المصريون و الليبيون القدامي في مصر القديمة قبل 3500 سنة من الان
نري تماثيل بدقة عالية لليبيين كما مثلهم المصريين القدامي او الليبيين في مصر القديمة قبل 3500 سنة من الان.
نلاحظ اربع تصنيفات لاربع قبائل ليبية و هي :
1-التحنو: تقع بلاد التحنو إلى الغرب من مجرى وادى النيل لأنها تذكر دائما فى النصوص المختلفة عندما تذكر اسماء البلاد التى تقع إلى الغرب من مصر ويرى الدكتور أحمد فخرى -استنادا على أراء علماء آخرين- بأن بلاد التحنو كانت تمثل الفيوم والواحات ووادى النطرون وبرقة. وقد رأى (فرانسوا شامو) بأن بلاد التحنو تشمل كل المناطق الواقعة غربى وادى النيل بما فى ذلك الأقاليم الجنوبية. ونلاحظ أنه ابتداء من الأسرة الخامسة من الدولة القديمة وحتى الأسرة الثامنة عشرة أصبحت كلمة تحنو تدل على ليبيا والليبيين القدماء عامة. ويرى العالم الألمانى (هولشر) بأن قبائل التحنو كانت تعيش فى دلتا النيل ثم طردهم مـن هــذا الإقــليم الخصيب ملــوك منطقــة الوجه البحرى،عندما تم توحيده مع منطقة الوجه القبلى. ويبدو أن هذا الأمر صحيحا، ومما يؤيد ذلك ما ذهب إليه (جاردنر) من أن صور التحنو تظهر فى النقوش المصرية القديمة وكأن بينهم وبـين المصريين القدماء قــرابة وثيقة، وتتضح هــذه القــرابة من خلال ملابسهم التى تتفق تماما مع الملابس المصرية حيث كانوا يعلقون بهذه الملابس ذيولاً مثل التى كــان الفراعنة يعلقونها ويحلون جباههم بخصلة مــن الشعر تحاكى صورة الصل المقدس عند ملوك الفراعنة وتبدو هذه القرابة واضحة أيضاً من خلال سماتهم البشرية، حيث كانوا سمراً مثلهم مثل المصريين كما كانوا يخنتون مثلهم كذلك وكانوا يضعون قرابا لستر العورة مثلهم مثل المصريين فى عصور ما قبل التاريخ ومن هذه القرائن المختلفة توصل بعض العلماء إلى أن المصريين القدماء يرجع أصلهم إلى الليبيين القدماء حيث يؤكد هؤلاء العلماء بأن المصريين وفدوا على وادى النيل منذ وقت مبكر بوصفهم صيادون ورعاة ماشية ثم أصبحوا فيما بعد زراع مستقرون، وبدون شك فإن المقصود هنا بالليبيين القدماء هم سكان الصحراء الكبرى، الذين وصلوا فى فترة العصر الحجري الحديث إلى مرحلة حضارية متقدمة، وقد أشرنا فيما قبل إلى أن الفضل يرجع إليهم فى انتقال الرعى والزراعة نحو وادى النيل فى البداية ثم فيما بعد إلى بقية شمال إفريقيا.
