الشهيدة الأندلسية المسلمة سليمة بنت جعفر
من البطولات النسائية الأندلسية  11063
بعد سقوط الاندلس عام 1492 عندما اتحدت مملكة ليون وقشتالة مع مملكة آرغون لاستيلاء على معاقل المسلمين وسقوط
المدن مدينة تلوى الأخرى إلى أن سقطت غرناطة أخر قواعد المسلمين في الاندلس بعد ان حكم المسلمون الاندلس ما يقارب الثمانية قرون بداية من عام 95 هجرياً إلى عام 897 هجرياً.
لتبدأ بعدها سنين الدم في الأندلس، بدأ الظلم بالانتشار، لم يسلَم أحدٌ منه، طال المسلمين واليهود، بدأ طمس كل أثر بقي بعد المسلمين وتم حرق الكتب العلمية والدينية ومنها القرآن الكريم.
صدرت الأوامر بطردهم أو تحويل ديانتهم إلى المسيحية، ومن يرفض ينهالون عليه بأشدّ أنواع التعذيب، لم يلتزم الجميع بالأوامر فبدأ البحث عن حلٍ لإخضاع الجميع،
فظهرت من هنا الفكرة الدموية التي أزهقت أرواح الملايين من الأبرياء ألا وهي محاكم التفتيش تلك المحاكم الكاثوليكية التي ارتكبت الفظائع بأفعالها وقراراتها، لم يسلَم منها أحد،
حتى اضطر البعض للتظاهر باعتناقهم الديانة المسيحية نهاراً وأما ليلاً فيؤدُّون سراً تعاليم ديانتهم.
لم تكن تحتاج محاكم التفتيش إلى دليل لإثبات جرمٍ على الُمتَهم، فكان بإمكان أي شخص الافتراء على شخصٍ آخر بأنه ليس مسيحيّ لتبدأ محاكم التفتيش عملها من التعذيب والقتل.
تفننت تلك المحاكم بأساليب التعذيب وكانت تتم العملية ببطيء شديد حتى ينال المذنب عقابه ولا ينجو من براثِن الموت.
ومن أشهر الشخصيات التي خلدها التاريخ هي الشهيدة الاندلسية سليمة بنت جعفر والتي هي حفيدة أبي جعفر الوراق الغرناطي، الذي كان مولعا بالكتب، ويهوي جمعها وبيعها
«ومن هنا أخذ لقبه أبا جعفر الوراق» كانت «سليمة» طفلة حين استولي القشتاليون، ومعهم محاكم التفتيش، على غرناطة،
من البطولات النسائية الأندلسية  13-40
أحبت سليمة الكتب مثل جدها أبي جعفر، الذي رباها بعد أن قتلت محاكم التفتيش أباها، وشهدت – في طفولتها – محرقة الكتب العربية الإسلامية في ساحة باب الرملة في غرناطة،
وكان جدها قد أخفي أثمن الكتب عن محاكم التفتيش الكاثوليكية.. أمضت سليمة ليلها ونهارها في استظهار الكتب الطبية العربية، التي ظل العالم يعتمد عليها حتى أواخر القرن الثامن عشر..
جعلت سليمة من غرفة نومها معملا للأدوية واشتهرت سليمة «بحكيمة غرناطة».
وانتبهت إليها محاكم التفتيش والإرهاب الكاثوليكي المقدس.. واتهمت سليمة بالسحر، وسيقت إلى محكمة التفتيش..
وكان يرأس المحكمة قاض لاهوتي واثنان من المحققين الذين يؤمنون بتعذيب السحرة وإحراقهم، وصدر عن المحكمة قرار لايزال محفوظا بمكتبة «الاسكوربال» «مدريد»:
«إنه في عام سبعة وعشرين وخمسمائة وألف من ميلاد المسيح، وفي اليوم الخامس عشر من شهر مايو وبحضورنا نحن:
أنطونيو أجابيدا القاضي بديوان التحقيق، وألفونسو ماديرا المحقق، وميجيل أجيلار المحقق في الديوان العام،
بدأ التحقيق فيما شاع ونما إلي علمنا من أن «جلوريا ألفاريز» واسمها القديم «سليمة بنت جعفر» تمارس السحر الأسود،
وتحوز في بيتها ما يدعو إلي الشبهة من بذور ونباتات وتراكيب شيطانية، تستخدمها في إيذاء الناس.. ونثبت نحن المحققين – بعد القسم علي الأناجيل الأربعة – بأن سليمة بنت جعفر صارت مسيحية،
وغيرت اسم أمها، من «أم حسن» إلي «ماريا بلانكا» وعمد زوجها سعد المالقي باسم «كارلوس مانويل» أما ابنتها «عائشة»
فصارت «بيرانزا» ودوهم بيت سليمة، وتم الاستيلاء علي كتبها ومعملها،
وسئلت سليمة: هل تؤمنين بالشيطان؟ فردت: «لا أعتقد أن للشيطان وجودا، وكل ما يحدث للناس مرده مرض الجسد أو العقل»

وعلق القاضي الكاثوليكي بقوله: «إن تهمة إنكار الشيطان – وحدها – كافية لحرقها بعد تعذيبها لشفاء روحها»
ثم عاد القاضي فسألها: «هل تسري في الليل عبر المسافات على ظهر دابة؟» فكان جوابها: «أنا لم أسمع أن بشرا حدث له ذلك سوي محمد نبي المسلمين»
فسألها القاضي: «هل حدث ذلك فعلا؟» فقالت: «لقد تعمدت وصرت نصرانية»
فقال القاضي – موجها الحديث للحضور – «لقد تعمدت لكنها لم تتخل عن دينها المحمدي» ثم نطق القاضي بالحكم:
«اجتمع المجلس الموقر من علماء اللاهوت والناطقين باسم الكنيسة الكاثوليكية،
وبعد المناقشات والمداولات، توصلنا إلى أنك المدعوة «جلوريا ألفاريز».. توصلنا إلى أنك كافرة، وحكمنا عليك بالتعذيب للتطهير ثم الحرق»
وعريت سليمة وجري بهدلة ثدييها -«البهدلة» هي دائرة ارتكاز الثدي علي الصدر «عند الرجال والنساء»
وصارت «البهدلة» تعني تعليق المتهم من ساقيه، ثم قطع ثدييه «رجلا كان أو امرأة» ثم تشعل النيران أسفل منه، فيموت غريقا بدمه، حريقا بالنار..
والعامية المصرية تستخدم الكلمة بمعني عام – وهي معلقة من رجليها، وسال دمها، وأشعلت الأخشاب والحطب أسفل منها وأحرقت.
، وأحرقت في المكان الذي أحرقه فيه كتب جدها وهي طفلة صغيرة في الأندلس، وفي الطريق إلى المحرقة كانت تتقدم بكبرياء وثبات حتى لا يتشفى فيها أعداؤها.. رحمها الله


المصدر : مواقع إلكترونية