لغويا :  اليمنيون ليسوا عرب
لغويا :  اليمنيون ليسوا عرب  1-3073
اللغة اليمنية القديمة التي كانت منتشرة قبل الإسلام و هي إحدى أقدم اللغات السامية، تكلم بها وكتب بها قدماء اليمنيين منذ آلاف السنيين .ووصلت إلينا عبر عدد كبير من النقوش التي قاربت عشرة آلاف نقش مكتشف حتى وقتنا الراهن .
هذه اللغة العظيمة التى تكلم بها أجداد اليمنيين وكتبوا بها وخلدوا بها حضارتهم، و للأسف أصابها الضعف و الإقصاء بعد الغزو العربي الإسلامي و فرض لغته الثقيلة عليهم و إستطاع للأسف أن يحجم لغتهم الأم فأصبحت لغة شفهية مقصية، ولغة شبه منقرضة أو في الطريق للإنقراض ولم تعد مقتصرة إلا للباحثين و المهتمين بأصل اليمن و تاريخها .
إنّ اللّغة هي حاملة تراث المجتمعات وحضاراتها وتاريخها وأساس بناء مستقبلها ومقوّم هويّتها. وتُعلّمنا دروس التاريخ أنّه لا يُمكن أن يستمرّ حضور جماعة إنسانيّة بخصائصها المميّزة إنْ ضاعت لغتها. فاليمنيين مثلاً مجموعة ذات تاريخ وثقافة وحضارة عريقة ، لكنّ ثقافتهم قد ضاعت أو كادت بضياع لغتهم حتّى أنّه لا ذكر لهم اليوم .
فالآن لا يستطيعون الإنجاز لأنهم تخلوا عن هويتهم وأصلهم الحقيقي وتبنوا ثقافات وهويات لا تمت لهم بصلة . رغم ذلك فالحضارة اليمنية العريقة لم تمت تماما، أحفادها فقط هم الذين أصبحوا مغيبين ومعميين عن رؤية أصولهم وحضارتهم ولغتهم العريقة وثقافتهم وإعادتها للواجهة الثقافية الوطنية والعالمية .
اللغة اليمنية القديمة  :
اللغة التاريخية الأصلية لليمن  وعمان هي لغة سامية جنوبية (south semitic )كان العرب في العصر الإسلامي يسمّونها “لغة حِمْيَر " himyar ، ولغة حميّر مختلفة عن العربية ولا يفهمها العرب، أما العربية والعبرية والآرامية فهي لغات سامية وسطى(central semitic ).
اليمنيون شعب سامي جنوبي( south semitic ) منفصل يختلف عن العرب والعبريين الذين هما شعبان ساميان شماليان أو أوسطيان حسب التقسيمات اللغوية، والحقائق اللسانية والتاريخية تخالف فكرة "الأصل اليمني للعرب " فلغات اليمن تختلف عن اللغة العربية الشمالية، ولا تشترك معها إلاّ في كونها من اللغات السامية .
اللغة اليمنية القديمة بكتابتها المسندية كانت سائدة في اليمن قبل ظهور الحميريين بقرون عديدة، يضاف إلى ذلك أن (خط المسند) الذي كان سائداً في اليمن بعيد تماماً عن(الخط العربي) الذي أشتق من الخط النبطي ألآرامي المعروف بالخط الحجازي ثم من الخط الأسطر-نجيلو السيرياني المعروف بالكوفي، أما علاقة العرب باللغة اليمنية القديمة...فالعرب القدامى إعترفوا باختلاف “لغة حِمْيَر” عن "لغة العرب" و العديد من العرب والأعاجم القدامى يؤكدون أن “لغة حِمْيَر”  لغة مختلفة عن لغة العرب، وقد كان علماء المسلمين المتقدمين يدركون ذلك حتى قال أبو عمرو بن العلاء (770م) :“ما لسان حِمْيَر وأقاصي اليمن بلساننا وما عربيتهم بعربيتنا”.
