أحمد الدغرني... رجل وجد ليكون مناضلا ديمقراطيا
أحمد الدغرني... رجل وجد ليكون مناضلا ديمقراطيا 13-291
يعد احمد الدغرني أحد رموز العمل الأمازيغي ليس بالمغرب فقط بل بشمال أفريقيا و"الدياسبورا". ميزته الأساسية أنه جمع بين التنظير والممارسة، وقوته النادرة مواقفه الجريئة ودفاعه المستميت عن طروحاته الفكرية والسياسية، وكذلك قدرته على قول كلمة لا ولو تطلب الأمر تقديم تضحيات جسام في زمن نعم!
يقف المتتبع للمسار النضالي للدغرني عند مجموعة من المحطات التي ميزت مسار الرجل، وساهمت في بلورة شخصيته كمدافع صلب عن القضية الأمازيغية في جوانبها الحقوقية والسياسية والثقافية والحضارية.
هكذا نجد ان الدغرني كان حاضرا و فاعلا في مختلف المحطات التي عرفتها القضية الامازيغية منذ زمن الجمعوي-الثقافي إلى زمن الحقوقي، ثم السياسي والحزبي. ذلك أن مساره الغني يكفي لقراءة وتوثيق تاريخ الحركة الأمازيغية بالمغرب.
أحمد الدغرني... رجل وجد ليكون مناضلا ديمقراطيا 13--74
خاض السي الدغرني نضالاته في سبيل القضية الأمازيغية على واجهات متعددة، فقد ترأس المجلس الوطني للتنسيق بين الجمعيات الامازيغية في أواسط عقد التسعينات من القرن الماضي، وقدم من موقعه مذكرة في موضوع دسترة الأمازيغية إلى المستشار الملكي أندري أزولاي بمناسبة مراجعة الدستور سنة 1996، كما كان ضمن موقعي ما عرف اختصارا بـ"البيان الامازيغي" ومفاوضي وفد القصر الملكي إلى جانب الأستاذ محمد شفيق والمقاوم عبدالحميد الزموري سنة 2000. كذلك كان وراء مشروع تأسيس حزب ذي مرجعية أمازيغية سنة 2005، وقاوم قرار منعه من قبل وزارة الداخلية في أروقة المحاكم، ثم كان ضمن مجموعة من الفاعلين وراء مبادرة تأسيس حزب " تامونت للحريات" الذي لم يكتب لهذا المشروع أن يتحقق، إضافة إلى مناصرته لنضالات "حركة 20 فبراير" ومطالبته بالحرية لمعتقلي "حراك الريف"، ودفاعه كمحامي متمرس عن مناضلي الحركة الأمازيغية وغير ذلك من المعارك التي خاضها باستماتة صاحب أطروحة " البديل الأمازيغي".
بالمقابل ناضل الدغرني المعروف بلقب " دا حماد" على الواجهة الدولية من خلال مشاركته في مؤتمر حقوق الإنسان بفيينا سنة 1993، ومساهمته في تأسيس الكونغرس العالمي الأمازيغي 1997، ومواجهة التيار العروبي القومي المعادي للقضية الأمازيغية من خلال تصريحاته النارية بالإعلام الدولي وخاصة قناة "الجزيرة" القطرية، وكذلك لقاءاته مع شخصيات دولية معروفة أوروبية وأمريكية وإسرائيلية.
إنه مسار رجل مناضل كرس حياته للدفاع عن الأمازيغية على مستويات متعددة إعلاميا وحقوقيا وسياسيا داخل المغرب وخارجه، وأدى الثمن غاليا من طرف أعداء وخصوم هذه القضية على الرغم من أن رؤيته الاستشرافية لأفق المسألة الأمازيعية كانت في عمومها صائبة، إذ تحقق منها الشيء الكثير منها كترسيم اللغة الامازيغية والاعتراف بالسنة الأمازيغية والمصالحة مع تاريخ المغرب الطويل. فقد أٌتهم " دا حماد" بسبب طروحاته الفكرية ومواقفه السياسية بالعنصرية وزرع التفرقة وغير ذلك، لكن ذلك لم يزده إلا قوة وعزيمة في الاستمرار في مساره النضالي المتميز.
أحمد الدغرني... رجل وجد ليكون مناضلا ديمقراطيا 13--75
فالرجل جمع بين المحاماة والعمل الحقوقي والنضال السياسي والتنظير الإيديولوجي والاهتمام بالأدب والإعلام.
شكلت وفاة احمد الدغرني خسارة كبرى للقضية الأمازيغية، ذلك أن الساحة الوطنية تكون بذلك قد فقدت مدافعا صلبا عن الحقوق الثقافية واللغوية، ومناضلا قويا من أجل مغرب ديمقراطي متعدد الهوية واللغة والثقافة، يتسع للجميع، وينعم أهله بالحرية والكرامة والعيش المشترك.
تعرضت شخصيته للتشويه من بعض الخصوم، وتم ترويج صورة له غير مطابقة للواقع، وتعرض للاقصاء من عضوية المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لاعتبارات غير مفهومة... وبعد وفاته أنصفه جلالة الملك محمد السادس. لقد تضمنت برقية التعزية التي وجهها العاهل المغربي إلى عائلة الأستاذ أحمد الدغرني العديد من الدلالات القوية التي أنصفت الرجل من تسلط الخصوم وأعطته مكانته التي يستحقها: "بهذه المناسبة المحزنة، "نعرب لكم ومن خلالكم لكافة أهل الفقيد وأقاربه وأصدقائه، ولعائلته الحقوقية الكبيرة، عن أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة، في فقدان مناضل حقوقي، مشهود له بالكفاءة المهنية، وبالالتزام بنبل وشرف مهنة المحاماة وقضايا حقوق الإنسان".( انتهى النطق الملكي).
أحمد الدغرني... رجل وجد ليكون مناضلا ديمقراطيا 13-162
السي أحمد الدغرني "دا حماد" أو أمغار القضية الأمازيغية لم يمت، بل لازالت أفكاره حية تنضب بقوة في وجدان كل الشرفاء والمناضلين التواقين إلى مغرب ديمقراطي، مغرب العدل والكرامة واحترام حقوق الإنسان.


المصدر : مواقع ألكترونية