2-التمحو: يرى (جاردنر) أن بلاد التمحو تمتد على الحدود الغربية لمصر حتى طرابلس غرباً والنوبة جنوبا فى حين يرى أحمد فخرى بأن التمحو كانوا قد تمركزوا فى نفس موطن التحنو بعد أن سيطروا عليهم بالإضافة إلى سيطرتهم على الواحات ذات الأرض الخصبة المنتشرة إلى الغرب من وادى النيل ويرى أنهم انتشروا جنوبا حتى دار فور(16). أما عن أصل التمحو فقد ظهرت فى هذا الموضوع نظريتان : يرى أصحاب النظرية الأولى بأن التمحو جاءوا مهاجرين من قارة أوروبا إلى شمال افريقيا ثم توغلوا إلى الجنوب ويروا بأنهم ينحدرون من قبائل الوندال أو أى جنس شمالى آخر ويستند أصحاب هذه النظرية كدليل علىذلك من خلال السمات التى يمتازبها التمحو عن بقية الليبيين مثل : الشعر الأصفر والعيون الزرقاء والبشـرة البيضاء ولكن هذه النظرية لا تستقيم مع ما اثبتناه أعلاه من وجود هذه المجموعة السكانية ذات الشعر الأصفر والبشرة البيضاء فى الصحراء الكبرى منذ الألف السادسة قبل الميلاد وتتعارض مع ما أكدت عليه البحوث الأثرية عن عدم استعمال الإنسان للبحر قبل الألف الخامسة قبل الميلاد، بالإضافة إلى عدم وجود أيــة قرائن تـفيد بأن المجموعات السكانية الأوروبيـة وصلـت منطـقة الـصحراء الكبرى كمهاجرين فى أى فترة من فترات التاريخ القديم، والجدير بالذكر أن أول اتصال أوروبى بمنطقة شمال افريقيا كان فى حدود نهاية الألف الثانية قبل الميلاد مع وصول المجموعات المعروفة باسم شعوب البحر الذين حاولوا الاستيطان فى منطقة وادى النيل وكما هو معروف لدى الجميع فان تلك المحاولة لم يصادفها النجاح على كل حال أما أصحاب النظرية الثانية فيروا بأن التمحو هم مواطنون افريقيون سلكوا طريقهم من الجنوب الغربى من الصحراء متجهين نحو الشمال والشمال الشرقى ويرى بعض العلماء بأن القوم الذين أطلق عليهم العلماء اسم المجموعة (ج)، والذين عثر على آثارهم بمنطقة النوبة هــم فرع من التمحو وانهم ليبيون. ويشير(اوريك بيتس) بأن مخلفاتهم تتفق ومخلفات الليبيين القدماء حيث يذكر بعض الأدلة التى تثبت هذه الصلة والتى من بينها :
أ- لا تختلف جماجم وشعور المجموعة (ج)عن جماجم جنس البحر المتوسط،الذين منهم الليبيون القدماء بصفة عامة ومجموعة التمحو بصفة خاصة.
ب- لقد اتبع أصحاب المجموعة(ج)طريقة للدفن،ونمط لبناءالمقابر الدائرية،هى نفسها التى عرفت لدى سكان الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا والتى عرفت باسم الرجم.
ج- تصور الرسومات المنقوشة رجال المجموعة (ج)وهم يرتدون ملابس على شكل اشرطة تتقاطع على الصدر والريشة على الرأس وهى نفسها التى كانت تميز الليبيين القدماء الذين تعرفنا عليهم من خلال الوثائق المصرية القديمة فى فترة ما قبل الأسرات وبداية الأسرات وهى سمات عرفت قبل ذلك لدى سكان الصحراء الكبرى.
د- يستعمل رجال المجموعة (ج) سلاح السهم والقوس وهى من الأسلحة التى عرفت فى الصحراء الكبرى قبل أن تعرف لدى أهل النوبة.
هـ- يؤيد انتماء سكان المجموعة (ج) للتمحو ما عثر عليه مـن فخار وقبور فى وادى هـور الذى يقع على بعد 400 كيلومتر جنوب غربى الشلال الثالث ومن خلال المقارنة اتضح أن هذا الفخار يشبه فخار المجموعة (ج). والجدير بالذكر أن هذا الفخار وجد عند طريق هجرة التمحو من موطنهم الأصلى الذى يراه معظم الباحثين بأنه منطقة الصحراء الكبرى قبل أن يحل بهــا الجفـاف (18). وبناء على كل ذلـك يمكن الاستنتاج، بأن التمحو، وسكان المجموعة (ج)، وسكان وادى هور كلــهم جاءوا من الصحراء الكبرى بعد أن حل بها الجفاف.
