هشام نوستيك الملقب ب “كافر مغربي”: عندما “يفشل الاندماج يميل الناس إلى الانعزال في تحزبات ومجموعات
أكد هشام نوستيك ” المعروف بـ”كافر مغربي” أن أبناء المهاجرين المسلمين في أوروبا بشكل عام يواجهون صعوبة بالغة في الاندماج في المجتمعات المضيفة لهم. وهذا له أسباب عديدة، ولكن السببان الرئيسيان هما: أولاً عدم توافق أنظمة القيم، وثانياً وهو الأهم فشل الاندماج”، وأضاف أنه عندما “يفشل الاندماج يميل الناس إلى الانعزال في تحزبات ومجموعات، وأسهل الجماعات التي يمكن الانضمام إليها هي الجماعات الدينية، لأن كل ما تحتاجه لإنتاج متطرف هو الاندماج الفاشل وعدم توافق منظومة القيم والجماعة الدينية الحاضنة التي تدعو إلى الكراهية”.
وفي حوار لنا مع هشام نوستيك، أحد أفراد الجالية المغربية المقيمة بكندا، وعضو سابق في صفوف حركة الإصلاح والتجديد ثم جماعة العدل والإحسان، تحدث لنا عن تجربته مع الهجرة في أوروبا، وقال أن رحلته إلى أوروبا بدأت في عام 1995 عندما ذهب للدراسة في ألمانيا، ولم يكن حينها يملك المال الكافي لعيش حياة طلابية عادية، لذلك عاش في مسجد يديره عرب.
وأوضح أنه في هذا الوقت كانت الحرب في البوسنة لا تزال مستمرة والتقى بمجموعة من الجهاديين السابقين والحاليين، ونظرا لصغر سنه أنداك فقد كان التأثير سهل عليه، وبالفعل أصبح متدينًا جدًا لدرجة أنه بدأ يتبع جميع التعليمات الإسلامية بحذافيرها، ولكن، حسب قوله، بعد أن نجا من مغامرة جهادية بدأ يفكر بشكل أعمق في قناعاته مما دفعه بعد سنوات عديدة إلى تغيير الكثير من وجهات نظره السابقة عن الدين والتدين.
وقال نوستيك عن دور المؤسسات الدينية المغربية في الخارج في تقديم الدعم الروحي والاجتماعي للمهاجرين وتعزيز الاندماج الثقافي، “للأسف دور المعاهد الدينية المغربية في الخارج سيكون محدودًا دائمًا، لأن الانجذاب نحو التطرف بالنسبة للشباب اليائس قوي للغاية”، وأكد “أن ما يجب القيام به هو تحسين سياسات الاندماج، والنقاش الشفاف الصريح حول منظومة القيم لدى المهاجرين”.
وأوضح أن هناك العديد من البرامج التي تهدف إلى تعليم القيم والأخلاق الإسلامية بطريقة متوافقة مع القوانين والقيم في الدول التي يعيش فيها المهاجرون المغاربة، ولكن جميعها تشترك في مشكلة واحدة: وهي أنها تدار من قبل أشخاص إما أنهم لا يملكون أدنى فكرة عن المشاكل الحقيقية، أو من قبل أشخاص غير مرحب بهم من قبل الجالية هناك.
وفيما يخص إشكالية منع انزلاق النقاش الديني إلى التطرف والتصدي للتأثيرات السلبية المحتملة للتطرف داخل الجالية، قال إن المشكل معقد ويحتاج إلى تظافر جهود ونوايا حسنة، وعلى الدول المستقبلة أن تحسن سياسات الاندماج والتركيز على منظومة القيم وكذلك فتح نقاش جريء حول مشاكل المهاجرين الحقيقية، وشدد على ضرورة تسمية الأشياء بمسمياتها والعمل جنبا إلى جنب مع من يريدون خير المجتمع، ومن جانب الجالية على العاقلين منها الوعي بخطورة التطرف الديني وأخذه على محمل الجد والتعاون مع السلطات للحد من تأثيره على الشباب.
وفيما يخص اليات تعزيز التواصل والحوار بين الأديان المختلفة وكيف يمكن ان تساهم في نشر الوسطية والاعتدال في التدين لدى أبناء الجالية ويحميهم من الوقوع في براثين الإرهاب، قال أن كل المحاولات في هذا الصدد باءت بالفشل، موضحا أن هذا لا يعني أن التعرف على الأديان الاخرى من خلال المناهج الدراسية أمر سيئ، وهنا بيت القصيد، لأن العمل على تصحيح المفاهيم وتحبيب الاعتدال في التدين يبدأ من سن مبكرة وهذا دور المدرسة والأسرة على حد سواء، حسب قوله.
يشار إلى أن هشام نوستيك الملقب بإسم “كافر مغربي” مسلم جهادي سابق، ولد بتازة في 1976، هاجر إلى المانيا في سنة 1995، ثم انتقل للعيش بكندا، وهو كاتب مغربي ومنتج محتوى في الأنترنيت، نوستيك اشتهر ببرامجه التي يناقش فيها مواضيع حول الأديان، وله العديد من الأعمال الفنية الساخرة والبرامج التعليمية من بينها “خطبة الجمعة”، و”قبسات من حياة الرسول”، كما اشتهر بمناظرته للسلفيين، ومناقشاته مع العديد من الباحثين المغاربة، كما يشرف الآن على برنامج “حوارات هشام” الذي يستضيف فيه شخصيات معروفة من خلفيات متعددة.
