بيلماون والاحتفالية الأمازيغية بين موقفين
تثير الاحتفالات السنوية “لبيلماون” تقاطبا متواصلا في الآراء والمواقف، بين المعارض للاحتفال والمتفق مع استمراريته وحضوره في المشهد الفرجوي لكل سنة.
ينطلق المعارضون عادة من مرجعية لها خلفيات معلومة، تتحدد بفهم معين للواقع والحياة والإنسان، والذي لزمه أن يحصر كيانه ومعناه في دائرة التزامات لا تحايث بالضرورة واقعه الاجتماعي، بقدر ارتباطها بواقع بعيد تسرب إنتاجه الإيديولوجي منذ زمن السلطان المولى سليمان على الأقل، وشكل إطارا مغلقا ينفي العادات والتقاليد والأعراف المحلية، وأشكال الذهنيات التي تنتمي إلى بنيات تشكلت في الزمن الطويل، وهو ما يبرهن عليه رسوخها وامتدادها رغم المتغيرات المستمرة الطارئة والوافدة عادة خارج البلاد (إيديولوجية، استعمارية، …)
أما المتفق مع الاحتفال، قد يبني موقفه من زاوية تمنح العقل فسحة للتفكير خارج المحددات الآنفة، أو يتماهى مع الموقف العام من الفرجة بالاستمتاع بها أو المشاركة في تصميمها. وقد يساهم الموقف الثاني من هذا النوع الأخير، وهو المتماهي من دون فهم، في تسويغ المواقف الرجعية من الفرجة دون وعي منه، لأن موقفه ليس مؤسسا من الناحية الثقافية، وإسهامه لايتعدى تثبيت الحضور الفلكلوري دون تطويره بأفكار جمالية جديدة تمنحه رونقا يدل على التعالي والإبداع، ويتأسس الوعي الثقافي بمفهوم الفرجة الأمازيغية بتجاوز التعاطي التلقائي معها عبر فهم محددات الثقافة الأمازيغية واستيعاب جذورها ومعنى الاحتفالات وارتباطها الوثيق بالطبيعة المحلية وتفاعل الإنسان مع مقدراتها ومواردها بإمكانياته وخياله. وأمكن لهذا النوع من الفهم أن يساهم في تجاوز المواقف التنميطية التي لا تؤمن بالفعل الاجتماعي والفهم الأنتروبولوجي لغور التقاليد وإيغالها ودلالاتها وخصوصياتها وأدوارها، كما أمكن له تشذيب كل أشكال الفرجة المبدعة محليا من كل مظاهر الابتذال التي لا تلائم العقل والسلوك المدني ودواعي النظافة والآداب العامة.
نقد الموقف من الفرجة موضوعيا يستلزم وضع المواقف الرجعية في مكانها، أكانت منمطة في مرجعيات لها أحكام جاهزة لاتتماهى مع الواقع وتشجب أشكال الجمال والإبداع، أو كانت نتيجة للفهم السطحي لمفهوم الفرجة مما يسبب في ابتذالها وتحويلها من استطيقا وجمال إلى قبح منكر يؤشر بنفسه على الرجعية والعودة إلى مرحلة اللاعقل.
بقلم: مبارك أشاوي
المصدر : مواقع إلكترونية