر المغلوب حصن الروم أنفسهم خلف أبواب حصن بابليون المحاط بخندق ومياه ورموا فى كل باب حسك الحديد المهزوم ، فظن الروم انهم كسبوا الحرب وما عليهم إلا الإجهاز على العرب وكان عمرو يقصد إخراج القوات البيزنطية من الحصن فتركوا قلعتهم للقضاء عليهم ، حينئذ ظهرت إحدى الفرق فرق العرب الثلاث ( كان عمرو قد قسم جيشه الى ثلاث فرق الأولى في عين شمس ليمنع المدد الذى قد يأتي للروم من الشمال
13 مايو 641 م - استيلاء العرب على نقيوس وما حولها
مدينة نقيوس تقع على فرع رشيد فى الشمال الغربي من منوف ( قرية أبشادى وزاوية رزين الآن ) وكانت مدينة عظيمة حصينة حافلة بالآثار و كانت مركز لأسقفية كبيرة و أشهر أساقفتها .. يوحنا النقيوسى .. الذي عاصر الغزو العربي وكتب تاريخه المشهور ( كامل صالح نخلة ص 87)
استطاع العرب أن يقتحموا الحصن والمدينة بعد هروب قائد حاميتها الرومانى (دومنتياس) الذي لاذ بالفرار إلى الإسكندرية و دخلوا المدينة و أوقعوا بأهلها واقعة عظيمة و قال يوحنا النقيوسى انهم قد قتلوا كل من كان في الطريق من أهلها ، ولم ينج حتى من دخل الكنائس محتمياً ، ولم يدعوا رجلاً ولا امرأة ولا طفلاً إلا و قتلوه ، ثم انتشروا فيما حول نقيوس من البلاد فنهبوا فيها وقتلوا كل من وجدوه بها ، فلما دخلوا مدينة صوونا ، وجدوا بها (أسكوتاوس) وعائلته ، وكان يمت بالقرابة إلى القائد ( تيودور) وكان مختبئاً فى حائط كرم مع أهله ، فوضعوا السيف فيهم فلم يبقوا منهم أحد و لكن يجدر بنا أن نسدل الستار على ما كان ، وحيث لا يتيسر لنا أن نسرد كل ما كان من المسلمين من مظالم بعد أن أخذوا جزيرة نقيوس في يوم الأحد و هو 13 من مايو 641 م (فتح مصر ص 311 و 312 )
قد أثبتنا هنا نص قول الأسقف القبطي لأنه يدل على ما كان عليه (القبط) من قلة حب للعرب الفاتحين ، و ما كان لهم أن يحبوهم وقد كان منهم ما كان ، وقد كانت نقيوس معقلاً من معاقل الدين القبطي ولا شك أن الناس كانوا بالرغم من الاضطهاد لا يزالون على عقيدتهم يضمرونها فى قلوبهم ، ولو أظهروا الخروج منها (أي عقيدتهم) تقية لما أنالهم مثلما حدث فى نقيوس ، و كان العرب فى عراكهم لم يفرقوا بين قبطي ورومي ، وليس فيما وصلنا من أخبار
مر العرب بمدينة قديمة معروفة باسم (طرنوتى) أو كما يسميها العرب (الطرانة) ، وحدثت هناك موقعة وأنهزم فيها الروم و واصل عمرو سيره إلى نقيوس (فتح مصر ص 310 )
خربة وردان
وفى مواصلة العرب طريقهم إلى نقيوس ، مروا بقرية صغيرة على الجانب الغربي للنيل تعرف اليوم بـ (خربة وردان) ، ويذكر(بتلر) فى هامش ص 309 نقلاً عن (المقريزى) قصة هذه القرية فيقول :
كان عمرو حين توجه إلى الإسكندرية خرب القرية التي تعرف اليوم (بخربة وردان) وأختلف علينا السبب الذى خربت لأجله ، فحدثنا سعيد بن عفير أن عمرو لما توجه إلى نقيوس عاد الى وردان لقضاء حاجته فأختطفه أهل الخربة فغيبوه ، فتفقده عمرو وسأل عنه وقفا أثره باحثا عنه فوجده فى بعض دورهم فأمر بخرابها وإخراجهم منها ، وتوجه إلي (وردان) فقتلهم وخربها ، فهي خراب إلى هذا اليوم
معركة كوم شريك
أرسل عمرو بن العاص أحد قواده ويدعى (شريك بن سمى بن عبد يغوت بن جزء المرادى) وهو من صحابة رسول الإسلام ليقضى على فلول الجيش الروماني المهزوم فأدركه الروم عند قرية تقع فى شمال (الطيرية) فقاتلهم فاعتصم بمنطقة تسمى (الكوم) حتى أدركته الإمدادات التي أرسلها له عمرو مع أحد قواده ويدعى (مالك بن ناعمة الصدفى) الذى انقض على الروم بفرسه من أعلى الكوم و أوقعهم فلم يستطيعوا تضييق الخناق على القائد المسلم فسميت تلك المنطقة باسم (كوم شريك) نسبة الى (شريك) الفارس العربي المسلم ثم سار عمر بن العاص بعد ذلك بمحاذاة الترعة التي تلي الصحراء في اتجاه الشمال الغربي حتى وصل آلي الدلنجات ومضى في طريقه حتى اعترضت حامية الروم عند سنطيس وهى فى جنوب دمنهور بسبعة كيلو متر وهناك دارت المعركة وانتصر المسلمون ولاذ الروم بالفرار.
