كيف بدأ عرب الجزيرة يعبدون الأصنام قبل ظهور الإسلام؟ أصنام وأوثان 2\3
ماذا عن قصص الأصنام الأخرى كاللات والعزة والأوثان الأخرى كإساف ونائلة؟ ذاك ما سنتناوله في الجزء الثاني من هذا الملف.
عرفنا في الجزء الأول كيف انتقلت عبادة الأصنام إلى شبه الجزيرة العربية، وتطرقنا أيضا إلى قصة أشهرها وهو هبل، فماذا عن قصص الأصنام الأخرى كاللات والعزة والأوثان الأخرى كإساف ونائلة؟ ذاك ما سنتناوله في الجزء الثاني من هذا الملف.
ماذا عن الأصنام الأخرى؟
يحكى أن عمرو بن لحي رأى في المنام، المكان الذي توجد به الأصنام التي تعبدها قوم النبي نوح، وكانت مدفونة بجدة، فذهب عندها وأخرجها وأمر بعبادتها. هذه الأصنام هي ود، سواع، يغوث، يعوق، ونسر، وقد ذكرت جميعا في القرآن، في الآية 23 من سورة نوح: “وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا”.
وقد روى البخاري عن ابن عباس تحديده للقبائل التي وزعت بينها هذه الأصنام، فقال: “صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ودّ كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سُواع كانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمْدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكَلاع …”.
أما قصة الوثنَيْنِ إساف ونائلة، فهي أقرب إلى الخيال من التصديق، ذلك أنهما حسب اعتقاد العرب، كانا امرأة ورجلا من اليمن يحبان بعضهما البعض، فلما تقدم إساف لخطبة نائلة رفضه أبوها، فتواعدا على اللقاء عند الكعبة في الحج، فذلك ما كان غير أن الله قد مسخهما حجرين عبرة لمن يعصيه عند الكعبة.
ما لبث أن مرت بعض السنين، حتى نُقل إساف ونائلة إلى الكعبة وأمر عمرو بن لحي بعبادتهما، وكأنما قد نسوا قصة مسخهما “الغريبة”. ابن لحي، سيد خزاعة ومكة، لم يقف عند هذا الحد بل غير التلبية أيضا التي كان يرددها الحجيج، فهؤلاء كانوا يقولون قبله كما هو معروف الآن، “لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”، فجاء وأضاف في آخرها “إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك”.
في الواقع، الصنم غير الوثن، فالوثن وجمعها أوثان، تعني العطية الجزيلة، أما الصنم فكان شيئا من الخشب أو الفضة أو النحاس يعبد. وللتوضيح أكثر، ورد في “تاج العروس” لصاحبه المرتضى الزبيدي، أن هشام الكلبي فرق بينهما في كتاب له عن الأصنام فقال: “إن المعمول من الخشب أو الذهب والفضة أو غيرها من جواهر الأرض يسمى صنما، أما إذا كان من حجارة فهو وثن.” والأوثان كانت تتميز عن الأصنام أيضا بكونهم كانوا يذبحون لها القرابين.
إضافة إلى هبل، كان أشهر أصنام قريش ثلاثة وهي أشهرها، اللّات، العزّى، ومناة. وقد ورد ذكرهم بالقرآن جميعا في الآيتين 19 و20 من سورة النجم: “أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ … وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ”. بالنسبة للات، فقد كان عبارة عن صخرة مربعة كان جميع العرب يعظمونها ويسمون بها أبناءهم، وكانت في مكان اسمه ثقيف، لما أسلموا بعث إليهم الرسول بالمغيرة بن شعبة فهدمها ثم أضرم فيها النار.
أما العزى، فكانت بواد اسمه نخلة، وهو أحدث من اللات، بنوا عليه بيتا فكانوا يسمعون فيه صوتا فتعبدوه، واستمر الحال على ذلك إلى “فتح مكة”، فبعث الرسول بخالد بن الوليد يهدمها.
بين هذه الأصنام، كان مناة أقدمها، وكان منصوبا على ساحل البحر بقديد بين مكة والمدينة، وكان العرب يعظمونه وأشدهم في ذلك الأوس والخزرج، وهو أيضا بعث إليه الرسول في “فتح مكة” عليا بن أبي طالب ليهدمه وكذلك فعل.