الترجمات المزيفة
الترجمة من بين الوظائف التي تتطلب أمانة، وخاصة في ظل عدم إلمام مُتلقِّي تلك الخدمة باللغة المطلوب الترجمة منها، لذا يتطلب الأمر مصداقية في التعامل، وتقديم الخدمة على النحو الأمثل، وعلى رأس ذلك الترجمة من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية، أو العكس، ويجب توخِّي الحذر،ولكن هناك من تأخذه الأجندة السياسية والعرقية فتذهب الأمانة والثقة الملقاة على عاتقه إلى عرض الحائط فيقوم بالترجمة حسب هواه وإيديولوجيته السياسية والعرقية الوهمية وحتى الدينية منها فلا تهمه الموضوعية ولا الألتزام ولا الصدق ولا الثقة .
ما نلاحظه كتب كثيرة عناوينها مزيفة بالمقارنة مع النسخ الأصلية المترجمة وسنعرض عليكم كتابين من بين المئات وربما الآلاف تمت ترجمتهم بكيفية مزيفة وملفوقة وليست عن طريقة الخطأ كما يوهموننا الكثير بل كانت متعمدة ومستهدفة وواضحة وضوح الشمش
النموذج الأول:قصة المور في أسبانيا
من غرائب الترجمات تلك التي تتم بنوايا إيديولوجية بعيدة عن النزاهة الفكرية، وهذا نموذج جعل عنوان كتاب "تاريخ المور في إسبانيا" يصبح بقدرة قادر "قصة العرب في إسبانيا" ويعرف الجميع بأن "الموريين" هم المغاربة الأمازيغ، وأن الدولة المورية وجدت قرونا قبل ميلاد المسيح، لكن المترجم أبى إلا أن يجعلهم عربا أقحاحا، وهذا يذكرنا بترجمة كتاب عبد الكبير الخطيبي La blessure du nom propre التي كانت في غاية الغرابة وهي "الإسم العربي الجريح".
النموذج الثاني:شمس الله تسطع على الغرب
من غرائب الترجمة أن تصبح بقدرة قادر كلمة "الله" هي نفسها كلمة"العرب"أكبر تزييف وطمس عرفته الإنسانية عبر التاريخ .لا لشيئ أن هذا الشخص رمى بكل المبادئ والالتزامات لكون العروبة أعمت بصيرته إلى حد النخاع وربما العبادة فأصبح يرى صورة العرب نفسها صورة "الله "بما أنه سواها بـ"الله"ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
أعتقد أن من أولى شروط الترجمة العلمية الجيدة الحرص على أن تعكس ترجمة العنوان روح الكتاب ومضمونه، لا أن توحي بمضمون بعيد عما أراده المؤلف الأصلي.
مثل هذه النماذج تجسد حقا القولة الشهيرة "كل ترجمة خيانة". لكن إذا كان معنى العبارة خيانة غير مقصودة أو بحسن نية، فإن الخيانة في النماذج المشار إليها خيانة بنوايا مبيتة لا يبررها إلا الغلو الإيديولوجي.