المناهج الطبية في العراق القديم
في العراق القديم -- كانت اساليب الفكر في بلاد الرافدين تقوم على اساس ديني وعلمي لذلك عد السحر والكهانة فرعان من العلوم - على هذا الاساس طبق السحر والكاهنة في علم الطب هذا الامر كان يدرس للطلاب في المدارس التابعة للمعابد التي يديرها الكهنة وكان المتخرج منها بصفة معالج يتطلب منه الدراسة لسنوات طويلة مع الممارسة التجريبية حتى يعد معالج ممارس ماهرا - المعالجة للمريض كان تقوم وفق خطين طبيين -الاول- اسلوب الشفاء العلمي الذي يعرف باسم -اسوتو- الثاني- العلاج السحري الذي يعرف باسم -اشيبوتو- حيث اشارت النصوص المسمارية ان البابليين عرفوا تشخيص الامراض من خلال الاعتماد على -الاذن -الفم- لقلب - فقد عرفوا معدل ضربات القلب ومرور الدم في الشرايين - وكان التحريم الديني في التجارب والتدريب على جثث المتوفيين وتشريحها اعاق هذا العلم في التوسع واعتمدوا على دور كهنة الفال في تشريح جثث الحيوانات والملاحظة الدقيقة لاعضائها بحجة ملاحظة كهانة -اعمال- الكبد والرئة وتبقى احتمالية القياس بين الامراض ووظائف جسم الحيوان المضحى به للالهة او المستعمل في الكهانة وبين امراض ووظائف جسم الانسان مجرد توقع اذا ما عرف ان اهل العراق القدامى انهم نسبوا امراض الانسان الى تاثير العفاريت - عرف الطبيب باللغة السومرية باسم -اسو- ويعني العارف بالماء وعد الاله السومري -ننازو- اله الطب والالهة -كولا- الالهة الحامية للطب وهذا تاكيد على اعتقاد السومريين ان المرض هو نتيجة دخول الشياطين -الجراثيم- الى داخل الانسان ويكون العلاج بقراءة التعاويذ على الماء ليشربه المريض فيدخل الجسم ويطرد الشياطين الخبيثة منه - استعمل البابليين السحر في علاج المرضى وكان الاله -ايا-انكي- هو اله الحكمة في مجمع الالهة البابلية وهو الموكل بالسحر لذلك علم الاله -مردوخ- كبير الالهة البابلية اسرار السحر وفنونه لذلك يلجا المرض الى الكاهن الذي يتضرع للاله -مردوخ- ليخلص المريض من شرور الارواح الشريرة والاله -مردوخ- يذهب الى ابيه الاله -ايا- ليعرض عليه حالة المريض المستغيث ومن والده الاله -ايا - ياخذ الخبرة اللازمة والاجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة تلك الحالة وشفاء المريض وبما ان الاله -ايا- هو اله الحكمة ومن الهة العلم والكتابة لذلك كانت عملية الاستشارة من قبل الاله -مردوخ - لابيه على صفة الاستاذ والتلميذ بينهما - ولكن هذه الطريقة لم تكن كافية في معالجة المرضى وبدءات وسائل العلاج تسير نحو استعمال مواد اثبتت قيمتها العلاجية وارتبطت بحالة المريض ومثال على ذلك ياخذ المريض المصاب بمرض -اليرقان- علاج اصفر يحتوي على مكونات الكالسيوم - كما وجدت نصوص مسمارية كشفت صفتها التعليمية كيفية علاج العديد من الامراض واجراء العمليات الجراحية ولائحة اجزاء الجسم التي تتعلق ببعض العبارات لوصف اجزاء الجسم كما بينت الاهتمام الحكومي بضرورة اتقان الطبيب لمهنته وتدرجه الدراسي والمهني بدليل وجود تسعة مواد قانونية في شريعة -حمورابي- تهتم بممارسي العمليات الجراحية وتحديد سعر كل عملية والعقوبات المترتبة عن الاخطاء الطبية - وكيف ان الطبيب قضى زمنا طويلا في الدراسة الطبية وعمل متدربا مع زمي اقدم منه يحيطه علما باسرار منهة الطب ولم يكن الطيب -اسو- كاهنا او ساحرا بل عد من طبقات المجتمع العليا - اهتم سكان بلاد الرافدين القدماء بكتابة المواضيع الطبية وفق اللهجة التعليمية ومن بينها هذا النموذج الطبي الذي يعود لملاحظة انف مريض - وحسب الاتي - اذا جرى من انف المريض دم -اذا سال الدم من انفه خلط - اذا كان راس انفه رطبا - اذا كان راس انفه مؤشرا بالتهاب ابيض واحمر- ومن ثم تقدير النتائج على الصعيد العلمي المتوقع وتشخيص العلاج الذي يعطي ازاء هذه الفرضيات الطبية - هناك نص مسمتري اخر ورد فيه وصف طبي وكما ياتي - اذا كان المرض قد وصل الى داخل العظم فعليك ان تقشطه وتزيله - وفي العصر الكاشي اظهرت النصوص المسمارية البابلية عن علاج احد المغنين او المغنيات في مركز طبي تابع لاحد المعابد في مدينة -نفر- العاصمة الدينية للسومريين اطلالها حاليا شمل مدينة عفك ضمن محافظة الديوانية كما ذكر في النص المذكور عن وجود مدارس تدرس الطب في مدينة -الوركاء- اما في شمال بلاد الرافدين وتحديدا في المواقع الاثرية للعاصمة الاشورية -نينوى- فقد عثرعلى عدد من الالات والمعدات الجراحية منها -سكين برونزي - منشار- سكاكين من الزجاج - مثاقب للجمجمة - وكان الطبيب الخاص بالملك الاشوري -اسرحدون- 680-669 قبل الميلاد يدعى -بيل اوباني- يعمل تحت امرته عدد من الاطباء المساعدين وكما وردت رسائل ملكية في حوليات بعض الملوك الاشوريين تعدد اسماء المرضى وانواع الادوية - وهناك وصفات طبية اخرى في العراق القديم منها استعمال -الافيون- عن طريق الفم مع المهدئات لمعالجة احتباس البول وحسب الوصفة الاتية - اطحن بذور الخشخاش بالبيرة واجعل المريض يشربها - ثم اطحن بعض المر- صمغ راتنجي - وامزجه بالزيت ثم انفخه اي احليله بانبوبة من البرونز- ويبدو ان ملوك العراق القديم استعانوا ببعض الاطباء المهارين لوضع مناهج طبية عبارة عن تعليمات تاخذ صفتها الرسمية عندما يطلع عليها الملوك ومنها رسالة من احد الاطباء يدعى -اراد-نانا- يشرح فيها للملك الاشوري -اشوربانيبال-668-626 قبل الميلاد وجهة نظره في علاج الرعاف فيما يلي نص الرسالة --اما فيما يتعلق بنزيف الانف - فلم يجر استخدام الضمادات بشكل مناسب اذا وضعت على جانب الانف بحيث تتدخل في اشتنشاق الهواء وينساب الدم الى الانف - ينبغي غلق الانف حتى نهايته لحجز دخول الهواء وعند ئذ سيتوقف النزف - ملوك بلاد الرافدين القدامى كانوا قد اولوا اهتاما رسميا بمهنة الطب واكدوا على ضرورة اتقانها ودراستها في المدارس والمؤسسات التعليمية بغية تاهيل الاطباء الماهرين -----
المصادر
كتاب مناهج وطرق التدريس - لبلاد الرافدين القديمة - ص 107-108- 109- 110-111- 112- الدكتور احمد عبيس فيروز
كتاب عظمة بابل - 539-541 - الدكتور هاري ساغز
كتاب العراق القديم - ص 490 -493 - 494 -جورج رو