أزياء المصريين القدماء أحد مصادر الإلهام للموضة العالمية
عكست الأزياء المصرية القديمة في طياتها مضامين من المعتقدات والمفاهيم الشعبية (وكالة الأنباء الألمانية)
اهتم المصريون القدماء بالأزياء، رجالا ونساء، وعرفوا أدوات التجميل قبيل آلاف السنين، وبحسب علماء الآثار، فإنهم كانوا يحرصون على اختيار ملابسهم بعناية في ظل اهتمامهم بمظهرهم وحفاظهم الدائم على أناقتهم.
واستخدمت النساء الملابس الشفافة، وعرفوا "الجونلة " أو "التنورة" القصيرة والكثير من الأزياء والملابس التي باتت ملهمة لصناع الموضة العالمية حتى اليوم.
وفي دراسة مصرية حديثة، أعدتها مصممة الأزياء والأكاديمية بكلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر الدكتورة داليا صالح فرح، أكدت أن مصر تتميز بموقعها الجغرافي الفريد والإستراتيجي الذي يربط بين قارتي آسيا و أفريقيا، الأمر الذي نتج عنه تنوع البيئات وتبادل الثقافات المتعاقبة على أرضها، مما أفرز مزيجا خلابا من الأزياء المصرية التي تتوارثها الأجيال.
لم تقتصر الأزياء المصرية على ارتداء تصميمات تقليدية، بل عكست في طياتها مضامين عدة من المعتقدات والمفاهيم الشعبية التي يمكن من خلالها تقسيم المجتمع المصري لمناطق تراثية وثقافية عدة، كما اهتم المصريون بالحلي والإكسسوارات التي تتماشى مع نوع الملابس ومناسبته.
الأزياء والحلي
تشير الدراسة إلى أن المصريين القدماء اتخذوا أرديتهم من النسيج الخفيف الشفاف بما يناسب جو مصر الحار، وغلب على ملابسهم اللون الأبيض الذي كان يزين أحيانا بـ"كنار" ملون في ملابس النساء والمترفين من الرجال.
وقد عرف المصري القديم صناعة النسيج (التيل) في وقت مبكر، وأبدع في صناعة أنواع عديدة من الأزياء مثل "الجونلة" (المجول أو النقبة) التي تكون على شكل قطعة مستقيمة من القماش تثبت بشريط يلف حول الوسط ويلبس معها غطاء(حرملة) يوضع على الكتفين، وتتزين بعد ذلك بالطوق (الكولة) الذي مر بعدة مراحل إلى أن اتخذ شكل الرداء.
وبظهور الإمبراطورية الجديدة في مصر (1580-1084 قبل الميلاد) أصبح من المعتاد لدى الطبقة الأرستقراطية أن يغطى الجزء الأعلى من الجسم، وكانت هذه بداية ظهور الرداء الكامل.
الزينة والحلي
استخدم المصري القديم القماش المخطط بخطوط عريضة والذي يغطي الرأس بشعر مستعار.
وكانت النساء يزيّن الشعر برباط بعرض بوصتين يتم لفه حول الشعر ثم يربط من الخلف ويترك الطرفان متدليان من الأعلى بزهرة اللوتس.
وكانت نسوة يلجأن إلى تغطية الشعر الطويل المستعار بغطاء رأس من القماش المزركش، وكان الغرض الأساسي منه الزينة والزخرفة، كما ارتداه الرجال أيضا.
وتشير الدراسة إلى أن ارتداء غطاء الرأس المزركش كان لأغراض عقائدية، حيث اعتقد المصري القديم أن بعض أنواع الحلي والمجوهرات لها قوى سحرية تبعد عنه الشرور وتحفظه.
عرف المصري القديم صناعة النسيج (التيل) في وقت مبكر وأبدع في صناعة أنواع عديدة من الأزياء (وكالة الأنباء الألمانية)
الطوق أو الكولة
وأما الطوق والكولة فهي التي تحلي الزي سواء عند الرجال أو النساء، وتكون مستديرة ومسطحة، وتمتد من نهاية الرقبة إلى الأكتاف والصدر، وكانت تصنع من الخرز.
وهناك "الصدريات"، وهي عبارة عن حلي تلبس على الصدر مربعة أو مستطيلة الشكل أو على هيئة شبه منحرفة، وكانت تعلق بواسطة خيط أو خيط منظوم به خرزات.
وهناك الأساور و الخلاخيل التي لبسها قدماء المصريين لما فيها من قوة سحرية بحسب معتقداتهم، فالأسورة تحيط بالمعصم أو تلبس على الذراع لتصنع دائرة سحرية، وكذلك الخلخال الذي يلبس عند القدم وكان يصنع من العظم والقرن والحجر والخشب والجلد، ثم وضعن به خرزات في خيوط منظومة، وصنعت بعد ذلك من المعدن وكانت ترصع بأحجار شبه كريمة أو بالزجاج.
وبحسب الدكتورة داليا فرح، فقد كان العهد الفرعوني أكثر الحقب الزاهرة التي عرفها التاريخ المصري القديم، ويظل الزي الفرعوني حاضرا في الأزياء المعاصرة بعدة أشكال ومعالجات كأحد أهم مصادر الإلهام للأزياء المعاصرة.
الأزياء الشعبية والتراثية
كما ذكرت الدراسة، فإن الموقع الجغرافي الفريد لمصر نتج عنه زخم ثقافي انعكس على شكل الأزياء التراثية التي أسهمت في تشكيل الهوية الثقافية في أقاليم مصر المختلفة، وقد عرفت المرأة في مصر الكثير من نماذج الأزياء المصرية التراثية المعاصرة للنساء، ويعد الزي الشعبي من أهم الموروثات التي توارثتها الأجيال.
في إقليم الدلتا نجد المرأة الفلاحة ترتدي نوعين من الثياب، الأول بسيط للمنزل والعمل في الحقل، والآخر خاص بالمناسبات والأعياد، كما ترتدي الفلاحة في المنزل جلبابا من القطن المنقوش بألوان زاهية وذا أكمام طويلة.
أما في محافظات صعيد مصر، فلا تزال تتمسك المرأة بالزي المحتشم الذي يشمل "الملس" في محافظة أسيوط، والحبرة والجبة في الأقصر، والجرجار في أسوان.
على سبيل المثال نجد في مدينة منفلوط بصعيد مصر "الملس" أو العباءة، وهي عبارة عن ثوب فضفاض خامته من القماش المصبوغ أو الحرير يُطرّز بخيط قطن أو حرير، كما أن أشغال التطريز التي تنقش على الجزء الأمامي تكسبه طابعا شرقيا إسلاميا.
أما في أسوان والنوبة فنجد "الجرجار النوبي"، الذي يصنع من "الدانتيل" الأسود أو "الشيفون"، وله أكمام طويلة واسعة، كما يشتمل على غطاء للرأس من القماش نفسه يصل طوله إلى مترين.
وفي المجتمعات البدوية مثل سيناء وواحة سيوة، نجد الأزياء المتميزة الفريدة بزيها الخاص وحليها الكثيرة وأغطية الرأس التي لا نظير لها في جمالها، كما يتميز الزي بغناه بالتطريز ذي الألوان البديعة، وأيضا بالطرح المشغولة وأقنعة الوجه المزينة بالعملات الفضية أو الذهبية والخلاخيل.
المصدر : مواقع ألكترونية