اختراع صيني من القرن الثالث قبل الميلاد أنقذ الملايين ولا يزال
الصينيون في وقت مبكر من 206 قبل الميلاد. ابتكروا جهازًا يتنبأ بحدوث الزلزال. الجهاز بسيط للغاية للوهلة الأولى: عندما تهتز الأرض، تسقط الكرات من أفواه الزواحف في أفواه الضفادع المفتوحة بصوت رنين يمكن أن يوقظ النائمين إذا لزم الأمر.
علاوة على ذلك، فإن عدد الزواحف ليس من قبيل الصدفة - فقد تشير ثمانية تنانين إلى اتجاهات العالم من حيث يمكن توقع حدوث زلزال. على سبيل المثال، إذا سقطت الكرة من التنين من الجزء الشرقي من الجهاز، فيجب توقع حدوث مشكلة في الغرب. ويضم التصميم التنانين والعلاجيم، فهي رمز فلسفي للزمن.
يصنف جهاز مقياس الزلازل أو السيسموغراف كواحد من أقدم الاختراعات في تاريخ البشرية، حيث يعود تاريخ ظهوره أول مرة إلى حدود القرن الثاني بعد الميلاد.
وتمكن العالم الموسوعي الصيني، زانج هينغ، والذي تخصص في مجالات عديدة، مثل الرياضيات والجغرافيا وعلم الفلك والشعر والفلسفة، خلال فترة حكم سلالة هان للصين، من اختراع آلة فريدة من نوعها قادرة على تحديد أماكن وقوع الزلازل.
ومنذ القديم، عاشت الصين على وقع عدد هائل من الزلازل المدمرة، والتي لطالما أرقت السلطات الصينية بسبب عدد القتلى الهائل والخراب الذي كانت تخلفه. كما عانت من صعوبة في نقل المساعدات نحو المناطق المتضررة بسبب مساحتها الكبيرة وتضاريسها الوعرة. ولعبت هذه العوامل الجغرافية دوراً هاماً في تأخير نقل المعلومات نحو العاصمة، خاصة مع غياب شبه تام لوسائل تواصل سريعة، حيث استغرقت بعض الرحلات انطلاقاً من المناطق النائية نحو العاصمة أسابيع.
وبناءً على المعتقدات الصينية القديمة، آمن الصينيون أن الزلازل ناتجة عن تضارب الطاقات المتضادة، اليين واليانغ، والتي نسبت إليها كل الأحداث التي كانت تقع. إلا أن العالم زانج هينغ آمن بنظرية أخرى تهدف بالأساس للتنبؤ بالزلازل قبل وقوعها، ليحاول عقب ذلك توظيف هذه الفكرة لابتكار آلة قادرة على مساعدة الصينيين في مواجهة هذا النوع من الكوارث والتخفيف من وطأتها.
وكانت آلة هينغ عبارة عن وعاء برونزي كبير يبلغ طوله مترين، يتوسطه عمود استشعاري استخدم لتحسس حركات الزلازل. كذلك امتلكت هذه الآلة ثماني فتوحات على شكل تنانين لتحديد الاتجاهات، وقبالة كل فتحة وضع إناء صغير على شكل ضفدع.
وبالتزامن مع حدوث الزلزال، تسقط من إحدى الفتوحات كرة صغيرة داخل الوعاء ليتم تحديد اتجاه المنطقة المتضررة من الزلزال حسب اتجاه الإناء، الذي تقع بداخله الكرة، وتبدأ على الفور عملية نقل المساعدات إلى الجهة المنكوبة. وبحسب مؤرخين صينيين، كان اختراع زانج هينغ قادراً على كشف الزلازل على بعد مئات الأميال.
وعام 132، عرض العالم الموسوعي آلته الفريدة من نوعها على الإمبراطور الصيني، هان شون دي، وأفراد حكومته لتحظى بإعجاب واستحسان الجميع ويتم اعتمادها بشكل رسمي لمجابهة الزلازل من قبل المختصين الصينيين، عقب نجاحها في تحديد اتجاه أحد الزلازل المدمرة عام 138.
وعلى مدار قرون عديدة، ساهم اختراع زانج هينغ في تحديد مناطق وقوع الزلازل بدقة، مما سهّل على السلطات الصينية نقل المساعدات اللازمة في الوقت المناسب للمناطق المنكوبة، قبل تفشي المجاعة والأوبئة فيها. وبفضل ذلك لعب هذا العالم الموسوعي الصيني دورا هاما في إنقاذ ملايين الأرواح البشرية.
المصدر : مواقع إلكترونية