زراعة المدرجات
أزول ولا نزول، موضوعنا لهذا اليوم هو الزراعة ..وهل زراعة المدرجات من إبتكار الأمازيغ ؟؟
أنصحكم بقراءة هذا المقال لأنه جد ثري ورائع
إمتاز سكان المغرب الكبير بعدم الاستقرار نتيجة لتعاقب الإستعمار على هذه المنطقة، فأضطر الكثير من السكان الأصليين (الأماريغ) الإستقرار في الجبال وذلك حفاظا على وجودهم و كيانهم الحضاري و الثقافي. إذا فاستقرار أغلبية الأمازيغ في الجبال كان استقرار اضطراريا أملته ظروف خـاصـة.
و باعتبار الزراعة هي النشاط الأول الذي تقوم به أي مجموعة بشرية عند بداية استطانها لمجال جغرافي ما ، فإن أجدادنـا لـم يشدوا عن هذه القاعدة. و نظرا لطبيعة الأراضي الجبلية الصعبة وقلة المساحة الصالحة للزراعة ابتكر الأمازيغ طريقة جديدة للاستغلال الأمثل للأراضي الجبلية و هي زراعـة المدرجات التي أصبحت شائعة في كثير من بلدان العالم خاصة التي تمتاز بأراضي زراعية قليلة كاليابـان و الصين
وبالتجربـة توصـل الأمازيغ الي تقنيات زراعية علمية لم تكن معروفة من قبـل و التي تعتبر أساس الزراعة الحديثة كما سنبين في استعراض لتقنيات هـذه الزراعة و التي يمكن لنا تلخيصها في النقاط التالية :
اختيار المكان : إن الزراعة الجبلية عادة ما تكون على سفوح الجبال المحاذية للوديان « واد مـلاقو ـ واد الأبيض ـ واد عبدي »
تمتاز هذه الوديان بجريانها طيلة فصول السنة ما عدا فصل الصـيف يستدعي وجوب بناء سدود لتجميع المياه خلال الفصول الممطرة حتى نحافظ على هذه الزراعة التي تعاني في الوقت الحاضر بعد ما كانت في وقت ما تكفـي للإستهلاك المحلي و حتى التصدير الي باقي مناطق الوطن خاصة المجاورة
تهيئة الأرض : وتتم بوسائل تقليدية تصنع محليا 《أڤآلزيم - الفأس - البالة 》ففي البداية يبنى مدرج صغير « هایروت /هاڤروث» باستعمال الأحجار المختلفة الأحجام دون استعمال الملاط « الطين - الإسمنت » حتى تبقى بين الأحجار فراغات يتسرب عن طريقها الهواء الى التربة و بالتالي يسهل عملية التنقل للجـذور ، كما أن الكائنات الدقيقة الهوائية تستعمل أكسجين الهواء في عملية التنفس ، هذه الكائنات الدقيقة لها أهمية كبيرة بالنسبة للتربة حيث تساهـم في إغناء التربة بالمركبات العضوية المختلفة و هنا تظهر أهمية عدم استعمال الملاط لـبناء « ثيیْراو/ ثيڤراو >> .
كما استنتجوا بالتجربة أن بعض النباتات لا تنمو جيدا خاصة العشبية تحت الضلال وبالتالي فلا تغرس في الأماكن أين تتواجد الأشجـار كـالبـطـاطا والفول ، أما السماد فقد عرف أجدادنا أهمية السماد بنوعه العضوي والمعدني حيت أن بعض المحاصيل الزراعية كما ذكرنا سابقا يضاف إليه قبل الزراعة إغذان (سماد معدني) والبعض الآخر يضاف إليه السماد العضوي والمتمثل في فضلات الحيوانات والطيور (لآغبار ) .
كما طبق أجدادنا الأماريغ مبدأ المناوبة الزراعية في النباتات الموسمية حيث أنهم يستبدلون كل في كل سنة النوع النباتي المزروع في كل قطعة أرض والفلاحون يعرفون جيدا التتابع في استبدال النوع النباتي بالنسبة لنقل القطعة من الأرض ..
وفي بعض الأحيان تترك الأراضي بورا لعام واحد ( لآمسوكيث / أمآسّوگي ) حتى يرفع من مردود الأرض.
=السقـي « الـري » أسـآسّو : يتم سقي الأراضي بواسطة سواقي تمتد من مصدر المـاء للأراضي المزروعة وقد يكون المصدر إمـا سـدا أو ينبوعا.
-حـالـة السـد الصغيـر 《 أقـي ـ العنصـر 》 و في هذه الحالة تقام سدود صغيرة علـى مـجـرى الوديان بإستعمال الحصى و الطيـن ويـتـم بنـاء هـذا السد جمـاعيـا 《 تويزا》 ثم تقسم الأراضي حسب أيام الأسبوع تقسيمـا دقیقا و الفلاحـون يعرفون جيدا حاجة كل نوع نبـاتـي للمـاء ، فهناك بعض الأنواع النباتية تسقى أسبوعيا خاصة في بداية الزرع كالبطاطا و الطماطم و الأشجـار عـادة 21 يوما وكذلك يعرفون جيدا في أي فترة من دورة حياة النبات يحتاج ذلك النوع النباتي للماء أسبوعيـا ..
ـ أما الحالة الثانية فعندما يكون الماء قليلا عادة يكون مصدره الينابيع وبالتـالـي يجمع الماء في أحواض << هـانـوث ـ أقآلـمـام - قليـة >> ويوزع الماء على الأراضـي الزراعية بطريقة نظاميـة و قيـاسيـة دقيقـة
و أخيرا يمكن القول أن : الإنسان الأماريغي تعلّق بأراضيه ، وأهتم بالزراعة و أبتكر تقنيات زراعية لم تكن معروفة من قبل ، أهلت بلاده أن تكون في يوم ما في طليعة الدول المصدرة للموارد الملاحـة
إلا أنه أصبح في الحاضر في غياب سيـاسـة فلاحية ناجعـة.
أصبحت الجزائر لا تستطيع حتى ضمان الإكتفاء الذاتي ، و عليه فمراجعة السياسة الفلاحية يعتبر من الأولويـات حتى تستعيـد الجزائـر مكانتها الحقيقية في هذا المجال .
المصدر:مواقع ألكترونية