هشام حموتي: لابد أن نساهم جميعا في تأسيس مرحلة جديدة من تاريخنا يسودها الإبداع المكتوب
هشام حموتي، من مواليد بلدة أزغنغان، عمل مدرس للغة الإسبانية بجهة العيون الساقية الحمراء. وحاليا مدير لمدرسة ابتدائية بتمسمان إقليم الدريوش. وبحكم انفتاحه على القراءة باللغة الإسبانية، فقد تولدت لديه رغبة في إظهار صفحة مقاومة الريفيين ضد المستعمر، وهو ما فتئ يكتشفه في كتابات «ماريا روسا دي مادارياغا» وآخرون… فكانت باكورة إصداراته رواية “Udem n Tallest”، وهي وجه يكتنفه الظلام، بحاجة إلى من يكتشفها ويزيل الظلام عنها، يورد المتحدث.
في هذا الحوار يحدثنا عن بداياته الأدبية، والصعوبات التي تخللتها، وعن واقع الرواية الريفية، ويؤكد على أنه “عيب أن نستمر في الحياة بدون أدب يوثق لتجربتنا في الحياة “، مردفا كذلك أنه ” لابد أن نساهم جميعا في تأسيس مرحلة جديدة من تاريخنا يسودها الإبداع المكتوب”.
لابد أن نساهم جميعا في تأسيس مرحلة جديدة من تاريخنا يسودها الإبداع المكتوب
عيب أن نستمر في الحياة بدون أدب يوثق لتجربتنا في الحياة
مرحبا بكم أستاذ هشام على صفحات جريدة “العالم الأمازيغي”، أولا حبذا لو تعطونا بطاقة تعريفية عن شخصكم؟
هشام حموتي، من مواليد 1985 ببلدة أزغنغان، حصلت على شهادة البكالوريا عام 2005 بثانوية طه حسين التأهيلية، التحقت بالكلية المتعددة التخصصات للناظور في نفس السنة، شعبة الدراسات الإسبانية. وبعد حصولي على الإجازة التحقت مباشرة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، لأتخرج بعدها كمدرس للغة الإسبانية بجهة العيون الساقية الحمراء. حاليا أنا مستقر بتمسمان، إقليم الدريوش، كمدير لمدرسة ابتدائية.
هلا حدثتمونا عن خطواتكم الأولى في الأدب قراءة وإبداعا؟
في الحقيقة، جذبني الأدب الإسباني منذ الوهلة الأولى في الكلية المتعددة التخصصات للناظور، حيث كانت أولى الخطوات في اكتشاف عالم الأدب والفن والشعر، هناك اكتشفت غارسيا ماركيز، سيرفانتيس، فيديريكو غارسيا لوركا… إضافة إلى هواية المسرح بدار الشباب أزغنغان، حيث تعلمت الأبجديات الأولى للمسرح مع الأستاذ أحمد علاوي، حيث كانت أولى المحاولات في كتابة النصوص المسرحية بأمازيغية الريف، بعد ذلك انطلقت مسيرة الإبداع في الكتابة الروائية، تكللت برواية «Udem n Tallest» (وجه الظلام).
“Udem n Tallest” أو “وجه الظلام” باكورة أعمالكم الروائية، ماذا تحوي بين دفتيها؟ وما الذي أملى عليكم هذه الحكاية تحديدا؟ وفي أي أجواء كتبتموها؟
«Udem n Tallest» جمعت كل تجاربي، منها الإنسانية، الأدبية، الثقافية وكذا الاجتماعية.
مقاومة الريفيين ضد المستعمر شكلت موضوع اهتمام بالنسبة للباحثين الإسبان، وبحكم انفتاحي على القراءة باللغة الإسبانية، فقد تولدت عندي هذه الرغبة في إظهار هذه الصفحة من تاريخنا المجيد وهو ما فتئت اكتشفه في كتابات «ماريا روسا دي مادارياغا» وآخرون… طبعا، القارئ الجيد سيكتشف في هذا العمل التجارب الإنسانية والاجتماعية ذات الصلة بكاتب الرواية، كالأم واليتم والهروب نحو المجهول… فهذه الرواية هي وجه يكتنفه الظلام، بحاجة إلى من يكتشفها ويزيل الظلام عنها.
اخترتم أن تكون أحداث روايتكم الأولى “وجه الظلام” متعلقة بفترة الثلاثينيات بالريف، كيف تعودون إلى حقبة لم تعشوها؟
حقبة الثلاثينات شكلت محطة مهمة وأساسية في تاريخ الريف، ينبغي على كل ريفي الغوص فيها، حتى يكتشف الظروف التي أودت بأجدادنا في حرب لا تهمهم، طبعا كتب التاريخ غنية بأحداث مؤلمة ودامية تعطي لنا صورة واضحة عن بعض ما حدث في تلك الفترة.