و ابن جنى قال:  "... وبعد فلسنا نشك فى بُعد لغة حمير ونحوها عن لغة بنى نزار "
وقال ابن خلدون : “ولغة حِمْيَر لغة أخرى مغايرة للغة مُضَر "
المكان الأصلي للغة العربية هو الحجاز ونجد وبعض أجزاء الشام الجنوبي وبعض أجزاء الأردن ولا علاقة لها باليمن و إنتشرت بالإسلام لأنها لغه الدين، ولو رجعت إلى قبل ظهور الإسلام إلى اليمن فلا يمكن أن تجد هذه اللغة، فقد كانت لغتهم السبأية الحميرية وهي مختلفة تماما عن العربية ، لكن بعض أشباه المؤرخين القوميين يسمون اللغة اليمنية القديمة بالعربية القديمة زورا وبهتانا فالسبئيين والحميريين لم يتحدثوا يوما بالعربية وحروف المسند لا علاقة لها أبدا  بالأحرف العربية التي أخذت من الآرامية، فاللغة اليمنية لا تمت للعربية بصلة وهي لغة منفصلة بحد ذاتها تعرضت للإبتلاع من العربية الفصحى لأسباب تتعلق بعلاقات القوى والهيمنة التي كانت سائدة في تلك الفترة، وما تحمله من صلات دينية، ويعتقد أن اللغة اليمنية القديمة بدأت بالانحسار مع مطلع العصور الميلادية، مفسحة الطريق لصالح اللغة العربية الشمالية (اللغة الفصحى التي نتكلم بها اليوم) .
اللغة المهرية :
مع إنتشار الإسلام في اليمن واستعرابه التدريجي وفقدان معظم اليمنيين لغتهم الحِميرية / المهرية الأصلية ، شاعت فكرة أن اليمن عربي، ولكن ما زالت بقية من لغتهم الحِميرية الأصلية ممثلة في المهرية، فاللغة المهرية والسقطرية هما امتداد باقٍ للغة اليمنية القديمة، ورغم استعراب اليمن وعمان لغويا مع إنتشار الإسلام فقد بقيت إلى يومنا هذا في اليمن وعمان ساكنة تعدادها ما بين 100.000 إلى 200.000 من المواطنين الناطقين باللغة المهرية mehri كلغة أم
اللغة الحميرية و المهرية و الظفارية و السقطرية لا علاقة لها بالعربية، ويتفق اللسانيون المتخصصون اليوم على أن اللغة المهرية الموجودة حاليا في جنوب اليمن وجزء من عُمان هي لغة مختلفة عن العربية وأنها لغة مستقلة بذاتها وأنه لا علاقة مباشرة بينهما، فتلك لغات كانت قائمة بذاتها ولها شعبها وحضارتها... قد تشترك مع العربية في بعض المفردات لأنهما من عائلة اللغات السامية، كما أن العربية أخذت آلاف المفردات من اللغات الأعجمية، و يمكن إيجاد مادة لغوية قديمة غزيرة في لهجات اليمن دخلت على اللغة العربية بدليل الإشارات الكثيرة في مصادر التراث العربي التي تحيل مجموعة من الكلمات والألفاظ إلى أصلها بقولهم إنها من لغة أهل اليمن أو لغة يمانية أو من لغة حمير للدلالة على ما عُرف عن أهل اليمن .
لكن مازال البعض يقولون زورا وكذبا أن هذه اللغة هي من العربية و لو لم يفهموا منها و لو كلمة...فالناطقين بأي لغة أو لهجة عربية حاليا لا يفهمون اللغة “المهرية” اليمنية بسبب الاختلاف الجذري بين اللغتين :
أمثلة بسيطة من كلمات اللغة المهرية في اليمن وعمان :
ḥōwer [حور] = أسود اللون.