معركة كريون
وبعد مذبحة نقيوس والاستيلاء عليها ، اتجه الى الإسكندرية وقطع مسافة عشرين ميلا حتى بلغ حصن كريون ، والكريون مدينة بالقرب من قرية معمل الزجاج (بكفرالدوار) ، واصل العرب سيرهم إلى مدينة كريون وهى آخر سلسلة من الحصون بين حصن (بابليون) والإسكندرية ، وكان لها شأن عظيم فى تجارة القمح و كانت مركز تجميع محصول القمح من سائر بلاد مصر و بها كانت صوامع ضخمة لتخزينه (كان بها الكثير من الأديرة الغنية) واستعدادا لنقلها إلى الإسكندرية فى طريقها إلى القسطنطينية أو العالم الغربي للتجارة عن طريق البحر الأبيض المتوسط )... ما كان لها (اى كريون) من خطر عظيم فى الحرب ، إذ كانت تشرف على الترعة التى عليها كل اعتماد الإسكندرية فى طعامها وشرابها ، ولكن حصونها لم تكن من المنعة على مثل ما كان عليه حصن بابليون (مصر القديمة حاليا)» و لا حصن نقيوس ، وحدث هناك قتال عنيف ، ولم يكن القتال فى تلك الواقعة مثلما حدث فى نقيوس ، بل كان قتالاً شديداً أستمر بضعة عشر يوم و يظهر لنا أن تلك الواقعة لم تكن نصراً لإحدى الطائفتين بل تساوت الكفتان تقريبا ، ولكن مؤرخي العرب يقولون أنها كانت نصراً عظيماً للمسلمين ، وبفتح العرب لكريون ، خلا أمامهم الطريق إلى الإسكندرية ، وكان عند جيش عمرو 20 ألفاً غير الحاميات آلتي تركها في بابليون و نقيوس وغيرها (فتح مصر ص 316 و 317 ) و لكن فيما يبدوا أنه انكشف لهم الطريق إلى الإسكندرية
25 مايو 641 م - موت الإمبراطور قسطنطين أبن هرقل الشرعي
بعد موت هرقل فى 11 فبراير 641 م كان قد تولى الملك بعده ولداه وهما قسطنطين أبنه من زوجته (أدوقية) ، و (هرقلوناس) أبنه من زوجته الغير شرعية (مرتينة) .. قام قسطنطين بإعداد العدة لجيش و تجهيزه لإرجاع ما فقدته الإمبراطورية من أراضى ، وأعد سفن لإرسالها إلى مصر ، وما كاد يعد كل ذلك حتى مرض ومات فى 25 مايو 641 م بعد أن حكم مائة يوم فقط ( وردد المؤرخين أنه كانت هناك مؤامرة بين (مرتينة) وقواد الجيش حتى يجلس أبنها (هرقلوناس) على كرسيي العرش البيزنطي ، فقد خافت أن ينتصر البيزنطيين على العرب فيقوى قسطنطين ويصبح إمبراطورا قوياً مثل أبيه خاصة أن هرقل كان يدربه على إمساك زمام الحكم بعد وفاته ) وعندما جلس (هرقلوناس) على كرسيي العرش البيزنطي سار على خطة مخالفة لخطة (قسطنطين) فأطلق سراح الخائن (المقوقس) وأرجعه إلى مصر على أن يصالح العرب فى الإسكندرية
آخر يونيو 641 م الهجوم على الإسكندرية
سار عمرو بن العاص بجيشه متجهاً إلى الإسكندرية من ناحية الجنوب الشرقي للمدينة و كانت الإسكندرية ذات عظمة بارعة نادرة تتجلى لمن يسيرون بين الحدائق وحوائط الكروم والأديرة الكثيرة و بأراضيها و كان يرى من على بعد مسلاتها و منارتها الشهيرة ، فقد كانت الإسكندرية حتى القرن السابع من أجمل مدائن العالم وأبهاها ، فلم تبدع يدى البناء قبلها ولا بعدها شيئاً يعدلها ، إلا روما وقرطاجية القديمتين (فتح مصر ص 17)