كيف تم تطوير الأحداث والشخصيات في الرواية؟
كما أشرت سابقا، المحاولات الأولى في الكتابة كانت في مجال المسرح، النص في الأصل كان عبارة عن نص مسرحي تحت عنوان «تدارث ن إباغريون» (بيت الغربان)، إلا أن ظروف العمل والبعد حالت دون تنفيذه على الخشبة، فقمت بتطوير النص وإعطائه أبعاد روائية، يتسع لكل ما يدور في خيالي.
لماذا اخترتم “وجه الظلام” كعنوان لروايتكم؟ وما هو تأثير شخصية “بويميران” على الرواية؟
وجه الظلام له علاقة بشخصية «بويميران» وهي شخصية غامضة، تلعب على وتر المقاومة والخيانة، الوضوح والغموض، النور والظلام… فكان لا بد من اختيار عنوان يتناغم مع أحداث الرواية، ويحافظ على ميزة الغموض وعدم كشف المستور.
لا ريب في وجود مصاعب وتحديات واجهتكم أثناء كتابة الرواية، فما هي؟
طبيعي جدا أن نجد صعوبة في الكتابة الروائية بلغة تعيش مرحلة انتقالية، من الأدب الشفهي إلى الكتابة والحداثة. رغم ذلك نجد المكتبة الريفية قد تعززت بعدد لا بأس به من المؤلفات والكتب في مختلف الأجناس.
ما هي أهم الرسائل التي تريدون إيصالها من خلال روايتكم؟
أعتقد أن مستقبل الأدب الريفي مرتبط على غرار كل التجارب العالمية بالكتابة الروائية، لذلك أدعو كل مثقف وغيور على لغته وثقافته إلى قراءة الرواية الريفية، وجعلها موضوعا لنقاش أدبي مبني على النقد البناء والمساهمة الفعالة في إغناء مكتبتنا، والتي ضلت محتشمة لآلاف السنين.
هل حظيت روايتكم باهتمام النقاد؟ وهل لدينا حركة نقدية أصلا؟
لا أعتقد أن الرواية قد حظيت باهتمام النقاد، لأنه ليس لدينا نقاد، ربما اهتمام محدود جدا من طرف بعض المثقفين الغيورين على ثقافتهم.
لكل تجربة روائية تأثيرات، بالنسبة لكم، بمن تأثرتم من الروائيين؟
ليس ضروريا أن أتأثر بأحد، ربما أنا معجب بتجربة البوم الأمريكي-اللاتيني (Boom americano) ورواده من الكتاب والمبدعين، ولكن تبقى تجربة الحياة الأكثر تأثيرا في الكتابة.
لماذا يكتب هشام حموتي؟ وما الذي ينتظره من الكتابة الإبداعية؟
الكتابة الروائية جاءت نتيجة لقناعة، وهي أننا كشعب لابد أن نحجز لنا مكانا في المشهد الأدبي العالمي، عيب أن نستمر في الحياة بدون أدب يوثق لتجربتنا في الحياة وتفتح نافذة للأجيال القادمة على أسلوب حياة أجدادهم، وإلا فلن نكون.
برأيكم، لماذا المشهد الروائي الأمازيغي عموما، والريفي بشكل خاص خجول للغاية؟
المشهد الروائي في الريف خجول، ولكنه في تحسن مستمر، لأول مرة في التاريخ نسجل روايتين أو ثلاثة في السنة، وهذا يبعث على الارتياح والتفاؤل.
ما هي النصائح التي يمكن أن تقدموها للكتاب الجدد الذين يعملون على روايتهم الأولى؟
الانفتاح على التجارب العالمية الحديثة والمعاصرة، وطبعا قراءة الرواية الريفية، كل الروايات، خصوصا أنها محسوبة على رؤوس الأصابع، ابتداء من المرحوم شاشا، مرورا بمصطفى القضاوي، المرحوم العلامة حسن بنعقية، محمد فارسي، عبدالواحد حنو، سعيد بلغربي، عبد الله المنشوري، ميمون امسبريد، سميرة المراقي… وآخرون.
ما هي خططكم المستقبلية فيما يتعلق بالكتابة؟
حاليا أشتغل على الرواية الثانية، قد تكون تجربة جديدة في مسيرتي الروائية، أتمنى أن تكون أحسن وأرقى من التجربة الأولى.
كلمة حرة…
إن ما نعيبه على أجدادنا لكونهم لم يكتبوا، هو نفسه قد يحدث مع الأجيال القادمة من أبنائنا وأحفادنا إذا لم نترك لهم(ن) تراثا مكتوبا، يكون بمثابة مرجع لذاكرتنا وهويتنا، لذلك لابد أن نساهم جميعا، كل من موقعه، في تأسيس مرحلة جديدة من تاريخنا، يسودها الإبداع المكتوب في شتى المجالات والأجناس الأدبية.
حاوره: خيرالدين الجامعي
المصدر:مواقع ألكترونية