فبعد طفولة صعبة عاش فيها يتيم الوالدين، استطاع هشام استكمال دراسته رغم كل المعيقات، ثم ذهب إلى ألمانيا لمتابعة الدراسة والحصول على ماجستير في اللسانيات، وقد استطاعت الحياة التي عاشها في ألمانيا ان تغير الكثير من قناعاته، حيث مر بتجربة جهادية ثم خاض عشر سنوات من البحث والتأمل انتهت بخروجه من الإسلام والتحول إلى ناقد للموروث الديني.
وفيما يلي نص الحوار:
* استاذ هشام كشاب مغربي مقيم بأوروبا هلا حدثنا عن تجربتك؟
بدأت رحلتي الأوروبية في عام 1995 عندما ذهبت للدراسة في ألمانيا. لم أكن أملك المال الكافي للعيش حياة طلابية عادية، لذلك عشت في مسجد يديره عرب. في هذا الوقت كانت الحرب في البوسنة لا تزال مستمرة والتقيت بمجموعة من الجهاديين السابقين والحاليين آنذاك. كنت صغيرًا وسهل التأثير عليّ. أصبحت متدينًا جدًا لدرجة أنني بدأت أتبع جميع التعليمات الإسلامية بحذافيرها. بعد أن نجوت من مغامرة جهادية بدأت أفكر بشكل أعمق في قناعاتي مما دفعني بعد سنوات عديدة إلى تغيير الكثير من وجهات نظري السابقة.
من القضايا الكبرى التي يتم استحضارها في كل الملتقيات الجانب الروحي والديني لأبناء الجالية، خاصة وان علمنا انهم الأكثر انخراطا في الجماعات الإرهابية والمتطرفة بأوروبا وبدول آخرى
يواجه أبناء المهاجرين المسلمين في أوروبا بشكل عام صعوبة بالغة في الاندماج في المجتمعات المضيفة لهم. وهذا له أسباب عديدة، ولكن السببان الرئيسيان هما: أولاً عدم توافق أنظمة القيم، وثانياً وهو الأهم فشل الاندماج. عندما يفشل الاندماج يميل الناس إلى الانعزال في تحزبات ومجموعات. وأسهل الجماعات التي يمكن الانضمام إليها هي الجماعات الدينية. كل ما تحتاجه لإنتاج متطرف هو الاندماج الفاشل وعدم توافق منظومة القيم والجماعة الدينية الحاضنة التي تدعو إلى الكراهية.
ما هو دور المؤسسات الدينية المغربية في الخارج في تقديم الدعم الروحي والاجتماعي للمهاجرين وتعزيز الاندماج الثقافي؟
للأسف أعتقد أن دور المعاهد الدينية المغربية في الخارج سيكون محدودًا دائمًا. لأن الانجذاب نحو التطرف بالنسبة للشباب اليائس قوي للغاية. ما يجب القيام به هو تحسين سياسات الاندماج، والنقاش الشفاف الصريح حول منظومة القيم لدى المهاجرين.
هل هناك برامج خاصة تهدف إلى تعليم القيم والأخلاق الإسلامية بطريقة متوافقة مع القوانين والقيم في الدول التي يعيش فيها المهاجرون المغاربة؟
نعم هناك العديد من هذه البرامج، ولكن جميعها تشترك في مشكلة واحدة: وهي أنها تدار من قبل أشخاص إما أنهم لا يملكون أدنى فكرة عن المشاكل الحقيقية، أو من قبل أشخاص غير مرحب بهم من قبل الجالية هناك.
في نظرك كيف يمكن منع انزلاق النقاش الديني إلى التطرف والتصدي للتأثيرات السلبية المحتملة للتطرف داخل الجالية؟
كما ذكرت آنفا المشكل معقد ويحتاج إلى تظافر جهود ونوايا حسنة. على الدول المستقبلة أن تحسن سياسات الاندماج والتركيز على منظومة القيم وكذلك فتح نقاش جريء حول مشاكل المهاجرين الحقيقية. علينا تسمية الأشياء بمسمياتها والعمل جنبا إلى جنب مع من يريدون خير المجتمع. من جانب الجالية على العاقلين منها الوعي بخطورة التطرف الديني وأخذه على محمل الجد والتعاون مع السلطات للحد من تأثيره على الشباب.
اترى ان تعزيز التواصل والحوار بين الأديان المختلفة يمكن ان يساهم في نشر الوسطية والاعتدال في التدين لدى أبناء الجالية ويحميهم من الوقوع في براثين الارهاب؟
لا أظن ذلك. كل المحاولات في هذا الصدد باءت بالفشل. هذا لايعني أن التعرف على الأديان الاخرى من خلال المناهج الدراسية أمر سيئ. وهنا بيت القصيد، العمل على تصحيح المفاهيم وتحبيب الاعتدال في التدين يبدأ من سن مبكرة. هذا دور المدرسة والأسرة على حد سواء.
*رشيدة إمرزيك