وكانت الأسوار منيعة تحميها (أي الإسكندرية) من ضربات المنجنيق القوية ، ولم تكن للعرب خبرة في فنون الحصار وحربه ، وعندما هاجم عمرو بن العاص بجيشه في أول هجومه على أسوار المدينة ، كانت هجمته طائشة غير موفقة فرمت منجنيق الروم من فوق الأسوار على جنده وابلاً من الحجارة العظيمة ، فارتدوا و أبعدوه و جيشه عن مدى رميها ، ولم يجرؤا بعد ذلك على أن يتعرض لقذائفها ، واقتنع المسلمون أن يجعلوا عساكرهم بعيداً عن منالها ، و انتظروا أن يتجرأ عدوهم ويحمله التهور على الخروج إليهم
ولم يكن حصار الإسكندرية بالمعنى الصحيح ، فقد كان البحر مفتوح لهم يحمى المدينة من جهة الشمال ، وكانت الترعة وبحيرة (مريوط) تحميانها من الجنوب ، وكان إلى الغرب ترعة (الثعبان) فلم يبق من فرج إلا شرقها وجنوبها الشرقي ، ولم يستطع المحاصرون أن يقتربوا من الأسوار من ذلك الفرج ، وقد تأكد عمرو انه لن يستطيع غزوها بالهجوم
كان الروم قد هاجروا من المناطق التى تقع حول الإسكندرية (أي من خارج محيطها) ، فصارت قصورهم البديعة ومنازلهم الجليلة فيما وراء الأسوار فيئاً للعرب ( أي غنيمة)، فغنموا منها غنيمة عظيمة ، وهدموا كثيراً منها ليأخذوا خشبها وما فيها من حديد ، وأرسلوا ذلك في سفن بالنيل إلى حصن بابليون كي يقيموا به جسراً ليعبروا عليه إلى مدينة لم يستطيعوا من قبل أن يعبروا إليها (فتح مصر ص321 )
مضى على ذلك إلى ما بعد شهر يونيو و لم يكن عمرو بالرجل الذي يخادع نفسه أو يعلل لنفسه بأنه باستطاعة فتحها (أي الإسكندرية) عنوة ، فقد علم حق العلم أنه لن يستطيع أخذها بالهجوم ، و إنه كان واثقاً بأن أصحابه إذا خرج لهم العدو وناجزهم بالقتال ، صبروا وثبتوا وغلبوه ، وعلى ذلك عول على أن يخلف في معسكرة جيشاً كافيا لرباط ، وأن يسير هو مع من بقى من الجنود ، فيضرب بهم في بلاد مصر السفلي ( مدن الدلتا / الوجه البحري ) (فتح مصر ص 320 )
الكاتب » سار عمرو بن العاص بمجموعة من جنوده إلى كريون و من ثم إلى دمنهور التى سميت دمنهور " دم ، نهور " لكون الدم قد صار نهورا فيها ثم سار إلى الشرق (بجوس) خلال الإقليم الذى يعرف اليوم باسم (الغربية)
أبن عبد الحكم (عبد الرحمن بن عبد الله القرشي – كتاب فتوح مصر و أخبارها) في غزو الإسكندرية والمعارك التي خاضتها القرى ضد الغزاة ، وعندما صلى يومئذ عمرو بن العاص صلاة الخوف بكل طائفة ركعة وسجدتين ، وكيف تحول إلى (المقس) فخرجت عليه الخيل من ناحية البحيرة مستترة بالحصن فوقعوه فقتل من المسلمين يومئذ بكنيسة الذهب اثنا عشر رجلا و كيف كانت الخيانة هى سبب الاستيلاء على الإسكندرية.