-الليبو او الريبو: يرى معظم العلماء أن الليبو أو الريبو كانوا يسكنون منطقة برقة الحالية وربما كانت أراضيهم تمتد نحو الشرق حتى منطقة الواحات، وخاصة واحة سيوة ويرجح أن مجموعتى القهق والإسبت كانتا تعيشان فى نفس المنطقة التى تسيطر عليها مجموعات الليبو أو الريبو، وأقدم ذكر لمجموعات الليبو أو الريبو كان فى عهد رعمسيس الثانى ومنذ ذلك التاريخ بدأت هذه المجموعات تقوم بدور هام فى تاريخ الصراع بين مصر القديمة والقبائل الليبية القديمة حيث اشتركوا كقادة فى الحروب التى قامت ضد الملك مرنبتاح واشتركوا أيضاً فى الحروب التى دارت ضد رعمسيس الثالث. ونعتقد أن اسم الليبو أصبح منذ بداية الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديم علماً على كل المنطقة التى تقع إلى الغرب من منطقة وادى النيل وبالتالى اختفت اسماء بقية المجموعات الأخرى وبناء على كل ذلك أصبح هذا الاسم يعنى لدى الإغريق تارة كل المجموعات السكانية التى تقع إلى الغرب من مصر حتى خليج سرت وتارة أخرى كل شمال أفريقيا وفى بعض الأحيان القارة الإفريقية بكاملها ومما يؤيد بروز اسم الليبو واختفاء بقية الاسماء تلك اللوحة التى عثر عليها منذ مدة والتى تعود لعهد الملك شيشنق وهى تتضمن اسماء الأقوام الليبية وهى لوحة يطلق عليها اسم (لوحة الأقوام التسعة) ويبدو من خلال هذه اللوحة أن الريبو أو الليبو حلت محل الاسم التقليدى السابق الذى عرفت به القبائل الليبية وهو التحنو ونجد وثيقة أخرى تشير إلى الليبو كتسمية عامة لكل المنطقة التى تقع إلى الغرب من مصر، وهى وثيقة تعود لعهد الملك شيشــنق الرابـع (763-757قبل الميلاد) وتشير إلى شخصية ليبية مرمـوقة تدعـى حيتيحنكر وقد وصفتها تلك الوثيقة بكبير الليبو ويبدو من خلال هذه الوثائق أن المنطقة ظلت تعرف باسم الليبو طيلة الفترة التى تلى الدولة الحديثة من تاريخ مصر القديم ونعتقد أنه لهذا السبب أطلق الإغريق على المنطقة التى استعمروها بالجبل الأخضر اسم ليبيا وذلك راجع إلى أنها الجزء الوحيد المألوف لديهم من منطقة شمال إفريقيا.
4-المشوش: يرجح الباحثون أن المشوش سكنوا المناطق الشمالية من الصحراء الليبية ويرى البعض أن ديارهم كانت تمتد غربا حتى المناطق التى تمثل تونس الحالية وقد رأى بعض العلماء بأن المشوش هم أنفسهم المكسيس الذين أشار إليهم (هيرودوت)(21) بأنهم يقيمون إلى الغرب من بحيرة تريتونيس ولكن مع بداية الأسرة الثامنة عشرة المصرية بدأ المشوش يتجمعون حول حدود مصر الغربية طلباً للاقامة الدائمة حول دلتا وادى النيل ومن خلال الرجوع إلى الوثائق التى تشير إلى الحروب التى دارت بينهم وبين المصريين يتضح أن المشوش كانوا يرغبون الاستيطان فى مصر وقد صرحوا بذلك بأنفسهم ورغم أنهم وحلفاءهم الليبو فشلوا فى الوصول إلى دلتا النيل عن طريق الحرب إلا أنهم استطاعوا الاستقرار فى الكثير من مناطق مصر سواء فى حاميات الحدود أو بانظمامهم إلى الجيش كجنود مرتزقة. وقد كان الجيش المصرى ابتداءً من الأسرة العشرين يتكون من الليبيين دون سواهم وقد كان ملوك مصر فى ذلك الوقت يقدمون لهؤلاء الجنود هبات من الأرض كأجور لهم مما أدى إلى تكون جاليات عسكرية كانت القيادة فيها لليبيين دون سواهم وقد وصل بعض العناصر من المشوش -كما مر بنا – إلى مناصب هامة فى البلاط الملكى وإلى مراكز القيادة فى الجيش وأن بعضهم -مثل شيشنق- استطاع أن يتولى الحكم فى بعض مناطق مصر حيث جمع بين يديه السلطتين المدنية والدينية وهكذا وبسهولة تامة استطاع شيشنق أن يستولى على الحكم فى مصر بمجرد وفاة آخر ملوك الأســرة الواحدة والعشرين وبالتالى استطاع المشوش تكوين الأسرة الثانية والعشرين التى حكمت مصر قرابة قرنين من الزمان.
المصدر:مواقع ألكترونية