ɛōfer [عوفر] = أحمر
kermaym = جبل
herōm = شجرة، شجر.
ferhayn = حصان.
taywi = لحم
اللغة اليمنية العمانية “المهرية” هي لغة شقيقة للغة Tigrinya المستخدمة في إيريتريا  و “الأمهرية Amharic المنتشرة في إثيوبيا والتي هي لغة رسمية لإثيوبيا ويتكلمها حوالي 60 مليون إثيوبي، وهي لغة سامية يتحدثها الأثيوبيون، وهي الأقرب إلى اللغة المهرية من العربية،
يرجع باحثون تاريخ المهرية إلى ما قبل ظهور الاسلام في القرن السابع الميلادي لكن مع انتشار اللغة العربية في جنوب شبه الجزيرة العربية خلال القرون التي تلت ظهور الإسلام, توارت اللغات الجنوبية السامية عن الأنظار منسحبة الى جيوب في الجبال والصحاري والجزر اليمنية والبحر العربي ومنطقة ظفار .
المهرية مهددة بالانقراض و تصارع من أجل البقاء :
أكثر من 10 سنوات أصدرت منظمة اليونسكو قائمة لغات العالم التي تواجه خطر الاندثار ومن بينها المهرية،  والحكومة اليمنية لا تعبأ بذلك ، ففي أكثر حالات الاندثار اللغوي شيوعا يبدأ شعب ما بإهمال اللغة الأم مفضلا استخدام لغة أخرى مهيمنة، وفي عصر العولمة تواجه معظم لغات العالم ضغوطا من هيمنة اللغات الرئيسية .
تقول جانيت واطسون, أستاذة اللغات بجامعة ليدز البريطانية, في دراسة لها بهذا الشأن أن قبائل المهرة قد ضعفت لغتهم مع التغييرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة والتوسع في استخدام اللغة العربية خاصة منذ سبعينيات القرن الماضي .
ويقول الحريزي: "نحن في المهرة لدينا هوية خاصة ولغة قديمة...الطفل يدخل المدرسة يتعلم العربية و لاينطق باللغة المهرية." وتابع قائلا : "نعم ، هناك تهديد للهوية الثقافية المهرية والسقطرية. وهناك عمل ممنهج في سقطرة وفي المهرة لطمس هذه الثقافة وهذه الهوية، ونحن نناشد العالم وكل منظمات حقوق الانسان في العالم أن تقف مع هذا الشعب المظلوم."
ختاما كان لليمنيين لغتهم الخاصة و حروفهم الخاصة التي تميزهم عن بقية المناطق العربية ، ولا يوجد أي كتابة مسندية تثبت أن لليمنيين علاقة بالعرب وثبت أن أصل العرب ليس من اليمن، اليمنيين أصلهم سبأيين حميريين والعربية دخيلة عليهم و لم يتحدثوا العربية أو يكتبوا بها ، اليمن تعربت بعد الفتوحات الإسلامية، ولغتهم بالأساس ليست العربية ولم تكن مفهومة للعرب أساسا قبل الإسلام و كان يطلق عليهم : سبئي ، حمیري ، حضرمي، ولم يطلق عليهم لفظ عرب إلا بعد دخولهم الإسلام .

يجب على اليمنيين ترسيخ لغة اليمن الأصيلة وتوريثها للأجيال المقبلة والعودة إلى هويتهم الأصيلة ولغة أجدادهم العريقة وكتابتها الصحيحة بحرف المسند، فقد ضحكوا عليهم من زمان بالعروبة ولم يحافضوا على لغتهم، آن الآوان بشكل جدي و حقيقي لإحيائها مرة أخرى .
ويبقى السؤال المهم في هذا السياق هو: هل هناك إمكانية لإعادة إحياء اللغة اليمنية القديمة من جديد في سياق لغوي هوياتي؟؟ نعم ، فاللغة اليمنية القديمة لها حروفها التي يجب إحياءها والكتابة بها، و مشروع تحديث و عصرنة وإنشاء القواميس وكتب ضبط قواعد اللغة و تعليم اللغة اليمنية، هذا المشروع الطموح هو بداية العودة لجذورهم و هويتنهم المفقودة، وعدم إنسلاخ اليمن عن أصلها .


المصدر:مواقع ألكترونية