المقريزى » واصفا الهجوم العربي في الوجه البحري و المذابح التي تمت و سبى نساء الأقباط (تم إرسالهم إلي المدينة لتسرى و الاستمتاع بهم ) و حتى احتلال الإسكندرية و الاستيلاء عليها.في ( المواعظ و الاعتبار في ذكر الخطب و الآثار – الجزء الأول 34-167 ) ..و في اثناء القدوم على غزو الإسكندرية كان هناك المعارك التي خاضتها القرى ضد الغزاة العرب المسلمين و منها معركة ترنوط - معركة بسلطيس و قد قامت قرى خيس، بلهيب ، سلطيس ، مصيل ، قرطسا ، سخا بقتال العرب المسلمين بعد سبى الأقباط من النساء والأطفال .. أبرم عمرو عقد الصلح مع المقوس الحاكم العام باسم الروم فى الاسكندرية وقتذاك وجعل عمرو القائد المسلم وردان واليا على الإسكندرية ثم سار عمرو من الكريون نحو الشرق على ضفاف النيل في الجوف الغربي وهو الاسم الذي أطلقه العرب على إقليم البحيرة
سخا ثاني مدينة لم يستطع العرب الاستيلاء عليها بعد الإسكندرية
حتى بلغ سخا و كان ذلك الموضع إلى شمال من المدينة الحديثة (طنطا) على نحو أثنى عشر ميلاً منها وهو قصبة الإقليم وكان موضعاً حصيناً ، ولم يفلح عمرو فى تحقيق ما كان يريده من النزول على تلك المدينة بغتة وأخذها على غرة ، ورأى العرب أنفسهم مرة أخرى و قد عجزوا عن أخذ مدينة تحيط بها الأسوار وتكتنفها المياة ، فساروا نحو الجنوب ولعلهم أتبعوا (بحر النظام) حتى بلغوا (طوخ) و هى على بعد حوالى ستة أميال من الشمال الغربى من موضع (طنطا) .. و من طوخ ساروا إلى دمسيس وقد ارتدوا بعد ذلك عن هاتين المدينتين القريبتين ، و لم يستطيعوا فتحهما ، ولم يجد أهاليهما مشقة في صد العرب ويرد أيضا مع هذه الأخبار ذكر غزو عمرو للقرى التي على فرع النيل الشرقي ، قيل أن العرب قد بلغوا فيها (مدينة دمياط) ، ولعل تلك الغزوة كانت على يد سرية عمرو فى هذا الوقت نفسه ، ولم يكن من أمرها غير إحراق المزارع)، والتي قد أوشكت أن ينضج ثمرها فلم تفتح شيئاً من المدائن في مصر السفلي و لنذكر أن العرب قد قضوا فى عملهم فى هذا الإقليم 12 شهراً إلى ذلك الوقت ، و بعد تلك الغزوات آلتي أوقع فيها عمرو بالبلاد وغنم منها وعاد بعدها إلى حصن بابليون و من معه دون أن يجنى فائدة كبيرة
إن لنا لدلالة فى غزواته تلك فى مصر السفلي ، وما لاقاه فيها من قتال فى مواضع كثيرة ، وعجزه فى كل ما حوله من الفتح فى بلاد الشمال القصوى ، فإن ذلك يزيدنا برهاناً و تحت أيدينا الكثير من البراهين على فساد الرأيين اللذان يذهبان إليهما الناس و هما أن مصر أذعنت للعرب بغير أن تقاتل أو تدافع و الثانى أن المصريون رحبوا بالفاتحين ورأوا فيهم الخلاص والنجاة مما هم فيه (بعض المؤرخين العرب) (فتح مصر ص 322 و 323 )
بقلم: موريس رمسيس
المصدر:الحوار المتمدن
طالعوا هذه العناوين على الرابط أسفله
مأساة الغزو العربى لمصر-2
https://amazigh24.yoo7.com/t16863-topic
مأساة الغزو العربى لمصر-3
https://amazigh24.yoo7.com/t16862-topic#16919