هل يئس المصريون القدماء من الحياة؟!
هناك بردية مصرية قديمة؛ تشتمل على حوار أدبي ذي مغزى فكري وديني وسياسي.
هذا الحوار دار بين شخص (يائس من الحياة) وروحه، وهو حوار فلسفي ظهر بسبب انتشار الظلم والفساد، ويحاول فيه (اليائس) إقناع ذاته على (الانتحار) لكي تتخلص من مساوئ هذا العالم المليء بالأزمات و الفوضى.
وتعد بردية (اليائس من الحياة) واحدة من أجمل البرديات المصرية القديمة. وهي الآن بمتحف برلين بألمانيا. وترجع إلى عصر الملك (سنوسرت الثاني) من الأسرة 12 بالدولة الوسطى. ومكتوبة بالخط الهيراطيقى.
البردية كُتبت في أربع قصائد، هي كالتالي:
* القصيدة الأولى؛ تدور حول حالة اليأس التي تملكت الرجل، ويصف نفسه (اليائسه من الحياة) بقوله: إن اسمي ممقوت أكثر من رائحة التماسيح في يوم حار .. إن اسمي ممقوت أكثر من المرأة التي يتقولون عليها بالزنا .. إن اسمي ممقوت أكثر من الفتى الجبان الذي يسلم نفسه لخصمه .. إن اسمي ممقوت أكثر من مدينة تغلي بالتمرد عندما يغفل عنها حاكمها.
ثم يقول لذاته التي تحاول منعه من الانتحار: يا روحي أنت غير عاقلة لكي تخففي من بؤس الحياة، إنك تحاولين أن تبعديني عن الموت قبل أن اذهب إليه.. يا روحي أنت غير عاقلة لكي تخففي من بؤس الحياة، إنك تحاولين أن تبعديني عن الموت قبل أن اذهب إليه.
* وفي القصيدة الثانية؛ يذكر رأيه في الناس وهو رأي مليء بالتشاؤم؛ فتحدثنا البردية عن اختفاء الصديق المخلص، والقريب الخّير. فقال: لمن أتحدث اليوم والقلوب أصبحت جشعة وكل واحد ينزع الخير من قريبه. لمن أتحدث اليوم وقد أصبح الإنسان غاضبًا بسبب الأعمال السيئة. والآن يستهزئ كل إنسان عندما تكون جريمته بشعة، لمن أتحدث اليوم ولم يعد هناك عدالة علي الإطلاق وأصبحت البلاد عرضة لمثيري الشغب والقلق، لمن أتحدث اليوم وأنا مثقل بالبؤس وأنا في حاجة إلى صديق، لمن أتحدث اليوم وقد أصاب السوء البلاد ولم يعد هناك نهاية لهذا السوء على الإطلاق.
وفي القصيدة الثالثة؛ يتحدث عن الموت الذي فيه خلاصه من مأساته، فيقول: إن الموت في ناظري اليوم كمثل الشفاء لرجل مريض، مثل الخروج إلى الهواء الطلق بعد سجن طويل، إن الموت أمام ناظري اليوم مثل عبير المر، مثل الجلوس تحت ظل شراع في يوم عليل الهواء، مثل رائحة زهور السوسن، ومثل الجلوس علي شاطئ الانشراح، إن الموت في ناظري اليوم مثل السماء عندما تصفو، مثل حصول الإنسان علي شيء
المصدر:مواقع ألكترونية